يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من كان يعتقد واهما أن انتخاب اوباما سيعيد له المحتل من الأرض في فلسطين والعراق، فهو في ابسط الأوصاف واهما أو مغفلا، لان اوباما لا يملك صناعة القرار في الدولة الاميركية وحده، فهناك سلطة الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ، وهناك سلطة لوبيات المصالح السياسية والاقتصادية، فمنها لوبي النفط، ولوبي السلاح واللوبي الصهيوني، الى جانب سلطة البيت الابيض بدون ادنى شك وتأثيرات المستشارين وصلاحيات نائب الرئيس ومدى فاعليته وقدرته على الحركة والتأثير على افكار الرئيس وصناعة القرار في البيت الأبيض.
هناك الاهداف والاستراتيجيات، التي لا تتغير بوجود هذا الرئيس او ذاك في الولايات المتحدة الاميركية، فالدولة الاميركية هي من يملك قرار الحرب الكونية، ومن يتحكم في اسواق المال والاقتصاد في العالم، ومن يهيمن على القرار الاممي في المنظمات الدولية، فليس معقولا ان يكون الرئيس من يتجاهل كل ذلك، او من يملك صناعة القرار بمفرده، وفي ضوء تصوراته الشخصية، التي يحملها او يطرحها في معركته الانتخابية.
الادارة الاميركية تمثل الوجه الامبريالي البشع، المنبثق عن الرأسمالية المتوحشة، التي لا تفهم ابجديات لحقوق الامم والشعوب، ولا يهمها من القضايا الانسانية، الا بالشكل الذي يتم توظيفه لتحقيق اهدافها، ومن هنا كان امر طبيعي ان تتخندق في الخندق الصهيوني، فالصهيونية الوجه الأخر للنمط الامبريالي، وبصورة اكثر بشاعة، لانها استعمار استيطاني توسعي، تهدف الى نفي الأخر والغائه، اكثر بكثير من سعي الاستعمار الى استغلال خيراته، وجعله سوقا استهلاكيا لمنتوجاتها.
من كان واهما فكاك اميركا اوباما عن التحالف مع الكيان الصهيوني، ونام على وسادة ان يعيد اوباما حقوقه المهدورة في فلسطين، فقد كان يسعى للفكاك من التزاماته الوطنية والقومية، المترتبة عليه في النضال من اجل تحرير فلسطين، وكذلك من كان يظن ان اوباما سيخرج من العراق بدون ان يكون مرغما، بفعل بطولات المقاومة العراقية الباسلة، التي تجعله يفكر في موازنة الربح والخسارة في عملية الاحتلال، فقد كان مغفلا، لان الاحتلال لايحمل عصاه ويهرب الا اذا كلفه الاحتلال اكثر مما سيستفيد من هذا الاحتلال.
ان النضال الوطني والقومي في الساحة العربية لن يكون معتمدا على وعود، اوباما ولا على محادثات الكواليس مع العدو الصهيوني، وان التحرير لن يكون الا من خلال النضال المدني السلمي والعسكري، ضد الوجود الامبريالي الاميركي في العراق، والوجود الصهيوني في فلسطين، وكلا الساحتين هما في عداد الساحة الواحدة، لانها ساحة قومية واحدة، ولا يجوز تحت اي مبرر ايا كان نوعه، طعن اي منهما، او تملق هذا الطرف الاقليمي او الدولي على حساب الطرف الآخر، فمن لم يكن مع العراق هو ليس مع فلسطين، والعكس صحيح.
ان عرب التسوية السلمية / الاستسلامية، لن يكفوا عن التغني بأميركا وزعيمها اوباما، لانهم قرروا ان يحولوا الصراع العربي الصهيوني، من صراع وجود الى صراع حدود، وهم يتنازلون بمحض ارادتهم عن ما يزيد عن ثمانين بالمئة من ارض فلسطين التاريخية، متوهمين ان قيام كيان وطني فلسطيني تحت مسمى الدولة سينهي الصراع، دون ان يعوا ان تنازلهم الفادح لم يغيّر من طبيعة الاهداف الصهيونية التي رسمتها في مؤتمر بال مع نهاية القرن التاسع عشر، وهي تسعى جاهدة لتحقيقها على مراحل، منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، وان كل ما عقدوه من اتفاقيات سلام / استسلام مع الأطراف العربية، لم تمنعهم ان يستمروا في العمل العلني والسري لتحقيق هذه الأهداف.
تقول العرب في امثالها : ما حكّ جلدك مثل ظفرك، وما ضاع حق وراءه مطالب، وما بحرث الأرض غير عجولها، فهل نحن في منزلة التمثل بأمثالنا ؟.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: