كشف سمير ديلو عضو هيئة الدفاع في قضية اغتيال المناضل التونسي، رشيد الشّمَّاخي، أن المتهم الرئيسي في القضية لم يتم إيقافه إلى حدّ الآن رغم أن مكانه معلوم، مضيفا أن هناك من يتستر عليه، وذلك إثر انطلاق ثاني جلسة في قضية أحالتها هيئة الحقيقة والكرامة.
وأكد سمير ديلو، في تصريح إذاعي محلي، أنّ هذا المتهم، وهو رئيس الفرقة التي قامت بالتعذيب، قد فرّ من مكتب حاكم التحقيق، وهي سابقة في تونس.
وأضاف ديلو، أنّه وقع الضغط على الأطباء لتدليس الشهادات الطبيّة، حيث تم تدليس أوراق القضية والادعاء أن رشيد الشّمّاخي توفي نتيجة فشل كلوي، جراء إصابته بمرض البوصفير.
وكانت الدائرة القضائية المختصة في العدالة الانتقالية، قد شرعت في 29 يونيو/ جوان المنقضي، في النظر في قضية الشهيد رشيد الشماخي، الذي قتل تحت التعذيب، بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل يوم 27 أكتوبر / تشرين الأول 1991، وذلك بعد أن أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة.
رشيد الشماخي، رحلة عذاب انتهت بالموت
تعود الروايات إلى التسعينات، أين كانت فرقة البوليس التونسي، بولاية نابل (60 كم عن العاصمة)، تطارد المناضل التونسي، رشيد الشمّاخي، الذي لم يمض على زواجه سوى شهرين، حيث عمدت بطريقة همجية وبصفة مستمرة، في أوقات متأخرة من الليل، دون ترخيص قانوني، إلى مداهمة منزل عائلة الشماخي، الكائن بمدينة سليمان، لتتلذذ في ممارسة شتى أنواع الضغط والتهديد والابتزاز.
وقد تكررت عمليات المداهمة العشوائية، بصفة مستمرة، خاصة في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وذلك ما بين 22 و24 من الشهر، وفي كل مداهمة ليلية، تقوم الفرق البوليسية، لأعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل، بالتصعيد في ممارساتها، حيث قاموا باعتقال زوجة رشيد الشماخي، منية الجويني، وسرق بعض الأعوان مصوغا وأموالا لأفراد العائلة، وقام أحد الأعوان بإشهار سلاحه، قائلا أن بن علي سلمه له شخصيا ليقتل به رشيد، وبادر إلى تهديد والدة الشهيد الشماخي، بالقتل، موجها إلى رأسها فوهة المسدس، فيما قام آخر بتهديدها بقطع رأسها إن لم تخبره عن مكان ابنها.
اختطفت الزوجة العروس، واقتيدت بالقوة إلى مركز الحرس الوطني بسليمان، أين مورس عليها شتى أنواع التعذيب، وهددت بالاعتداء على شرفها وبإذاقتها المزيد من أبشع أنواع التعذيب وإيداعها السجن، إن لم تفصح عن مكان زوجها رشيد.
وتحت التعذيب، اضطرت منية إلى الإفصاح عن مكان شقيقات رشيد وأقاربه بين سليمان ومرناق وتونس العاصمة، والتي تم إقتحامها كلها، بحثا عنه، ليقع القبض عليه، في تمام الساعة ال6 من صبيحة الـ 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1991.
ومن اللحظات الأولى لاعتقاله، أذيق شتى أنواع الضرب وقام أعوان البحث بتقييد وثاقه وتغطية وجهه بقميص، ليقتاد إلى مركز فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل.
وذكرت المصادر، أنهم، كانوا كلما مروا بمركز للأمن إلا وأنزلوه وضربوه بوحشية لا مثيل لها، إلى أن وصل إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني بنابل، أين شهد آخر فصول الرواية، وحيث كان كان رئيس الفرقة، المشرف على تنظيم ومتابعة حصص التعذيب اليومي في انتظاره، الذي قال مباشرة للأعوان “أقتلوه”.
وقد ذكر الشهود العيان، أن عملية تعذيب الشهيد رشيد الشمّاخي، قد بدأت منذ وصوله إلى المقر الأمني ودون أن يقع توجيه أي أسئلة له، لأن الغاية كانت قتله وجعله عبرة للآخرين.
ومع الضرب المبرح، الذي وصل إلى درجة السلخ، أقتيد الشهيد، إلى روضة البلدية الكائنة بحي غرة جوان بسليمان للبحث عن أسلحة مزعومة، ومن ثمة وقع إقتياده أيضا إلى مركز لتربية النحل على ملك العائلة بمنطقة الشريفات، للبحث عن الأسلحة المزعومة التي لم يكن لها أثرا. وقد أثبتت كل التحريات، أن المعطيات الكاذبة، أنه لا وجود لها أصلا، وأنها كانت صادرة من الرئاسة.
وتحت استمرار التعذيب طيلة 3 أيام بلياليها، زهقت روح الشهيد رشيد الشماخي، في ال27 من أكتوبر/ تشرين الأول 1991، وبدأت السلطة في إخفاء معالم الجريمة، منذ ساعة مقتله، مقيدا بالأغلال، ولم يتم إعلام عائلته بالوفاة يومها.
وفي الإبان قام طبيب التشريح بالمستشفى بإعداد تقرير حول الأسباب الحقيقية للوفاة، وفي تقرير مصور، خلال جلسات الحقيقة والكرامة، قال قاسم الشماخي، الشقيق الأكبر لرشيد، أن رئيس فرقة الحرس عبد الفتاح الأديب، طلب تعديل التقرير، وحين رفض الطبيب ذلك، حول الملف إلى طبيب آخر، دلس المعطيات والحقائق والإدعاء بأن الضحية قد توفي نتيجة إصابته بمرض البوصفير ونتيجة فشل كلوي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: