عماد فاخت - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5080
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الآن نطمئن...
قدّمت النهضة خلال سنوات عديدة نفسها على أنها الراعية الامثل للإسلام، و قامت برامجها من خلاله و حوله، و جنّدت الكثير من المناضلين فلقوا من الويلات والعذابات ما لقوا.
و كانوا يعتبرون أنفسهم مجاهدين في سبيل الله و عزّة الاسلام و لأجل استعادة مجد المسلمين و تطبيق حكم الله ،و أسلمة كل شيء يتحرّك على وجه البسيطة.
جعل الشيخ راشد الغنوشي ينظّر لكل ذلك في محاضرات و كتب، و أنتج ما يسمى رؤى حديثة لتطبيق الاسلام، وأصبح من المجدّدين في الفكر الاسلامي و له تلاميذ معتبرين.
لكن كان حب الوصول الى السلطة و الحكم هو الهدف الامثل بالنسبة للإسلاميين حتى يطبّقوا رؤاهم و أحلامهم، و دليل ذلك محاولات الانقلاب في كامل تاريخ الحركات الاسلامية شبيهة النهضة، و انظروا الى السودان و محاولات اخوان مصر الوصول الى السلطة منذ ثورة الضباط الاحرار.
و أخيرا وصل الاسلاميون الى السلطة و توزّروا و حكموا ، ليس بجهد منهم بالطبع بل كان بفضل المفقّرين و شباب ملّ الإهانة . في فترة الحكم اضطربت النهضة و اضطرب راشد الغنّوشي. لم تفده كتبه و مؤلفاته في تطبيق الحكم. ليست المسألة مجرّد نظر و تفكير و نقد و تأويل و اعادة بحث و تمحيص فكري تنظيري بحت. بل مسألة الحكم اجرائية بحتة ، تطبيق و فعل.
هنا تحوّلت الرغبة في "تطبيق شرع الله " الى كيف أبقى في السّلطة ؟ كيف أستمر في التواجد على الساحة السياسية و لا أعود الى مرحلة الصفر ؟ و لعلّنا نلاحظ أن جميع النهضاويين الذين شاركوا في النقاشات الكثيرة على مسارح القنوات التلفزية و الاذاعية لا نكاد نرى أحدا منهم يؤصّل لمسألة ما من بابها الفقهي / الشرعي. بل حتى الاستشهاد بالقرآن و الحديث مغيّب في جدلهم. و ليس يظهر من اسلاميتهم إلا لحيّهم الخفيفة.ما عدا عبد الفتاح مورو في بعض الاحيان من باب الطرافة لا غير. بل العجيب أن الباجي قائد السبسي هو من يستشهد بآي القرآن. كأنما يسرق منهم "اسلاميتهم". و يقف في موضع كان من المفترض أن يقف عليه الاخوان.
السؤال لماذا تتخلى النهضة عن أحلامها ؟
تتحوّل النهضة الى حزب كأغلب الاحزاب في العالم. يسعى الى الحكم و خدمة منظوريه بالأساس لا غير. كما فعل حزب بورقيبة و اعتبر كل منجزات الدولة لفائدة الشعب تفضّل منه ،مزيّة ،كرم ،و ليس واجب. و كما فعل حزب المخلوع واعتبر بقية الشعب المعارض أو الصامت أقلّية لا ضير في اطعامهم.
أما عندما تتحالف النهضة و النداء( تسعى النهضة الى ذلك) فستعتبر أن بقية الشعب الذي مجّها و مجّ بقية الاحزاب قوم تحلّ فيهم الصدقة و الزكاة.
تركت النهضة الرغبة في تطبيق الاسلام و اعتباره الحلّ الامثل لان منظّرها عجز أن يفهم أن الاسلام قام على حقيقة اجرائية مثلى : " انّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
و على عقيدة محورية مهمّة : " حب الانسان لأجل إنسانيته "
و على شرع واضح : " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل "
الاسلام حياة و ليس ممارسة مبتورة عن الروح و عن الاخلاق.لذلك فشل اسلاميو السودان فسلموا الجنوب.و عجز اخوان مصر لأنهم قسّموا الناس الى مؤمن و كافر .فلا قيمة للإنسان لأجل انسانيته.
نعلم أن الظروف التي حكمت فيها النهضة البلاد ليست طبيعية و سعت دوائر كثيرة لتعطيل عمل حكومة النهضة. و لكن الحقيقة أن النهضة تحمل العجز في داخلها.
الآن نطمئن..ستترك النهضة الحديث عن الاسلام و تطبيق شرع الله و تتركه للفضلاء حقيقة.
و سيهتمّ راشد الغنّوشي بكتابات "ماكيافلّي" و سيتعلّم الكثير منه. بل بحكم اهتمامه بتاريخ الممارسة السياسية في التاريخ الاسلامي سيتعلّم كثيرا من ممارسات معاوية بن أبي سفيان و ابنه يزيد و سترون الابداع .
و عليه فما بقى على الشيخ إلا أن ينقع كتب أبو الأعلى المودودي و سيد قطب و كتابات حسن البنا في الماء و يشرب منها و يشرب حمّادي الجبالي و بقية قياديي النهضة منها و رحم الله من توفى منهم تحت التعذيب...الشيخ راشد الغنوشي أصبح شيخا للبراغماتية لا شيخ فكر اسلامي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: