البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فرنسا يجب أن تعتذر لتونس، هل على تركيا أن تعتذر أيضا ؟

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3186


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


مقترح وجوب إعتذار فرنسا عن فترة إحتلالها لتونس، أثار مطالبا أخرى تقول بأنه يجب على تركيا أيضا الإعتذار لتونس. سأثبت في مايلي أن ليس لتركيا أن تعتذر لتونس في مسألة الإحتلال.

أولا: تركيا الحالية لم تحتلنا، لأنها دولة نشأت بعيد الحرب العالمية الأولى، ثم هي كيان حديث مبني على مبدإ الوطن من حيث منطلق الوجود والقطر المحدد جغرافيا من حيث مجال الوجود، بينما ما كنا ننتمي إليه شيء آخر إسمه الخلافة العثمانية، وهو كيان مبني على مبدإ الكيان العقدي (الخلافة الإسلامية في حالتنا) والمجال الجغرافي المتغير، وقد أنتهت تلك الدولة الخلافة بالتفكك بعد الحرب العالمية الاولى.

ثانيا: الدولة العثمانية لم تحتلنا وإنما كنا ننتمي إليها باعتبارها خلافة إسلامية أي من منطلق عقدي، وليست دولة وطنية على النمط الحديث، وأساسا تم اللجوء للدولة العثمانية طلبا للنصرة من حاكم الدولة الحفصية هربا من دولة عقائدية أخرى في طور التمدد ساعتها وهي الإمبراطورية الإسبانية التي أستولت على تونس طيلة حوالي أربع عقود، وكان هناك تهديد بتحويل عقدي لتونس نحو المسيحية.

ثالثا: الإحتلال مصطلح حديث لا ينطبق إلا على الكيانات الوطنية القطرية، برأيي الإحتلال لايصح إلا بإحداث تغيير في عاملين: أولا عامل المجال الجغرافي لكيان الدولة بمعنى تغييره من حيث حجمه (إحتلال جزء من بلاد)، أو من حيث تغيير ملكيته (ضمّ بلاد كاملة مثلما فعلت أمريكا مع مملكة الهاواي وجعلتها ولاية تتبعها)، وثانيا تغيير في عامل المرجعية العقدية الضابطة لمجمل منظومة البلاد بمكونيها اللغة والدين.

رابعا: الدولة العثمانية لم تحتلنا، أولا لأن مصطح الإحتلال مصطلح حديث لايصح إلا على الكيانات القطرية الوطنية، ثانيا هو لا يصح لأن شرطي الإحتلال لايتوفران في حالة الدولة العثمانية، فلم يقع تغيير المجال الجغرافي التونسي لا بتغيير الكمية ولا بتغيير الملكية، ولم يقع تغيير المرجعية العقدية الإسلام حتى في مكونها الصغير وهو المذهب المالكي، ولا اللغة العربية التي لم تتغير ولم تفرض بدلها مثلا اللغة العثمانية على التونسيين (اللغة العثمانية تختلف عن اللغة التركية الحالية، وكانت تكتب بالأحرف العربية) .

خامسا: الخلافة العثمانية لم تكن خلافة قومية تركية وإنما خلافة بنيت على الانتماء العقدي، لا يغير من هذه الحقيقة كون مؤسسيها كانوا من القومية التركية، وهذا لا يحمل معنى كبير، لأن كل دولة تنبني على عصبية مناطقية، إما قبلية أو قومية لغوية، كلامنا هذا ينظر بدرجة أولى للإعتبار النظري المؤسس لفكرة الخلافة، لأن الممارسات فيها تجاوزات تحيد أحيانا عن الفكرة الضابطة. لكن رغم ذلك كان هناك دائما إلتزام بالأفكار المؤسسة لمبدإ الخلافة، وكان كثير من رؤوس الدولة العثمانية ذوو قوميات غير تركية، ولنتذكر أن خير الدين التونسي وصل للمنصب الثاني في الخلافة العثمانية.

سادسا: لو جاز لنا إفتراض تواصل مسؤولية المكان الجغرافي الحالي لدولة الخلافة سابقا، لكان علينا إعتبار سوريا الحديثة المسؤولة عن الدولة الأموية والعراق الحديث المسؤول عن الدولة العباسية ومصر الحديثة المسؤولة عن الدولة الفاطمية، وتونس حاليا المسؤولة عن الدولة الأغلبية التي كانت مستولية على كامل جنوب إيطاليا حاليا.

سابعا: الاحتلال والاستقلال مفهومان حديثان مرتبطان بمفهوم الدولة القطرية الوطنية الحديثة، وفرنسا حينما أحتلتنا تمثل دولة وطنية حديثة وتونس تعاملت مع فرنسا ساعتها كدولة وطنية حديثة كان لها كيان مستقل عن الخلافة العثمانية، التي كانت أساسا في طور الاندثار وتركت توابعها للتشكل في صيغة دول وطنية. وكانت علاقة الدولة العثمانية مع تونس، زمن إحتلال تونس من فرنسا، علاقة مركز خلافة مع ولاية، وهو إرتباط عقدي لامادي في نهاياته وليس إرتباط إحتلالي مادي.

ثامنا: ثبت إذن أن الإحتلال في حالة تونس لايصح الا مع فرنسا والاستقلال لايصح الا حين الخروج من تحت تحكّم فرنسا، ماعدا ذلك كلام غير منهجي لأنه إسقاط لمفاهيم حديثة على واقع قديم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، فرنسا، بقايا فرنسا، التبعية، الثورة المضادةظت تركيا، الدولة العثمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-06-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  حول حكاية رصّ الصفوف: هل أن السيسي وسليم عمامو وهيئة بن عاشور كانوا يرصون الصفوف
  إصلاح النفس لا يكفي
  "العقل" التنفيذي مقابل العقل المفكر
  على الشباب أن يؤسس لفعل سياسي جديد بمعزل عن التنظيمات الحالية
  خطر قنوات "MBC" والإستفاقة المتأخرة
  اجعلوا أحزانكم على "أبي إبراهيم"، مولّدة للطاقة
  مصطلح "نخب الاستقلال"، ليس بأجدر ولا أفضل من مصطلح "منتسبي فرنسا"
  الواقع يغيّره صاحب القوة وليس صاحب الحق والمبدأ : أخلاق القوة (*) هي التي تغير الواقع
  المسلّمات التي تنتج طمأنينة زائفة: لا يمكن تغيير واقعنا مع الإبقاء على الأصنام وزوايا النظر النمطية
  نماذج للخلط في تناولاتنا: فرنسا، غض البصر، تعدد الزوجات ...
  التونسي لايفعل ولايغيّر، ليس لأنه عاجز وإنما لأنه لايعرف ماذا يفعل
  ثقافة الدجاج والتّدجين
  هل حان الوقت لأن تحلّ التنظيمات الإسلامية نفسها
  الفعل السياسي الحالي لاقيمة له، لأنه لن يتجاوز سقفا حدده مدير السجن الذي يحكمنا منذ عقود
  يجب أن تكون قادرا على تجاهل الحدث، وذلك شرط حرية الموقف
  التونسيون وهواية العبث: نموذج دعوات المشاركة والمقاطعة في الإنتخابات
  يا جماعة يهديكم الله، حكاية سب أم المؤمنين وعراك الصحابة، هذا تاريخ وليس عقيدة
  علينا أن نحزن لوجود هؤلاء بيننا
  لماذا تفشل دعوات المقاطعة للسلع الغربية أو دعوات التصدي للإنقلاب: الدعوة المباشرة للفعل تضعف احتمال نجاحه
  لماذا لا يفرح البعض منا لأفعال المقاومة اللبنانية ولا يحزنون لخسائرها
  المدوّنون الإسلاميون و وَضْعيّة الكلب
  على هامش تفجيرات لبنان: الجهل والمعرفة بالأحداث هل هي ذات قيمة
  هل لدى التونسي مشكلة في قدرات ........
  الحركات الإسلامية وحتمية السجن أو الأدوار الوظيفية: تونس، الجزائر، المغرب، الأردن ...
  البودكاستات العربية ذات مظهر جذاب، لكنها عقيمة المحتوى وتكرس واقعا فاسدا
  المنصّات الإعلامية الجديدة، هل تخرج من المواضيع العقيمة: الإلحاد، دخول الغربيين الإسلام...
  لماذا تبحثون في حياة السّلف الأوائل، وهؤلاء القدوات بيننا
  مالذي يجمع بين مشاهدة الألعاب القتالية والرقص والجنس
  ضعف قدرات التجريد لدى "النخب"، هو الوجه الآخر لمشاكلنا
  "نخب" الجمود الذهني، وفلسفة ذلك ماوجدنا عليه آباءنا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
نادية سعد، رمضان حينوني، مصطفى منيغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسن عثمان، محرر "بوابتي"، محمود فاروق سيد شعبان، يحيي البوليني، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد محمد سليمان، د - شاكر الحوكي ، محمد عمر غرس الله، أحمد بوادي، كريم فارق، محمود سلطان، عبد الرزاق قيراط ، محمد شمام ، د - مصطفى فهمي، صفاء العربي، طارق خفاجي، طلال قسومي، مصطفي زهران، سامح لطف الله، عبد الله زيدان، عزيز العرباوي، محمد الياسين، د- محمود علي عريقات، د - عادل رضا، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - صالح المازقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مراد قميزة، رضا الدبّابي، إسراء أبو رمان، د - محمد بنيعيش، المولدي اليوسفي، سلوى المغربي، بيلسان قيصر، حميدة الطيلوش، رحاب اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، حسن الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، كريم السليتي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله الفقير، يزيد بن الحسين، الهيثم زعفان، محمد يحي، أنس الشابي، محمد علي العقربي، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمد رحال، منجي باكير، محمد الطرابلسي، صباح الموسوي ، حاتم الصولي، محمود طرشوبي، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، العادل السمعلي، تونسي، عمار غيلوفي، عبد العزيز كحيل، خبَّاب بن مروان الحمد، سلام الشماع، رشيد السيد أحمد، رافد العزاوي، سفيان عبد الكافي، صلاح الحريري، علي عبد العال، عراق المطيري، صفاء العراقي، د. عبد الآله المالكي، عواطف منصور، جاسم الرصيف، د. طارق عبد الحليم، سيد السباعي، فتحي العابد، د- هاني ابوالفتوح، فوزي مسعود ، صالح النعامي ، محمد العيادي، سامر أبو رمان ، فتحي الزغل، رافع القارصي، د- جابر قميحة، د. صلاح عودة الله ، سعود السبعاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح المختار، د - الضاوي خوالدية، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، ضحى عبد الرحمن، الهادي المثلوثي، وائل بنجدو، د. أحمد بشير، عبد الغني مزوز، خالد الجاف ، عمر غازي، إياد محمود حسين ، إيمى الأشقر، د - المنجي الكعبي، الناصر الرقيق، علي الكاش، أحمد الحباسي، أحمد النعيمي، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، أبو سمية، أشرف إبراهيم حجاج، د.محمد فتحي عبد العال، ياسين أحمد، محمد أحمد عزوز، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة