البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

صناعة القدوات السيئة كأداة لتشكيل الأذهان: نموذج الرياضات النسائية

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6670


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يفرح التونسيون برياضيات حققن نتائج متميزة مثلما هم فرحون الآن -كما فهمت- لأن تونسيات نجحن في مباريات كرة على مستوى دولي، وتم تقديمهن في الإعلام وهن متعريات، ويجتهد الإعلام في إخفاء تلك الحقيقة والتخفيف من أهميتها.

تعمل أدوات تشكيل الأذهان التي تم زرعها منذ بدايات الاستقلال في مهمتها الموجهة ذات الدور الإيديولوجي التغريبي، على تشتيت فهم المتلقي من خلال عمليتين متوازيتين: خلق موضوع جديد والتغطية على موضوع قديم مع اعتبار أن الموضوع المخفي هو الذي يراد تمريره والتطبيع معه باعتباره الأمر المطلوب في سياق خلق ذهنيات جديدة تخدم مشروع الاقتلاع ثم التوجيه الذهني المقصود.

لنأخذ مثلا الرياضة النسائية، إذ يتم العمل على التغطية بكل الوسائل على كون النساء المقدمات كقدوات هن متعريات وهن بالمفهوم العرفي الأولي بل والشرعي فاسقات يفترض أن يكن موضوع تثريب وتسفيه أو عقاب وذلك حسب الوضعيات، وفي كل الحالات لا يمكن ان تكون المتعريات موضوع قدوة وإشادة واحتفاء إعلامي في مجتمع سوي.

ولتجاوز تلك الحقيقة يقع خلق حقول انتباه أخرى مكثفة تعمل عمل المنسي للحقيقة الأولى، فيقدمن على أنهن بطلات وصاحبات انجازات لمصلحة تونس، وتكثر المغالطات المنطقية في ذلك السياق حتى يساوين بالشهداء والمقاومين لفرنسا مثلا.

وينتهي ذلك الفعل الاقناعي المغالط المركز الذي تتولاه أدوات تشكيل الأذهان وهي التعليم ولكن خاصة الأعلام والثقافة، تنتهي تلك المجهودات لخلق أمور خطيرة منها:
- التطبيع مع واقع أن التعري والفسق أمر طبيعي، بل هو سمة للمتميزات فقط والدليل احتفاء الإعلام والمجتمع بهن.

- يقع العمل على الربط الشرطي المغالط بين التعري وبن التميز والوصول لمرتبة القدوة الاجتماعية، عن طريق تصوير انتقائي موجه يقدم فكرة أن التعري نتجت عنه متميزات وان الالتزام بالأخلاق لم ينتج متميزات.

- يصبح التعري والانحراف –يمكن التوسع والأخذ أيضا المنحرفات الاتي يقدمن على أنهن فنانات حيث يحتفي بهن الإعلام- مطلبا لذاته مادام يصور أنه المدخل للتميز والارتقاء لمرتبة القدوة الاجتماعية.

- هذا يعني ضمنيا ضربا لمنظومة القيم المجتمعية الإسلامية، من خلال العمل على خلخلتها وتخريبها من الداخل عن طريق إضعاف الولاء الذاتي الفردي لتلك المنظومة كنتيجة لزعزعة قناعاته بجدواها في حياته العملية.

- تتم خلخلة منظومة القيم الإسلامية من حيث مفهومها وتصورها لدى الفرد، ثم من حيث إمكانية الالتزام بها، ذلك أن أدوات تشكيل الأذهان التي تروج للمفاهيم الغربية المشرفة على كل منظومة الاقتلاع والإلحاق الذهني، تجعل الشباب بل عموم التونسيين حتى وان كانوا كهولا، يقعون في إشكالية التوفيق بين مفهوم القيم الإسلامية المقدمة في أسسها النظرية وبين الرغبة في الانتماء للمجموعة واقعا ومشاركتهم الفرحة بمن قدمت مثلا على انها قدوة –رياضية متميزة مثلا-، والفرد لوحده لايستطيع بحكم ترسخ ثقافة القطيع والإمعية لديه –إلا الإستثناءات القليلة-، لايستطيع بل لايملك ادوات المقاومة والتصدي للواقع.

- لحل ذلك الإشكال، يتم خلق الطمأنينة في خضم الصراع النفسي، باصطناع مفاهيم وظيفية مستحدثة للأخلاق وللإسلام يكون دورها تحديدا بناء طمأنينة ذاتية زائفة عند الفرد، ولذلك القصد بالذات تطرح كمفاهيم اسلامية ولكنها في نفس الوقت تكون مفاهيما تمنحه إمكانية الخوض في الواقع والتلذذ بباطله.

- تتولى أدوات تشكيل الأذهان المسؤولة عن كل منظومة الاقتلاع والإلحاق –وهي المنظومة العريقة الوجود بتونس حيث زرعت على أيدي سيئ الذكر بدعم من فرنسا-، تتولى دور إنتاج الطمأنينة تلك من خلال إما توليد المفهوم الوظيفي و إما الترويج له وإما الإنتاج والترويج، ويمكن في هذا الجانب ذكر بعض المفاهيم الوظيفية المروجة بكثرة، كإسلام التسامح والإسلام الوسطي والإسلام التونسي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الرياضة النسائية، التبعية الثقافية، تشكيل الأذهان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-01-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  تماثيل شكري بلعيد، أعمال عدائية يجب أن تزال
  لقد أثبتت الأحداث أن تُهَمَكم ضد "النهضة" باطلة: من يجعل مُغالِبه مسطرة فلن تنتظر منه غير الهزيمة
  "الوطد" ليس هو المسؤول الأول ولا الوحيد عن سوئنا، وماهو إلا مجرد مقاول صغير
  "الكيل بمكيالين": نموذج لصيغ الإخضاع الذهني
  حول اغتصاب الفلسطينيات
  من يدعو لترك الفرز الايديولوجي إنما يريد تسهيل عمليات إخضاعنا
  "المعارضة الديموقراطية": المسلمة الفاسدة التي تصر على إلزامك بتأسيسات تونس الاولى
  المفاضلة بين درجات السوء تنزع عن مواقفك السند الأخلاقي: نموذج حادث الفتيات السائبات
  الوعي الموجه، ظاهره جيد وباطنه تأسيس للإمّعية الذهنية
  خواطر حول الجمال والمنفعة
  الخضوع الذهني التلقائي للفرد التابع
  تعاملنا مع الأفعال نقطيا يجعل الأخطاء حتمية
  الأعمال التلفزية المتهتكة يجب رفضها لأصلها وليس لتفاصيلها
  نقاشات التونسيين حول الديموقراطية والحرية، تشبه عراك ركاب حافلة
  التضاد في المصطلحات: "على مسؤوليتي"، "إسلام التسامح"
  الاذاعات والتلفزات التونسية تمثل أكبر مصدر للتعفين الذهني: بداية من السجناء السياسيين وصولا لعموم الناس
  الدروس الوعظية تشوش وعي الناس ولاتخدمهم
  تناول مشاكل واقعنا من خلال نقاش الحرية والتنمية والديموقراطية، كحال من يرمّم بيتا خربا
  الإكتفاء بالتقييم المعياري يعيق فهمنا الحقيقة
  الإسلام ورموزه ليسوا في حاجة للأساطير
  الناس لديهم طاقات للفعل لكنهم يقمعون أنفسهم ويفضلون السلبية
  هل يقيّم ويقدّر الإنسان لفعله أو لفعل غيره به
  الإسراف في نقل أحداث الواقع انفعال وغياب للتفكير
  حول حضور "صلاة الجمعة" التي تخضع للسلطات
  حول مسألة الحج، في ظل سلطة آل سعود
  في المجال العام لا يكفي التعامل مع الفعل ببعده المادي، وانما علينا النظر للمحرك العقدي للفعل
  "الحل في الديموقراطية": نموذج للأخطاء التصورية
  أخلاق القوة وأخلاق الضعف: إذا لزم قول "لا" فقلها مباشرة وبوضوح
  لا نقيّم تفاصيل أمر، ما لم يكن صوابا في أوله
  نموذج هجرة الإسلاميين المطاردين وتحولهم لأدوات إقناع بالتبعية للغرب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مصطفى منيغ، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د. خالد الطراولي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- محمد رحال، نادية سعد، علي الكاش، صلاح الحريري، فوزي مسعود ، صباح الموسوي ، إيمى الأشقر، المولدي الفرجاني، حاتم الصولي، محمد يحي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عواطف منصور، سيد السباعي، صالح النعامي ، سلام الشماع، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، جاسم الرصيف، محمد الياسين، سليمان أحمد أبو ستة، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الرزاق قيراط ، تونسي، صلاح المختار، محمد عمر غرس الله، عزيز العرباوي، أ.د. مصطفى رجب، كريم فارق، د - الضاوي خوالدية، د - المنجي الكعبي، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مصطفي زهران، سعود السبعاني، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، وائل بنجدو، د - صالح المازقي، صفاء العربي، صفاء العراقي، يزيد بن الحسين، عمار غيلوفي، فتحي العابد، أبو سمية، الناصر الرقيق، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، يحيي البوليني، عبد الله زيدان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عراق المطيري، فتحي الزغل، سفيان عبد الكافي، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، كريم السليتي، محمود سلطان، حميدة الطيلوش، رشيد السيد أحمد، مجدى داود، أنس الشابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رضا الدبّابي، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، أحمد النعيمي، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، د - مصطفى فهمي، سامح لطف الله، أحمد الحباسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- جابر قميحة، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، مراد قميزة، ياسين أحمد، د. عبد الآله المالكي، محمد اسعد بيوض التميمي، علي عبد العال، حسن عثمان، الهادي المثلوثي، د. أحمد محمد سليمان، محمود طرشوبي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الهيثم زعفان، عمر غازي، د - محمد بنيعيش، خالد الجاف ، أشرف إبراهيم حجاج، ماهر عدنان قنديل، محمد الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، العادل السمعلي، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، رافع القارصي، د - شاكر الحوكي ، رمضان حينوني، فهمي شراب، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، سلوى المغربي، د - عادل رضا،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة