العبث الإماراتي.. التونسيون يتخوفون من محاولات تعطيل انتخاباتهم
محرر نون بوست المشاهدات: 3176
أيام قليلة تبقت للانتخابات البلدية الأولى بعد ثورة 14 يناير، والتي يتخوّف التونسيون فيها من أياد إماراتية "عابثة" قد تفسد العرس السياسي الذي طال انتظاره، بعد أن أكّدت تقارير إعلامية وجود مساعٍ من أبو ظبي للتدخل في مسار الانتخابات وتوجيهها لصالح أحزاب تدين لها بالولاء.
ففي أواخر شهر فبراير الماضي، أكّد موقع "موند أفريك" الفرنسي أن حكام الإمارات مستعدون لفعل كل شيء للإطاحة بحركة النهضة بوصفها ممثلا للتيار الإسلامي في تونس، مشيرا إلی أن الأمين العام لحركة "مشروع تونس" محسن مرزوق المنشق عن حزب نداء تونس، هو الرجل الأكثر وفاءًا للإمارات في تونس، وله علاقات واسعة في أوروبا والدول الخليجية.
محاولات لتعطيل الانتخابات البلديّة
ونقل الموقع عن مصادر أمنية جزائرية قولها إن الإمارات تدفع بحلفائها في تونس إلی تشكيل تحالفات سياسية للإطاحة بالأغلبية الحاكمة، حيث فتحت أبوظبي محادثات مع رئيس الحكومة الأسبق المهدي جمعة لتوسيع دائرة نفوذها في تونس ضد التحالف القائم بين نداء تونس وحركة النهضة، مضيفة أن الإمارات حاولت من خلال مركز استشارات بلجيكي دعم حلفائها في تونس وتمويلهم بطرق مشبوهة للإطاحة بالغنوشي وجماعته.
وأوضح الموقع الفرنسي أن الإمارات مستعدة وبأي ثمن أن تحول دون تثبيت حركة النهضة لأقدامها في الانتخابات البلدية، واقتسام الحكم المحلي مع شريكها في الحكم (نداء تونس) وفق سياسة التوافق مع رئيس الجمهورية وهو ما سيمثل ترسيخا لحكم الإسلاميين وتركيزا له بعد أن تمكن من الصمود لأكثر من 7 سنوات.
وتشهد العلاقات الدبلوماسية التونسية الإماراتية توتّرًا كبيرًا في السنوات التي تلت 14 من يناير، بعد وصول حزب حركة النهضة إلى الحكم إثر انتخابات أكتوبر 2011، وقد حاولت الدولة الخليجية في تلك الفترة إغراق البلاد في مستنقع من الفوضى بالاعتماد على عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية الوازنة.
وفي 27 سبتمبر 2013، استدعت وزارة الخارجية الإماراتية سفيرها لدى تونس، سالم القطام الزعابي، إلى العاصمة أبوظبي، في أعقاب هجوم الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، على مصر ومطالبته بإطلاق سراح الرئيس المصري المنقلب عليه محمد مرسي.
تجميد للمشاريع بسبب النهضة
وإثر صعود الإسلاميين إلى الحكم، جمّدت السلطات الإماراتية مشاريع ضخمة كانت قد وعدت بإنجازها في تونس؛ على غرار مشروع بوابة المتوسط "سما دبي"، و"مدينة تونس الرياضية"، وبحسب المراسلات بين الحكومة التونسية وشركة "سما دبي"، فإن الخلاف يتعلّق ببدء العمل في هذا المشروع، حيث إن المستثمر الإماراتي يتذرّع باضطراب الوضع بتونس والمنطقة لرفضه تحديد بداية الأشغال بالمشروع، أما الحكومة التونسية فقد كانت تسعى من جانبها لبدء الأشغال سنة 2016.
وأكدت تقارير إعلامية نقلاً عن مصادر دبلوماسية أن المسؤولين الدبلوماسيين الإماراتيين قد قرروا عدم استئناف أشغال مشروع "سما دبي" المتعطّل منذ سنة 2011؛ نكاية بالرئيس الباجي قائد السبسي؛ بسبب تحالفه مع حركة النهضة وإشراكها بالحكم، وليس لأسباب لوجستية أو أمنية مثلما ادّعوا.
وكشف الإعلامي التونسي سفيان بن فرحات أثناء مداخلته على قناة نسمة التونسية الخاصة في 18 مايو 2015، أن الرئيس التونسي الباجي القائد السبسي أعلمه في لقاء خاص أن دولة الإمارات طلبت منه إعادة سيناريو مصر وإزاحة حركة النهضة التونسية للإيفاء بتعهداتها المالية لتونس إلا أن الأخير رفض ذلك وفضل سياسة الحوار والتوافق لتفادي الحرب الأهلية بالبلاد وإراقة الدماء.
بدوره اتهم الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي في أكثر من ظهور إعلامي له "دولة الإمارات بأنها عدو للثورات العربية وتمول الانقلابات"، حيث أكد في حواره مع صحيفة العربي الجديد 20 يناير 2017، أن "الثورات المضادة التي قامت بعقل وتفكير إسرائيلي ومال إماراتي - أقول إماراتي على مسؤوليتي - وتنفيذ محلي، كان لديها غرفة عمليات موازية لغرف عمليات الثورات، وحرفت الثورات عبر المال والإعلام الفاسد، الذي نفذ أجندة الثورات المضادة".
طيران الإمارات يدخل على الخطّ
ورغم الفشل المتكرّر في تسميم الساحة التونسية، إلا أن الجانب الإماراتي لم يرفع الراية البيضاء بل واصل دعمه للثورة المضادّة ورموزها واستفزاز الشعب التونسي بأسره كان آخرها ما حدث يوم 23 ديسمبر الماضي، عندما منعت شركة طيران الإمارات نساء تونسيات من السفر على متن طائرتها المتجهة إلى دبي دون تقديم أسباب وهو ما دفع وزارة النقل التونسية لاتخاذ إجراء بتعليق رحلات الناقلة الإماراتية من وإلى تونس.
وبعد نحو أسبوعين من هذا المنع، قرّرت وزارة النقل التونسية استئناف شركة "طيران الإمارات" لرحلاتها الجوية من وإلى تونس، إثر رفع إجراءات المنع في حق المواطنات التونسيات والتوصل إلى اتفاق تلتزم بمقتضاه الشركة الإماراتية باحترام القوانين والمعاهدات الدولية وأحكام الاتفاقية الثنائية في مجال النقل الجوي المبرمة بين البلدين، والحرص على تفادي ما حدث مستقبلا وكل ما من شأنه أن يمس أو يسيء للعلاقات الثنائية.
وفي خضم الأزمة، كشفت وثيقة سرية إماراتية مسرّبة، استراتيجية أبوظبي للتعامل مع الأزمة الأخيرة مع تونس وتوصيات بكيفية إدارتها مع التأكيد على أن الأزمة التونسية الإماراتية وبرود العلاقات المستمر منذ سنوات، يعود أساساً إلى موضوع عدم انقلاب الرئيس الباجي قائد السبسي على حزب النهضة إثر الانتخابات البرلمانية والرئاسية نهاية العام 2014.
ورغم اتهامات المرزوقي وعدد من السياسيين المتكرّرة للإمارات بدورها في "تخريب" المشهد السياسي والإعلامي التونسي، فإن الموقف الرسمي ظل محافظاً على تأكيد متانة العلاقات بين البلدين، وتجلّى ذلك في الموقف التونسي الرسمي من الأزمة الخليجية، حيث قال وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي: "لا نريد مزيداً من التفرقة، ونتمنّى تجاوز الخلافات في الخليج، وإيجاد حلٍّ يرضي جميع الأطراف للحفاظ على مناعة دول الخليج التي لها دور مهم على الساحة العربية ومناعة الدول العربية"، معبّراً عن آماله في تجاوز الأزمة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: