البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التناقضات الأساسية للحركة النسائية العلمانية

كاتب المقال ابتسام سعد   
 المشاهدات: 7334



حينما بدأت دولنا العربية نضالها ضد الاستعمار الغربي في العصر الحديث، كان هذا النضال والجهاد مؤسسًا على الأرضية الإسلامية والثقافة الإسلامية والهوية الإسلامية، وإذا أردنا خير دليل على ذلك فإن الحركة المهدية في السودان، والسنوسية في ليبيا، والوهابية في الحجاز، وجهاد عمر المختار في ليبيا، وعبد الكريم الخطابي في المغرب، وجهاد الأزهر ضد الحملة الفرنسية في مصر ... كل ذلك هو جهاد إسلامي خالص ضد المحتل الصليبي الغربي.

وأوضح مثال على الجهاد والمقاومة على الأرضية الإسلامية للمحتل الغربي النصراني، هو ما حدث في الجزائر من احتلال استيطاني شرس استمر 130 عامًا، واعتبر أن الجزائر جزء من فرنسا، ولم يخلعه ويجليه إلا الثورة الجزائرية التي تم تأسيسها على جهود عبد الحميد بن باديس التربوية الإسلامية وأمثاله من العلماء والمجاهدين الأفذاذ، الذين قادوا تلك الثورة المباركة التي دفعت 2 مليون شهيد حتى تم التحرر والنصر والجلاء، وحتى تم استعادة الهوية الإسلامية للجزائر.

لكن لأن الغرب المحتل يدرك أن قيادة الإسلاميين لحركة التحرير العربية خطر عليه وعلى مصالحه، فإنه تآمر وفعل كل شيء من أجل إبعاد الإسلاميين عن قيادة هذه الحركات، وعن قيادة الدول العربية في فترة ما بعد التحرر والاستقلال.

ولذلك وجدنا أن العلمانيين هم الذين قادوا سياسيًا وثقافيًا وفكريًا في كل الدول العربية، وتوارث العلمانيون إبعاد الإسلاميين من أي مركز من مراكز السلطة والتأثير، ثم تطور الأمر إلى اضطهادهم والزج بهم في السجون والمعتقلات، حتى لا يشكلون خطرًا على العلمانية والمشروع العلماني.

وقبل هذه المرحلة، كانت هناك مرحلة التأسيس الفكري والثقافي، حيث احتضن الغرب فئات بعينها، رعاها وأشرف على تدريبها وإعدادها لكي تقود العالم العربي حينما يرحل الاحتلال والاستعمار.

في هذا الإطار السياسي والثقافي ظهرت حركة تحرير المرأة العربية لتعّرف نفسها بأنها حركة تحرر وطني تهدف إلى تحرير بلادها من الاحتلال ومن أفكار وثقافة الجهل والركود والتخلف (والتي يقصدون بها الثقافة الإسلامية).

فحركة تحرير المرأة العربية إذًا، حركة علمانية تهدف إلى الصدام المباشر مع هوية وعقيدة وتراث الشعوب العربية الإسلامية، وترى أن في هذه الهوية عقبة كؤود ضد تطور المجتمعات العربية والمرأة العربية.

القول بأن هذه الحركة حركة تحرر وطني ضد المحتل الأجنبي قول غير مسلم، لأنه لو كان صحيحًا في الظاهر فإنه في الحقيقة يكشف أن ثقافة هذه الحركة وهويتها إنما هي ثقافة المحتل نفسه وقيم المحتل نفسه وفكر المحتل نفسه وأدب المحتل نفسه وإعلام المحتل نفسه، فأصبحت هذه الحركة النسائية العلمانية العربية حركة تحت السيطرة الغربية الكاملة، بعد أن تم تغريبها على كافة المستويات السياسية والفكرية والثقافية، فأصبح الغرب الذي من المفترض أنها حركة تحرر ضده، نبراسًا لها وقدوة لها في كل شيء، وأصبح هذا الغرب هو الذي يمول الجمعيات النسائية العربية، وهو الذي يساندها إعلاميًا ويدافع عنها في معركتها مع الإسلاميين.

الحركة النسائية العلمانية بهذا الشكل، لا تعبر عن ضمير الأمة وتطلعاتها وأحلامها، وإنما تتصادم مع هذا الضمير وهذه التطلعات وهذه الأحلام، بعد أن أصبحت جزء من مخططات المؤتمرات الدولية التي يشرف عليها الغرب فيما يخص قضايا المرأة، من أجل فرض الأنماط الغربية على المجتمعات الإسلامية.

لقد أصبحت الحركة النسائية العربية العلمانية، كل قضيتها تحرير المرأة من الفرائض والآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب، وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل كبيرة وصغيرة، كما أصبحت قضيتها وأولويتها الأولى تسفيه الحركة النسائية المقابلة التي تم تأسيسها على أسس إسلامية.

حينما بدأت الصحوة الإسلامية في الانتشار على نطاق واسع على امتداد العالم العربي والإسلامي بل وعلى مستوى العالم كله، ظهرت الحركة النسائية الإسلامية بفكر جديد وثقافة جديدة، كان الرمز لهذه الحركة هو الحجاب، لكن العجيب أنه رغم ما تحمله هذه الحركة المباركة من قيم النضال والجهاد ضد الغرب الصليبي الذي هو العدو الأول للأمة، حيث يغتصب أرضها ويسرق ثرواتها ويتحالف مع أعدائها، ورغم مواقفها الواضحة التي تصل إلى الانخراط في العمليات الاستشهادية ضد المحتل الصهيوني، ورغم الخط الوطني شديد الوضوح للحركة النسائية الإسلامية في العالم العربي، إلا أن الحركة النسائية العلمانية لم تفسح لها مكانًا ولم تعترف بها، واعتبرتها حركة متخلفة.

وهذا من عجائب الزمان، أن فاقد الشرعية يعتبر أن الحركة التي تعبر عن ضمير وأحلام وتطلعات النساء في العالم العربي غير شرعية، مثلما يفعل قادتنا الذين يغتصبون السلطة ويستولون عليها بطرق غير شرعية، حيث يعتبرون القوى والجماعات التي تعبر عن الأمة غير شرعية.

الحركات النسائية العلمانية العربية تعتبر أن زواج الرجل بامرأتين كارثة ومصيبة يجب منعها أولاً ثم معاقبته عليها ثانيًا، ونسي هؤلاء أن الطرف الثاني المستفيد من هذا الزواج وهو الزوجة الثانية لها مصلحة واضحة في هذا الزواج، حيث سيرعاها هذا الزوج وينفق عليها وقد يرعى أبناءها أيضًا، وتصم الحركة النسائية العلمانية العربية آذانها وتغمض عيونها حتى لا ترى الواقع المؤلم الذي نعيشه اليوم، والحالة التي وصلنا إليها الآن من انتشار العنوسة، والزواج العرفي، وارتفاع معدلات الطلاق لدرجة أصبحت خطرًا جسيمًا يهدد كيان كثير من الأسر، وأن ذلك إنما هو نتيجة طبيعية لسلسلة من المؤامرات التي تحاك ضد الأسرة المسلمة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

علمانية، تغريب، المرأة، حقوق المرأة، حقوق الإنسان، ليبيرالية، تنويريون، منظمات نسوية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-02-2009   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حميدة الطيلوش، د. أحمد محمد سليمان، عزيز العرباوي، عبد العزيز كحيل، رافد العزاوي، فوزي مسعود ، مصطفى منيغ، سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، عبد الغني مزوز، د. طارق عبد الحليم، د. عادل محمد عايش الأسطل، عمر غازي، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، محمد الياسين، محمد يحي، د- جابر قميحة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، المولدي الفرجاني، بيلسان قيصر، أحمد ملحم، سلوى المغربي، مراد قميزة، سامح لطف الله، رمضان حينوني، صباح الموسوي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد عمر غرس الله، د - شاكر الحوكي ، علي الكاش، أشرف إبراهيم حجاج، خالد الجاف ، العادل السمعلي، الناصر الرقيق، رافع القارصي، الهيثم زعفان، د- هاني ابوالفتوح، كريم السليتي، عواطف منصور، وائل بنجدو، أنس الشابي، صفاء العراقي، محمد علي العقربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد الحباسي، منجي باكير، محمود سلطان، محرر "بوابتي"، عراق المطيري، د. خالد الطراولي ، سفيان عبد الكافي، صفاء العربي، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، يحيي البوليني، تونسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، صالح النعامي ، علي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، المولدي اليوسفي، عمار غيلوفي، الهادي المثلوثي، طارق خفاجي، محمد الطرابلسي، د.محمد فتحي عبد العال، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، ماهر عدنان قنديل، يزيد بن الحسين، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح المختار، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد العيادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، إسراء أبو رمان، سليمان أحمد أبو ستة، فتحي الزغل، ضحى عبد الرحمن، د- محمود علي عريقات، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد النعيمي، فتحـي قاره بيبـان، د - الضاوي خوالدية، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إيمى الأشقر، د. عبد الآله المالكي، عبد الله زيدان، د- محمد رحال، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، صلاح الحريري، جاسم الرصيف، ياسين أحمد، سعود السبعاني، د - مصطفى فهمي، حسن عثمان، د - محمد بن موسى الشريف ، سامر أبو رمان ، فتحي العابد، أحمد بوادي، إياد محمود حسين ، مصطفي زهران، د. أحمد بشير، د - عادل رضا، طلال قسومي، محمود طرشوبي، أبو سمية، محمد شمام ، كريم فارق،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة