يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نفهم ان الموقف العربي الرسمي من القضايا الوطنية والقومية مصاب بالخلل الفادح، والعجز عن اتخاذ اي موقف لنصرة القضايا الوطنية والقومية، حد التآمر من العديد من اطراف هذا النظام، وخاصة فيما يتعلق بقضية احتلال فلسطين واحتلال العراق، ولكن لا نفهم مستوى التدني في نصرة المقاومة في فلسطين والعراق من قبل الجماهير العربية، ومؤسسات المجتمع المدني، وكثرة التبريرات والحذلقات السياسية، لتغطية هذا العجز الذي يلاحق عمل هذه المؤسسات.
نفترض ان الاحتلال لا اجتهاد فيه، فالكيان الصهيوني اغتصب كامل ارض فلسطين، ولا يجوز تحت اي مبرر ان نتغاضى عن احتلال شبر واحد من فلسطين، ايا كانت الظروف والمبررات والفلسفات الايديولوجية التافهة، التي لا تفهم من المعاييرالوطنية والقومية حدها الادنى، والبعيدة كل البعد عن ثقافة المجتمع ودينه، التي لا تقبل اي مساومة على احتلال الارض واغتصاب الوطن، حتى لو كان هذا المغتصب اقرب الناس في الدين والعقيدة والمبدأ، وما ينطبق على فلسطين ينطبق على العراق، فالامبريالية الاميركية وبتحالف مع الصهيونية والطائفية المجوسية الفارسية، اقدمت على غزو العراق واحتلاله، والاميركان يعترفون باحتلالهم للعراق، كما ان الفرس قد تبجحوا بالتحالف معهم، والصهاينة يرتعون في في ظل الاحتلال.
المقاومة العربية في كل من فلسطين والعراق، لا تجد الحد الادنى من الدعم من الجماهير العربية، عدا التعاطف الشعبي، الذي لم يترجم الى مواقف عملية، تسند المقاومة بالاعلام والمال والسلاح والرجال، حيث ان المقاومين لا يدافعون عن تراب فلسطين والعراق فحسب، بل يدافعون عن الامة كلها، لان الامة كجسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعت له كافة الاعضاء ، فنحن على امتداد الوطن العربي مصابون بداء الاحتلال، ومع ذلك لا نتحرك للخلاص من هذا الداء.
ليس هناك من مبرر امامنا في عدم مساهمتنا في دعم المقاومة الا فقدان الثقة بالنفس، وتراجع في اخلاقنا وتخلف في تربيتنا، لان الامة التي كانت تربيتها على قيم الاسراع في تقديم الدعم ونصرة الملهوف، والدفاع عن حياض الوطن، ورفض الظلم والتغني بالاوطان والفروسية والشجاعة، والذود عن حياض الوطن مهما كانت التكاليف، قد فقدت هذه القيم، واستبدلتها بالفردية والانانية والمصالح الشخصية، والتخندق في الخنادق الحزبية الضيقة، ولحقت الجماهير الشعبية بمواقف نظمها السياسية، التي رهنت نفسها ومستقبل بلادها الى من يحمي كراسي هذه النظم، وحولها الى سلطات خدمات لسادتها، بدلا من أن تكون هذه السلطات في خدمة بلادها ومواطنيها، فاصبح الناس على دين ملوكهم، وتساوت الجماهير ومؤسسات المجتمع المدني مع النظم السياسية في استمراء العيش في الذل والمهانة، الذي ينخر عقول ونفوس الحكام والمحكومين.
نحن في امس الحاجة الى اعادة النظر في تربيتنا، لاننا فقدنا ما فيها من قيم اجتماعية واخلاقية وثقافية ودينيه، جعلتنا في المستوى المتدني الذي نعيش فيه، فاصبحنا اذلاء، حكاما ومحكومين، واخذت امم الارض تتسابق على نهب خيراتنا، واحتلال اراضينا، وانتهاك حرماتنا، والدوس على كرامتنا، وما من وسيلة نعود فيها الى جوهر الامة في قيمها الاجتماعية والثقافية والاخلاقية والدينية، الا من خلال النظام التربوي، الذي بفضله يمكن تربية ابنائنا على قيم الحق والعدل والدفاع عنهما، والعمل بكل ما نملك من اجل حماية انفسنا وابنائنا واوطاننا، ببذل الغالي والنفيس، لتكون امتنا امة الجهاد الذي يكاد ان يكون الركن السادس في عقيدتنا الدينية، وما المقاومة المسلحة الا بوابة رئيسية من ابوابه، على الرغم من تعدد بواباته.
نحن امة جديرة بالحياة، وهذه تحتاج الى تضحية، والذين يقدمون ارواحهم واموالهم في نصرة الحق في فلسطين والعراق، من ابناء المقاومة الاكثر جدارة منا جميعا، وهم بامس الحاجة ان نكون ظهيرهم، وان نقدم لهم كل الدعم وسبل الصمود والمقاومة، حتى يحققوا النصر، لان نصرهم في فلسطين والعراق هو نصر للامة، فاعداء الامة هم الاميركان والصهاينة وكل من يتحالف معهم، ايا كانت شعاراته الغوغائية، ولا يجوز ان يخدعنا احد من هؤلاء الغوغائيين، وخاصة في ايران، او ممن يدعون الاسلام في العراق، او ممن ينادون بالسلام مع العدو الصهيوني، فهؤلاء جميعا يصبون في مصلحة اعداء الامة، لانهم يخدعون الامة بمواقفهم، ويشتتون جهودها، حتى لاتجمع على مواجهة اعدائها.
نصرة المقاومة في فلسطين والعراق واجب وطني وقومي وديني وانساني، ولا حذلقة في غير ذلك، ولا اجتهاد سياسي، ولا نظريات متهافتة، تقف من هذا الطرف او ذاك موقف المتحالف، او السكوت عما يقوم به من ممارسات خيانية في حق الامة، كما هي مواقف البعض من بعض اطراف افرازات الاحتلال الاميركي في العراق، او مواقف المتهافتين على الاستسلام مع العدو الصهيوني في فلسطين، فكل ما يجري في فلسطين من مفاوضات وعلاقات مع الكيان الصهيوني غير شرعي، وكل افرازات الاحتلال الاميركي في العراق غير شرعي، ولا يجوز لاي كان ان يتفلسف في ذلك، لان هذه الفلسفة هي الخيانة بعينها.
يجب على الامة وبشكل خاص قواها الجماهيرية ومؤسسات المجتمع المدني، ان توحد مواقفها من ادانة الاحتلال الصهيوني، والعمل على مقاومته، وتقديم كل سبل الدعم للمقاومة في فلسطين، كما يجب على الجميع دعم المقاومة العراقية الباسلة، واعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعب العراق، والعمل على التنديد بكل الذين يشاركون في حكم العراق الاميركي، لان الاميركان غزاة، والذين جاءوا مع دباباتهم عملاء وخونة في حق البلاد والعباد ودين الله، ومجرمون في العرف الانساني، الذي يأبى ان يتعامل مع هؤلاء الخونة تحت اي مبرر كان.
نحن امة كرمها الله بان جعلها خير امة اخرجت للناس، وما نحن فيه لايسمح لنا بان نكون كذلك، فالامة التي اراد الله لها ان تكون خير امة للناس، هي امة الحق والعدل، وأولى بها ان تسعى لتطبيقه على ارضها، وما يتطلبه كنس الاحتلال، لانه لاحق مع الاحتلال، ولا عدل في ظل الاستعمار واعوانه، ولا حق في غياب العلاقة الصحيحة بين الحاكم والمحكوم، ولا عدل في تغييب دور الجماهير الشعبية، ومن يمثلها من مؤسسات مجتمع مدني، تعمل لصالح البلاد والعباد ومستقبل الاوطان، ولا حقوق يمكن ان تقدم على طبق من ذهب، بل ان على الجماهير ان تسعى لنزع حقوقها، لتقف مواقف الشرف مع ابنائها من ابطال المقاومة الباسلة، في خندقي المواجهة في فلسطين والعراق، فمستقبل الامة مرهون بنصرتهما.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: