البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عروض مغرية لشراء الأعضاء البشرية من العراق

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن   
 المشاهدات: 3189


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لنظريات المؤامرة موقع متميز في فهمنا وتحليلنا للقضايا، من صغيرها إلى كبيرها، في البلاد العربية. ولا تقتصر على بلد عربي دون غيره. انها، على اختلاف مستوياتها، انعكاس لمخاوفنا وشكوكنا ازاء ما نواجهه ولا نجد، احيانا، تفسيرا منطقيا له. وهي، ان لم تكن ضمن حملة ذات اهداف ايديولوجية ووفق تصنيع دعائي مبرمج، الطبقة الأعمق، في الذات الانسانية، وبالتالي البنية الاجتماعية، للتحصن ضد ما يهدد وجودها.

لا ادري لماذا فكرت بنظرية المؤامرة وأنا اقرأ خبر ارجاء مجلس النواب العراقي، منذ ايام، التصويت على مشروع قانون تنظيم زرع الاعضاء البشرية ومنع الاتجار بها. ما فكرت به هو قسم الشائعات – التي يتداولها الناس عن المستشفيات الخاصة والعامة، وسماسرة الأعضاء البشرية، والساسة المتواطئين في تجارة، قد تقل ربحا عن صفقات السلاح والاجهزة الأمنية غير الصالحة للاستعمال، الا انها، بالتأكيد، مصدر غنى لا يعوضه الاعتماد على الراتب الحكومي فقط.

تمتد النظرية لتشمل احد اسباب فتح باب اللجوء إلى اوروبا. سألني احدهم عن سبب قبول الغرب، فجأة، لأعداد كبيرة من اللاجئين. فحدثته عن الضغوط السياسية والحاجة الاقتصادية و…قاطعني هامسا كأنه يفشي لي سرا: «انهم يحتاجون الاعضاء البشرية».
تبين لي من بحثي في الموضوع، ان لنظريته، مهما كان اسمها، أساسا حقيقيا سواء في داخل العراق أو خارجه، رغم عدم كونها العامل الأهم في الكارثة العامة لبلداننا. ففي داخل العراق، هناك سوق يديره سماسرة يرتزقون ببيع الأعضاء البشرية ضمن شبكة متداخلة من الأفراد، تتقاطع فيها المصالح، بدءا من الزبون الذي يعرض كليته، مثلا، للبيع، وانتهاء بالمشتري.

تدل الأخبار الموثقة الواردة، خاصة من العاصمة بغداد، بحكم تمركز المستشفيات الخاصة فيها، ان سوق بغداد للأعضاء البشرية، لم يعد سرا خفيا، وان ممارساته غير القانونية، معروفة على خارطة التهريب العالمية. وان المريض الغني لن يجد صعوبة في انتقاء الكلية التي يحتاجها. فالباعة كثر بسبب الفقر والحاجة المادية الماسة، والسماسرة متوفرون للتنسيق بين البائع والمشتري من جهة وبين المستشفى والجراح الذي يجري العملية والممرض الذي يوفر الرعاية الصحية من جهة أخرى. وقد لا تتم عملية البيع والشراء بعلم الجراح، الا ان سكوته والممرضين وكوادر المستشفيات، عن كيفية الحصول على الاعضاء، يساهم، في انتشار تجارة الاعضاء البشرية ويجعله شريكا فيها. وهي تجارة لا انسانية، مبنية على الاستغلال المادي، وتنتشر اثناء الحروب بسبب ضعف الرقابة الحكومية أو بالاتفاق مع الجهات الرقابية الفاسدة. وقد بلغ جشع المتاجرين بالاعضاء، بالعراق، حدا وحشيا حين باتوا يحصدون اعضاء ضحايا التفجيرات. وغالبا ما يقع الاحياء من باعة الاعضاء، المعوزين، في فخ الاحتيال ولا يحصلون على الثمن الذي قايضوا اعضائهم مقابله. فتكون خسارتهم مزدوجة.

من بغداد إلى اقليم كردستان، وفرت مخيمات النازحين المحليين والمهجرين السوريين، مجالا واسعا للاستغلال والتجارة بالناس، فتوالت التقارير في الاقليم، باعتراف المسؤولين، عن انتشار عصابات تجارة البشر وبيع وشراء الكلى، وامتداد نشاطها عبر وسطاء إلى بغداد او بالعكس، على الرغم من اشتراط القوانين في كلا الجانبين على وجوب طوعية التبرع وبلا مقابل مع توفر شروط الرعاية الصحية للمتبرع. واذا كان العراق قد مهد، منذ غزوه عام 2003، لأن تشهد المنطقة عملية أكبر هجرة ونزوح منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، فان عدد المهجرين السوريين بات يحتل المركز الأول في المأساة الكارثية، لتختلط وقائع استغلال المهجرين من قبل العصابات بانواعها.

ففي تركيا، مثلا، القي القبض، نهاية كانون الاول/ديسمبر 2015، على الاسرائيلي بوريس وولفمان، المطلوب من قبل الانتربول، اثناء تواجده في اسطنبول ليقنع المهاجرين السوريين ببيع الكلى حسب صحيفة «دويتش فيل» الالمانية التي ذكرت تعليقا لسمسار لبناني بان ازدياد اعداد المهاجرين السوريين جعل «الباعة أكثر من المشترين».

قد لا يكون سبب فتح ابواب الهجرة لطالبي اللجوء إلى اوروبا هو «حاجة الغربيين للاعضاء البشرية»، وفق نظرية المؤامرة، الا ان تقارير المنظمات الدولية، بضمنها الأمم المتحدة، تؤكد تزايد عصابات الاتجار بالبشر وبالتالي تجارة الاعضاء بشكل طردي مع زيادة اعداد النازحين والمهجرين. وهي تجارة عابرة للدول، كما يفصل تقرير البرلمان الاوروبي، لعام 2015، ويطلق عليها تسمية « سياحة زرع الاعضاء». وأشهرها، بين الدول العربية، حاليا، هي لبنان ومصر. وتشكل تجارة الاعضاء 12 بالمئة، من مجموع المتاجرة بالبشر، في اوروبا. وتتصدر اسرائيل قائمة الدول التي تنفذ فيها عمليات شراء الاعضاء والانسجة البشرية للزرع او للبحوث.

كما تدل دراسة البرلمان الاوروبي لأربع قضايا تهريب فضائحية كبيرة، في العالم، ان مديريها اسرائيليون وتوازي ارباحهم ما يربحه مهربو المخدرات. اذ بينما يدفع الزبون، مثلا، مائة ألف يورو ثمنا لكلية، يتلقى البائع ثمنا ضئيلا ليحتفظ السمسار ببقية المبلغ ربحا صافيا.
يذكر التقرير ان سماسرة الاعضاء بالعراق يتميزون عن غيرهم بعروضهم المغرية للزبائن بشكل صفقة متكاملة. اذ يشمل السعر النهائي كافة التكاليف منذ لحظة استخلاص العضو إلى زراعته والرعاية الكاملة للزبون. وانا اقرأ ان تجارة الاعضاء لا تزدهر الا بوجود الفساد الحكومي، بمستوياته، وغياب الوازع الاخلاقي، أتساءل: هل بقيت، في النفس مساحة لغير الغضب على فساد حكومة واحزاب وساسة يتفرجون على مأساة ساهموا، بشكل مباشر او غير مباشر، بخلقها؟ هل هناك قائمة جرائم عالمية بحق الشعوب لم يتصدرها النظام العراقي بعد؟ وهل من بديل للنازحين والمهجرين غير الهرب حتى ولو كلفهم ذلك بيع اعضائهم في بلدان تتحقق فيها نظريات المؤامرة؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الفوضى بالعراق، التجارة بالأعضاء البشرية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-02-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود فاروق سيد شعبان، حميدة الطيلوش، د. خالد الطراولي ، خالد الجاف ، علي الكاش، د- محمود علي عريقات، فتحي الزغل، رافع القارصي، الهيثم زعفان، صفاء العربي، صباح الموسوي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الرزاق قيراط ، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، مراد قميزة، د. صلاح عودة الله ، د - عادل رضا، عبد الله الفقير، أحمد النعيمي، د. عبد الآله المالكي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد الحباسي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد بوادي، فهمي شراب، عمر غازي، د- هاني ابوالفتوح، إياد محمود حسين ، يحيي البوليني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إيمى الأشقر، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، تونسي، د - صالح المازقي، عبد الغني مزوز، حسن عثمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، أبو سمية، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد العزيز كحيل، محمد شمام ، طارق خفاجي، د - محمد بنيعيش، د - مصطفى فهمي، رمضان حينوني، صالح النعامي ، رضا الدبّابي، صلاح الحريري، محمود طرشوبي، سلام الشماع، فتحي العابد، مصطفي زهران، مجدى داود، أنس الشابي، عزيز العرباوي، يزيد بن الحسين، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، عواطف منصور، د. أحمد بشير، الهادي المثلوثي، فتحـي قاره بيبـان، د - الضاوي خوالدية، محرر "بوابتي"، عمار غيلوفي، ضحى عبد الرحمن، كريم فارق، نادية سعد، محمد العيادي، ماهر عدنان قنديل، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، علي عبد العال، محمد أحمد عزوز، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بن موسى الشريف ، المولدي الفرجاني، عبد الله زيدان، بيلسان قيصر، د.محمد فتحي عبد العال، منجي باكير، صفاء العراقي، سعود السبعاني، محمد الياسين، العادل السمعلي، د- جابر قميحة، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. طارق عبد الحليم، محمد عمر غرس الله، صلاح المختار، محمد الطرابلسي، حاتم الصولي، سامح لطف الله، المولدي اليوسفي، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، د- محمد رحال، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، محمد علي العقربي، أحمد ملحم، طلال قسومي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سيد السباعي، عراق المطيري، جاسم الرصيف، د - المنجي الكعبي، الناصر الرقيق، محمد يحي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة