البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الحجاب بين الشرق والغرب

كاتب المقال د. نهى قاطرجي   
 المشاهدات: 6031



بسم الله الرحمن الرحيم
إن المتتبع للأخبار اليومية التي تنشر في وسائل الإعلام، يلحظ بأن موضوع الحجاب والنقاب من المواضيع التي تثار بشكل دائم، ليس فقط على الصعيد المحلي والاسلامي، بل ايضا على صعيد العالمي ايضا. فالحوادث التي وقعت مع تلميذات من مصر ولبنان مع اساتذتهم داخل مدراسهم وجامعاتهم عديدة، وقد تسببت إحداها في إصدار قانون يمنع النقاب في جامعات مصر.

وكذلك قصص تعرض النساء المسلمات إلى المهانة من قبل رجال الشرطة والأمن حدثت في أكثر من بلد، وآخرها الاذلال الذي تعرضت له امرأة محجبة عربية في مطار ألمانيا بسبب نقابها ورفضها خلعه، مما دفع بالمرأة الشرطية التي كانت تخضعها للتفتيش في غرفة منعزلة، إلى توجيه كلام لاذع لها وإلى لعنها ولعن المسلمين قائلة لها : " أين تظنين نفسك هذه ألمانيا أيتها الغبية الحمقاء ستنزعين حجابك رغما عنك، ايها الرعاع، مجنونة، قبيحة" ثم صفعتها.

وإذا كانت هذه الحادثة العنصرية قد انتهت بالصفع، فإن هذه العنصرية نفسها هي التي أودت بحياة شهيدة الحجاب "مروة الشربيني" على يد متطرف ألماني في قاعة المحكمة بسبب رفعها قضية ضده بعد ان وصفها بالارهابية وحاول خلع حجاب رأسها.

إن هذه الحوادث المتكررة التي بدأت النساء المسلمات يعتدن عليها ويتقبلنها كبلاء من الله عز وجل يستوجب منهن الصبر والدعاء، زادت من تمسكهن بحجابهن، ولو أدى ذلك إلى التزامهن بيوتهن وعدم الخروج منها، إما خوفا من الاعتدءات التي يمكن ان يتعرضن لها ، وإما بسبب القوانين المجحفة التي فرضت عليهن الضريبة نتيجة ارتدائهن لحجابهن و نقابهن.

إن مما دفعني للحديث عن موضوع الحجاب والنقاب مجددا ، خبران تزامن ورودهما في وسائل الإعلام، الأول مصدره فرنسا والثاني مصدره مصر ، وسبب توقفي عندهما هو غرابتهما بعض الشيء ، فالخبر الأول ذكره الدكتور "فهمي الهويدي" في مقال له تعليقاً على موقف الغرب من المسلمين، والتناقض بين المبادئ الذي يدعو إلى اعتنتاقها ويدّعي حمايتها وبين ممارساته العنصرية ضد ابناء المسلمين. وقد تجلى هذا التناقض في منع النساء المسلمات في فرنسا من الخروج إلى الشارع بالنقاب، بعد أن اصدر البرلمان الفرنسي، قانوناً بفرض غرامة قدرها 150 يورو على كل مسلمة ترتدي النقاب في الشارع، وكأن في هذا الفعل جريمة شنعاء تستحق العقاب.

إن هذا القرار المستفز وغيره من القرارات العنصرية الصادرة عن هذا البلد دفع ببعض المسلمين إلى الهجرة، إما عائدين إلى بلادهم وإما لاجئين إلى بلدان أوروبية أخرى لم تبدأ بعد بصياغة مثل هذه القوانين المجحفة. اما من لم يحالفه الحظ بالمغادرة فإن الحل الذي اورده الدكتور الهويدي جاء من قبل رجل أعمال فرنسي مسلم اسمه "رشيد نقاذ" الذي اعلن عن إنشاء صندوق رصد فيه مبلغ 130 مليون دولار (حصيلة بيع عقارات له)، لمساعدة المسلمات اللواتي يخرجن من بيوتهن بالنقاب على دفع الغرامات، التي تفرض عليهن جراء تمسكهن بموقفهن.

إن مثل هذه الحلول الفردية هي حلول مؤقتة مهما بلغت قيمة الأموال التي ترصد لها. خاصة أن مثل هذه التصرفات قد تعتبرها الدولة الفرنسية تحديا لها فترفع الغرامة المطلوبة. ولكن فائدتها تكمن في التعبير عن الرأي بصلابة والتمسك بالحقوق الشخصية، ومن ثم لفت نظر الرأي العام الفرنسي حول اجحاف قوانين بلدهم التي تسمع للنساء الداعرات بالتجول على الطرقات ناقلات الأمراض والفساد، ولا تسمح للمرأة المسلمة الملتزمة بأن تمر بنقابها على أساس انها تهدد الأمن القومي.

الخبر الثاني ذكرته احدى القنوات الفضائية، ولكن هذه المرة من مصر، حيث اصدرت بعض مطاعم وفنادق وشواطئ المصرية قراراً بمنع المحجبات من الدخول إليها ، متسترين بالتصريح الصادر عن وزارة السياحة المصرية.

ومن الحجج التي يدعيها بعض اصحاب هذه الفنادق ان هذا المنع هو لحماية المحجبات، خاصة أنه بعد منتصف الليل تتحول معظم المطاعم إلى دسيكوهات واماكن غناء ورقص ، وهذا لا يتناسب مع حجاب المرأة وحشمتها، لذلك جاء هذا المنع حماية لمشاعرهن وليس أكثر.
إن صدور هذا القرار اثار كالعادة موجة من التأييد والرفض، وكان من بين الرافضين العلماء الذين وجدوا فيه تمييزا على أساس الزي، يتنافى مع الدستور الذي يمنع التمييز بسبب الدين والعنصر ، كما أن منع المحجبات من دخول هذه الأماكن معناه منع أكثر من تسعين بالمئة من نساء مصر من دخول هذه الأماكن.

اما الفئة المؤيدة فتتمثل في اهل المال والصحافة والثقافة والسياحة، ولعل ابرز المؤيدات لهذا القرار هن نساء الحركات النسائية، اللواتي تبحثن عن "جنازة يشبعن فيها لطم" كما يقول المثل الشعبي المصري. ومن بين هؤلاء الكاتبة الصحافية "إقبال بركة" صاحبة كتاب " الحجاب " والتي تفاخر فيه برأيها المناهض للحجاب، فقد أيدت في تصريح لها منع دخول المحجبات ليس فقط إلى الفنادق والمطاعم، بل إلى أي مكان مزدحم مثل "المولات" التجارية ، واعتبرت بأن هذا يدخل في مجال الحرية الشخصية لأصحاب هذه الأماكن. وكان من بين ما قالته: " إن المحجبة قد ترتاد هذا المكان السياحي لتحتسي كوباً من الشاي أو القهوة وتشغل المكان فترة طويلة، وهذا الأمر قد لا يروق لأصحاب تلك الأماكن التي ترحب بالمتبرجات أكثر، فأنا مع منعهن منعاً نهائياً، لأنني لا بد أن أكون على دراية كاملة بمن تجلس بجانبي".

إن هذا القول يعكس وجهة نظر كثير من الناس الذين لا يؤمنون بفرضية الحجاب، ولا يخفون كرههن له ويربطونه بالتخلف والرجعية والجهل، وكذلك بالفقر بل وحتى بالنظافة، كما ورد على لسان إحدى مدرسات الأزهر السافرات حيث قالت بأن النساء قررن " ارتداء الحجاب لإخفاء عيوب الشعر، او لعدم اهتمامهن بنظافة رؤوسهن ".

إن هذه المواقف التي تزيد حدة يوما بعد يوم ، تستدعي المبادرة إلى ايجاد حلول لها، ليس فقط من المسؤولين وأهل العلم والدين، ولكن أيضا من المحجبات والمنقبات أنفسهن، من أجل دراسة الأسباب والعوامل التي أوصلت بالآخرين إلى التطاول والاعتداء عليهن. فإذا كان الوضع في الدول الغربية خارج عن السيطرة، بسبب الاختلاف في البيئة والدين والقوانين. فإن الوضع في البلاد الإسلامية يختلف تماما، خاصة ان الحجاب والنقاب فيهم ليس امرا نادرا، بل هو منتشر وبكثافة. مما يعني بأن اتخاذ القوانين المضادة ضدهما قد يطال القسم الأكبر من الشعب، إذا اخذنا بعين الاعتبار عائلات المحجبات. من هنا فإن رفض هذه القوانين والاحتجاج ضدها أمر قد يكون فعالا، كما ان سياسة المقاطعة التي تستخدم ضد العدو يمكن أن تستخدم هنا ضد كل من سولت له نفسه الهجوم على الإسلام. ولعل المبادرة التي قام بها أحد الأمراء السعوديين عندما منع بيع الخمر في فنادقه، يمكن ان يحتذى بها ، ويؤسس للمسلمين الملتزمين فنادقهم ومطاعمهم الخاصة.

أخيرا، الأسئلة التي يمكن ان تطرح نفسها هنا عديدة، فهل ما تتعرض له النساء المسلمات في بلادهن أمر ناتج عن غربة الإسلام الذي تحدث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، أم ان هذا يعود إلى الضعف والهزيمة الذي يستشعره المسلم في مقابل العولمة وحروب الآخرين ضده ؟ ثم ما هو دور المحجبات أنفسهن في صدور مثل هذه القوانين المجحفة بحقهن، وهل يمكن أن يكون لارتيادهن هذه الأماكن المشبوهة دور في استصدار مثل هذه القوانين ؟ أسئلة كثيرة تنتظر الاجابة...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

حجاب، الحجاب، الزي الشرعي، الزي الإسلامي، النقاب، منع النقاب، تغريب، حرب الإسلام، تبعية، غزو ثقافي، إمعية، علمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-04-2011   http://www.saaid.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامر أبو رمان ، سعود السبعاني، عمر غازي، رمضان حينوني، د - محمد بنيعيش، محرر "بوابتي"، مصطفي زهران، حسن الطرابلسي، أحمد بوادي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، رضا الدبّابي، يحيي البوليني، تونسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافد العزاوي، سليمان أحمد أبو ستة، حسن عثمان، رافع القارصي، مراد قميزة، محمد الياسين، أحمد الحباسي، د- جابر قميحة، سيد السباعي، محمود فاروق سيد شعبان، د- محمود علي عريقات، مصطفى منيغ، أحمد ملحم، د - شاكر الحوكي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، المولدي الفرجاني، عراق المطيري، عبد الله الفقير، صالح النعامي ، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، طارق خفاجي، د - المنجي الكعبي، محمد شمام ، خالد الجاف ، د. أحمد محمد سليمان، حاتم الصولي، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، يزيد بن الحسين، نادية سعد، منجي باكير، العادل السمعلي، ماهر عدنان قنديل، مجدى داود، د. أحمد بشير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د.محمد فتحي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العراقي، الهيثم زعفان، عبد الغني مزوز، إياد محمود حسين ، أبو سمية، محمد الطرابلسي، عبد الله زيدان، وائل بنجدو، محمد علي العقربي، د - صالح المازقي، أشرف إبراهيم حجاج، د- هاني ابوالفتوح، سفيان عبد الكافي، سلام الشماع، عواطف منصور، ضحى عبد الرحمن، بيلسان قيصر، عزيز العرباوي، محمد اسعد بيوض التميمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد العيادي، د- محمد رحال، الناصر الرقيق، كريم السليتي، عبد الرزاق قيراط ، كريم فارق، محمد أحمد عزوز، حميدة الطيلوش، صفاء العربي، عمار غيلوفي، صباح الموسوي ، فتحي الزغل، أحمد النعيمي، فتحـي قاره بيبـان، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب، فتحي العابد، د. عبد الآله المالكي، صلاح الحريري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، محمود طرشوبي، المولدي اليوسفي، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، إسراء أبو رمان، محمود سلطان، طلال قسومي، علي عبد العال، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - مصطفى فهمي، د - الضاوي خوالدية، د - عادل رضا، عبد العزيز كحيل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أنس الشابي، صلاح المختار، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، فهمي شراب،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة