البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التيار القومي في تونس.. عرقلة للحكومة واصطفاف مع قوى الثورات المضادة

كاتب المقال عائد عميرة - تونس   
 المشاهدات: 1911



اصطف نواب حركة الشعب في البرلمان التونسي، قبل يومين، إلى جانب نواب الحزب الدستوري الحر -سليل التجمع المنحل، حول اللائحة التي تم تقديمها أمام أنظار البرلمان لإدانة ما اعتبر تدخلًا تركيًا في ليبيا، ليتأكد مجددًا تغليب القوميين للإيديولوجيا على حساب مصلحة البلاد العليا وسعيهم المتواصل للزج بتونس في محور إقليمي يعادي الديمقراطيات العربية بشكل صريح وواضح.

الزج بتونس في الحلف المعادي للربيع العربي
لم تتمكن كتلة الحزب الدستوري الحر من فرض أجنداتها على البرلمان التونسي، فقد سقطت اللائحة التي قدمتها لرفض ما وصفته بـ "التدخل التركي في ليبيا" ومساءلة رئيس البرلمان راشد الغنوشي على ضوء مواقفه المساندة للشرعية الدولية هناك، واتصاله برئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج بعد استعادة قاعدة الوطية من قوات حفتر.

ومع ذلك، تمكنت هذه الكتلة من كشف بعض الحقائق للرأي العام التونسي وفضح القوميين التونسيين واصطفافهم إلى جانب أدعياء الحرية، فقد ساند نواب حركة الشعب القومية لائحة عبير موسي رغم دعمها دول على حساب دول أخرى في الشقيقة ليبيا.

دَعم قوميو تونس الذين يعتمدون المرجعية الناصرية (نسبة إلى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر)، لائحة سليلة التجمعيين، رغم عدائهم الظاهري معها. كل ذلك من أجل الزج بتونس في محور إقليمي يعادي صراحة الديمقراطيات العربية، فاللائحة عبرت عن اصطفاف مفضوح ومعيب مع دول أجنبية في ليبيا، بعد اكتفائها بإدانة دول بعينها مقابل سكوتها عن دول أخرى، وهو ما يتماشى مع الرؤية الإماراتية في هذه المسألة.

تخدم اللائحة المقدمة على أنظار البرلمان التونسي، طرفًا بعينه بالوكالة عنه وهو محور عربي إقليمي يضرب الثورات العربية ولا يخدم شعوب المنطقة، بهدف التغطية عليه والتواطؤ معه حيال ما يرتكبه من تدخل عسكري مباشر في ليبيا.

لم يهتم القوميون بشأن مصلحة تونس، بل غلبوا الأيديولوجيا على مصلحة البلاد العليا، وذهبوا إلى التخندق في صف الحلف المعادي للثورة التونسية، وصاحب المشروع التخريبي في دول المنطقة، خاصة تلك التي تشهد انتقالًا ديمقراطيًا.

هم يعلمون يقينًا درجة الحقد الذي يكنه الحلف الإماراتي للثورة التونسية والثورة العربية ككل، لكن اختاروا العمل معهم، ليس هذا فحسب بل مساعدتهم في عملهم ودعم مجهوداتهم الهدامة للنيل من كرامة الشعوب والتنكيل بهم.

لم يشاهد قوميو تونس جثث الأطفال الصغار والشيوخ والنساء ملقاة على الأرض نتيجة قصف الطيران المسير لأحيائهم السكانية في المدن الليبية، ولم يشاهدوا أيضًا اللاجئين الأفارقة الذين نكلت بهم قوات حفتر وأحاطوهم بالموت من كل زاوية، كما أغضوا أبصارهم عن السيادة الليبية التي تنتهك من قبل الروس والفرنسيين والمرتزقة الأفارقة، مثلما تجاهلوا صوت القنابل العنقودية المحظورة دولية والألغام المزروعة في مساكن المدنيين والشوارع وهي تتطاير وتتفجر بلا رحمة.

لم يشاهدوا كل تلك الجرائم في حق الليبيين ودولتهم أو لعلهم غضوا الطرف عنها، ليبصروا فقط مساندة الأتراك للحكومة الشرعية في ليبيا بدعوة منها لصد أي عدوان هجومي من قبل حفتر وحلفاءه المعاديين للحرية والديمقراطية، على اعتبار أن الوجود التركي احتلالًا للدولة الشقيقة.


انتصار قوميو تونس للحلف المضاد للثورات العربية لم يكن وليد اليوم، إذ لديهم تاريخ قديم في هذا الشأن، حتى أنهم أرسلوا مقاتلين تونسيين حاملين للفكر القومي للمشاركة إلى جانب جيش النظام السوري ضمن ما يعرف بـ"الحرس القومي العربي" (ميليشيا مسلحة).

فبعد أن كانت مساندة بشار الأسد ودعم نظامه ضد الثورة السورية التي انطلقت في مارس/آذار 2011، من خلال الفضاء الافتراضي ووسائل الإعلام وتنظيم الندوات والتظاهرات في البداية، تحولت المساندة فيما بعد إلى حمل السلاح والتوجه إلى أرض سوريا والقتال بجانب نظام اتهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة لمئات الآلاف من المدنيين السوريين العزل.

ولا تفرط حركة الشعب التي لاتزال تعرف نفسها، أنها حزب قومي عروبي يحمل شعار الاتحاد الاشتراكي المصري في زمن عبد الناصر "وحدة، اشتراكية، حرية"، أي مناسبة للتعبير عن انحيازها لنظام بشار الأسد في سوريا، وانقلاب 3 يوليو/تموز في مصر، واصفةً السيسي بأنه "رجل دولة بامتياز".

حبيس الأيديولوجيا
يصر التيار القومي في تونس، وفق الناشط السياسي سعيد عطية، على عدم التخلص من الأدران الأيديولوجية، والأهم أنه بقي حبيس نظريات قديمة كلفت الأمة العربية الكثير في الماضي البعيد والقريب. يضيف عطية في حديثه لـ "نون بوست"، بأن القوميين يصرون في كل مناسبة على الاصطفاف مع الأنظمة المعادية للثورة التونسية، فهم بوضوح يتخندقون اليوم في المربع الذي ترسم حدوده الإمارات العربية المتحدة، حيث يمثل نظام الانقلاب في مصر والنظام الشمولي في السعودية أحد أهم أضلعه.

كما يبين محدثنا أن اختيار قوميو تونس بوضوح الاصطفاف مع أنظمة تريد إحداث تغيير في نظام الحكم بتونس عبر الدم وتحريض التونسيين على الاقتتال الداخلي يبقى مثيرًا للاستغراب، خاصةً أنهم كثيرًا ما يرفعون الحرية شعارًا دائما لأطروحاتهم.

يرى أيضًا سعيد عطية أن مصلحة البلاد، لم تعد تمثل الأولوية المطلقة بالنسبة إلى منتسبي التيار القومي، فأينما حلت هذه الأنظمة التي تحالف معها القوميون، إلا وحل الخراب معها، وفي ذلك عديد الأمثلة كمصر واليمن وليبيا وسوريا.

ويعتقد كذلك، أن التيار القومي في تونس لم يقم بالمراجعات الضرورية للتجربة القومية على مدى التاريخ والأهم أنه كلما حكم القوميين في بلد ما إلا ما كانت نهايتهم دموية، وختم المحلل السياسي التونسي حديثه بالقول: "أرى أن من مصلحة التيار القومي في تونس تأخير المسألة الخارجية لأسفل سلم الأولويات والتركيز المطلق الآن على المساهمة في إنجاح الائتلاف الحكومي الحالي لأن هذه الحكومة تمثل أخر فرصة لإنقاذ الوطن".

عرقلة عمل الحكومة
لم يكتف قوميو تونس بجر البلاد نحو حلف مضاد للثورات العربية، وساع دائمًا لضرب الثورة التونسية والقضاء على تجربتها الديمقراطية الاستثنائية، بل عمل على عرقلة جهود الحكومة وهو العضو فيها.

ويعرف الائتلاف الحاكم في تونس، منذ تشكله في فبراير/شباط الماضي، سجلات كبيرة ومناكفات بين أحزابه، بطلها حركة الشعب القومية، وهو ما أقرّ به رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، الذي يعمل حالياً على تطويق الخلافات التي تكاد تعصف به.

ويناصب القوميون العداء لحركة النهضة التي تتمتع بأكبر عدد من الوزارات في الحكومة من منطلقات أيديولوجية، سواء داخل الحكومة أو تحت سقف البرلمان، فلا يتركون مجالًا للتشكيك في عمل وزراء النهضة والتقليل من قيمتها.


بالنظر إلى ما يجري في الساحة، نرى أن القوميين في تونس يصرُّون على استدامة الصراع مع الإسلاميين بكل السبل، وهو قد يتسبب في تفويت الفرصة التاريخية المتاحة أمامهم للمصالحة مع شعبهم وترك الصراعات جانبًا، ولكن على ما يبدو أن أذهان القوميين في تونس ما زالت واقفة عند ستينيات القرن الماضي، فمفاهيمهم السياسية لم تتطور ولم تواكب مجريات الوضع الدولي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، القوميون، القومية العربية، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-06-2020   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الغني مزوز، د - مصطفى فهمي، مصطفى منيغ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمد رحال، عمار غيلوفي، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، عراق المطيري، العادل السمعلي، إسراء أبو رمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رشيد السيد أحمد، محمد يحي، سلام الشماع، جاسم الرصيف، الهادي المثلوثي، إيمى الأشقر، محمد الياسين، سليمان أحمد أبو ستة، محمد شمام ، منجي باكير، صباح الموسوي ، محمد العيادي، فوزي مسعود ، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، تونسي، د. أحمد بشير، صلاح الحريري، د - محمد بنيعيش، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد ملحم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - صالح المازقي، أحمد الحباسي، د- جابر قميحة، فتحـي قاره بيبـان، أنس الشابي، عبد الله زيدان، عبد الله الفقير، فتحي الزغل، سامح لطف الله، رمضان حينوني، وائل بنجدو، طلال قسومي، د. عبد الآله المالكي، أبو سمية، رضا الدبّابي، محمود سلطان، حاتم الصولي، د - عادل رضا، د - الضاوي خوالدية، حسن عثمان، عزيز العرباوي، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، مجدى داود، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، صفاء العربي، حسن الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، د.محمد فتحي عبد العال، رافع القارصي، مصطفي زهران، فهمي شراب، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، صلاح المختار، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد عمر غرس الله، محمود طرشوبي، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، علي الكاش، يحيي البوليني، سفيان عبد الكافي، نادية سعد، عمر غازي، ياسين أحمد، فتحي العابد، المولدي الفرجاني، ضحى عبد الرحمن، سلوى المغربي، كريم السليتي، د - شاكر الحوكي ، عواطف منصور، أشرف إبراهيم حجاج، محرر "بوابتي"، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي، ماهر عدنان قنديل، مراد قميزة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، إياد محمود حسين ، سعود السبعاني، د - المنجي الكعبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د. مصطفى رجب، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، د. خالد الطراولي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة