هل تسعى الإمارات لاستغلال الوضع في الجزائر لفرض سيطرة حفتر على طرابلس؟
عائد عميرة المشاهدات: 2036
بدأ اللواء المتقاعد خليفة حفتر عملية عسكرية، بإيعاز من دول عربية على رأسها الإمارات ومصر، بهدف ما أسماه تحرير طرابلس من الجماعات الإرهابية، مستغلّا الأوضاع الإقليمية التي تمرّ بها المنطقة، خاصة الحراك الشعبي في الجزائر وانشغال الجيش هناك بالوضع الداخلي في البلاد، ما جعل قوة حماية طرابلس التابعة لحكومة الوفاق الوطني تطلق عملية "وادي الدوم 2" لمواجهة التصعيد العسكري من جانب قوات حفتر.
حفتر يستعرض قوته لفرض شروطه في "الملتقى الجامع"
قال طالب حفتر في تسجيل صوتي إن هذه العملية التي أطلق عليها "عملية تحرير طرابلس" تأتي استجابة لنداءات أهالي طرابلس الصابرين، حسب وصفه، إلا أن الواضح أن عمليته العسكرية تجد معارضة كبيرة من قبل الليبيين الذين يعارضون نظام العسكر.
ويقول الصحفي الليبي علاء العماري، إن هناك هدفان رئيسان للتقدم الأخير لقوات حفتر وإعلانه عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، أولهما أن حفتر أراد جس نبض القوات الموجودة في المنطقة الغربية ومعرفة موقفها منه وكذلك سرعة استجابتها وكمية عتادها وجنودها وأيضا أراد معرفة كم الدعم الشعبي الذي يحظى به في الغرب."
وثاني هذه الأهداف التي تحدّث عنها العماري في حديثه لنون بوست فهي، "تقوية موقفه في الملتقى الوطني الجامع فحفتر لا يريد أن يظهر ضعيفا في الملتقى بل أراد أن يظهر أقوى الموجودين في الملتقى وبالتالي فإنه سيحظى بتمرير غالب شروطه بعد استعراضه في المنطقة الغربية وإعلانه وجوده على حدود العاصمة الجنوبية والغربية."
من المنتظر أن تشهد ليبيا في الفترة القادمة تنظيم "الملتقى الليبي الجامع"، الذي سيركز على عدد من النقاط، أهمها مشروع الدستور والترتيبات الأمنية ومشروع قانون الانتخابات. وسيكون هذا الملتقى، في حال تنظيمه، محاولة جديدة لحل الأزمة الليبية عقب سلسلة من الملتقيات آخرها مؤتمر باليرمو في إيطاليا الذي طبعه استمرار الخلاف بين الفرقاء الليبيين.
بدوره يؤكّد الإعلامي والكاتب الصحفي الليبي عصام الزبير، سعي حفتر إلى أن يكون "الرجل القوي في في الملتقى الجامع بحيث يفرض شروطه على الطاولة ويكون له النصيب الفعال في حكومة الوحدة الوطنية". ولم يستبعد عصام زبير سعي حفتر أيضا إلى "عرقلة الملتقى الوطني الجامع خاصة وأن حفتر لا يرى مكانا له في ليبيا إلا في السلطة."
فتّش عن الإمارات ومصر
وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، قال في تصريح تلفزيوني أمس أن "قوات حفتر تحركت نحو طرابلس بعد تلقيها ضوءا أخضر لتدمير العاصمة من دولة عربية ( لم يسمها)، وأن هذه الدولة دخلت على الخط حديثا أو كانت موجودة من فترة، وأنه جاري التأكد من المعلومات لكشف هذه الدولة".
ويرى العديد من الليبيين أن هذه الدولة، حتما هي الإمارات، بالاستعانة أيضا بمصر. ويقول الصحفي عصام الزبير لنون بوست في هذا الشأن، "أعتقد أن حفتر حصل على دعم بعض الدول التي شجعته على التقدم إلى المنطقة الغربية والاقتراب منها خاصة في ظل تراخي حكومة الوفاق الوطني وبقاء القائد الأعلى للقوات المسلحة فائز السراج دون اتخاذ أي موقف بالرغم من بث الأشرطة واستخدام منصات التواصل الاجتماعي في تحول قوات حفتر من الشرق إلى المنطقة الغربية دون مقاومة أو صد في البداية."
من جانبه، قال الصحفي الليبي علاء العماري، إن "حفتر يتلقى دعما عسكريا كبيرا من قبل كلّ من مصر والإمارات"، وأضاف العماري في حديثه لنون، " الكل يعلم بمن فيهم حفتر نفسه أنه دمية في أيدي الإمارات ومصر والسعودية وهي من ترسم وتخطط وهو من ينفذ."
وكانت تقارير أممية وحقوقية، قد كشف عن خرق دولة الإمارات وبصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها، وزيادة قدرات قوات حفتر الجوية بصورة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى تزايد أعداد الضحايا في النزاع الدائر في ليبيا.
ومنذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في فبراير 2011، تحدّثت تقارير إعلامية واستخباراتي عدّة عن دور إماراتي مشبوه، بقيادة "محمد بن زايد"، في دعم قوات "حفتر"، والمشاركة في عمليات عسكرية ضد فرقاء ليبيين؛ الأمر الذي ساهم حسب مراقبين في تأجيج الأزمة السياسية في ليبيا، وخلق حالة من التباعد بين شركاء الوطن الواحد.
استغلال الحراك الجزائري
يقول بعض الليبيين إن خطّة غزو طرابلس والمنطقة الغربية، موجود على الطاولة منذ فترة، لكن الأحداث التي تعرفها الجزائر واستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وانشغال الجيش هناك بالوضع الداخلي للبلاد، سرّعت الخطة بغيت استغلال حفتر والدول الداعمة له لهذه الأوضاع لصالحهم.
ويقول علاء العماري في هذا الشأن، "هذه الدول رأت الانتصار الباهر لكلمة الشعب الجزائري الشقيق التي أسقطت العسكري عبد العزيز أبوتفليقة طوعا، فأخافت قوة الشعب الجزائري ومبادئه وطموحاته في دولة مدنية هذه الدول."
أوضح الصحفي الليبي، أن "كلّ من مصر والإمارات يخشيان من أن يصل تأثير الحراك الجزائري إلى ليبيا، وأن يبدأ الشعب الليبي في التفكير في كيفية إزاحة العسكر وممثله حفتر من الواجهة، وهو ما جعلها تسرع لإعطاء حفتر إشارة التقدم نحو طرابلس حتى يدرك الشعب أنه تحت أمر واقع العسكر دون سواه"، وفق قول العماري.
ذاهب إلى حتفه
يقول علاء العماري، إن "حفتر يمتلك قوى عسكرية على الأرض، تتلقى دعم مصر والإمارات عسكريا، لكن في المقابل هناك قوات عسكرية في المنطقة الغربية كفيلة بردع قوات حفتر وربما القضاء عليها، فهناك قوات كبيرة جدا في مصراتة وأيضا في العاصمة طرابلس كذلك جنوبها ومدينة الزاوية غرب العاصمة أيضا فكل تلك القوات بمساندة الطيران الليبي حتما يستطيع مجابهة قوات حفتر وهزيمتها".
بدوره قال الناشط السياسي الليبي فرج المجبري لنون بوست، "تحرّك حفتر سيكون في غير صالحه وربما سيجنى مزيد من الخسائر على المستوى السياسي وعسكريا سيكون في موقف حرج فابتعاده عن معقل الرجمة شرق بنغازي سيكلفه الكثير وربما لن يجد حتى خط الانسحاب."
وأضاف فرج المجبري في تصريح لنون بوست، "ما يحدث سيكون بمثابة إعادة ترتيب لقوى الثوار ولملمة لصفوفها وربما سيقلل من حجم الدعاية التي يستند عليه حفتر في كل تحركاته فالعاصمة وما حولها لن يكون كتحركات الجنوب،" وتابع، " هو أراد أن يؤكد عن حجم وقوة تواجده لكن حساباته حتما ستكون على غير ما يتوقع وربما هو استدرج إلى حذفه."
وأشار الناشط السياسي الليبي إلى أن قرب انعقاد الملتقى الجامع سيضع حفتر في موقف لا يحسد عليه، فحفتر، "يضع نفسه في وضع أصعب من قبل، فهو مقدم على معركة لا يملك لها العتاد والإمداد الكافي لكي يحسمها إلى صالحه."
بدوره يقول عصام الزبير، إن "ضعف الإمدادات لقوات حفتر وبعده عن مركزه في الشرق ووجود طيران للمنطقة الغربية، فضلا عن شراسة القوات التي تحت توجد في الغرب وامتلاكها أسلحة ثقيلة، كلّها مؤشرات تؤكّد ضعف موقف حفتر"، وتابع" هذا الأمر سيضعف موقف حفتر مما يجعله يطلب من بعض الدول المؤيدة له وقف القتال وتأمين انسحابه خوفا من تعرضه لضربات تقسم قواته."
في غضون ذلك، أمر رئيس حكومة الوفاق الوطني السراج في برقية فورية إلى وزارة الدفاع ورئاسة الأركان والحرس الرئاسي ومناطق عسكرية أخرى برفع درجة الاستعداد القصوى، وإعادة التمركز والتصدي لكل ما يهدد حياة المدنيين من جماعات وصفها بالإرهابية والإجرامية. كما أمر السراج القوات الجوية باستعمال القوة للتصدي لكل ما يهدد حياة المدنيين والمرافق الحيوية، منددا بهذا "التصعيد"، ومبديا أسفه لما صدر من "تصريحات وبيانات مستفزة".
عقب ذلك، أعلنت كتائب مدينة مصراته ذات القوة الضاربة في الغرب أن كل المكونات العسكرية والثورية والمدنية في المدينة مستعدة للدفاع عن الوطن، حسب تعبيرها. وأوضحت في بيان لها أن من وصفته بالمتمرد المستبد خليفة حفتر وأعوانه يحاولون التمدد إلى المنطقة الغربية بهدف تنصيب حفتر حاكما على ليبيا، وأنهم يمنون النفس بدخولها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: