يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اذا كان العرب متهمين بأنهم لا يقرؤون، وان قرؤوا لا يفهمون، فان الاستعمار هو من لا يتعلم من أحداث التاريخ، وعبر الماضي، ونضالات الجماهير، وتضحيات الشعوب، والصهاينة هم قمة الاستعمار، لا بل أسوأ ما فيه، من اغتصاب لحقوق الآخرين، وعدوان على انسانية الانسان وكرامته، وحقه بالعيش في وطنه بأمن وسلام، لانه عدواني استيطاني توسعي، يعمد على تجريد الانسان من أغلى ما يملك، وهو الوطن، ويحل مكانه غرباء الوجه واليد واللسان .
فلسطين استهدفت لمرات عديدة، والقدس كانت دائما في صدارة استهداف الاغتصاب، وكانت النتيجة على الدوام طرد الاحتلال بهزيمة منكرة، منذ أن وطأت أقدام اليهود أرض فلسطين، مرورا بالصليبيين، وانتهاء بالكيان الصهيوني الجاثم على أرض فلسطين وعاصمتها القدس، لأن هزيمة المشروع الصهيوني في حكم المؤكد، انسجاما مع نضالات الأمة وفي مقدمتها شعب فلسطين، ولتحقيق بديهية أن الاحتلال مصيره الى زوال .
يحتفل الصهاينة بالذكرى الثانية والأربعين لاغتصاب القدس أثناء عدوان حزيران، ويحتفل العرب بالقدس عاصمة للثقافة العربية، مشهدان متناقضان، واحد عدواني ظلامي بربري همجي، يقوم على العدوان، واغتصاب حقوق الشعوب، والاتكاء على هلوسات خرافية، تنتسب الى الدين جزافا، وآخر تنويري تقدمي، يأخذ بيد الانسان وانتاجه العقلي الى درجة السمو في الارتقاء، الأول يمثل الظلم، والثاني يمثل الحق والعدل، فأي من الوجهين ستكون له الغلبة والانتصار؟، ومما لا شك فيه أن الحق والعدل دائما يفوزان بالانتصار .
القدس لدى المؤمنين برائحة الايمان الانسانية، وتشبثه بالعدل، والنضال من أجل احقاق الحق، غير جديرة بأن تكتسي بجدرانها، وبيوتها، وازقتها، ومعابدها، وانسانها، بجلباب القهر والعبودية، وافرازات أسوأ ما تكتزنه النفس البشرية، المتمثلة بزفرات الاحتلال والمحتلين من أرذل شعوب الأرض، وأكثرهم انحرافا عن نواميس الحياة، التي أرادها الرب لعباده .
القدس أرض عربية لم يتم اغتصابها الا في الوضع الشاذ للأمة، فالأمة عندما تغزوها التجزأة، وتنتصر القطرية والاقليمية على وحدتها، تصاب بالذل والهوان، ولأن هذا الوضع يتعارض مع ناموس الحياة للأمم الحية، كأمة ولدت فيها رسالات السماء، وحملت على أكتافها الرسالة الخالدة للأمة، التي وحدتها، وصنعت بها نموذجا حضاريا مبدعا، فلن يكون في مقدور أعدائها الاتكاء على الوضع الشاذ هذا، لأن الأمة في طور التوحيد، حتى وان كانت هناك العديد من الضبابيات، التي تعمي الأبصار عن رؤية الحقيقة .
اذا كان في مقدور الصهاينة الجرأة على الاغتصاب، فلدى الأمة الجرأة على الانتصار لحقوقها المغتصبة، وقد مرت في ظروف أسوأ بكثير مما هي فيه، فانتصبت قامتها، ونفضت عنها غبار الذل والهوان، العائد الى التجزأة، وتوحدت، وانتصرت على أعدائها، وحررت آراضيها، وبزمن قياسي تطهرت الأرض من أدران المحتلين، ولن يكون مصير صهاينة الاحتلال وأعوانهم، بأفضل ممن سبقوهم من أعداء الأمة والانسانية .
فلسطين عربية من البحر الى النهر، وهي عائدة، وفي القلب منها القدس الشريف، التي تهفو اليها قلوب كل المؤمنين، ممن وصلوا الحياة الانسانية بخيط رفيع ما بين الأرض والسماء، فهؤلاء هم أصحاب الحق في القدس، ولأنهم كذلك كان تكريم الرب لهم، بأنهم خير أمة أخرجت للناس، وهؤلاء الذين .
في الذكرى الثانية لاغتصاب القدس، في مقدور كل منا أن يقدم شيئا على طريق وحدة الأمة وتحرير المغتصب من أرضنا، فالنضال فرض عين لا يسقط عن أحد مادامت الأمة في وضعها غير الطبيعي، ومادام تراب الأمة يتعرض للعدوان، فكرامة الانسان وكرامة الاوطان وجهان لحالة واحدة، فالنضال يعني تحرير الأرض والانسان، وكل مساهمة في معركة النضال هو ابن حقيقي للأمة وقد أدى دين في عنقه تجاه الأمة وانسانها .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: