البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إقالة وزير الداخلية التونسي.. هل عاد الحكم إلى القصبة عوضًا عن قرطاج؟

كاتب المقال عائد عميرة - تونس   
 المشاهدات: 3467



أقال رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد أمس الأربعاء وزير الداخلية في حكومته لطفي براهم، إقالة أرجعها البعض إلى التقصير الأمني الذي تجلى في حادثة غرق المركب الذي يقل مهاجرين غير نظاميين قبالة سواحل تونس، فيما أرجعها آخرون إلى فشل الوزير في القبض على وزير الداخلية الأسبق ناجم الغرسلي الفار من العدالة.

فيما رأى البعض الآخر أن السبب وراء الإقالة يعود إلى محاولة الوزير المقال التقليل من شأن الشاهد والعمل دون الرجوع إليه، وهو ما ظهر جليًا في زيارته إلى المملكة العربية السعودية التي أثارت جدلًا كبيرًا في تونس.

تعددت أسباب الإقالة، غير أن الواضح وفقًا لعدد من المتابعين للشأن التونسي أن هذه الإقالة أعادن مركز الحكم إلى القصبة (الحكومة) بعد أن شهدت انحرافات سابقة نحو قصر قرطاج (الرئاسة) حيث يوجد الرئيس الباجي قائد السبسي الساعي إلى التفرد بالحكم رغمًا عن دستور البلاد الذي يقيد صلاحياته.

ضحية قربه من الرئاسة

رغم تعدد أسباب الإقالة فإن السبب الأبرز وفقًا لعدد من المحللين يتمثل في تحركات لطفي براهم بعيدًا عن رئيس حكومته يوسف الشاهد، والضوء الأخضر الذي يتمتع به من الرئاسة رغم العديد من الأخطاء التي قام بها والتجاوزات الأمنية في عهده، في تحدِ صريح لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي عبر للمقربين منه عن امتعاضه من براهم بسبب قربه من قصر قرطاج أكثر من قصر الحكومة بالقصبة وتنفيذه لأوامر السبسي.

ومثلت زيارة براهم وعدد من المسؤولين الأمنيين التونسيين البارزين إلى الجزائر وبعدها المملكة العربية السعودية بموافقة من السبسي دون علم الشاهد بحيثيات الزيارة - حيث التقى هناك الملك سلمان بن عبد العزيز ووزيري الداخلية والخارجية السعوديين وعددًا من كبار المسؤولين الأمنيين في المملكة - الحدث الأبرز الذي ساهم في المزيد من تأزيم العلاقة بين الطرفين.

وتقول مصادر مقربة من جهات القرار في تونس إن بوادر الخلافات والصراع بين وزير الداخلية لطفي براهم ورئيس الوزراء يوسف الشاهد الساعي إلى تعبيد الطريق لقصر قرطاج حتى وإن نفى ذلك في أكثر من مرة، زادت حدتها في الفترة الأخيرة، نتيجة تعمد براهم الاستقواء بقرطاج دون إعطاء الشاهد أي اهتمام.

ووفقًا لمصادر خاصة، كان لطفي براهم القادم من جهاز الحرس الوطني الذي قاده لنحو عامين يرفع تقاريره الأمنية وأنشطة الوحدات الأمنية مباشرة إلى الرئيس الباجي قائد السبسي دون الرجوع إلى يوسف الشاهد، وهو ما أثار حفيظة الأخير.

نتيجة ذلك، بقي الشاهد ينتظر اللحظة المناسبة لإقالة براهم، وقد وجدها في حادثة غرق المركب الذي يقل مهاجرين غير نظاميين قبالة سواحل تونس، وقتل فيه ما لا يقل عن 68 شخصًا وفقد عشرات آخرون، في واحدة من أسوأ حوادث غرق المهاجرين في السنوات الأخيرة.

ويعرف عن لطفي براهم عداؤه للصحفيين، حيث ما فتئت قوات الأمن تضيق عليهم ووصل بهم الأمر حد التجسس عليهم بمباركة من براهم، فضلًا عن عدائه للجماهير الرياضية، وفي عهده قتل أحد المشجعين عقب إحدى المباريات الرياضية، إلى جانب عدائه للحريات الفردية.

من يحكم تونس؟

إقالة وزير الداخلية لطفي براهم أعاد إلى الواجهة مسألة من يحكم في تونس، فالجميع يعلم أن تعيين براهم في الـ12 من سبتمبر/أيلول 2017 تم بناء على رغبة الرئيس الباجي قائد السبسي، بهدف الحد من تحركات الشاهد وفرض وزراء في الحكومة ولائهم لقرطاج لا للقصبة.

الشاهد بهذا القرار أعاد الاعتبار إلى شخصه ومؤسسة الحكومة وفقًا لعدد من المحللين، خاصة أنه سبق أن تردد أن الوزير المقال كان لا يتردد في القول إن إقالته من منصبه بيد السبسي وليس الشاهد في تحدٍ واضح لرئيس الحكومة.

وتتكون السلطة التنفيذية في تونس من رأسين: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الأول منتخب مباشرة من الشعب لكنه لا يتمتع بصلاحيات واسعة، حيث تقتصر على تعيين مفتي الجمهورية وإعفائه والتعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا برئاسة الجمهورية والمؤسسات التابعة لها، وتعيين محافظ البنك المركزي باقتراح من رئيس الحكومة وبعد مصادقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، والثاني منتخب من الأغلبية داخل البرلمان وله كل الصلاحيات.

وتؤكد إقالة براهم من منصبه على رأس وزارة الداخلية حرب التموضع والأجنحة بين قصري قرطاج والقصبة، وهي الحرب التي نتج عنها فشل الحكومة فشلًا ذريعًا في القيام بمهامها باعتبار أن أعضاءها منهمكين في هذه الحرب بدل التفرغ لمهامهم الأساسية.

وينص الفصل 92 من الدستور على أن رئيس الحكومة يختص بإقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع.

الشاهد يستعيد بعض صلاحياته

إقالة براهم تأتي في وقت اشتد فيه الصراع بين الشاهد والسبسي، ذلك أن السبسي يسعى لوضع يده على مقاليد الحكم في البلاد وتغيير رئيس الحكومة الذي تمرد على إرادته، وقد قاد الرئيس في الفترة الأخيرة مشاورات تهدف لإقالة الشاهد غير أنه اصدم بـ"فيتو" من حركة النهضة الإسلامية التي شددت على ضرورة المحافظة على استقرار البلاد.

يذكر أن الأزمة بين القصبة وقرطاج بدأت في الظهور إلى العلن بعد أشهر قليلة من صعود يوسف الشاهد إلى منصب رئيس الحكومة في تونس، وذلك بعد أن بدأ اسم الشاهد في الصعود محققًا نسبة ثقة كبيرة لدى العديد من التونسيين بعد إعلانه الحرب على الفساد، وفقًا لما تؤكده نتائج سبر الآراء، ويؤكد العديد من المقربين من الشاهد أنه رفض أن يكون بمثابة وزير أول وفقًا للنظام السياسي القديم المعمول به في البلاد قبل الثورة الذي يسعى الرئيس الباجي قائد السبسي إلى إعادته وفرضه على البلاد، وأصر على أن يمارس مهامه بصفته رئيسًا للحكومة وفقًا للنظام السياسي الجديد في تونس.

هذا الأمر أثار قلق السبسي الذي يرغب في العودة إلى نظام حكم الشخص الواحد الذي وضعه الحبيب بورقيبة ورسخه زين العابدين بن علي، نظام يكون فيه رئيس الجمهورية المتحكم الأول والوحيد بزمام الأمور في البلاد، وسبق أن أعلن السبسي نيته إجراء تعديلات دستورية، قائلًا إنه لا يرى مانعًا من تعديل الدستور بهدف اعتماد شكل جديد لنظام الحكم ولن يكون ضد أي مبادرة في هذا الاتجاه.

ولم يكن خافيًا على يوسف الشاهد سعي السبسي إلى سحب البساط من تحت قدميه وجعله دمية بين يديه، لذلك عمل على الاستناد بمجموعة من المنظمات والأحزاب والشخصيات التي كانت في وقت قريب إلى جانب الباجي قائد السبسي، غير أن إعادة تنظيم الحكم أبعدهم عنه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، يوسف الشاهد، لطفي ابراهم،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-06-2018   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
بيلسان قيصر، أبو سمية، حسن عثمان، خالد الجاف ، عبد العزيز كحيل، فتحي العابد، طارق خفاجي، محمد الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، د. عادل محمد عايش الأسطل، ياسين أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، كريم السليتي، حاتم الصولي، عراق المطيري، محمد العيادي، حميدة الطيلوش، مصطفى منيغ، مراد قميزة، د - الضاوي خوالدية، د. صلاح عودة الله ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سلوى المغربي، مجدى داود، سيد السباعي، المولدي الفرجاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- هاني ابوالفتوح، د. عبد الآله المالكي، كريم فارق، فتحـي قاره بيبـان، نادية سعد، علي الكاش، صفاء العراقي، إسراء أبو رمان، محرر "بوابتي"، د - صالح المازقي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، جاسم الرصيف، العادل السمعلي، يزيد بن الحسين، د - مصطفى فهمي، تونسي، ماهر عدنان قنديل، يحيي البوليني، د- محمد رحال، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، سعود السبعاني، فتحي الزغل، محمود سلطان، فوزي مسعود ، الهادي المثلوثي، سامر أبو رمان ، د - المنجي الكعبي، محمد علي العقربي، د - عادل رضا، د - محمد بن موسى الشريف ، إيمى الأشقر، أحمد ملحم، أنس الشابي، محمود طرشوبي، عبد الله الفقير، محمود فاروق سيد شعبان، رضا الدبّابي، سليمان أحمد أبو ستة، د- جابر قميحة، د. أحمد بشير، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، أشرف إبراهيم حجاج، د - شاكر الحوكي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، عبد الله زيدان، محمد اسعد بيوض التميمي، منجي باكير، علي عبد العال، عمار غيلوفي، أحمد الحباسي، رافع القارصي، صالح النعامي ، وائل بنجدو، أحمد النعيمي، عزيز العرباوي، سفيان عبد الكافي، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، د- محمود علي عريقات، د. خالد الطراولي ، سامح لطف الله، خبَّاب بن مروان الحمد، صباح الموسوي ، الهيثم زعفان، محمد شمام ، سلام الشماع، طلال قسومي، محمد عمر غرس الله، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، أحمد بوادي، الناصر الرقيق، فهمي شراب، رمضان حينوني، إياد محمود حسين ، المولدي اليوسفي، عمر غازي، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، صلاح الحريري، صفاء العربي، محمد أحمد عزوز، حسن الطرابلسي، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافد العزاوي، عواطف منصور، محمد يحي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة