البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بين حافظ السبسي والغنوشي

كاتب المقال صلاح الدين الجورشي - تونس   
 المشاهدات: 2885



انتهى شهر العسل بين حافظ قايد السبسي وراشد الغنوشي، واقتربت نهاية هذه العلاقة بعد أربع سنوات من بدايتها. وأصبح هذا الأمر واضحا على الرغم من المظاهر التي تخدع المشاهدين، وعلى الرغم من احتياج كل منهما إلى الآخر في هذا الوضع الصعب والرديء.

بدأت هذه العلاقة بين الرجلين على أثر انتخابات 2014، حين قرر الباجي قايد السبسي القيام بائتلاف حكومي بين حركة النهضة وحزب نداء تونس، وتولى إنجاز ذلك ابنه حافظ الذي أصبح المتحكّم في الحزب، على أثر نجاحه في إبعاد معظم المؤسسين الذين اختلفوا معه بشأن تسيير الحزب، ونزوعه نحو الانفراد بالقرار.

كان كل واحد منهما يظهر الود للآخر، ويخفي، في الآن نفسه، أجندته الخاصة. لم يكن الرجلان يطمئنان لبعضهما بعضا. يعتقد الغنوشي ولا يزال بأن علاقته قائمة أساسا مع رئيس الجمهورية الذي يحترم فيه شخصيته القوية وخبرته الطويلة. ولهذا قرّر أن يثق فيه كليا منذ لقائهما السري في باريس، واتفاقهما على تقاسم السلطة. كما كان الشيخ ينظر إلى حافظ شابا مبتدئا في السياسة، ولا يشبه أباه في الحنكة والمكانة. أما ابن الرئيس فيبدو أنه كان ميالا للاستخفاف بالغنوشي وبحركة النهضة، ولا يثق في شركائه كثيرا، وعمل على أن يستثمر ثقلهم السياسي، وخوفهم من العزلة والعودة إلى مرحلة القمع، من أجل تثبيت هيمنة "نداء تونس" على الحكم والحكومة. وكان دائما يذكّر أصحابه والتونسيين عموماً بأن حزبه ليس في تحالفٍ مع "النهضة" التي ينظر إليها باعتبارها شبهةً يجب التبرؤ منها باستمرار. وصرّح أخيرا بأن حزبه وحده القادر على ضمان الاستقرار في مواجهة الإسلاميين. وفي كل مرة يردّد مع أصحابه أنهم يختلفون مع حركة النهضة بشأن المشروع المجتمعي، ما يعني اتهامها بأنها تهدّد النمط القائم باعتبارها "تنظيما إسلامويا ظلاميا"، وذلك على الرغم من التنازلات التي قدمها الغنوشي، ليطمئن الرأي العام والنخب الحداثية والأطراف الدولية.

تمثلت الضربة الأولى التي بدأت تفكك هذه العلاقة التكتيكية في الهزيمة التي مني بها مرشح "نداء تونس" في الانتخابات الجزئية التي نظمت في دائرة ألمانيا لسد الشغور في البرلمان. وقد حمّل الندائيون يومها حركة النهضة مسؤولية ذلك، واتهموها بـ "الخيانة". وحدثت الضربة الثانية مع الانتخابات البلدية، حيث كاد "نداء تونس" أن ينهار، في حين بقيت حركة النهضة متماسكةً، وتصدّرت المشهد. ومرة أخرى، يحمّل حافظ راشد الغنوشي مسؤولية تلك الهزيمة التي أفقدته التحدّث باسم الحزب الأول في تونس.

واليوم تزداد الهوة بين الرجلين، نظرا لتباين موقفهما من مسألة إزاحة الشاهد عن رئاسة الحكومة، فالغنوشي متمسك به، بحجة حماية الاستقرار السياسي، في حين يريد حافظ إزاحته مهما كانت التكاليف. وقد كتب تدوينةً تضمنت ردا غريبا على موقف حركة النهضة، متسائلا عن أي استقرار يتحدثون، قبل أن يقدم كشف حساب لحكومة يوسف الشاهد التي فشلت، حسب اعتقاده، في كل شيء، ناسيا أنه يتحدث عن شخصٍ من حزبه، وقام بتزكيته ودعمه، قبل أن يغير موقفه منه.

بيّنت الوقائع أن ابن الرئيس لم يكتشف بعد الشخصية الحقيقة للشيخ راشد الغنوشي الذي لا ينسى من يسيء إليه. لكن المشكلة القائمة اليوم تتجاوز ردود الفعل غير المدروسة، وتطرح إشكالا أكثر أهميةً، يتلخص في السؤال: هل اقترب التحالف بين "النهضة" و"نداء تونس" من حافة الانهيار؟ خصوصا أن تيارا وازنا داخل "النهضة"، يطالب منذ فترة بتغيير العلاقة مع "نداء تونس"، والتعامل أكثر حزما مع فريقه القيادي الذي يظهر عداوة لحركة النهضة، ويتعامل معها باستخفاف، متناسيا أنها شريكته في الحكم. أما بالنسبة لحافظ قياد السبسي الذي ينوي خوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2019، في حال عدم تجديد والده الترشح لدورة ثانية، فعليه أن يتأكد منذ الآن بأن "النهضة" لن تساعده على الوصول إلى قصر قرطاج، بل ستعمل على قطع الطريق أمامه، وستنافسه في السباق، وقد تلجأ إلى تزكية من تعتقد أنه أكثر كفاءةً وأكثر وفاءً لها، لأنه مع مغادرة السبسي الرئاسة تدخل البلاد مرحلة أخرى، بمشهد سياسي مغاير.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة، نداء تونس، حافظ قايد السبسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-05-2018   المصدر: العربي الجديد

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد بوادي، د - الضاوي خوالدية، محمد الطرابلسي، د- محمود علي عريقات، الهادي المثلوثي، أ.د. مصطفى رجب، كريم السليتي، أنس الشابي، طلال قسومي، سلام الشماع، د. أحمد بشير، محمود سلطان، خالد الجاف ، سامح لطف الله، علي عبد العال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - عادل رضا، إسراء أبو رمان، منجي باكير، علي الكاش، سفيان عبد الكافي، إيمى الأشقر، يزيد بن الحسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمود طرشوبي، رمضان حينوني، محمد الياسين، يحيي البوليني، محمد العيادي، العادل السمعلي، د - المنجي الكعبي، حسن الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، أحمد النعيمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الهيثم زعفان، د - شاكر الحوكي ، نادية سعد، محمود فاروق سيد شعبان، المولدي الفرجاني، محمد يحي، مراد قميزة، عزيز العرباوي، أحمد الحباسي، رضا الدبّابي، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، د - مصطفى فهمي، عبد العزيز كحيل، سامر أبو رمان ، محمد عمر غرس الله، وائل بنجدو، عراق المطيري، فتحي الزغل، د- جابر قميحة، سيد السباعي، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- هاني ابوالفتوح، صفاء العربي، د.محمد فتحي عبد العال، د. خالد الطراولي ، مصطفى منيغ، كريم فارق، عبد الله زيدان، صفاء العراقي، إياد محمود حسين ، فتحي العابد، صلاح المختار، حميدة الطيلوش، محرر "بوابتي"، تونسي، مجدى داود، عبد الله الفقير، مصطفي زهران، خبَّاب بن مروان الحمد، رشيد السيد أحمد، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد محمد سليمان، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، رافد العزاوي، طارق خفاجي، رافع القارصي، عواطف منصور، ضحى عبد الرحمن، الناصر الرقيق، المولدي اليوسفي، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، ياسين أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، د - صالح المازقي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد أحمد عزوز، د. عادل محمد عايش الأسطل، رحاب اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، حسن عثمان، فهمي شراب، عمر غازي، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، محمد شمام ، محمد اسعد بيوض التميمي، بيلسان قيصر، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، سعود السبعاني، فوزي مسعود ، محمد علي العقربي، صباح الموسوي ، أشرف إبراهيم حجاج، حاتم الصولي، أبو سمية،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة