البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا تُمول المملكة المتحدة حملات إعلامية في البلاد التونسية؟

كاتب المقال سيرين عطية و جول كريتوا   
 المشاهدات: 3125



هل حظيت الإصلاحات الاقتصادية التونسية، التي تم الإعلان عنها في مطلع السنة الحالية، بدعم حملة إعلامية مُمولة من قبل الحكومة البريطانية؟ وفقا للمعطيات التي كشفت عنها صحيفة "الغارديان" البريطانية في الثاني من تموز/ يوليو، يبدو أن الحكومة البريطانية قد مولت وكالة "أم آند سي ساتشي" البريطانية الإشهارية حتى تدعم السلطات التونسية.

في الحقيقة، كان ذلك بهدف إطلاق حملة إعلامية تُروج للإصلاحات الاقتصادية، التي لم تلق ترحيبا من طرف الشعب التونسي. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الإصلاحات، التي تم إقرارها بتشجيع من صندوق النقد الدولي، قد أدت إلى قيام موجة من الاحتجاجات والمظاهرات في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي. ووفقا لما أفادت به الصحيفة البريطانية، جاء هذا التمويل على خلفية السعي إلى منع اندلاع انتفاضة محتملة، في الوقت الذي قاد فيه شباب تونسيون حركة اجتماعية بداية السنة الحالية، احتجاجا على الرفع في الأسعار وإقرار ضرائب جديدة.

في هذا الإطار، تتأتى أموال هذه الحملة من صندوق "الصراع والاستقرار والأمن" البريطاني السرّي. وقد تم إنشاء هذا الصندوق برعاية مؤسسات عديدة، على غرار وزارة الدفاع وقسم التنمية الدولية ومكتب الداخلية، فضلا عن وزارة الخارجية البريطانية. ويسمح هذا الصندوق للملكة المتحدة بالتدخل في المناطق التي يتعرض فيها أمنها ومصالحها الدولية لتهديدات مباشرة. ويتمثل هدفه في "حماية بريطانيا من الإرهاب والفساد والتجارة الموازية والهجرة غير الشرعية".

دليل على التدخل في الشؤون الداخلية؟

بسرعة فائقة، أثار تداول هذه المعلومات ضجة واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، اعتبر البعض التمويل البريطاني دليلا على التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. ونتيجة لذلك، اضطرت رئاسة الحكومة التونسية إلى إنكار وجود "حملة إعلامية لإخماد المظاهرات". وفي تصريح له لصحيفة "جون أفريك" الفرنسية، أفاد المتحدث باسم الحكومة التونسية، إياد الدهماني، أنه "على الرغم من الجدل الذي أثاره تقرير صحيفة الغارديان البريطانية، إلا أن المعلومات التي تطرق إليها ليست غريبة بالمرة". ويعترف الدهماني ببساطة بأن "المملكة المتحدة مولت معدات تعليمية في مجال المالية العامة أو مشاريع أخرى مثل صندوق التعويضات".

لكن، هل كانت هذه الحقيقة كاملة؟ على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، تم الترويج لهذه الحملة، تحت عنوان "نحب نخدم" (بمعنى أريد أن أعمل)" على أنها "مبادرة حكومية تهدف إلى توعية التونسيين بأهمية الإصلاحات الأساسية التي أقرتها تونس". وكانت صفحة هذه الحملة على فيسبوك، التي تحتوي على مقاطع فيديو قصيرة وبعض النصوص حول القضايا النقدية على وجه الخصوص، مرفقة بموقع الويب الخاص بالإصلاحات الحكومية.

هل قام صندوق "الصراع والاستقرار والأمن" البريطاني السرّي بتمويل هذه الحملة فعلا؟ وهل أشرفت عليها حقا وكالة "آم آند سي ساتشي" الإشهارية؟ في هذا الصدد، أورد مصدر وزاري أنه يعتقد أن "التنسيق لإدارة هذه الحملة قد تم بين هذه الشركة البريطانية وشركاء تونسيين". من جانبها، رفضت الشركة البريطانية الاستجابة لطلبات التوضيح التي وُجهت إليها.

في السياق ذاته، أشارت إفادات السفيرة البريطانية لدى تونس، لويز دي سوزا، إلى أن هذه الحملة ليست سوى تعاون بسيط بين البلدين. وقد أكدت دي سوزا، لإذاعة "إكسبرس أف أم" التونسية، أن هذه المساعدات تندرج ضمن الاتفاقيات الموقعة بين الحكومتين. ووفقا لهذه السفيرة، ليس للأمر أي علاقة بالتدخل في الشؤون الداخلية لتونس. فبناء على طلب من الحكومة التونسية، التي كانت تبحث عن دعم مالي لتمويل هذه الحملة، اختار البريطانيون التعامل مع وكالة "آم آند سي ساتشي" في هذا الموضوع.

تعلّة الأمن والإستقرار

ينشط صندوق "الصراع والاستقرار والأمن" البريطاني السرّي بالفعل في تونس. وعلى شبكة الإنترنت، يُمكن العثور على نسخ برنامجين تم إعدادهما في الفترة الممتدة بين نيسان/ أبريل 2017 وآذار/ مارس 2018، بميزانية إجمالية قدرها 8.5 مليون جنيه إسترليني. ويهدف هذا التمويل إلى دعم "الحكم الرشيد والتنمية الاقتصادية" فضلا عن "مكافحة التطرف ومراقبة الحدود".

في الأثناء، تساءلت الوثائق المتعلقة ببرامج التمويل البريطانية عن أسباب حاجة تونس إلى مساعدة بريطانيا. ولتقديم التوضيحات اللازمة، تطرقت الوثائق إلى هجمات سوسة سنة 2015، التي أسفرت عن مقتل 31 مواطنا بريطانيا. وفسرت الوثائق ذاتها أهداف هذه المهمة، حيث أشارت إلى أن "مصالح الاتصالات التابعة للحكومة البريطانية تريد ضمان امتلاك الحكومة التونسية القدرة على التواصل مع السكان بطريقة فعالة، خاصة خلال فترات الأزمات والإصلاحات الاقتصادية الرئيسية".

وتُشيد هذه الوثائق بالخبرة البريطانية في هذا المجال، مفيدة أن "المملكة المتحدة معروفة بأنها من أبرز دول العالم الرائدة في مجالي الأمن والاتصالات الإستراتيجية". في الإطار ذاته، سلطت وثيقة مماثلة، حول برامج أخرى تُمولها المملكة المتحدة في دول شمال أفريقيا، الضوء على السبب الذي ما انفكت الحكومة تذكره لتبرير هذه المساعدات، والمتمثل في "الحفاظ على منطقة مستقرة على الحدود الأوروبية".

لندن في موقف هجومي

لم تكن هذه المرة الأولى التي تقدم فيها لندن المشورة للحكومة التونسية في مجال الاتصالات. والجدير بالذكر أنه إلى جانب صندوق "الصراع والاستقرار والأمن" البريطاني السرّي، تشارك مؤسسات أخرى في تمويل بعض من هذه البرامج.

ففي شباط/ فبراير سنة 2015، وعقب الهجمات الإرهابية التي وقعت في سوسة، أرسلت الحكومة البريطانية خبراء في الاتصالات للإشراف على برامج تدريبية موجهة لمسؤولين حكوميين تونسيين. وقد شارك 30 مسؤولاً ينتمون إلى ثماني وزارات مختلفة في هذه اللقاءات، التي تطرقت إلى كيفية وضع خطة للتواصل أثناء الأزمات. واستمر هذا البرنامج التدريبي مدة خمسة أيام، قبل أن يتم تسليم نتائجه إلى السفارة البريطانية في تونس.

في الواقع، لا تعتبر تونس البلد المغاربي الوحيد المعني بهذه البرامج. فخلال آب/ أغسطس سنة 2017، ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن وحدة رئاسة الحكومة أرسلت مستشارين في الاتصالات والتسويق يعملون لصالح الخدمات الاستشارية لإدارة الأزمات، إلى كل من الجزائر ومصر والأردن، (التي كانت مستعمرة بريطانية سابقة). بالإضافة إلى ذلك، يُشرف هذا الصندوق على مشاريع أخرى في كل من المغرب والجزائر.

----------
ترجمة وتحرير: نون بوست


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، أنقلترا، الحملات الإعلامية، يوسف الشاهد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-07-2018   المصدر: جون أفريك / نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الغني مزوز، عبد العزيز كحيل، محمد علي العقربي، وائل بنجدو، محمد يحي، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، فتحي العابد، تونسي، المولدي الفرجاني، رمضان حينوني، د. عادل محمد عايش الأسطل، بيلسان قيصر، صلاح المختار، سلوى المغربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، عزيز العرباوي، مصطفي زهران، مصطفى منيغ، العادل السمعلي، طلال قسومي، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، يحيي البوليني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، خبَّاب بن مروان الحمد، د.محمد فتحي عبد العال، سعود السبعاني، الناصر الرقيق، ياسين أحمد، د- محمد رحال، سليمان أحمد أبو ستة، المولدي اليوسفي، صفاء العربي، أحمد ملحم، د. طارق عبد الحليم، حسن الطرابلسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلام الشماع، د - محمد بنيعيش، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، عبد الرزاق قيراط ، محمود فاروق سيد شعبان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إيمى الأشقر، مجدى داود، أ.د. مصطفى رجب، فوزي مسعود ، صالح النعامي ، عواطف منصور، محمود سلطان، عبد الله الفقير، رافد العزاوي، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، حسني إبراهيم عبد العظيم، كريم فارق، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، د- محمود علي عريقات، يزيد بن الحسين، صلاح الحريري، محمود طرشوبي، محمد أحمد عزوز، صباح الموسوي ، مراد قميزة، رشيد السيد أحمد، طارق خفاجي، د - شاكر الحوكي ، د. صلاح عودة الله ، د. عبد الآله المالكي، د - المنجي الكعبي، محمد الطرابلسي، د - صالح المازقي، حسن عثمان، محمد الياسين، حميدة الطيلوش، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد بوادي، د- هاني ابوالفتوح، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، عبد الله زيدان، سيد السباعي، فتحي الزغل، محمد شمام ، أبو سمية، نادية سعد، الهيثم زعفان، جاسم الرصيف، صفاء العراقي، الهادي المثلوثي، علي الكاش، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، خالد الجاف ، د - الضاوي خوالدية، د- جابر قميحة، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، علي عبد العال، محمد عمر غرس الله، محمد اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إياد محمود حسين ، عراق المطيري، منجي باكير، فهمي شراب، أحمد الحباسي، رضا الدبّابي، سامح لطف الله،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة