صناعة القدوات السيئة كأداة لتشكيل الأذهان: نموذج الرياضات النسائية
فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7224
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يفرح التونسيون برياضيات حققن نتائج متميزة مثلما هم فرحون الآن -كما فهمت- لأن تونسيات نجحن في مباريات كرة على مستوى دولي، وتم تقديمهن في الإعلام وهن متعريات، ويجتهد الإعلام في إخفاء تلك الحقيقة والتخفيف من أهميتها.
تعمل أدوات تشكيل الأذهان التي تم زرعها منذ بدايات الاستقلال في مهمتها الموجهة ذات الدور الإيديولوجي التغريبي، على تشتيت فهم المتلقي من خلال عمليتين متوازيتين: خلق موضوع جديد والتغطية على موضوع قديم مع اعتبار أن الموضوع المخفي هو الذي يراد تمريره والتطبيع معه باعتباره الأمر المطلوب في سياق خلق ذهنيات جديدة تخدم مشروع الاقتلاع ثم التوجيه الذهني المقصود.
لنأخذ مثلا الرياضة النسائية، إذ يتم العمل على التغطية بكل الوسائل على كون النساء المقدمات كقدوات هن متعريات وهن بالمفهوم العرفي الأولي بل والشرعي فاسقات يفترض أن يكن موضوع تثريب وتسفيه أو عقاب وذلك حسب الوضعيات، وفي كل الحالات لا يمكن ان تكون المتعريات موضوع قدوة وإشادة واحتفاء إعلامي في مجتمع سوي.
ولتجاوز تلك الحقيقة يقع خلق حقول انتباه أخرى مكثفة تعمل عمل المنسي للحقيقة الأولى، فيقدمن على أنهن بطلات وصاحبات انجازات لمصلحة تونس، وتكثر المغالطات المنطقية في ذلك السياق حتى يساوين بالشهداء والمقاومين لفرنسا مثلا.
وينتهي ذلك الفعل الاقناعي المغالط المركز الذي تتولاه أدوات تشكيل الأذهان وهي التعليم ولكن خاصة الأعلام والثقافة، تنتهي تلك المجهودات لخلق أمور خطيرة منها:
- التطبيع مع واقع أن التعري والفسق أمر طبيعي، بل هو سمة للمتميزات فقط والدليل احتفاء الإعلام والمجتمع بهن.
- يقع العمل على الربط الشرطي المغالط بين التعري وبن التميز والوصول لمرتبة القدوة الاجتماعية، عن طريق تصوير انتقائي موجه يقدم فكرة أن التعري نتجت عنه متميزات وان الالتزام بالأخلاق لم ينتج متميزات.
- يصبح التعري والانحراف –يمكن التوسع والأخذ أيضا المنحرفات الاتي يقدمن على أنهن فنانات حيث يحتفي بهن الإعلام- مطلبا لذاته مادام يصور أنه المدخل للتميز والارتقاء لمرتبة القدوة الاجتماعية.
- هذا يعني ضمنيا ضربا لمنظومة القيم المجتمعية الإسلامية، من خلال العمل على خلخلتها وتخريبها من الداخل عن طريق إضعاف الولاء الذاتي الفردي لتلك المنظومة كنتيجة لزعزعة قناعاته بجدواها في حياته العملية.
- تتم خلخلة منظومة القيم الإسلامية من حيث مفهومها وتصورها لدى الفرد، ثم من حيث إمكانية الالتزام بها، ذلك أن أدوات تشكيل الأذهان التي تروج للمفاهيم الغربية المشرفة على كل منظومة الاقتلاع والإلحاق الذهني، تجعل الشباب بل عموم التونسيين حتى وان كانوا كهولا، يقعون في إشكالية التوفيق بين مفهوم القيم الإسلامية المقدمة في أسسها النظرية وبين الرغبة في الانتماء للمجموعة واقعا ومشاركتهم الفرحة بمن قدمت مثلا على انها قدوة –رياضية متميزة مثلا-، والفرد لوحده لايستطيع بحكم ترسخ ثقافة القطيع والإمعية لديه –إلا الإستثناءات القليلة-، لايستطيع بل لايملك ادوات المقاومة والتصدي للواقع.
- لحل ذلك الإشكال، يتم خلق الطمأنينة في خضم الصراع النفسي، باصطناع مفاهيم وظيفية مستحدثة للأخلاق وللإسلام يكون دورها تحديدا بناء طمأنينة ذاتية زائفة عند الفرد، ولذلك القصد بالذات تطرح كمفاهيم اسلامية ولكنها في نفس الوقت تكون مفاهيما تمنحه إمكانية الخوض في الواقع والتلذذ بباطله.
- تتولى أدوات تشكيل الأذهان المسؤولة عن كل منظومة الاقتلاع والإلحاق –وهي المنظومة العريقة الوجود بتونس حيث زرعت على أيدي سيئ الذكر بدعم من فرنسا-، تتولى دور إنتاج الطمأنينة تلك من خلال إما توليد المفهوم الوظيفي و إما الترويج له وإما الإنتاج والترويج، ويمكن في هذا الجانب ذكر بعض المفاهيم الوظيفية المروجة بكثرة، كإسلام التسامح والإسلام الوسطي والإسلام التونسي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: