البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بين حافظ السبسي والغنوشي

كاتب المقال صلاح الدين الجورشي - تونس   
 المشاهدات: 2453



انتهى شهر العسل بين حافظ قايد السبسي وراشد الغنوشي، واقتربت نهاية هذه العلاقة بعد أربع سنوات من بدايتها. وأصبح هذا الأمر واضحا على الرغم من المظاهر التي تخدع المشاهدين، وعلى الرغم من احتياج كل منهما إلى الآخر في هذا الوضع الصعب والرديء.

بدأت هذه العلاقة بين الرجلين على أثر انتخابات 2014، حين قرر الباجي قايد السبسي القيام بائتلاف حكومي بين حركة النهضة وحزب نداء تونس، وتولى إنجاز ذلك ابنه حافظ الذي أصبح المتحكّم في الحزب، على أثر نجاحه في إبعاد معظم المؤسسين الذين اختلفوا معه بشأن تسيير الحزب، ونزوعه نحو الانفراد بالقرار.

كان كل واحد منهما يظهر الود للآخر، ويخفي، في الآن نفسه، أجندته الخاصة. لم يكن الرجلان يطمئنان لبعضهما بعضا. يعتقد الغنوشي ولا يزال بأن علاقته قائمة أساسا مع رئيس الجمهورية الذي يحترم فيه شخصيته القوية وخبرته الطويلة. ولهذا قرّر أن يثق فيه كليا منذ لقائهما السري في باريس، واتفاقهما على تقاسم السلطة. كما كان الشيخ ينظر إلى حافظ شابا مبتدئا في السياسة، ولا يشبه أباه في الحنكة والمكانة. أما ابن الرئيس فيبدو أنه كان ميالا للاستخفاف بالغنوشي وبحركة النهضة، ولا يثق في شركائه كثيرا، وعمل على أن يستثمر ثقلهم السياسي، وخوفهم من العزلة والعودة إلى مرحلة القمع، من أجل تثبيت هيمنة "نداء تونس" على الحكم والحكومة. وكان دائما يذكّر أصحابه والتونسيين عموماً بأن حزبه ليس في تحالفٍ مع "النهضة" التي ينظر إليها باعتبارها شبهةً يجب التبرؤ منها باستمرار. وصرّح أخيرا بأن حزبه وحده القادر على ضمان الاستقرار في مواجهة الإسلاميين. وفي كل مرة يردّد مع أصحابه أنهم يختلفون مع حركة النهضة بشأن المشروع المجتمعي، ما يعني اتهامها بأنها تهدّد النمط القائم باعتبارها "تنظيما إسلامويا ظلاميا"، وذلك على الرغم من التنازلات التي قدمها الغنوشي، ليطمئن الرأي العام والنخب الحداثية والأطراف الدولية.

تمثلت الضربة الأولى التي بدأت تفكك هذه العلاقة التكتيكية في الهزيمة التي مني بها مرشح "نداء تونس" في الانتخابات الجزئية التي نظمت في دائرة ألمانيا لسد الشغور في البرلمان. وقد حمّل الندائيون يومها حركة النهضة مسؤولية ذلك، واتهموها بـ "الخيانة". وحدثت الضربة الثانية مع الانتخابات البلدية، حيث كاد "نداء تونس" أن ينهار، في حين بقيت حركة النهضة متماسكةً، وتصدّرت المشهد. ومرة أخرى، يحمّل حافظ راشد الغنوشي مسؤولية تلك الهزيمة التي أفقدته التحدّث باسم الحزب الأول في تونس.

واليوم تزداد الهوة بين الرجلين، نظرا لتباين موقفهما من مسألة إزاحة الشاهد عن رئاسة الحكومة، فالغنوشي متمسك به، بحجة حماية الاستقرار السياسي، في حين يريد حافظ إزاحته مهما كانت التكاليف. وقد كتب تدوينةً تضمنت ردا غريبا على موقف حركة النهضة، متسائلا عن أي استقرار يتحدثون، قبل أن يقدم كشف حساب لحكومة يوسف الشاهد التي فشلت، حسب اعتقاده، في كل شيء، ناسيا أنه يتحدث عن شخصٍ من حزبه، وقام بتزكيته ودعمه، قبل أن يغير موقفه منه.

بيّنت الوقائع أن ابن الرئيس لم يكتشف بعد الشخصية الحقيقة للشيخ راشد الغنوشي الذي لا ينسى من يسيء إليه. لكن المشكلة القائمة اليوم تتجاوز ردود الفعل غير المدروسة، وتطرح إشكالا أكثر أهميةً، يتلخص في السؤال: هل اقترب التحالف بين "النهضة" و"نداء تونس" من حافة الانهيار؟ خصوصا أن تيارا وازنا داخل "النهضة"، يطالب منذ فترة بتغيير العلاقة مع "نداء تونس"، والتعامل أكثر حزما مع فريقه القيادي الذي يظهر عداوة لحركة النهضة، ويتعامل معها باستخفاف، متناسيا أنها شريكته في الحكم. أما بالنسبة لحافظ قياد السبسي الذي ينوي خوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2019، في حال عدم تجديد والده الترشح لدورة ثانية، فعليه أن يتأكد منذ الآن بأن "النهضة" لن تساعده على الوصول إلى قصر قرطاج، بل ستعمل على قطع الطريق أمامه، وستنافسه في السباق، وقد تلجأ إلى تزكية من تعتقد أنه أكثر كفاءةً وأكثر وفاءً لها، لأنه مع مغادرة السبسي الرئاسة تدخل البلاد مرحلة أخرى، بمشهد سياسي مغاير.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة، نداء تونس، حافظ قايد السبسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-05-2018   المصدر: العربي الجديد

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، محمد الياسين، أ.د. مصطفى رجب، محمود سلطان، رافد العزاوي، محمود فاروق سيد شعبان، نادية سعد، د. عبد الآله المالكي، محمد يحي، ماهر عدنان قنديل، رشيد السيد أحمد، صباح الموسوي ، سعود السبعاني، محمود طرشوبي، محمد العيادي، أحمد ملحم، د- هاني ابوالفتوح، طلال قسومي، د- جابر قميحة، د - عادل رضا، كريم فارق، أحمد بوادي، ضحى عبد الرحمن، د- محمد رحال، صلاح الحريري، العادل السمعلي، محمد شمام ، د. صلاح عودة الله ، عزيز العرباوي، صفاء العربي، د - مصطفى فهمي، أحمد النعيمي، د - المنجي الكعبي، د.محمد فتحي عبد العال، سليمان أحمد أبو ستة، د. خالد الطراولي ، سفيان عبد الكافي، د- محمود علي عريقات، مصطفي زهران، سيد السباعي، ياسين أحمد، صلاح المختار، حاتم الصولي، إسراء أبو رمان، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، عواطف منصور، د. ضرغام عبد الله الدباغ، المولدي الفرجاني، د. أحمد محمد سليمان، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، تونسي، عراق المطيري، إياد محمود حسين ، د. طارق عبد الحليم، محمد الطرابلسي، كريم السليتي، حميدة الطيلوش، خبَّاب بن مروان الحمد، الناصر الرقيق، حسن الطرابلسي، فتحي الزغل، عبد الرزاق قيراط ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد اسعد بيوض التميمي، عمار غيلوفي، فوزي مسعود ، الهادي المثلوثي، عبد الله الفقير، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، د. أحمد بشير، فتحي العابد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، سلام الشماع، الهيثم زعفان، أحمد الحباسي، مراد قميزة، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، رافع القارصي، صالح النعامي ، فهمي شراب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد أحمد عزوز، إيمى الأشقر، علي الكاش، رمضان حينوني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بنيعيش، مجدى داود، محرر "بوابتي"، يحيي البوليني، عبد الله زيدان، أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - الضاوي خوالدية، عمر غازي، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، صفاء العراقي، محمد عمر غرس الله، جاسم الرصيف، يزيد بن الحسين، عبد الغني مزوز، سامح لطف الله، منجي باكير، فتحـي قاره بيبـان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة