البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

منها تقاعس الإسلاميين
أسباب فشل الثورة في تحقيق أهدافها

كاتب المقال د.طارق عبد الحليم   
 المشاهدات: 5172



الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صَلى الله عليه وسلم
دعنا نُسَلِّم أولا بعنوان المقال، أنّ الثورة قد فشلت في تحقيق اهدافها، لا شكلاً وترقيعاً، بل موضوعاً وتحقيقاً. وهو ما قد يختلف معى فيه عدد من الشباب المتحمّسين، ممن يرون ما يحلمون به واقع، من حيث أن الواقع ليس ما يحلمون به. ولو ذهبنا نَعُدٌ أهداف الثورة، ونراجعها علي ما تحقق، لتكشّف لنا أن ما تحقق لا يصل إلى خمسة بالمائة من هذه المطالب. هذا عدا أن ما تحقق هو من قبيل الشكليات التي لا تقوم بها ثورة ولا يُستبدل بها نظام.

أسباب عديدة أدت إلى هذا الوضع البئيس المحزن. أولها أن الثورة قد إستعجلت قطف ثمارها قبل أن يبدو نُضجَها. ذلك حين انسحب الناس من الميدان عقب نبأ تنحى مبارك المخلوع. وهو خطأ استراتيجيّ قاتل، جاء نتيجة مباشرة لعدم وجود قيادة توجّه الجموع الحاشدة. والجمهور، بطبيعته، لا يَرسم مُخَططاً بعيد المدى، لكنهم يتحركون من وحى اللحظة، والتي فاقت فرْحتها عَشية تنحّى المَخلوع مداها، فما كان إلا أن شَعر الناس بإنتهاء المُهمة، وآثروا، بعد إنهاك أسابيع، أن يعودوا لبيوتهم طلباً للراحة.

والأمر الثاني، الذي تولّد مباشرة من السبب السَالف، أن أمور الثورة وقعت كثمرة ناضجة في يد المجلس العسكريّ، الذي هو صنيعة حسنى مبارك، يأتمرون بأمره، ويعملون بتوجيهاته، ويتبنون سياسته، ويرفعون له يد التحية والإكبار. ومن ثمّ كانت حمايته وأسرته أمراً يمثل أولوية عند هذا المجلس. كما كان الحفاظ على الهيكل العام لنظام قائماً لا يَسقط، بل والحيلولة، بالطرق الخبيثة الملتوية، على عدم بناء الدولة المصرية على أسس العدل والحرية الحقيقية. وكان من وسائلهم في هذا المخطط الحفاظ على النائب العام ووزارتي الداخلية والعدل، خارج نطاق المراجعة الحقيقية. وهذه الثلاثية هي التي تتحكم في إنهاء الفساد والظلم السابق، وضمان عدم تكراره في المستقبل.

والوزارات السيادية التي تتحَكم في مصير البلاد وتوجّهِها هي الداخلية والعَدل والإعلام والخَارجية. والناظر يرى أن المَسؤولية في هذه الوزارات قد أُسنِدت إلي من لم يحظى بثقة الشعب، ومن هم من مؤيدى النظام السابق، أو من العاملين السابقين تحت لواءه. حتى رئيس الوزراء، ذو الوجه البرئ، كان عضواً في لجنة سياسات نظام مبارك وشركاه.

والأمر الثالث، هو ذلك النفر القليلون من أهل العلمانية اللادينية، الذين يمثلون، هم وأهل الذمة من القبط نسبة 15% على الأكثر من الشعب، من حيث أثاروا ضجة وتشويشاً وقرَعوا طبولاً وأطلقوا مزاميراً، يلوحون بضرورة أن تخضع إرادة الشعب لمنهَاجهم في تكوين الدولة وتحديد مرجعيتها، مما شغل الناس عن مُتابعة التقدم الحقيقيّ حثيثاً في إتجاه تحقيق أهداف الثورة. وما يغيظ في هذا الصدد هو ذلك التعبير الزائف المُوهم الذي تطلقه وسائل الإعلام على هذه التجمعات الكرتونية وهو "القوى السياسية"! ولا ندرى ماذا يعنون بكلمة "القوى"! هذه التجمعات لا أرضية لها في الشارع المصرىّ إلا أقل القليل من أهل الإعلام والكتاب اللادينيّين، وعدد من الشباب الجَامعيّ المُنبَهر بألفاظ العِلمانية، وصورة التقدّم الغَربي، والمَخدوع بوهم عدم التعارض بين الدين والعلمانية!

والأمر الرابع، هو ذلك التخاذل الذي تناولت به القوة الوحيدة، التي تحظى بمساندة حقيقية كبيرة في الشارع المصري، وهى قوة الإسلاميين. فقد تعاملوا مع أحداث الثورة من منطلقاتٍ متغايرة متباينة، لكن يجمعها كلها جامع هو عدم الحرص على متطلبات الثورة، وتجنب اي صدامٍ، بأي شكلٍ وعلى أي مستوى، مع السلطة القائمة، حتى ولو على حساب خسارة الثورة. فالإخوان جعلوها سياسية مجردة كديدنهم، والسلفيون حائرون بين شيوخٍ لا علم لهم إلا علم الكتاب، ولا خبرة لهم في أمور الدنيا وأحوالها، وبين حداثة عهدٍ لالخوض في مَعمعات السياسة، بعد طول تجَحّرٍ وتقوقع. والجماعة الإسلامية، أعانهم الله على ما هم فيه، لا يزالون يترنحون من وقع ثلاثين عاماً من الحبس، لا يمكن أن يفيقوا منها، وى أحسب أن تصح رؤياهم في أسابيع أو شهور، بعد الحياة في الظلام سنين ودهور.

ودليل الفشل ظَاهر للعيان، لا يحتاج إلى دليل، إلا إن احتاج النهار إلى دليل! الحكومة في تخبّطٍ، وعلى رأسها عصام شرف. المَجلس العسكريّ يعاند ويتوعد، ويتباطئ ويتواطئ، ويراوغ ويخادع، شأن العسكر، بلا جديد. والفاسدون قليلهم وراء القضبان، يعرف أن مصيره إلى الإفراج لعدم كفاية الأدلة التي خطّط له المُجرم العام، وأكثرهم في منصبه لا يزال، ينتظر الفرصة للعودة إلى الفساد والإفساد. والقوانين التي يتحاكم اليها القضاء اليوم، في معاقبة الجناة، هي ذات القوانين التي وضعها الفاسدون ليتحكموا في مصر ومصيرها، فكيف يصلح شأن هذه المحاكمات إذن، وأصلها الفساد، وغرضها الإفساد؟

الثورة لها روحٌ وخلقٌ وقانون. فروح الثورة هي الخروج عن المألوف، والتمرّد على المَوجود، والإنسلاخ من الجلود. وخلقُ الثورة هو الغضب قبل التأني، والعدالة قبل الرحمة، والثأر قبل القانون. وقانون الثورة هو القصاص من الفاسدين، والتخلص من المعاونين، وآنية الضرب على أيدى المُخرّبين من بطانة المُنحلين. على هذه الوتيرة تنجح الثورات، وتصل إلى تحقيق أغراضها، لا بالتميع والتباطئ والمداهنة والمحاورة.
الثورة تحتاج إلى محاكم ثورية، يقف أمامها الفاسد الذي عُرف عنه الفساد بالتواتر، دقائق مَعدودة، للتحقق من شَخصيته ليس إلا، ثم يحكم عليه بإعدام فوريّ، أو سجنٍ مؤبد، أو ما رأى قضاة الثورة، لا قضاة مبارك. وقتها لن يفكر أحدٌ في فسادٍ إلى عقودٍ عدة قادمة. الثورة تحتاج إلى وزراء من الشعب العامل، ممن ليس لديهم أية خلفية سياسية، ولا علاقات قائمة بالهياكل الوزارية الموجودة، يطاردون ويطردون أتباع الفساد وأعوانه، ويعينون بَدلاً منهم من لديه الخبرة والأمانة. ومن إعترض فليس له إلا الحبس.
الثورة تحتاج إلى إلغاء الأحكام العَسكرية، وقانون الطوارئ الذي لا يزال مُفعّلاً. وإطلاق أسرى الجَيش، وتقييد سلطاته، وتبديل القائمين على وزارة العدل والنائب العام. ولا يكون هذا إلا بمليونياتٍ إعتصامية، لا تبرَح الميادين قبل أن تتحَقق المطالب بالبراهين.

--------------
وقع تحوير العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المضادة، الثورة المصرية، الإنتخابات، ميدان التحرير،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-07-2011   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بن موسى الشريف ، حسن الطرابلسي، كريم فارق، إياد محمود حسين ، د. أحمد محمد سليمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حاتم الصولي، صفاء العربي، عزيز العرباوي، د - المنجي الكعبي، د- هاني ابوالفتوح، الهيثم زعفان، طارق خفاجي، كريم السليتي، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، د. مصطفى يوسف اللداوي، سليمان أحمد أبو ستة، فوزي مسعود ، محمود طرشوبي، يحيي البوليني، سامح لطف الله، فتحي الزغل، حميدة الطيلوش، صالح النعامي ، حسن عثمان، محمود سلطان، أحمد الحباسي، د - صالح المازقي، محمد الطرابلسي، عمار غيلوفي، طلال قسومي، عبد الله الفقير، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، خبَّاب بن مروان الحمد، مصطفي زهران، محمد أحمد عزوز، سفيان عبد الكافي، أشرف إبراهيم حجاج، د - شاكر الحوكي ، عبد الغني مزوز، سلوى المغربي، إيمى الأشقر، د - الضاوي خوالدية، عبد الله زيدان، الهادي المثلوثي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، المولدي اليوسفي، أحمد بوادي، إسراء أبو رمان، سلام الشماع، عراق المطيري، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، خالد الجاف ، محمد شمام ، د - محمد بنيعيش، محمد العيادي، نادية سعد، د - عادل رضا، د - مصطفى فهمي، صفاء العراقي، محمد الياسين، تونسي، جاسم الرصيف، صلاح المختار، رافع القارصي، صلاح الحريري، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، محمد يحي، ضحى عبد الرحمن، رافد العزاوي، د.محمد فتحي عبد العال، العادل السمعلي، وائل بنجدو، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، المولدي الفرجاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، منجي باكير، عواطف منصور، بيلسان قيصر، أ.د. مصطفى رجب، فتحـي قاره بيبـان، عمر غازي، سعود السبعاني، د- محمد رحال، د. عبد الآله المالكي، ماهر عدنان قنديل، أبو سمية، محمد عمر غرس الله، محمد علي العقربي، د. صلاح عودة الله ، د. أحمد بشير، مجدى داود، فتحي العابد، علي الكاش، حسني إبراهيم عبد العظيم، رضا الدبّابي، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، د- جابر قميحة، أنس الشابي، صباح الموسوي ، رشيد السيد أحمد، علي عبد العال، محرر "بوابتي"، سامر أبو رمان ، مراد قميزة، عبد العزيز كحيل، د- محمود علي عريقات، يزيد بن الحسين، أحمد النعيمي، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة