البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

البابا وأحوال النصارى

كاتب المقال د. محمد يحيى   
 المشاهدات: 7331



يلاحظ المتتبعون للأخبار أن بابا الفاتيكان لا يترك مناسبة زيارة من أي مسئول في دولة عربية أو إسلامية إلى الفاتيكان تمر دون أن يثير هذا المسئول قضية تتعلق بالشئون الداخلية لبلاد الضيف وما يتصل منها بقضايا الحريات أو التضييق عليها من جانب السلطات ليس في المجال السياسي وحده أو الديني بل في مجالات أخرى تتصل بالمجتمع والثقافة والفكر والحقوق الاقتصادية والإعلامية واللغوية.

ولا يقتصر اهتمام بابا الفاتيكان على المسيحيين من أبناء مذهبه (الكاثوليكي) وإنما يعمم الأمر على أبناء المذاهب المسيحية الأخرى وكذلك على المنتمين إلى مذاهب وعقائد يراها المسلمون خارجة عن ملتهم مثل البهائية وعلى أديان أخرى مثل اليهودية والهندوسية أو البوذية بل وفي بعض الأحيان على تيارات فكرية علمانية أو متغربة أو شاذة عن الإجماع الإسلامي لا علاقة للمنتمين إليها بأي دين أو مذهب معين.

وبصرف النظر عن كون البابا رئيسًا لدولة مهما كانت صغيرة إلا أنه في الوقت نفسه رأس لكنيسة مسيحية كبرى يقول لنا الغرب أنها يجب أن تكون بعيدًا عن السياسة ومفصولة عنها.
ولا يجب أن نتصور أن البابا يفعل ذلك فقط نكاية في المسلمين وتدخلاً في أوضاعهم، وإن كان ذلك صحيحًا، ولكنه يفعل ذلك في المقام الأول انطلاقًا من ذلك المفهوم الجديد الذي هيمن على الحياة الأوروبية في العقدين الماضيين، والذي يذهب إلى نهاية الفصل بين الدين والسياسة أو الحياة العامة الذي قامت عليه العلمانية الغربية في أسسها.

ولسنا بحاجة في هذا المجال الضيق إلى سرد عشرات بل آلاف الأمثلة حول سريان هذا المفهوم الجديد لكن اللافت للنظر أنه بينما يصل انتشار إعادة إدماج الدين في الحياة العامة وعلى رأسها السياسة في الغرب إلى حد أن يجسد البابا الروس في أفعاله وتصريحاته فإننا في المقابل نجد فرضًا للأساس العلماني العابر وبالقوة على المؤسسات الدينية بالدولة الإسلامية وعلى علماء المسلمين ودعاتهم ولا سيما في البلاد العربية وصل إلى حد اعتبار من يتحدث منهم عن اضطهاد المسلمين هنا وهناك في البلاد الغربية أو غيرها متدخلاً في شأن لا علاقة للإسلام به بالمرة بل وصل الحال إلى اعتبار من يتحدث مجرد حديث في الشئون العامة متطرفًا أو رجعيًا يدعو إلى إقحام الدين في غير مجاله.

وأدى هذا الوضع إلى أن أصبح رؤساء هذه المؤسسات الدينية يهربون من إبداء الرأي في شئون الحياة أيا كانت ولا سيما في وضع الفتاوى أو الأوامر والتوجيهات الدينية المنصبة عليها.
ومن الأمثلة الأخيرة الدالة في هذا الصدد رفض مؤسسة الفتوى في مصر إبداء الرأي الديني في تصدير الغاز الطبيعي بأسعار رمزية إلى الكيان الصهيوني ردًا على أسئلة وجهت إليها واعتذارها عن ذلك بعلة أنها لا تفهم في الأمور السياسية والفنية.
والغريب أنه رغم رفض دار الفتوى مجرد التعليق على هذا الأمر ناهيك عن إصدار فتوى بخصوصه إلا أن ذلك لم يعفيها من هجمات العلمانيين ضدها على أساس أنه ما كان يجب أن يوجه إليها هذا السؤال أساسًا وكان عليها أن ترفضه ابتداء ولا تذكر الأمر، وهكذا انعكست الآية كما يقال.

وبعد أن كانت البديهية السائدة هي أن الإسلام دين حياتي أما المسيحية فهي ديانة روحية (وهو ما كان العلمانيون أنفسهم يترددون به) صار الإسلام دينًا لا يستطيع حتى أن يزعم لنفسه حياة روحية أخلاقية بينما تحولت مسيحية الكنائس من الكاثوليكية إلى الأرثوذوكسية إلى ما يشبه الكيانات والأحزاب والبرامج السياسية الموجهة.


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-11-2008   almoslim.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. طارق عبد الحليم، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد ملحم، د - عادل رضا، ياسين أحمد، الناصر الرقيق، د - شاكر الحوكي ، سامح لطف الله، كريم فارق، عمر غازي، بيلسان قيصر، د - محمد بنيعيش، رضا الدبّابي، د - صالح المازقي، د. عبد الآله المالكي، أحمد النعيمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، سلوى المغربي، حاتم الصولي، علي الكاش، سيد السباعي، محمد الياسين، محمود سلطان، رافد العزاوي، سلام الشماع، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، د.محمد فتحي عبد العال، مراد قميزة، عمار غيلوفي، أ.د. مصطفى رجب، حسني إبراهيم عبد العظيم، الهيثم زعفان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد بشير، ضحى عبد الرحمن، فوزي مسعود ، عبد الغني مزوز، يزيد بن الحسين، محمد عمر غرس الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحي الزغل، إسراء أبو رمان، د - محمد بن موسى الشريف ، منجي باكير، صالح النعامي ، سعود السبعاني، محمود فاروق سيد شعبان، تونسي، أشرف إبراهيم حجاج، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، أنس الشابي، عبد الله زيدان، محمد اسعد بيوض التميمي، خبَّاب بن مروان الحمد، د- محمد رحال، محرر "بوابتي"، فهمي شراب، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد شمام ، عبد العزيز كحيل، رافع القارصي، عواطف منصور، د. خالد الطراولي ، محمد علي العقربي، أحمد بوادي، المولدي الفرجاني، د - المنجي الكعبي، إياد محمود حسين ، فتحي العابد، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، مصطفى منيغ، عبد الرزاق قيراط ، حميدة الطيلوش، سامر أبو رمان ، أحمد الحباسي، عزيز العرباوي، كريم السليتي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، الهادي المثلوثي، وائل بنجدو، محمد يحي، د. أحمد محمد سليمان، فتحـي قاره بيبـان، رمضان حينوني، صلاح المختار، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- هاني ابوالفتوح، علي عبد العال، جاسم الرصيف، طارق خفاجي، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، حسن عثمان، محمد العيادي، د- محمود علي عريقات، د- جابر قميحة، محمد أحمد عزوز، صفاء العربي، مصطفي زهران، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، د - مصطفى فهمي، مجدى داود، محمد الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، محمود طرشوبي، نادية سعد، حسن الطرابلسي، المولدي اليوسفي، عراق المطيري، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طلال قسومي، يحيي البوليني، د - الضاوي خوالدية،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة