تتواصل أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد بتونس في الارتفاع، الأمر الذي يتطلب استعدادات استثنائية خاصة من الجانب المالي، وهو ما جعل التونسيين يتسارعون لمد يد العون لدولتهم لمجابهة هذا الخطر القادم على البلاد والمساعدة ولو بالقليل في الحد من خطورته.
60 إصابة مؤكدة
وصلت عدد الحالات المصابة بالفيروس، اليوم السبت إلى 60 حالة (41 حالة وافدة، 19 حالة محلية) بعد اكتشاف 6 حالات جديدة عقب صدور نتائج 126 تحليلًا مخبريًا، وفق وزارة الصحة التونسية.
وأوضحت الوزارة أنه في إطار المتابعة الحينية للحالات المشبوهة وقع إلى حد هذا اليوم إخضاع 11863 شخصًا للحجر الصحي الذاتي، 4422 منهم أتموا فترة المراقبة الصحية، وتتوزع الإصابات على 13 محافظة.
بدأ الحديث عن فيروس كورونا في تونس في 3 من فبراير/شباط الماضي، بنفي مصدر صحي، في تصريح لإذاعة محلية خاصة، إصابة سائح صيني يقيم بفندق في مدينة سوسة السياحية (شرق) بعد خضوعه لفحوصات، وفي ذات اليوم، نقلت طائرة عسكرية تونسية من الجزائر 10 تونسيين قادمين من مدينة ووهان الصينية، وأخضعتهم وزارة الصحة للحجر الصحي.
مجهودات كبيرة للحد من انتشار الوباء
أول حالة إصابة بفيروس كورونا في تونس تم تسجيلها في 2 من مارس/آذار الحاليّ، لمواطن تونسي عائد من إيطاليا، عقب ذلك أقرت تونس جملة من القرارات منها غلق المجال البري والبحري، فضلًا عن إقرار حظر التجوال في المساء، وغلق المقاهي والمطاعم وتعليق صلاة الجماعة بما فيها صلاة الجمعة.
كما قررت الحكومة التونسية أيضًا، تعليق الدروس بجميع المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها، الحكومية والخاصة، بما في ذلك رياض الأطفال والحضانات، حتى 28 من مارس/آذار الحاليّ، مع قابلية التجديد بعد العطلة، فضلًا عن إلغاء كل التظاهرات الثقافية والمؤتمرات العلمية والتجمعات والمعارض.
آخر هذه القرارات، صدر أمس، وتمثل في إقرار حجر صحي عام في كامل التراب التونسي، مع تأمين الدولة للمرافق الحيوية من أمن وصحة وغذاء والإبقاء على المحلات التجارية مفتوحة.
ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، صنفت منظمة الصحة العالمية كورونا "جائحة"، وهو مصطلح علمي أكثر شدةً واتساعًا من "الوباء العالمي"، ويرمز إلى الانتشار الدولي للفيروس وعدم انحصاره في دولة واحدة، وظهر هذا الفيروس لأول مرة في مدينة ووهان وسط الصين، وذلك في 12 من ديسمبر/كانون الأول 2019، وانتشر لاحقًا في معظم الدول.
وحتى منتصف اليوم السبت، أصاب الفيروس قرابة 283 آلاف شخص حول العالم في 181 دولة وسفينة واحدة (دايموند برنسيس في اليابان)، منذ بدء تفشي الوباء نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
مد تضامني كبير
انطلاقًا من يقينهم أن القضاء على هذا الوباء مسؤولية جماعية تلتقي فيها الدولة والشعب، تشهد تونس حملة تبرعات واسعة، شملت العديد من المجالات، فلا هم للتونسيين إلا منع انتشار هذا الوباء في بلادهم ومساعدة الدولة في القيام بمجهوداتها في هذا الشأن.
وفي هذا الشأن، نظمت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) تحت إشراف مؤسسة التلفزة الوطنية ومشاركة مختلف المؤسسات السمعية البصرية الخاصة والعمومية في تونس، مبادرة "تليتون كورونا" لجمع التبرعات لصندوق مقاومة وباء كورونا والحد من تداعياته الاجتماعية والاقتصادية، ونجحت الحملة في جمع أكثر من 27 مليون دينار تونسي حتى فجر السبت.
وأكد رئيس "الهايكا" نوري اللجمي، أن هذه البادرة لا تهدف فقط إلى جمع التبرعات وإنما لتحسيس المواطنين بدورهم المحوري في مكافحة الفيروس من خلال الالتزام بالإجراءات الوقائية والتحسيسية ومسؤوليتهم في حماية أنفسهم وعائلاتهم وبقية المواطنين.
إلى جانب ذلك، انخرطت العديد من المجموعات الشبابية التونسية في بعض الأعمال أو الأنشطة اليومية الخيرية لمساعدة الناس على قضاء حوائجهم بعيدًا عن التزاحم والتعرض لخطر الإصابة بالعدوى، حيث اختار بعض الشباب تنظيم صفوف المواطنين أمام الفضاءات التجارية الكبرى أو الصيدليات أو المخابز ومراكز البريد والبنوك لتفادي الازدحام.
فيما اختار آخرون، تنظيم حملات توعوية خاصة لفائدة كبار السن عن كيفية حفظ الصحة ومكافحة انتشار فيروس كورونا، إلى جانب توفير بعض المواد الغذائية وتوزيعها على المحتاجين في هذه الظرفية الحرجة التي تعرفها البلاد.
إلى جانب ذلك، أشرفت مجموعة من الشباب على تعقيم المحلات والمؤسسات ومحطات النقل وتوعية أصحاب المطاعم والمقاهي والمحلات والباعة المتجولين بضرورة اتباع الإجراءات المعلنة من وزارة الصحة مع توزيع القفازات ومواد التعقيم.
كما بادر بعض الفنانين بتقديم مساعدات كبيرة، على غرار مغني الراب كريم الغربي ''كادوريم'' الذي تبرع لتونس بمعدات صحية وكمامات طبية، تم توزيعها على المستشفيات ووحدات الحماية المدنية في مختلف جهات البلاد، ودعا كل من يخضع للحجر الصحي إلى المكوث في منزله مقابل توفير كل ما يحتاجه.
كما تعهد العديد من التونسيين بتقديم بيوتهم ومقراتهم السكانية لوزارة الصحة، لاستغلالها في حربها ضد انتشار هذا الوباء، كما منح بعض رجال الأعمال وأصحاب الشركات عطلة لعمالهم وتعهدوا بتسديد أجورهم في موعدها.
فيما نظمت مجموعة من الجمعيات حملات لدعم مجهودات الدولة والتوعية للحد من مخاطر فيروس كورونا المستجد، عبر توزيع المطويات وأدوات الوقاية، فيما عبرت جمعيات أخرى عن استعدادها لتقديم المساعدة وتوزيع حاجيات المواطنين الموضوعين في الحجر الصحي من أكل وشرب.
وعبرت الكشافة التونسية عن استعدادها بمختلف هياكلها الوطنية والمحلية وانخراطها التام في معاضدة جهود الدولة، حيث وضعت على ذمة الحكومة التونسية 8 آلاف قائد وقائدة من المتدربين على إدارة الأزمات ومجابهة الكوارث في الجمهورية، إضافة إلى 20 ألف متطوع للتدخل العاجل لمساعدة كل من اضطروا إلى البقاء في الحجر الصحي وتأمين كل احتياجاتهم الغذائية والصحية وغيرها.
هذا المد التضامني من المنتظر أن تستفيد منه المؤسسات الاستشفائية العمومية بتونس، ويكون عونًا كبيرًا لمجهودات وزارة الصحة في إطار مكافحة مرض فيروس كورونا المستجد، خاصة في ظل ضعف الإمكانات الذي تعاني منه الدولة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: