مراكز إشعاع عالمية.. تعرّف على أبرز الجامعات الإسلامية في الهند
تمام أبو الخير المشاهدات: 1831
تمثّل الجامعات عصب التغيير في المجتمعات ودينامو التنمية، إنها المحرك لعجلة النهضة؛ إذ فيها تتولد المعرفة وهي وسيلة نقل المعارف إلى المجتمع والأجيال، وهي أداة التنمية المستدامة عبر قيادتها للتعليم والتطوير والأبحاث، كما أنها أفضل من يسهم بالرفاه الاجتماعي عبر خلقها للأيادي الماهرة والخبرات والمؤسسات الفاعلة.
المجتمع المسلم في الهند، عرف مبكرًا دور الجامعات في تحسين حياة أكثر من 172 مليون مسلم يعيش في الجمهورية ذات 1500 دين على رأسها الديانة الهندوسية الحاكمة هناك، فأقام جامعات مرموقة منذ القرن التاسع عشر ما تزال قائمة حتى اليوم، يرتادها طلبة العلم من الهند وأصقاع العالم.
في تقريرنا الأخير من ملف "الهند المسلمة" في "نون بوست" نستعرض 4 من أهم الجامعات الإسلامية التي يعود تاريخ تأسيس بعضها إلى أكثر من قرن من الزمان، وباتت جميعًا تمثل مراز إشعاع مشهود لها على مستوى البلاد والعالم.
جامعة عليكرة
أُنشئت جامعة عليكرة عام 1875، فهي من أقدم المراكز التعليمية الإسلامية في الهند، وتأسست على يد أحمد خان وهو من كبار المصلحين المسلمين في زمانه، وجاءته فكرة إنشاء هذا الصرح لأنه كان يرى أن تدريب المسلمين وتأهيلهم لشغل المناصب والوظائف الحكومية ضروري جدًا، واهتم خان بإعداد الطلاب للدراسة في الجامعات البريطانية وتعليمهم اللغة الإنجليزية.
بدايةً بنى أحمد خان عددًا من المدارس في مدينتي مراد آباد وغازيبور وذلك بقصد إنشاء جمعية علمية في مدينة عليكرة تعمل على ترجمة الأعمال والكتب الغربية إلى اللغة المستخدمة في الهند لدمج المجتمع الهندي بالواقع التعليمي الذي كان يتطور شيئًا فشيئًا، وفي عام 1875، أسس خان الكلية المحمدية الأنجلو شرقية متبعًا طرق جامعتي أكسفورد وكامبريدج اللتين زراهما خلال رحلته إلى إنجلترا.
اقترح ابن أحمد خان الذي تخرج في جامعة كامبريدج البريطانية، إنشاء جامعة مستقلة عن الكلية المحمدية الأنجلو شرقية، وبالفعل بدأت التحديثات على الكلية وتم إنشاء مدرسة للفتيات وتحولت الكلية إلى جامعة عليكرة الإسلامية، ومنذ تأسيسها فتحت الجامعة أبوابها لجميع الطلبة بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية أو المذهب أو الدين أو النوع.
جاءت جامعة عليكرة في المرتبة الخامسة في 2012 على مستوى البلاد بحسب مسح لصحيفة الهند اليوم، ووفقًا لمجلة التايمز العلمية البريطانية، حازت الجامعة المرتبة السابعة بين جامعات الهند، ويبلغ تعداد طلابها أكثر من 30.000 طالب ونحو 2000 مدرس و95 قسمًا للدارسة ونحو 6000 عامل، وتقدم 300 مقرر دراسي متنوع بين العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية والدراسات المتخصصة بالتدريب المهني وغيرها من العلوم التطبيقية، كما أنها تستقبل طلابًا من مختلف الجنسيات.
توجد مكتبة في هذه الجامعة تعدّ من أكبر المكتبات وأقدمها في العالم، حيث أنشئت عام 1875 وتضم تعداد كتب ضخم يصل إلى 9 ملايين كتاب.
الجامعة المليّة
تقع الجامعة المليّة الإسلامية في ولاية دلهي الهندية، تأسست عام 1920، وهي جامعة إسلامية وطنية أُنشئت بقصد تعليم المسلمين وتزويدهم بالعلوم الحديثة، كما أن هذا الصرح العلمي الإسلامي يعتبر إرثًا كبيرًا من حركة الاستقلال والتحرر الهندي من الاستعمار الإنجليزي، وتمتاز بأنها نشأت على أساس الجمع بين الفكرة الإسلامية والروح العلمانية في بيئة هندية.
أسس الجامعة أبرز رموز النضال الهندي ضد الاستعمار ومن مؤسسيها غاندي وجوهر والشيخ محمود الحسن والدكتور ذاكر حسين، وغيرهم من كبار قادة الكفاح، كما أن خريجي الجامعة يعملون في مناصب كبرى بمؤسسات مختلفة المجالات بأمريكا والخليج العربي.
حصلت الجامعة الملية الإسلامية على مرتبة متقدمة ضمن الألف جامعة الأولى في العالم، كما أنها من الجامعات الأوائل على المستوى الآسيوي، سُميت مكتبتها باسم رئيس الهند الأسبق ذاكر حسين وهو مسلم، وتضم المكتبة آلاف القطع الأثرية ومخطوطات وكتب نادرة.
توفر الجامعة نزلًا للطلاب والطالبات ولا يُقبل في سكنها الوافدون إلا من يجتاز اختبارات على أساس الجدارة، وتحتوي مرافقها على المطاعم والمشافي والمرافق الرياضية، فيما تنظم المسابقات والمنافسات بين الطلاب، ذاع صيت هذه الجامعة في العالم الإسلامي وتوافد إليها الطلاب من كل حدبٍ وصوب، كما زارها العديد من كبار الشخصيات الإسلامية، منهم الملك فيصل حينما كان أميرًا، والمارشال تيتو، كما قام الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية بزيارتها وتقديم منحة مالية بملايين الدولارات لمكتبتها.
جامعة مركز الثقافة السنية
تعد جامعة مركز الثقافة السنية من المراكز الإسلامية الأولى للتعليم في الهند، وقد تأسست في أبريل عام 1978 في مدينة كاليكوت بولاية كيرلا، ونشأت الجامعة كفرع من فروع متعددة من المركز الذي بدأ كمركز لرعاية الأيتام والمساكين، ومع مرور الوقت وضع المؤسسون خطة للنهوض بالمركز ليشمل مختلف المجالات، لاقت خطة المركز قبولًا مجتمعيًا واسعًا، ليتمدد ويصبح له روافد عديدة في شتى المناحي ولعل أعظمها الجامعة.
أصبحت الجامعة مركزًا كبيرًا للمسلمين في الهند، وتضم الجامعة معاهد ومدارس، ويوجد في حرم الجامعة 6 كليات، بالإضافة إلى عشرات المدارس والمعاهد التي تضم أكثر من 9 آلاف طالب وطالبة، وتؤمن للطلاب الفقراء السكن والمعيشة، كما أنها تشجع الطلاب على البحث والدراسات العليا، ويبدأ النظام التعليمي فيها من السن الـ3 وهي فترة الحضانة كما تعني إدارة هذا الصرح بمستوى المدرسة في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية والثانوية العليا أو ثانوية ما قبل البكالوريوس.
جامعة دار الهدى
بمختلف اللغات تُدرس العلوم في جامعة دار الهدى الإسلامية، الواقعة في ولاية كيرالا الهندية، وهي المؤسسة الإسلامية البارزة التي تمزج بين الدراسات الدينية والعلمية، وتمتد الجامعة على 13 ألف فدّان، وتضم أكثر من 20 كلية تدرس علومها بالعربية، ولها كليات في مختلف ولايات الهند، ويرأس الجامعة حاليًّا بن عقاد سيد حيدر علي شهاب، وقد تأسست هذه الجامعة على يد اتحاد علماء السنة بولاية كيرالا عام 1986.
تضع الجامعة معايير لانتقاء الطلاب الأذكياء المتفوقين، بعد اجتيازهم امتحانات واختبارات بأشكال مختلفة، وتتميز بنظامها التعليمي الذي يعتمد على قبول الطلاب بعد 5 سنوات من التعليم الابتدائي ومن ثم 12 عامًا من التعليم الثانوي وبعد 12 عامًا من الدراسة يخرج الطالب ولديه شهادة ماجستير في الدراسات الإسلامية.
وقعت الجامعة الإسلامية على اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع العديد من الجامعات الهندية والدولية، وهي عضو في اتحاد جامعات العالم الإسلامي بالمغرب ورابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة.
خلال 6 تقارير، سلطنا الضوء على أهم المواضيع التي تخص الحياة الإسلامية بجمهورية الهند، بداية من توزع المسلمين وتاريخهم هناك، مرورًا بالحالة السياسية وثقافتهم وانخراطهم بالمجتمع بالإضافة إلى أعلامهم وأبرز الشخصيات المسلمة الرائدة في تلك البلد العملاقة حجمًا وتعدادًا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: