البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"الشيوعي" السوداني.. الحاكم الخفي المتلون

كاتب المقال ياسر محجوب الحسين - السودان   
 المشاهدات: 1826



لم يعد الشك يساور كل مراقب حصيف للوضع السياسي السوداني أن الحزب الشيوعي السوداني يتحكم بشكل خفي في حكومة قوى الحرية والتغيير التي يرأسها عبد الله حمدوك وهو عضو سابق في الحزب الشيوعي، كما أعلن ذلك صديق يوسف عضو اللجنة المركزية للحزب والقيادي البارز بتحالف قوة الحرية والتغيير. وما لم يعلنه الحزب أن حمدوك حاليا عضو ظل في الحزب الشيوعي ويأتمر بأمره بيد أن التكتيك التقليدي الذي يتأبطه الحزب تاريخيا هو التخفي والعمل السري وهو الذي اقتضى إخفاء التزام حمدوك وانتماءه العضوي للحزب.


ولعل إخفاء علاقة الحزب الشيوعي بحمدوك وحكومته يرجع لسببين رئيسيين: أولهما أن الحزب يناصب العداء ما يعرف بالمكون العسكري وهي المؤسسات العسكرية كالجيش وقوات الدعم السريع وجهاز الأمن ولا يريد مواجهتها بشكل مباشر في الوقت الحالي على الأقل إلا من بعض التناوش الإعلامي، إذ إنها تتحكم بمفاصل القوة وفي الوقت ذاته يحاربها بوسائل وأدوات تعمل على زرع الفتنة بينها، حتى تأتي الفرصة المناسبة بعد إكمال تجهيز أذرعه المسلحة، فضلا عن زرع كوادره في الأجهزة العسكرية والأمنية، حيث ظهرت إعلانات تجنيد جديدة لضباط وضباط الصف. وقد سبق التحقيق مع عضو بارز في اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي بسبب قضية رفعتها ضده قوات الدعم السريع، التي يقودها النائب الأول لمجلس السيادة الجنرال محمد دلقو المشهور بحميدتي. واتهم الحزب الشيوعي قوات الدعم السريع في تصريحات صحفية بارتكاب جرائم في إقليم دارفور وفض الاعتصام في محيط قيادة الجيش رمضان الماضي.


والسبب الآخر لتخفي الحزب الشيوعي أن نجاح حكومة حمدوك، وهي حكومة انتقالية قصيرة الأجل، في مهامها لا يبدو نجاحا مأمولا، ولا يرغب الحزب الشيوعي في تحمل فاتورة فشلها أو سقوطها ربما الوشيك. ولذا يتبع الحزب الشيوعي نهجا سياسيا وإعلاميا مزدوجا؛ فهو يبدو حزبا معارضا بينما كوادره تمارس الحكم، بل لديه عضوان معروفان في مجلس السيادة الذي يضم المجلس العسكري السابق برئاسة الجنرال عبد الفتاح البرهان.


وكان سكرتير الحزب الشيوعي محمد الخطيب قد اعتبر أن حكومة حمدوك الحالية منقوصة المهام، ولا تملك ركائز وعناصر القوة التي تدير بها العمل، وقال ما كان لنا في الحزب الشيوعي أن نرضى بقوات الدعم السريع وما كان لنا أن نرضى أن يظل الجيش دون إعادة هيكلته.


ومعلوم أن الحزب الشيوعي حزب منبوذ مجتمعيّا، ولا يملك رصيدا جماهيريّا حقيقيّا. وأكدت كل الانتخابات البرلمانية النزيهة خلال تاريخ السودان السياسي الفقر الجماهيري لهذا الحزب، وربما هذا سبب محوري لاعتماده العمل في الخفاء من خلال عدد من الواجهات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، مثل تجمع المهنيين السودانيين الذي ساهم في تجيير الثورة لصالح قوى اليسار عموما. ولذلك لا يؤمن الحزب الشيوعي بالديمقراطية التعددية، ولذلك تظل هياكله الحزبية سرية وغير معلنة حتى في فترات الديمقراطية، وارتفعت أصوات من داخل الحزب في مؤتمره الخامس يناير 2009 محتجة على ضعف الديمقراطية الداخلية وبسيادة المركزية المطلقة في إدارة شؤون الحزب، وحزب هذا حاله في الداخل فكيف مع الآخرين؟ ففاقد الشيء لا يعطيه البتة.


ورغم موافقة الحزب الشيوعي المرحلية على ما ترتب من أوضاع سياسية عقب توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري السابق وقوى الحرية والتغيير التي يمثل فيها الحزب ضلعا مهما، وباعتبار ذلك أفضل المتاح إلا أنه كان يرغب في تكوين مجلس سيادة له سلطات محددة ومحدودة تكبح سلطات العسكر. ولم يخف الحزب امتعاضه من ما أسماه بتآمر قوى دولية وإقليمية فرضت مساومة حول السلطة بإشراك العسكر، وفتحوا الطريق لسيطرة المكون العسكري على مفاصل الدولة.


ويرى الحزب الشيوعي أن مكاسبه في الوضع السياسي كانت ضعيفة وكانت المحصلة دون المأمول؛ وذلك بسبب الإفراط في حسن الظن في التحالفات ويقصد شركاءه في الحرية والتغيير وأن ذلك أيضا بسبب تغاضيه عن أخطاء عدم التزامها بالمواثيق. بل شكك الحزب في بيان له في وعي ما أسماه بجماهير الأحزاب التقليدية بما وصفه بالنهج الثوري، ويقصد الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية المحافظة مثل حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي، وهذه محاولة تبريرية للعزلة المجتمعية التي يعيشها الحزب، بل حتى شكك في عضوية الأحزاب الأخرى التي وصفها بالحديثة مثل حزب المؤتمر السوداني، وقال إنها غير متجانسة الرؤى ومتأرجحة القناعة وتتبع قيادات براغماتية تحمل جلها مشاريع تتعارض مع مشروع التغيير الراديكالي. ويرى فيها أحزابا انتهازية، والانتهازية عند الحزب الشيوعي في المفهوم الماركسي هي البرجوازية التي تنكر دور الصراع الطبقي، وإنكار دور حزب الطبقة العاملة أي الحزب الشيوعي.


ورفض الحزب الشيوعي مطلقا أي عملية ترمي لهيكلة قوى الحرية والتغيير تؤدي إلى قيادة هرمية قد تفقده سيطرته على التحالف، وظل عدد من مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير بينها كتلة "نداء السودان" التي تضم حزب الأمة برئاسة الصادق المهدي، تطالب بضرورة هيكلة التحالف وإيجاد جسم قيادي يتولى عملية اتخاذ القرارات.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السودان، حمدوك، الحزب الشيوعي السوداني، الانتفاضة السودانية، الانقلاب في السودان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-01-2020   الشرق القطرية / عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - الضاوي خوالدية، سعود السبعاني، عمار غيلوفي، المولدي اليوسفي، فتحـي قاره بيبـان، أشرف إبراهيم حجاج، رحاب اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، طارق خفاجي، د - محمد بنيعيش، سليمان أحمد أبو ستة، محمد علي العقربي، د- محمد رحال، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، د. خالد الطراولي ، مصطفى منيغ، محمد الطرابلسي، صلاح المختار، أنس الشابي، عراق المطيري، د. طارق عبد الحليم، الهيثم زعفان، مراد قميزة، د. أحمد محمد سليمان، إيمى الأشقر، عبد العزيز كحيل، سفيان عبد الكافي، د.محمد فتحي عبد العال، حسن الطرابلسي، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، جاسم الرصيف، فتحي الزغل، د - صالح المازقي، حميدة الطيلوش، طلال قسومي، نادية سعد، كريم السليتي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، بيلسان قيصر، تونسي، أحمد بوادي، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، محمد الياسين، د- جابر قميحة، د - عادل رضا، عواطف منصور، صلاح الحريري، د. أحمد بشير، د. صلاح عودة الله ، محمد عمر غرس الله، مجدى داود، صفاء العربي، محرر "بوابتي"، د- هاني ابوالفتوح، حسن عثمان، كريم فارق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، فتحي العابد، محمد شمام ، عبد الله الفقير، ياسين أحمد، أحمد الحباسي، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، العادل السمعلي، منجي باكير، إياد محمود حسين ، مصطفي زهران، عمر غازي، محمد العيادي، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، أحمد ملحم، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، محمود طرشوبي، أحمد النعيمي، أ.د. مصطفى رجب، خالد الجاف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي الفرجاني، ماهر عدنان قنديل، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، رافد العزاوي، محمد اسعد بيوض التميمي، سامح لطف الله، عبد الرزاق قيراط ، سامر أبو رمان ، الهادي المثلوثي، محمد يحي، يزيد بن الحسين، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العراقي، علي عبد العال، د- محمود علي عريقات، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، عزيز العرباوي، صباح الموسوي ، عبد الغني مزوز، محمد أحمد عزوز، سيد السباعي، خبَّاب بن مروان الحمد، رافع القارصي، علي الكاش،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة