بينما يتصاعد العدوان الصهيوني على غزة وتتصاعد معه أعلى درجات الصمود والبطولة الفلسطينية، تتكشف يومًا بعد يوم، أبشع صور الخيانة العربية والفلسطينية لهذه المقاومة وهذا الصمود.
تكشف أنّ اجتماعاً أمنياً رفيع المستوى تم قبل عدة أسابيع من العدوان ضم محمد دحلان، على رأس وفد من قادة الأجهزة الأمنية السابقين في السلطة الفلسطينية، مع الفريق المخصص بتنفيذ خطة دايتون في الاستخبارات الصهيونية، وبحثوا آفاق ضرب غزة والرهانات المتوقعة منه.
وقد عقد هذا الاجتماع في مدينة رام الله، وتم فيه تقديم معلومات دقيقة عن المقار الأمنية والعسكرية التي تستخدمها "حماس" في قطاع غزة، والتي تم استهدافها لاحقاً في القصف الجوي.
المعلومات التي قدّمها دحلان تضمنت معلومات عن أنّ "حماس" تعدّ لتخريج أفواج أمنية جديدة، وأنه طالب الأمريكيين والصهاينة بتوجيه ضربة موجعة لا يمكن بعدها لـ "حماس" أن تنهض، أما إذا كانت الضربة عابرة فإنّ "حماس" ستعود أقوى مما كانت، وفق روايته.
وقد أبدى محمد دحلان أبدى استعداده في هذا الاجتماع للعودة إلى غزة وتولِّي مهام الأجهزة الأمنية في حال القضاء على الأذرع الأمنية والعسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
كما تكشفت أنباء عن أن السلطات المصرية استدعت القيادات الأمنية الفارة من قطاع غزة ومن حركة فتح والمتواجدة في مصر والأردن والضفة الغربية ودعتهم للحضور إلى القاهرة من أجل التنسيق حول ما يجب اتخاذه للسيطرة على الوضع في قطاع غزة عند انهيار سلطة حماس.
وكشفت التقارير أيضًا النقاب عن تحركات قام ويقوم بها رئيس السلطة محمود عباس، بالتنسيق مع الاحتلال الصهيوني والسلطات المصرية، لـ "ملء الفراغ السياسي في غزة" الذي يتوقعه عباس عقب العملية الحربية والتي تهدف لإنهاء حُكم "حماس"، بحسب ما يعلنه قادة الصهاينة.
وبحسب التقارير التي نشرها "المركز الفلسطيني للإعلام" فإن نمر حماد مستشار رئيس السلطة محمود عباس اتصل مساء أول يوم للعمليات الإسرائيلية، بالجنرال الاحتياط عاموس جلعاد، الذي أسندت إليه منصب منسق العمليات الحكومية في المناطق والمستشار السياسي لوزير الحرب الصهيوني إيهود باراك، ليبلغه بأن السلطة في الوقت الذي تعطي إسرائيل حق ضرب حماس وتصفيتها؛ فإنها تطالب أن تتركز الضربات على مقار وقيادات "حماس".
صحيفة السفير اللبنانية من جانبها، أكدت أن سلطة محمود عباس، نقلت 400 عنصر أمني من العناصر التابعة لمحمد دحلان، إلى القاهرة، بعد 36 ساعة من العدوان الصهيوني تمهيداً لإدخالهم إلى غزة، بعد القضاء على حكم "حماس" كما يتمنون.
وأكدت صحيفة السفير في عددها الصادر يوم 3/1/2009 أنه لم تكد تمضي ست وثلاثون ساعة على بدء الهجوم الجوي الإسرائيلي على غزة، حتى كانت القاهرة تعج بالمسئولين الوافدين على عجل من رام الله وعمان وتل أبيب وواشنطن وإحدى الدول الخليجية، كما تحرك ٤٠٠ عنصر من عناصر الشرطة الفلسطينية، باتجاه الأراضي المصرية وتم وضعهم في حالة تأهب في منطقة العريش في انتظار أمر الانتقال إلى القطاع، إما بعد الانهيار السريع لسلطة "حماس "، وإما بعد التوصل إلى اتفاق يؤمن استسلام " حماس"، وانتقال مجموعات دحلان إلى القطاع في إطار قرار دولي وعربي وبرعاية أمنية مصرية إسرائيلية.
وكشفت السفير أنه تم تقديم معلومات تفصيلية حول عدد من الأهداف في غزة، رغم أن ما يملكه الاحتلال وحده ليس بسيطاً لافتة إلى أنه في المشاورات بين الضباط الذين يمثلون هذه العواصم، كان الاستنتاج واحداً: المسألة مسألة أيام ليس أكثر.
ما تكشف أيضًا هو أنّ وزيري خارجية مصر والسعودية وسفير السلطة الفلسطينية في القاهرة، لعبوا دوراً محورياً في خروج اجتماعات وزراء الخارجية العرب بموقف "ضعيف" لا ينسجم وحجم العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
فقرار الذهاب بالقضية إلى مجلس الأمن، والفشل في إصدار قرار بوقف العدوان على قطاع غزة؛ مهندسه الأول والأساسي وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.
وما طالبت به عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية النائب في المجلس التشريعي خالدة جرار سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية، الخاضعة لإمرة رئيس السلطة محمود عباس، بإطلاق سراح كوادر الجبهة التي اعتقلتهم بمخيم العين في مدينة نابلس المحتلة بشكل فوري، يكشف الدور الخياني الذي يقوم به عباس ومجموعته وما يمثله من طعنة في خاصرة المقاومة والوحدة الفلسطينية.
ففي الوقت الذي يتعرض أهالي قطاع غزة لعدوان همجي وجرائم الحرب التي يمارسها العدو الصهيوني، ومع تأكيد المناضلين الشرفاء على أن اتجاه المعركة يجب أن يكون مصوباً نحو الاحتلال فقط وإعطاء المجال لكل القوى الوطنية والإسلامية وفصائل المقاومة أن تقوم بدورها بدعم وإسناد تصدي غزة للهجمة المسعورة، تقدم أجهزة الأمن الفلسطينية بالضفة الفلسطينية على اعتقال مجموعة من كوادر الجبهة الشعبية في مخيم العين بمدينة نابلس المحتلة، وأقل ما يمكن أن يقّدم في هذا الوقت العصيب هو وقف المفاوضات والتنسيق الأمني مع الاحتلال، وتعزيز الوحدة الداخلية والكف عن كل الممارسات التي تحتجز طاقات الشعب الفلسطيني وحقه بالمقاومة.
وإذا كانت النماذج السابقة جزءً من الخيانات العربية لـ"حماس"، فإن الخيانات العربية متوقعة، وقد ظهرت في مطالبة المنسق الدولي لعملية السلام، الذي يقيم بالقدس المحتلة، بأن تقوم الأطراف الدولية بتمكين جناح السلطة برئاسة محمود عباس، من السيطرة على قطاع غزة، على ضوء العدوان الصهيوني الجاري على القطاع، حيث تحدث روبرت سيري، "المنسق الدولي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط"، عن أهمية إعادة قطاع غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس.
ولكن رغم كل هذا التواطؤ، فنحن على ثقة بأن الجهاد سينتصر، وسوف تنهزم الأحزاب، وتبقى راية الحق مرفوعة: [سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ] القمر45، وسيتحقق وعد الله لعباده المؤمنين: [وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً] الأحزاب22.
والله سبحانه وتعالى يلهم المجاهدين في سبيله سبل الحق والصواب ليتصدوا بها للخيانة والخائنين: [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ] العنكبوت69.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: