البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الفنان ابراهيم العزابي: تجربة فنية تلامس الواقع لتنفصل عنه

كاتب المقال بسمة منصور - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6580


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حوار مع الفنان ابراهيم العزابي:


في فضاء تشكيلي واحد يجمع العزابي بين المتناقضات لتصبح مترادفات، لا تعيقه الألوان والخامات بل يطوعها لخدمة أفكاره الفنية فا"لاممكن" "ممكن"، ليوهمنا للحظة ان أعماله بهذا الجمع التشكيلي مغالاة في التجريد وبعيدة عن الواقع وبالتأمل نكتشف ذلك الجدل الفني "فهي تلامس الواقع لتنفصل عنه" بأسلوب طريف يشدّنا ونقرّ أن الفنان يعطي ويقدم، يبحث ويسأل، يتجول ويدّون، يتحدث ويرسم... فهو فرد من المجتمع، قد يظن المتلقي للوهلة الأولى تعاليه عن الواقع ولكن هذا التعالي هو في الأصل تجذر عميق. لتعكس اعماله بذلك الحلم والتجديد والانعتاق...

1- فكيف كانت البدايات الأولى لتجربة العزابي ؟
البديات الجدية كانت بمدرسة الفنون الجميلة (1964-1975) وكنت اميل الى الرسم بالالوان اكثر منه الى الرسم الفحمي وكان استاذي الهادي التركي وفي السنوات الموالية محمود السهيلي ورضا بن عبدلله وفي النحت الهاشمي مرزوق مع رضا بن عبدلله وإثر تمرين بإستعمال المواد وجدت ضالتي ووجدت نفسي أنجز أعمالا لا شكيلية –نسبة للمدرسة اللاشكلية- وقد تاثرت أساسا بالفنان جان دوبوفي وما أنجزه في بداية الخمسينات. كما تأثرت بالرسوم الجدارية الفرعونية بفرنسيسكو غويا وبيكاسو وبول كلي الذي انجزت دراسة عنه في السنة الاخيرة من الدراسة.

2- المطلع على اعمالك يكتشف اسلوبا هاما يكاد لا يختفي من اعمالك بل يصل الى حد انه يمثل بصمة العزابي ولكن هذه البصمة قد نجد لها صدا في تاريخ الفن. فهل هو تأثر بتجارب فنية اخرى ام الصدفة التي جمعتك به؟
اصبحت المواد المختلفة هي الوسائل التي لا تغيب عن اعمالي وبما انها نتوءات فإني لم أستعمل كثيرا الالوان بل كنت أستعمل الالوان البنية، ألوان الارض وأترك للضوء الذي يقع في فخ تلك النتوءات يثري المساحة بالقيم الضوئية أو الدرجات اللونية الحقيقة أن أكثر بقليل من نصف الأعمال التي أنجزتها يشتمل على هذه التقنية والبقية هي زيت او اكريليك فحسب.

3-هل يميز الفنان بين أعماله؟ وأي عمل تشكيلي من اعمالك يشدك قد ترى فيه ما لانرى؟
أعمالي قابلة للتأويل فكل مشاهد يقرؤها حسب مخزونه الثقافي وذوقه الخاص وأنا شخصيا أدعو بعض زملائي ليكتشفو لي ما لم أتوقع اني قصدت.
العمل الاكثر تجريدا والمشحون بأكثر قدر من الإحساس والصدق هو الذي يشدّني.

4-ما مدى صحة هذه القوله وهي لبرغسون: "يوجد رجال مهمتهم هي ان يروا وان يجعلونا نرى ما لانراه عادة....انهم الفنانون"...فهل ينقل الفنان ما لانراه؟
يمكن للفنان الموسيقي والمسرحي والتشكيلي وحتى في مجال الشعر والأدب أن يرى أو يتنبأ بأحداث ما قبل وقوعها. في لوحاتي التي أنجزتها غداة أحداث الحوض المنجمي 2008. ثم بحثت عن شخوص غرائبية وضفتها فيما بعد (2012) للتعبير عن أحداث سليانة.
أنا أعبّر من الداخل.

5-عند تناول مشهد واقعي كموضوع للعمل الفني (لعلنا نذكر هنا عمل بعنوان "رش" و"قمع" والذي يجسد حادثة الرش بسليانه) كيف يتحول المشهد من واقعي الى مشهد تجريدي؟
الفنان الفوتوغرافي، إن كان تناول هذا الموضوع فإنه قد يراه بنظرة واقعية، حكائية فترى في الصورة كما وردت في الصحف اليومية وجوه تسيل منها الدماء والعيون مضمدة او تحمل نظارات... اما الفنان التشكيلي فله نظرته الخاصة للكون وللأحداث من هذا القبيل وهو ملتزم بإنشاء تكوين يستجيب لمقومات العمل الفني. أما الموضوع (الحدث) فهو مجرد تعلة من هنا أُؤكدُ أن ما أسعى إليه هو أن أكون ملتزما فنيا وسياسيا في آن.
اللوحة ينبغي أن تكون فنية قبل كل شيء تحمل رسالة فنية وكذلك مضمونا سياسيا أو اجتماعيا....



7- قد يرى البعض ان اعمالك لا صلة لها بالواقع نظرا لمغالاتها احيانا في التجريد ولكن حضور المادة تجعل العمل يرتبط ارتباطا وثيقا بالواقع فهل هو اختزال للواقع في شكل تجريدي بنقل المادة من واقعها الى واقع فني ام ان التجريد لدى العزابي يتلخص في التقاء المادة بالأصباغ اللونية؟
أحد النقاد البارزين في السبعينات قرأ أعمالي على أنها عبارة على عينة من مساحات أرضية تشاهد من عُلو.

في خصوص التجريد: أنا أرى العالم من الداخل، أعمالي مجردة من الشخوص ومن الحكائية، عندما أرى ضرورة لإحضار شخوص أو التعبير عن الحدث يحتاج لذلك مثل الرش بسليانة فإني لا أتوانى عن خلق شخوص خاصة بي تعبر عن الحدث والذين يدركون قراءة الأعمال الفنية يتفطنون إلى أن التركيب في كلتا الأسلوبين هو واحد فأنا كما قيل رسام بناء، أشتغل كثيرا على بناء اللوحة وعلى الناحية الجمالية لأني أعتقد أن ما سيبقى هو الشكل: أي المضمون الشكلي وأؤ كد مرة أخرى أن أعمالي قابلة للتأويل.



8- هل "الصدفة" لها حضور في تجربة العزابي؟
طبعا خاصة حين أشتغل بالمواد وقد إكتشفت ذلك عند الدراسة مع سي محمود السهيلي، فكنا نبحث عن "المفاجآت التقنية" إن صح القول. اللامتوقع هو عنصر هام في المدرسة اللاشكلية (l’informel) وفي المدرسة التعبرية التجريدية وهي المدارس التي أغرتنا في شبابنا. كنت أفرش القماشة على الأرض وبعد طيها بمختلف الألوان أصبّ فوقها البنزين ثم بعد ذلك نقوم بعمليات مختلفة من حذف ومسح وإضافة وخربشة فنكتشف أجواء تشكيلية لا متوقعة.

9-هل في الفن التجريدي رسالة؟
طبعا لكل فنان أهدافه وغاياته أنا الذي يهمني هو اللوحة التي يمكن أن تقرأها اليوم وبعد مدة يمكن أن تكتشف فيها قراءة أخرى رسالتي الرئسية هي التشكيلية بالأساسune préoccupation essentiellement plastique.
أنا رسام تجريدي بالأساس ولما أضطر الى تناول مواضيع تحتاج إلى التعبير بالشخوص والرموز بطريقة مباشرة فإني أحول اللوحة الى ملصق جداري.
في سؤلك هل الفن التجريدي رسالة: كل التيارات تقريبا تهتم بالمضمون الجمالي والتجريديون يرون العالم من الداخل وفيهم كذلك من يمارس تجريدية هندسية خالصة قد تعبر عن التصوف أو تجريدية غنائية مشحونة بالإحاسيس والشاعرية وهي حتما رسالة جمالية روحية إلخ....

10-ماذا اضافت "الثورة" لتجربة الفنية التونسية عامة ولتجربة العزابي خاصة؟ ونحن نتحدث هنا على المضمون الفني.
بالنسبة للتجربة الفنية التونسية عامة يمكن القول أن الفنانين بداية الثورة إحتلوا الشارع والجدران لتجميل المدينة ومحو ذلك الرمادي الحزين من على أعمدة قنطرة شارع الجمهورية بتونس وتركنا الفنانين أحرارا في إختيار مواضيعهم فمنهم من قام برسم تراكيب مجردة من الشخوص أو الرايات.

فيما يخصني فقد كنت قبيل الثورة بسنتين أبحث عن شخوص غرائبية أعبر بها عن التعذيب وعن الإعتداء على غزة سنة 2008 فكانت رسومي إحتجاجية إلى 2014 تهتم بالتعذيب والرش ولوحة تحولت إلى جدارية أندد فيها بالدكاترة (جمع دكتاتور) طريقتي الخاصة للتعبير مستوحاة تقنيا من أسلوبي المعهود وهو إستعمال النتوءات.



أما عن التجارب الاخرى فقد طغى عليها الغرافيتي فوق جدران المدينة، والتعبيرية التجريدية في اللوحات يضاف إليها الرايات التونسية. كما هنالك بعض التنصيبات او النحوت البارزة تناولت مواضيع لها صلة بالثورة.
شخصيا أشعر أن لا شيء بالنسبة لي من حيث تناول المواضوع فأنا قبل وبعد الثورة إحتجاجي. بقي أنني تحولت من القضية الفلسطينية التي واكبتها منذ كعرض الاول سنة 1976 إلى الثورة التونسية مرورا بالعدوان على العراق ولبنان. وما يشغلني هو أن يطغى على رسومي الجانب الفني والجمالي ليضمن بقاءها مع مرّ السنين.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

النقد الفني، دراسات علمية، دراسات فنية، ابراهيم العزابي، حوار فني، الفن التشكيلي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-05-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رافع القارصي، طلال قسومي، محمود سلطان، محمد أحمد عزوز، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د. مصطفى رجب، د- جابر قميحة، د - صالح المازقي، فهمي شراب، محمد شمام ، محمد يحي، سيد السباعي، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، إياد محمود حسين ، محمود فاروق سيد شعبان، صالح النعامي ، د. أحمد بشير، عبد الغني مزوز، فتحي الزغل، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، د. أحمد محمد سليمان، فتحي العابد، عبد الله الفقير، مراد قميزة، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، صلاح الحريري، علي الكاش، د- محمد رحال، عبد الرزاق قيراط ، منجي باكير، حسن الطرابلسي، خالد الجاف ، أشرف إبراهيم حجاج، طارق خفاجي، مجدى داود، عمار غيلوفي، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، كريم السليتي، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود طرشوبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - عادل رضا، أحمد الحباسي، فتحـي قاره بيبـان، بيلسان قيصر، المولدي الفرجاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، تونسي، أنس الشابي، د. طارق عبد الحليم، سفيان عبد الكافي، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، الهادي المثلوثي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سعود السبعاني، نادية سعد، محمد العيادي، حاتم الصولي، فوزي مسعود ، أبو سمية، صفاء العربي، سليمان أحمد أبو ستة، د. عبد الآله المالكي، حميدة الطيلوش، صلاح المختار، عبد الله زيدان، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، عبد العزيز كحيل، كريم فارق، يحيي البوليني، عمر غازي، وائل بنجدو، يزيد بن الحسين، أحمد بوادي، محمد الياسين، محمد عمر غرس الله، سلوى المغربي، سامر أبو رمان ، سامح لطف الله، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، المولدي اليوسفي، عزيز العرباوي، صفاء العراقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مصطفي زهران، رمضان حينوني، أحمد ملحم، علي عبد العال، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، العادل السمعلي، د.محمد فتحي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، عراق المطيري، د- محمود علي عريقات، د- هاني ابوالفتوح، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ماهر عدنان قنديل، إيمى الأشقر، أحمد النعيمي، محمد علي العقربي، رافد العزاوي، د - محمد بن موسى الشريف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محرر "بوابتي"، حسن عثمان، إسراء أبو رمان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة