البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

متى تنتهي إبادة المسلمين؟

كاتب المقال نورالدين قلالة   
 المشاهدات: 3646



عادة ما تطلق كلمة “إبادة”على سياسة القتل الجماعي المنظمة التي تقوم بها منظمات أو حكومات ،وليس أفرادا ،ضد جماعات وشعوب وأجناس معينة لأسباب طائفية وعرقية ودينية وسياسية وغيرها..وقدعرف التاريخ البشري حروب إبادة ،أي حروب تدمير وفتك ،كما حدث خلال الحربين العالميتين اللتين خلفتا حوالي 70 مليون قتيل ،لكن مصطلح “الإبادة” الحالي أصبح مقترنا بحادثتين فقط هما إبادة اليهود وإبادة الأرمن ،لا أحد يتحدث عن إبادة المسلمين عبر التاريخ.

يجب أن نعترف أن كلمة “إبادة” استعملت لأول مرة للإشارة إلى محاولة النازيين القضاء على اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ،ثم استعملت فيما بعد لوصف ما حدث برواندا سنة 1994 من قتل لآلاف أفراد قبيلة التوتسي من قبل أفراد قبيلة الهوتو ،واستعملت أخيرا للإشارة إلى الحرب بالبوسنة حيث اتهم الصرب بإبادة المسلمين ،فضلا عن اتهام الأرمن للأتراك بإبادة 1.5 مليون أرمني سنة 1915 ،ولا تزال هذه القضية تثير قلق وغضب الحكومات في أنقرة ،بسبب تسييسها ،خاصة من خلال تبني معظم الدول الغربية لوجهة النظر الأرمنية ،في الوقت الذي يتجنبون فيه مجرد الحديث عن المجازر وعمليات الإبادة التي تعرض لها المسلمون عبر التاريخ ،بل ولا يزالون يتعرضون لها حاليا.

الجريمة لا تنطبق على الجميع
والحقيقة أن هذه الفظاعات التي ارتكبت – بغض النظر عن صحتها- أثناء محاولات الإبادة لطوائف وشعوب على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي ،صنفت كـجريمة دولية في اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948 ،ووضعت موضع التنفيذ عام 1951،حيث صادقت عليها حتى الآن 133 دولة.
في هذه الاتفاقية، بموجب المادة الثانية ،تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية ،بصفتها هذه:
1- قتل أعضاء من الجماعة.
2- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
3- إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
4- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
5- نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
الغريب من خلال القراءة العميقة لهذه المادة ،نجد أنها لا تنطبق تماما على ما حدث للأرمن قبل قرن من الزمن ،لكنها تنطبق وبشكل رهيب على ما يحدث حاليا لمسلمي الروهينجا في ماينمار أو بورما سابقا ،أو ما يحدث للفلسطينيين على يد اليهود الذين يؤرخون لمقتل ما يقرب من ستة ملايين يهودي على يد النظام النازي لأدولف هتلر.

لوبي الأرمن ينجح بتفوق
سنويا ومنذ 101 سنة يتم تسليط الأضواء على ذكرى مذابح الأرمن التي حدثت في حالة حرب (الحرب العالمية الأولى) ،وطرحها بشكل مأساوي لإثارة الرأي العام العالمي ضد تركيا لإضعاف موقفها دوليا وتوظيف القضية للضغط عليها لكي تعترف بإبادتها للأرمن فتكبل بتعويضات تجهض نموها المتصاعد الذي يثير العديد من القوى الإقليمية والدولية. وللأسف نجح اللوبي الأرمني خاصة في أمريكا في دفع عدة دول أوربية إلى الاعتراف بأن ما قامت به الدولة العثمانية سنة 1915هو إبادة جماعية.
وعند قراءة بعض مواد الاتفاقية ،وجدتُ أنه رغم كثرة مجازر الإبادة الجماعية إلا أنه لم تتم الإشارة إلا إلى البعض منها ،وبانتقاء شديد .وكان تركيز ،ما يسمى بالقانون الدولي الإنساني ،على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ،بحيث لم يعد مصطلح الإبادة مصطلحا وصفيا فحسب بل مصطلحا قانونيا أيضا ،لكنه لا يستخدم بمعناه القانوني في العديد من حالات القتل الجماعي ،لأن استخدامه أوعدم استخدامه قد يسبب صراعا سياسيا وتضارب في المصالح ،وبالتالي هناك الكثير من القضايا التي لا يريد العالم الغربي على وجه الخصوص الاعتراف بها:
– إبادة الأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر)
– إبادة هيروشيما
– إبادة الفرنسيين للجزائريين أثناء الاستعمار
– إبادة اليهود للعرب والمسلمين في فلسطين
– إبادة البوذيين للمسلمين في ماينمار
فيما تم الاعتراف بحالات إبادة بعضنا لم يسمع عنها أصلا: كمجازر “سيفو” وهي عمليات حربية شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية ضد المدنيين الأشوريين في 1915،ومجزرة “سميل” التي قامت بها الحكومة العراقية بحق الأقلية الآشورية أيضا في شمال العراق عام 1933. كما تم الاعتراف بعمليات الأنفال التي قام بها النظام العراقي السابق برئاسة الرئيس صدام حسين سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان ،فضلا عن مذبحة حماه في سوريا ونزاع دارفور ،إلى غاية اضطهاد الإيزيديين على يد داعش العراق.

من الدفاع إلى الهجوم
ألم يحن الوقت بعد لأن يتخلى العرب والمسلمون عن سياسة التبرير وقراءة الأحداث التاريخة بصورة سطحية ،ويتركون موقف الدفاع وسياسة إقناع من لا يقتنع ،ويتوجهون نحو استخدام أسلوب طرح مماثل لطرح الأرمن ،حيث أن ما تعرض له المسلمون وما يتعرضون له حاليا هو أبشع بكثير مما تعرض له الأرمن قبل مئة عام.
لماذا لا يتم تشكيل تكتل دولي مع دعم إعلامي لإبراز الجرائم التي حدثت وما زالت تحدث ضد المسلمين وطرحها سنويا في المحافل الإقليمية والدولية ودفع الدول التي قامت بها للاعتراف بكونها جرائم إبادة ضد الإنسانية مع مطالبتها بدفع تعويضات. ألا يعتبر قتل آلاف المدنيين العراقيين في 1991 وفي 2003 وباستخدام الأسلحة المحرمة دوليا إبادة جماعية ؟ألا يعتبر قتل آلاف المدنيين في سوريا بالطيران الروسي إبادة جماعية ؟ألا يعتبر قتل وتهجير وتعذيب المسلمين في بورما إبادة جماعية ،ألا يعتبر قتل الفلسطينيين يوميا والعدوان على غزة بكل أنواع الأسلحة المحرمة إبادة جماعية؟

إبادة منذ الرسالة المحمدية
وفي التاريخ هناك أحداث مؤلمة طواها الزمن ،مذابح ومجازر وحرق وتهجير لمسلمي الأندلس نسيها العالم أو تناساها. أما الأرمن وأفعالهم ومؤامراتهم ضد دولة الخلافة فهذه عالقة في أذهانهم. وتحظرني هنا الملاسنات الحامية التي جرت بين بابا الفاتيكان الذي كان يدافع عن الضحايا من الارمن ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي دعا البابا فرانسيس إلي تقديم كشف حساب حول محاكم التفتيش في الأندلس والقتلي من المسلمين وحتى اليهود. ألا يذكرون فرنسا ،التي جرمت إنكار إبادة الأرمن ،واحتلالها للجزائر 132 سنة تعرضت خلالها لأبشع أشكال الإبادة ،من تهجير وتعذيب واستيطان وتعدي على الحرمات ومسخ للهوية واللغة والدين..ولحد الآن ترفض فرنسا مجرد الاعتذار عن جرائمها الاستعمارية ،فما بالك بالاعتراف بها ودفع التعويضات. ألا يذكرون مذابح المسلمين في ليبيريا أواخر الثمانينات ومذابح الشيشان على يد الروس وما فعلوخ بعشرات الملايين من المسلمين حين أبادوهم في سيبيريا وفي القرم وفي جبال الأناضول.

هناك عشرات بل مئات المذابح والمحارق وحملات الابادة الجماعية المتكررة في حق المسلمين ،بعضها موثقة بالصوت والصورة وبعضها تم بثه على الهواء مباشرة..ولكن لا أحد يريد أن يتحرك ليحمل الآخر على أن يعتذر أو يعترف أو على الأقل… ليصمت ،لأننا نتعرض إلى حملات اضطهاد وتهجير وتعذيب وتنكيل ومقاطعة وحصار وسجن وقتل..نتعرض للإبادة منذ الأيام الأولى لظهور رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم..ولا زالت مستمرة إلى غاية اليوم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المسلمون، الغرب، الإبادة، هسروشيما، إبادة الهنود، إبادة الأرمن،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-05-2016   المصدر: إسلام أون لاين

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامر أبو رمان ، المولدي الفرجاني، أنس الشابي، عبد الرزاق قيراط ، يزيد بن الحسين، صلاح الحريري، الهادي المثلوثي، كريم فارق، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد أحمد عزوز، محمد يحي، علي الكاش، فتحي الزغل، عبد الله زيدان، رافع القارصي، أحمد النعيمي، محمد العيادي، د - المنجي الكعبي، د- جابر قميحة، كريم السليتي، محمد شمام ، إياد محمود حسين ، د. عادل محمد عايش الأسطل، سلوى المغربي، رافد العزاوي، الهيثم زعفان، صالح النعامي ، د- محمد رحال، محمود سلطان، د- محمود علي عريقات، أحمد ملحم، مجدى داود، د - صالح المازقي، أشرف إبراهيم حجاج، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، صباح الموسوي ، فتحي العابد، حسن الطرابلسي، طلال قسومي، د. عبد الآله المالكي، إيمى الأشقر، د - محمد بنيعيش، مصطفي زهران، محمود فاروق سيد شعبان، رشيد السيد أحمد، يحيي البوليني، د. صلاح عودة الله ، محمد الياسين، نادية سعد، أحمد الحباسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- هاني ابوالفتوح، رضا الدبّابي، د. أحمد بشير، عمار غيلوفي، سيد السباعي، الناصر الرقيق، عواطف منصور، صفاء العراقي، سامح لطف الله، عبد الغني مزوز، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، أ.د. مصطفى رجب، د. خالد الطراولي ، العادل السمعلي، وائل بنجدو، د. أحمد محمد سليمان، حسن عثمان، فوزي مسعود ، عمر غازي، سفيان عبد الكافي، سلام الشماع، عزيز العرباوي، تونسي، صفاء العربي، د - شاكر الحوكي ، محرر "بوابتي"، محمود طرشوبي، رمضان حينوني، سليمان أحمد أبو ستة، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، إسراء أبو رمان، ضحى عبد الرحمن، فهمي شراب، ماهر عدنان قنديل، أبو سمية، عبد الله الفقير، جاسم الرصيف، أحمد بوادي، د - مصطفى فهمي، د - الضاوي خوالدية، منجي باكير، ياسين أحمد، عراق المطيري، د - عادل رضا، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، خالد الجاف ، صلاح المختار، محمد الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، د.محمد فتحي عبد العال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة