البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فرنسا يجب أن تعتذر لتونس، هل على تركيا أن تعتذر أيضا ؟

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2616


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


مقترح وجوب إعتذار فرنسا عن فترة إحتلالها لتونس، أثار مطالبا أخرى تقول بأنه يجب على تركيا أيضا الإعتذار لتونس. سأثبت في مايلي أن ليس لتركيا أن تعتذر لتونس في مسألة الإحتلال.

أولا: تركيا الحالية لم تحتلنا، لأنها دولة نشأت بعيد الحرب العالمية الأولى، ثم هي كيان حديث مبني على مبدإ الوطن من حيث منطلق الوجود والقطر المحدد جغرافيا من حيث مجال الوجود، بينما ما كنا ننتمي إليه شيء آخر إسمه الخلافة العثمانية، وهو كيان مبني على مبدإ الكيان العقدي (الخلافة الإسلامية في حالتنا) والمجال الجغرافي المتغير، وقد أنتهت تلك الدولة الخلافة بالتفكك بعد الحرب العالمية الاولى.

ثانيا: الدولة العثمانية لم تحتلنا وإنما كنا ننتمي إليها باعتبارها خلافة إسلامية أي من منطلق عقدي، وليست دولة وطنية على النمط الحديث، وأساسا تم اللجوء للدولة العثمانية طلبا للنصرة من حاكم الدولة الحفصية هربا من دولة عقائدية أخرى في طور التمدد ساعتها وهي الإمبراطورية الإسبانية التي أستولت على تونس طيلة حوالي أربع عقود، وكان هناك تهديد بتحويل عقدي لتونس نحو المسيحية.

ثالثا: الإحتلال مصطلح حديث لا ينطبق إلا على الكيانات الوطنية القطرية، برأيي الإحتلال لايصح إلا بإحداث تغيير في عاملين: أولا عامل المجال الجغرافي لكيان الدولة بمعنى تغييره من حيث حجمه (إحتلال جزء من بلاد)، أو من حيث تغيير ملكيته (ضمّ بلاد كاملة مثلما فعلت أمريكا مع مملكة الهاواي وجعلتها ولاية تتبعها)، وثانيا تغيير في عامل المرجعية العقدية الضابطة لمجمل منظومة البلاد بمكونيها اللغة والدين.

رابعا: الدولة العثمانية لم تحتلنا، أولا لأن مصطح الإحتلال مصطلح حديث لايصح إلا على الكيانات القطرية الوطنية، ثانيا هو لا يصح لأن شرطي الإحتلال لايتوفران في حالة الدولة العثمانية، فلم يقع تغيير المجال الجغرافي التونسي لا بتغيير الكمية ولا بتغيير الملكية، ولم يقع تغيير المرجعية العقدية الإسلام حتى في مكونها الصغير وهو المذهب المالكي، ولا اللغة العربية التي لم تتغير ولم تفرض بدلها مثلا اللغة العثمانية على التونسيين (اللغة العثمانية تختلف عن اللغة التركية الحالية، وكانت تكتب بالأحرف العربية) .

خامسا: الخلافة العثمانية لم تكن خلافة قومية تركية وإنما خلافة بنيت على الانتماء العقدي، لا يغير من هذه الحقيقة كون مؤسسيها كانوا من القومية التركية، وهذا لا يحمل معنى كبير، لأن كل دولة تنبني على عصبية مناطقية، إما قبلية أو قومية لغوية، كلامنا هذا ينظر بدرجة أولى للإعتبار النظري المؤسس لفكرة الخلافة، لأن الممارسات فيها تجاوزات تحيد أحيانا عن الفكرة الضابطة. لكن رغم ذلك كان هناك دائما إلتزام بالأفكار المؤسسة لمبدإ الخلافة، وكان كثير من رؤوس الدولة العثمانية ذوو قوميات غير تركية، ولنتذكر أن خير الدين التونسي وصل للمنصب الثاني في الخلافة العثمانية.

سادسا: لو جاز لنا إفتراض تواصل مسؤولية المكان الجغرافي الحالي لدولة الخلافة سابقا، لكان علينا إعتبار سوريا الحديثة المسؤولة عن الدولة الأموية والعراق الحديث المسؤول عن الدولة العباسية ومصر الحديثة المسؤولة عن الدولة الفاطمية، وتونس حاليا المسؤولة عن الدولة الأغلبية التي كانت مستولية على كامل جنوب إيطاليا حاليا.

سابعا: الاحتلال والاستقلال مفهومان حديثان مرتبطان بمفهوم الدولة القطرية الوطنية الحديثة، وفرنسا حينما أحتلتنا تمثل دولة وطنية حديثة وتونس تعاملت مع فرنسا ساعتها كدولة وطنية حديثة كان لها كيان مستقل عن الخلافة العثمانية، التي كانت أساسا في طور الاندثار وتركت توابعها للتشكل في صيغة دول وطنية. وكانت علاقة الدولة العثمانية مع تونس، زمن إحتلال تونس من فرنسا، علاقة مركز خلافة مع ولاية، وهو إرتباط عقدي لامادي في نهاياته وليس إرتباط إحتلالي مادي.

ثامنا: ثبت إذن أن الإحتلال في حالة تونس لايصح الا مع فرنسا والاستقلال لايصح الا حين الخروج من تحت تحكّم فرنسا، ماعدا ذلك كلام غير منهجي لأنه إسقاط لمفاهيم حديثة على واقع قديم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، فرنسا، بقايا فرنسا، التبعية، الثورة المضادةظت تركيا، الدولة العثمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-06-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  خواطر حول الجمال والمنفعة
  الخضوع الذهني التلقائي للفرد التابع
  تعاملنا مع الأفعال نقطيا يجعل الأخطاء حتمية
  الأعمال التلفزية المتهتكة يجب رفضها لأصلها وليس لتفاصيلها
  نقاشات التونسيين حول الديموقراطية والحرية، تشبه عراك ركاب حافلة
  التضاد في المصطلحات: "على مسؤوليتي"، "إسلام التسامح"
  الاذاعات والتلفزات التونسية تمثل أكبر مصدر للتعفين الذهني: بداية من السجناء السياسيين وصولا لعموم الناس
  الدروس الوعظية تشوش وعي الناس ولاتخدمهم
  تناول مشاكل واقعنا من خلال نقاش الحرية والتنمية والديموقراطية، كحال من يرمّم بيتا خربا
  الإكتفاء بالتقييم المعياري يعيق فهمنا الحقيقة
  الإسلام ورموزه ليسوا في حاجة للأساطير
  الناس لديهم طاقات للفعل لكنهم يقمعون أنفسهم ويفضلون السلبية
  هل يقيّم ويقدّر الإنسان لفعله أو لفعل غيره به
  الإسراف في نقل أحداث الواقع انفعال وغياب للتفكير
  حول حضور "صلاة الجمعة" التي تخضع للسلطات
  حول مسألة الحج، في ظل سلطة آل سعود
  في المجال العام لا يكفي التعامل مع الفعل ببعده المادي، وانما علينا النظر للمحرك العقدي للفعل
  "الحل في الديموقراطية": نموذج للأخطاء التصورية
  أخلاق القوة وأخلاق الضعف: إذا لزم قول "لا" فقلها مباشرة وبوضوح
  لا نقيّم تفاصيل أمر، ما لم يكن صوابا في أوله
  نموذج هجرة الإسلاميين المطاردين وتحولهم لأدوات إقناع بالتبعية للغرب
  الفرد الذي يتعامل بفرضية أنه متهم: محورية الفرد وضعف قدرات التجريد
  تطور مفهوم تجنيد العملاء: من التصور التقليدي وصولا لمراكز البحوث
  تغيير الرأي والموقف دليل نضج وفاعلية فكرية
  "يجب على الشعب أن يتحرك": لايكفي وجود المشاكل وإنما يجب الوعي بها
  المعرفة ليست الفكر
  نموذج للسلبية وعدم مراجعة مسلمات الواقع: استعمال اللهجة أدبيا
  أَسْلمة الواقع بين التصور الكهنوتي وتصور "إسلام العقيدة"
  المصطلحات كأداة للتوجيه الذهني الخفي: فلان "محب للحياة"
  آليات التحكم الداخلية: كيف يقع إخضاع الفرد من محيطه القريب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، منجي باكير، د. أحمد بشير، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، د- محمود علي عريقات، الناصر الرقيق، محمود سلطان، د. خالد الطراولي ، جاسم الرصيف، رشيد السيد أحمد، أحمد الحباسي، مراد قميزة، إسراء أبو رمان، فوزي مسعود ، عزيز العرباوي، صفاء العراقي، أبو سمية، مصطفى منيغ، عراق المطيري، عمار غيلوفي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، د. صلاح عودة الله ، عبد الغني مزوز، صباح الموسوي ، علي الكاش، خبَّاب بن مروان الحمد، نادية سعد، د. عبد الآله المالكي، أحمد بوادي، كريم السليتي، فتحـي قاره بيبـان، خالد الجاف ، أنس الشابي، محمد أحمد عزوز، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد العيادي، د- محمد رحال، د - محمد بن موسى الشريف ، د- هاني ابوالفتوح، عبد الرزاق قيراط ، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، مجدى داود، كريم فارق، مصطفي زهران، د. مصطفى يوسف اللداوي، رافع القارصي، إيمى الأشقر، الهيثم زعفان، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، الهادي المثلوثي، صلاح الحريري، إياد محمود حسين ، د- جابر قميحة، محرر "بوابتي"، أشرف إبراهيم حجاج، سامح لطف الله، فتحي العابد، عبد الله زيدان، صفاء العربي، سلام الشماع، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد ملحم، سلوى المغربي، حسن عثمان، وائل بنجدو، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، رافد العزاوي، حاتم الصولي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - عادل رضا، رمضان حينوني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سيد السباعي، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد شمام ، د. طارق عبد الحليم، تونسي، العادل السمعلي، طلال قسومي، عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، عواطف منصور، فتحي الزغل، د - الضاوي خوالدية، د - محمد بنيعيش، محمد يحي، محمد اسعد بيوض التميمي، ضحى عبد الرحمن، محمود طرشوبي، سعود السبعاني، علي عبد العال، حسن الطرابلسي، محمود فاروق سيد شعبان، ياسين أحمد، يحيي البوليني، صالح النعامي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، محمد الطرابلسي، أحمد النعيمي، حميدة الطيلوش،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة