البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حين تصير دماء العراقيين لافتة انتخابية في إيران

كاتب المقال د. مثنى عبدالله - باريس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2944


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بكامل قواه العقلية، ومع سبق الإصرار والترصد، يقف نادر قاضي بور، نائب في مجلس الشورى الإيراني عن مدينة أرومية في غرب إيران أمام ناخبيه، عقب فوزه بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، شاكرا تصويتهم له ومستعرضا بطولاته في الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن المنصرم.

قد يكون مقبولا ويمكن فهمه، لو أن هذا البور قال بأنه قتل جنودا عراقيين وجها لوجه في المعارك التي كانت دائرة أنذاك، فالحرب قاتل ومقتول، وكلا الطرفين يمكن تسويق تصديهما لبعضهما بعضا على أنه دفاع عن الوطن، بغض النظر عن من كان هو المعتدي أو المعتدى عليه، لكن هذا النائب تحدث إلى ناخبيه عن جريمة ارتكبها. يقول إنه كان خلال تلك الحرب قائدا لمجموعة من الجنود الإيرانيين مؤلفة من ثلاثة عشر شخصا، ولدى توغل القوات الإيرانية داخل الأراضي العراقية، على الطريق الرابط بين محافظتي ميسان والبصرة، وقع بأيديهم جنود عراقيون أسرى تراوح عددهم بين 600 إلى 700، ولانه لم يتمكن من نقلهم إلى الخطوط الخلفية لكثرة عددهم، ولظروف المعركة حامية الوطيس آنذاك، ولعدم وجود مكان احتجاز في الخطوط الأمامية، فقد أمر بتصفيتهم، وأنه يُشبّه ذبحهم كذبح الدجاج على حد تعبيره. هذا الحديث لم يكن منقولا عنه كي يمكن الطعن فيه أو تبريره على أن الكلام اقتطع من خارج سياق الحديث، بل هو حديث بالصورة والصوت، نُشر مؤخرا، ويضيف أنه فعل ذلك في سبيل الإسلام والثورة والمرشد الأعلى.

لا نريد هنا أن نضع أنفسنا في موضع رجال الدين، ونضع حديثه على مشرحة المقاييس الشرعية، لنُبيّن حُكم الدين عليها، فطلبة الصفوف الابتدائية في المدارس يعرفون جيدا حُكم الدين في ضرورة التعامل بالحسنى مع الأسرى، لكن ما يهمنا هو أنه برر الجريمة بأنها في سبيل الثورة الايرانية، وهذه هي الاشكالية التي تحكم السياسة الايرانية منذ عام 1979 ولحد الآن. ففي العرف السياسي الإيراني، يجب أن يوضع مصير الشعوب الايرانية، وشعوب الدول المجاورة وما بعد المجاورة في محرك هذه الثورة، كي تنطلق ويُحافظ على استمرارية ديمومتها. وعلى الرغم من أن أي مراقب لا يستطيع أن يجد أين هي نهايات هذه الثورة، لكنه يستطيع وبسهولة أن يجد الأهداف القومية الإيرانية مغلفة بغلاف الإسلام والثورة الإسلامية، لأن المقارنة البسيطة بالأهداف الايرانية في العصر الشاهنشاهي، تكشف عن أن النظام السياسي قد تغير، لكن الأهداف القومية هي نسخة طبق الاصل عما كان عليه الحال في ظل النظام السابق. نعم هنالك حق لكل دولة أن تكون لها أهداف قومية تُحقق من خلالها مصالحها وتدافع عنها، لكن النظام الإيراني وما يُسمى بالثورة الإسلامية، يفترضان أن جميع مصالح الشعوب والامم يجب أن تذبح على أعتاب صناعة المجد الإيراني، وأن الدول المجاورة لمحيطها يجب أن تخضع لها، وتوفر البيئة الملائمة على حساب مصالحها كي تنطلق الامبراطورية الايرانية مجددا. هذا الفهم الاستعلائي الموغل في الشوفينية، هو الدافع الرئيس لكل أحاديث الساسة الايرانيين على حد سواء. فبين الحين والآخر تظهر لنا تصريحات يصنفها البعض بأنها سذاجة سياسية، لكنها في الحقيقة ليست كذلك. بعضهم يُصرّح بأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية. الآخر يُصرّح بأن جيوشهم تقود الثورة الاسلامية في المنطقة، وثالث يتحدث عن أن بغداد عاصمة مبراطوريتهم، وأن دول الخليج في مرمى أسلحتهم، وأنهم قادرون على إرجاعها إلى عصر التنقل على الجمال. كل هذه التصريحات ليست ساذجة، بل هي تعبير واضح عن مدى تغول الأهداف الامبراطورية في العقل الإيراني، وهي في الوقت نفسه عملية تبادل أدوار مع آخرين في السلطة ممن يُجمّلون وجه السياسة الإيرانية. إنهم يستخدمون بحرفية عالية عناصر القوة الصلبة والقوة الناعمة، لإحداث خلل في معادلة الفهم المتبادل بين شعوب المنطقة وأنظمتها السياسية، كي يخلقوا حالة تصادم تخدم أهدافهم التوسعية، فيدفعوا بحرسهم الثوري تارة لخدمة نظام سياسي ضد الشعب، وتارة أخرى لإثارة شعب ضد السلطات. لكن استخدامهم السياسي للإسلام غالبا ما تفضحه العنجهية القومية ومصالحها المؤسسة على حساب شعوب المنطقة. فالدستور الإيراني يقوم على حاكمية المذهب، لكن من قتلهم النائب الإيراني المتبجح بفعلته النكراء هذه، هم من الجيش العراقي، الذي كان إبان تلك الحرب غالبية جنوده هم من عرب العراق الشيعة. هذا دليل على أن الدين والمذهب هما عنصرا استخدام سياسي لأهداف قومية. الغريب أن السلطات العراقية التي تتبجح بتمثليها للمذهب أصابها صمت مطبق على تصريحات النائب الايراني، ولم نجد أي مرجعية سياسية أو دينية أو وجاهية تتصدى أو تستنكر، حتى بقياس أضعف الإيمان، لتبجحه بارتكاب الجريمة تلك. أما من استنكر وأصدر البيانات من الأطراف السياسية الأخرى المحسوبة على ما يسمى «الاسلام السياسي السني»، كأئتلاف متحدون وبعض النواب، فهي ليست سوى مهاترات سياسية هدفها الطرف الآخر، وليس دفاعا عن حقوق العراقيين. لقد اعتدنا مشاهد الاستنكار وإصدار البيانات من البيت السياسي السني عندما ترتكب إيران تجاوزات ضد شعبنا، بينما يصمت الطرف الآخر، ويستنكر ويدين البيت السياسي الشيعي تجاوزات تركيا، بينما يصمت الطرف الاخر. هذه الثنائية التي تحكم المشهد السياسي العراقي، هي التي توفر فرصا ذهبية لنادر بور النائب الايراني، ومن هم على شاكلته كي يخوضوا في الدم العراقي، ويعلنوا على رؤوس الاشهاد أنهم قتلة مجرمين. ولماذا صمت رئيس البرلمان العراقي الذي صدّع رؤوسنا بخطبه العصماء التي لم تحمِ شعبه؟ ولمَ تناسى أعضاؤه الموضوع ولم يأتوا عليه ولو بكلمة؟ أما المتباكون والمتوسلون بالمحكمة الجنائية الدولية، والاتحادات والجمعيات الحقوقية والقانونية العربية في بريطانيا وغيرها، فعليهم أن يعوا أن هذه الاتحادات والجمعيات لم تعد سوى مكاتب يرأسها أشخاص منذ عشرات السنين، وأصبحت جزءا من ممتلكاتهم الشخصية ونشاطاتهم التجارية، وبالتالي لم يعد لديهم أي كلمة مسموعة لدى المنظمات الدولية العالمية. كما أن المجتمع الدولي لم يعد مستعدا بعد اليوم لفتح أي صفحة تغيظ الطرف الايراني، فالاتفاق النووي كسر كل الاقفال، وفتح جميع الأبواب التي كانت موصدة أمام حركته.

دماء العراقيين باتت مشاعة بين الدول القريبة والبعيدة، وقتلهم بات بسيف واحد تمسكه أياد كثيرة كي يضيع حقهم على كل مساحة خريطة العالم، ولا من ناصر ينصرهم بعد أن انتصروا لغيرهم، لذا تنعق الغربان فخرا بقتلهم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الصراعات المذهبية، الارهاب، داعش، الشيعة، السنة، التدخل الايراني، التدخل الامريكي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، عبد الغني مزوز، خالد الجاف ، رافع القارصي، أبو سمية، كريم فارق، مصطفي زهران، فتحي الزغل، وائل بنجدو، المولدي اليوسفي، محمد أحمد عزوز، يزيد بن الحسين، عمر غازي، فتحي العابد، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد محمد سليمان، د. عبد الآله المالكي، الهيثم زعفان، د - صالح المازقي، د - المنجي الكعبي، د. صلاح عودة الله ، رافد العزاوي، حاتم الصولي، ضحى عبد الرحمن، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- هاني ابوالفتوح، د. طارق عبد الحليم، أحمد بوادي، يحيي البوليني، محمد الطرابلسي، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، حميدة الطيلوش، د.محمد فتحي عبد العال، صباح الموسوي ، محمد شمام ، د. خالد الطراولي ، علي الكاش، رشيد السيد أحمد، عبد الله الفقير، بيلسان قيصر، محمد العيادي، د. أحمد بشير، أحمد ملحم، حسن الطرابلسي، سعود السبعاني، صالح النعامي ، د - عادل رضا، سامر أبو رمان ، محمد الياسين، ماهر عدنان قنديل، د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، سامح لطف الله، د- محمد رحال، منجي باكير، صلاح المختار، سليمان أحمد أبو ستة، تونسي، أنس الشابي، عراق المطيري، طارق خفاجي، د - مصطفى فهمي، سلام الشماع، الناصر الرقيق، عزيز العرباوي، محمود سلطان، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلوى المغربي، إياد محمود حسين ، سفيان عبد الكافي، إيمى الأشقر، محمد يحي، عمار غيلوفي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد النعيمي، مراد قميزة، نادية سعد، عبد الرزاق قيراط ، د- جابر قميحة، د - الضاوي خوالدية، عبد الله زيدان، طلال قسومي، كريم السليتي، جاسم الرصيف، حسن عثمان، د - محمد بنيعيش، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد العزيز كحيل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد علي العقربي، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، أ.د. مصطفى رجب، صفاء العراقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح الحريري، علي عبد العال، العادل السمعلي، فهمي شراب، رمضان حينوني، مجدى داود، د- محمود علي عريقات، أحمد الحباسي، رضا الدبّابي، ياسين أحمد، فوزي مسعود ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود طرشوبي، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، الهادي المثلوثي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة