البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مجزرة رابعة: ثلاث سنوات من الكراهية والفشل

كاتب المقال مصطفى النجار   
 المشاهدات: 3380



كان يوما فاصلا بلا شك، تغيرنا بعده جذريا، تكشف ما بداخل بعضنا من قبح وتكشفت بقايا الضمير لدى آخرين، لم نعد نحب شهر أغسطس لآن المرارة والوجع يعتصرنا ونحن نتذكر مأساة فض اعتصام رابعة التي كسا الدم كل جوانبها وجعلها ذكرى نهرب من استدعائها لأنها تعيدنا للحظة سعار وجنون رأينا فيها من يرقصون على الأشلاء ومن يطربون وهم يسمعون عن مزيد من الضحايا الذين أفنتهم المحرقة.

لم نكن نعلم أن بيننا من يقبلون ويباركون قتل إنسان طالما أنه يخالفهم الرأي، لم نكن ندري أن هناك من نزلوا يطالبون بالقتل والتنكيل تحت دعوى حماية الوطن، لم نتخيل أن الحلم سيتحول لكابوس دامي لتبتعد مصر عن مسار الثورة ويصير بينها وبين ركب الإنسانية شوطا طويلا من البعاد.

كنا نعلم أن إراقة الدماء ومباركة القتل ستغرق المصريين في بحر الكراهية المقيت، تمزقت العلاقات بين الناس وسقط الأقارب والأصدقاء والجيران في فخ الكراهية، مزقت السياسة أواصر الود والمحبة وصنعت مجتمعا جديدا يتنابذ فيه الجميع ويتصارعون، تعمقت الجراحات وضاعت قضية الثورة الحقيقية بين المزايدات والتخوين وضيق الأفق.

صار الجميع يلوكون كلمة الثورة، هذا يرى الثورة نصرة جماعته وحزبه وأيدلوجيته وهذا يرى الثورة إعادة الماضي وتمكين الفساد والانتقام وهذا يرى الثورة تجاوز الطرفين ولملمة الجراح للعبور للمستقبل.

خسرت مصر بلا شك، لكن الحقيقة أن الكل قد انهزموا بلا استثناء، انهزم من باركوا القتل لأن الدماء لم تصنع سوى السواد، وانهزم من تحجرت أفكاره وتجمدت معتقدا أن هذا هو الثبات الذي سيقود للنصر فما لقي غير الخذلان وتجاوزه الزمن، انهزم من لاذوا بالصمت فقد طالتهم شظايا الانفجار الكبير وعرفوا أن الصمت لا ينجي أحدا من الدمار.

هنا مجتمع بائس لا يستطيع أهله أن يدركوا أن الزمن لا يتوقف عند لحظة مهما كانت ضخامتها وكارثيتها، هنا قوم لم يدركوا حتى الآن أنهم في سفينة واحدة. إما أن تنجو بالجميع أو تغرق بهم دون استثناء، هنا بشر لا يريدون التعلم من تجارب بلاد سبقتهم في تعاطي الكراهية وما لبثوا أن استفاقوا لكن بعد أن خربت بلادهم وشقي حالهم وعظم مصابهم، هنا من يصرون أنهم لن يستطيعوا الحياة إلا إذا أفنوا المخالفين لهم، هنا من يظنون أنه يمكنهم إبادة فصيل من بني وطنهم ثم يهنأون بالعيش بعدها في سلام!

ثلاث سنوات يبدو أنها لم تكن كافية ليستفيق الجميع من أوهامهم ويكفروا عن خطاياهم، الذين ينسبون أنفسهم للثورة جل معاركهم فيما بينهم، يتطاحنون ويوزعون صكوك الوطنية ويخونون بعضهم البعض في بؤس بالغ، أما من طمست فطرتهم وشاركوا بالتأييد فما زال كثير منهم يكابرون ويخجلون من العودة لإنسانيتهم فيبررون ويبررون حتى أصبحوا بما يفعلونه سببا لاستمرار القبح وتشوه الحياة لأنفسهم ومن حولهم!

يحتكر بعضهم إطار الحل ويهاجم من لا يتبنى طرحه، لكن الحقيقة أن مشكلتنا صارت أعمق من الاختلاف على طرح سياسي ما، نحن مرضى بالكراهية ومولعون بالانتقام والتشفي، نحن لا نتخيل أننا سنسامح يوما من ظلمنا وسيسامحنا غيرنا حتى يمكن للمجتمع أن يتعافى من داء الكراهية والشقاق.

لا حل سيخرج للوجود دون أن نتداوى ذاتيا مما أصابنا من تشوه، وندرك أن شيطنة الآخرين لن تنتهي سوى بمزيد من البؤس، لا يعني هذا تضييع الحقوق ولا إفلات من أجرم فحق العفو ملك لمن أصابه الضرر فقط، لكن معركتنا الأولى هي إعادة التلاحم بين المصريين وكسر الحواجز النفسية التي أصابت هؤلاء وهؤلاء، ليس الأمر بالسهل لكنه التحدي الأكبر قبل أي طرح سياسي جديد.

لن يتعاطى الناس أي طرح سياسي جديد قبل أن تتطهر قلوبهم من الكراهية، كيف نفعل ذلك؟

إن التبشير بالنجاة من السواد يجب أن يقترن بالتهيئة النفسية للناس وغرس قيمة التعايش وقبول المختلف ومعرفة أن المصير واحد مهما كان الماضي أو الحاضر.

سيوحد الألم الناس، وستعيد المعاناة الجمعية التي لا تفرق بين مؤيد ومعارض مزجهم وصهرهم مرة أخرى، سيدرك الناس عظم ما ارتكبوه في حق أنفسهم وأبنائهم ووطنهم، وحينها سيطمحون في غد أفضل، فلنحارب الكراهية أولا، وبعدها سيعرف الناس الطريق بمفردهم، رحم الله كل من مات ظلما، وعجل بعقاب كل ظالم، وهدانا لخير السبيل ..

------------
وقع تحوير طفيف بالعنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، مجزرة رابعة، ذكرى مجزرة رابعة والنهضة، الإنقلاب بمصر، الثورة المضادة، السيسي، الإخوان المسلمون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-08-2016   عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، أحمد الحباسي، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد بشير، محمد عمر غرس الله، صفاء العربي، إياد محمود حسين ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أشرف إبراهيم حجاج، سامح لطف الله، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عمر غازي، الهيثم زعفان، محمود سلطان، فوزي مسعود ، مراد قميزة، فتحـي قاره بيبـان، صباح الموسوي ، أحمد النعيمي، د. صلاح عودة الله ، إسراء أبو رمان، ياسين أحمد، عواطف منصور، مصطفى منيغ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد شمام ، صفاء العراقي، علي عبد العال، د. خالد الطراولي ، حميدة الطيلوش، محمد يحي، ضحى عبد الرحمن، عزيز العرباوي، نادية سعد، عبد الله الفقير، يزيد بن الحسين، رمضان حينوني، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، علي الكاش، محمد علي العقربي، صلاح الحريري، منجي باكير، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، المولدي اليوسفي، عبد الله زيدان، محرر "بوابتي"، عبد العزيز كحيل، بيلسان قيصر، د - الضاوي خوالدية، د - المنجي الكعبي، خالد الجاف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، الناصر الرقيق، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، د. عبد الآله المالكي، د- هاني ابوالفتوح، رافع القارصي، الهادي المثلوثي، مصطفي زهران، فتحي العابد، سامر أبو رمان ، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، فهمي شراب، مجدى داود، كريم فارق، د.محمد فتحي عبد العال، د- محمد رحال، د- جابر قميحة، حسن الطرابلسي، د - محمد بن موسى الشريف ، سفيان عبد الكافي، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د. مصطفى رجب، طارق خفاجي، أبو سمية، عبد الرزاق قيراط ، د - عادل رضا، سلام الشماع، عراق المطيري، محمد العيادي، محمد الطرابلسي، د - صالح المازقي، وائل بنجدو، تونسي، صلاح المختار، حاتم الصولي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الغني مزوز، كريم السليتي، فتحي الزغل، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، محمد أحمد عزوز، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد ملحم، د - مصطفى فهمي، يحيي البوليني، طلال قسومي، سعود السبعاني، د. طارق عبد الحليم، د. أحمد محمد سليمان، رشيد السيد أحمد، د - محمد بنيعيش،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة