د محمد حاج بكري - تركيا / سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2502
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تمر ثورتنا العظيمة بحالة من عدم الاستقرار في شتى مناحيها السياسية والعسكرية والاقتصادية والفكرية وسواها لتنسحب على الانتماء للوطن وعدم السعي لردم الخلافات والهوة التي تتسع يوما بعد آخر بين المكونات ومرحلة حرجة من تفكك في المواقف وعدم وضوح الرؤيا والسعي بشكل محموم وغير مفهوم من قبل المكونات الرئيسية التي تشكل المشهد السياسي والعسكري الراهن الذي يتسم بالضبابية والفوضى والغموض الغريب بالتمسك بشدة بالامتيازات بأنانية ضيقة ومحدودة
إزاء هكذا وضع نمر به وما نعانيه من مشاكل لا حصر لها نجد ما يميز الوضع الراهن التخبط الخطير الذي أثّر ويؤثّر كثيرا على أوضاع سورية ومع ذلك لا نجد من يغلّب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والفئوية الضيقة ولو لحين للخروج من هذه المحنة التي تتفاقم يوما بعد آخر حيث لم يعد هذا التهافت المسعور على المصالح خافيا على أحدا لأمر الذي يدفع بالمشهد وما يترتب عليه من نتائج وخيمة إلى حالات من التعقيد وتفاقم الأزمات مما يعني أن العودة لحالات شبه طبيعية أصبح صعبا وهنا يبرز السؤال الأخطر هل من المعقول أن هؤلاء القادة إن هم بمواصفات قادة لا يملكون الحس الوطني ولا يسعون لتغليب حالة التردي الآخذة بالتصاعد وهم يعرفون أنهم سبب كل هذا الخراب من خلال تسيّدهم للقرار وما ارتكبوه من أخطاء قاتلة أدت لكل هذا البلاء الذي أكمل خراب الأسد وكأنهم مكلفون بمهمة التدمير
لا أحد يشك بأن النهج السياسي في الثورة اليوم في حالة تخبط في الفراغ الذي أوجده وادمن عليه سياسيو الصدفة وكأنهم يخضعون العملية السياسية بمجملها لمختبرات تجريبية ويراهنون على إمكانية نجاحها وفشلها على انها اما تصيب واما تخيب وهذا السلوك الهجين والفطري الساذج جدا يقينا سيؤدي الى تفاقم الكوارث بعد ان فعل فعلته ليحول ثورة عظيمة وبلدا كبيرا وذا شأن في المنطقة يحسب له الجميع سوريون وغيرهم كل الحساب لما يملكه من مواصفات الدولة التي بإمكانها أن تكون في مصاف دول القرار العالمي إقليميا ودوليا ونحن الان في مهب الريح وتحت رحمة العواصف المدمرة بالإضافة إلى هشاشة الوعي وانعدام الخبرة السياسية
لا يختلف السوريون بأن حالة التناسل الغريب التي اخذت بالامتداد في كافة الإتجاهات بمديات مخيفة لشخصيات متخلفة وإنتهازية ولا تمتلك من التجارب الحياتية إلا السلبيات في التعامل مع إدارة الثورة لكونهم قد منحتهم أحزاب الخراب التي شكلوها في الثورة إمكانيات لم يكونوا يحلمون بها إذا ما علمنا بأنهم بمعظمهم متسلقون ونفعيون جدد ليتم تجنيدهم تحت امرة الرؤوس الكبيرة التي تقودهم نحو تكريس كل ما من شأنه خلق حالة من الفوضى والتهميش والإهمال وتردي الأوضاع الآخذة بالانحدار نحو الهاوية لينتزعوا من الوطنيين المراقبين لما يحدث من مهازل أية آمال بتحقيق نقلة نوعية فاعلة ورد الإعتبار لبلد منتهك بقوة من معظم دول العالم ليظل مسلوبو الإرادة وممن لا حول لهم في إعادة الأوضاع إلى مسارها الصحيح مجرد متفرجين وشهود عيان على مسلسل الهدم اليومي ولا يملكون من وسائل الرفض لما يجري سوى الإحتجاجات بشتى الوسائل السلمية دون جدوى ليتحول معظمهم إلى مجرد شكاة رافعين اياديهم إلى بارئهم ليزيل عنهم الغمة
إن ما يجري في الثورة لا يحتاج إلى عمق تحليل وفصاحة رأي وفذلكة فكر أسوة بما يجري في العالم من أحداث تستوجب عمق تفكير وإمكانية تحليل في شتى مناحي المعرفة الإنسانية لوضع الأصبع على الخلل الحقيقي وإيجاد البدائل بطرق علمية ومنطقية للخروج من المطبات التي قد تختلف من حالة إلى أخرى.
إن كل ما يجري هو لا يحتاج إلى عمق تفكير وتحليل بل هي من البساطة والوضوح ما يمكّن حتى البسطاء جدا من الناس أن الثورة قد وقعت بين مخالب معظمها من جهلة السياسة والفاسدين والناهبين والراصدين لتدميرها بعد أن لقنهم من يقودهم من دهاقنة السياسة الأشرار كل الألاعيب وحولوهم إلى ببغاوات ليس لديهم سوى ترديد شعارات مخزية ومضحكة وفاسدة باتت محط تندّر على وسائل التواصل الاجتماعي دون الإحساس بأدنى حالات الخجل الآدمي لأنهم ببساطة قد تحولوا إلى مخلوقات صمّاء إلى كل الدعوات وأصوات الحراك الاجتماعي الشعبي الذي يتهمهم بالدونية والخيانة لأبسط المبادئ الوطنية.
والله إننا لنشعر بالخجل والندامة بأن من نستمع اليهم هم سوريون ومناوئين لأعتى نظام قمعي لنكتشف بأن جلهم كانوا مجرد آلات شطرنج تحركهم دول بشكل فاضح ومذل دون أن يحسوا ولو للحظة بأنهم باتوا أدوات بيد تلك الدول ناسين أنهم ينتمون لأعرق حضارة وانبل شعب لكنهم وبسبب تعطيل ضمائرهم اصبحوا لا يفقهون من التجارب سوى أن يتحولوا الى مطايا وأدوات طيعة
أهؤلاء هم من يقود البلد المنهك وهم ينقسمون الى شيع وأحزاب ومكونات وفصائل وأشباح وحتى أصوات نشاز؟ ولا يهمهم من كل هذه الأوضاع المخيفة سوى الطرق التي يرونها مناسبة لقيادة هذا الجانب دون غيره بعد أن حولوا الثورة الى مقاطعات وكانتونات وضياع تتنازع فيما بينها على قطعة جغرافية واحدة ليتحول التناحر إلى مديات قد تحول الوطن إلى أنهار من الدماء والشواهد تلوح في الأفق هل هؤلاء يريدون الخير لسورية وهم يغلبّون مصالحهم واهدافهم ونوازعهم غير الشريفة على حساب وطن نخرته الكوارث
إن ما مر على الثورة من محن وفواجع وخراب خلال ثمان سنوات من الفوضى السياسية مضاف إليها ما سببه نظام الأسد والبعث المجرم من دمار في شتى المناحي كفيل بأن يزيل هذا البلد من جغرافية المنطقة لكن الشعب الصبور والمكافح ظل طيلة فترات المحن يعاند بقوة متشبثا بالحياة مغلّبا عشقه لوطنه على حجم العذابات التي كان يكابدها ولكن هل من حدود لما يعانيه سوى انتزاع ثوب الوداعة ليتحول سياسيوه إلى مخلوقات مفترسة ولكن شعبا مظلوما ومتضررا قد يكّشر عن إنيابه ليبتلع كل من سبب ويتمادى في كل هذه الويلات لتصل حد "عليّ وعلى أعدائي
فاتعظوا من تجارب من سبقوكم من الطغاة وكيف كان مصيرهم فلا تكون وجهتكم أخيرا إلى مزبلة التاريخ كمن سبقوكم إن كنتم ما زلتم تحتكمون على مجسات شم الخطر قبل وقوعه أشك في ذلك ويأتي يوم لاينفع فيه الندم
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: