البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مرارة أم طرافة أم إنحدار: الكل في تونس يسعى لكسب ودّ فرنسا‏

كاتب المقال بوابتي   
 المشاهدات: 7530


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


انتهت الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي لتونس، عملت خلالها العديد من الأطراف التونسية على تسليط الضوء على ‏الجوانب التي تخصها منها، والتي ترى أنها الرابح فيها، كما حاولت بعض وسائل الإعلام تشويه التونسيين بتصويرهم على ‏أنهم يحملون ولاء لفرنسا من خلال الزعم أن الشارع الرئيسي بالعاصمة ازدحم بالمستقبلين التونسيين للرئيس الفرنسي.‏

وتزداد الصورة قتامة حينما نعلم أن الأطراف الإعلامية الفاعلة تنافست في تصوير الرئيس الفرنسي على انه معها من دون ‏الطرف الآخر وأنها تنتظر منه أن يساندها في "موقفها"، ويمكن تناول بعض من الصورة كالتالي:‏

‏- سواء كان المتحدث عن الزيارة، أولئك الذين يرون الرئيس الفرنسي قد وافقهم على تمشيهم، أو أولئك الذين خابت آمالهم ‏منه كما يقولون، إذ غض الطرف عن شكاويهم، متنكرا لمبادئ الثورة الفرنسية كما يرون ويتخيلون، فان الملاحظ هو أن ‏الطرفين على السواء (المعارض والمعارض بفتح ثم كسر الرّاء)لا يختلفان في شيء جوهريا، وكلاهما يحمل بداخله تبعية ‏لفرنسا، من حيث انه يعتبرها المرجع والقدوة، ويزداد الأمر سخرية إذا عرفنا أن هناك من الأطراف من تقول عن نفسها ‏إنها من المعارضة أقامت الدنيا ولعلها لم تقعدها بعد، بقولها إنها تعلق آمالا على وقوف فرنسا معها، كما تساءلت بعض ‏الأطراف الأخرى حول إمكانية تخلي فرنسا عن مبادئ الثورة الفرنسية من أجل المصالح المادية، وينتهي الأمر لشيء من ‏الطرافة إذا عرفنا أن هناك من هذه الأطراف من يقول عن نفسه أنه "إسلامي". ‏
‏- من الطبيعي جدا أن يتعلق العلماني بفرنسا ويعتبرها قدوته، حيث انبنت مرجعيته على التبعية للغرب الكافر، ومن البديهي ‏جدا أن يتصور العلماني الذي يعتبر الولاء للغرب أمرا طبيعيا، فرنسا صاحبة مبادئ في حقوق الإنسان، ولكن الغير طبيعي ‏هو أن تصدر مثل هذه المواقف ممن يزعم تبنيه خلفية إسلامية، حيث لا يخجل بعضهم من أن يكتب مقالات متوسلا للرئيس ‏الفرنسي أن يتبنى "قضيته"، فبئس القضية وتبّا لها إن كانت ستحل بتدخل طرف كافر للنصرة فيها.‏
‏- اذا استثنينا الجماعات البدائية ( حيث قبلت الاستعمار الغربي من دون مقاومة ورحبت به، كتلك المتواجدة ببعض الجزر ‏بالمحيط الهندي وفي سواحل القارة الأمريكية) أو تلك المتعاونة مع القوى المستعمرة حين احتلال بلدانها (كالجماعات ‏السياسية العراقية المتعاونة مع المحتل الأمريكي الآن)، فإن الشعوب السوية، تتنافس فيها عادة القوى الفاعلة السياسية منها ‏والفكرية، على الذود على المبادئ والنأي بنفسها عن التعاون مع القوى الأجنبية، وكان ولا زال التقرب من القوى الغربية ‏ينظر إليه على أنه دليل إدانة، أما أن تتنافس كل الأطراف من كل الاتجاهات كما هو حاصل لدينا بتونس، على التقرب من ‏قوة غربية من دون ان يكون ذلك داع للادانة، فهذا فضلا على انه لا يقع في المجتمعات السوية، فهو مؤشر على خلل ‏خطير يصيب المجتمع التونسي، ودليل على انحدار لا يعلم نهاياته أحد.‏
‏- لا نريد أن نستطرد كثيرا، ولكن يحسن التذكير أن فرنسا دولة كافرة احتلت العديد من البلدان ومنها تلك الإسلامية ‏كتونس، و يجدر التذكير أيضا أنها قتلت الملايين من الضحايا منهم أكثر من مليون مسلم جزائري واستباحت حرمات ‏الشعوب ومنهم التونسيين، واستغلت ثرواتها طيلة عقود بدون إذن منها وبدون مقابل. ولا يفهم كيف يسمح إنسان عاقل ‏لنفسه بان يقول عن بلد ارتكب كل هذه الجرائم انه بلد حقوق إنسان، فضلا على أن يكون الرائد فيها.‏
‏- كان من المفترض (نظريا على الأقل) ومنتظرا من القوى الحية ومنظمات المجتمع المدني بتونس، أن تسعى للمطالبة ‏بتعويضات مادية من فرنسا عن جرائمها التي ارتكبتها في حق تونس و التونسيين إبان فترة الإستعمار، وعن الخيرات التي ‏نهبتها طيلة فترة احتلالها لبلدنا، وليس أن يقع التوسل لرئيسها بان يقف معها ضد الطرف الآخر. أما والأمر لم يقع، فهذا ‏دليل على انه لا خير في الأطراف الفاعلة والمنتجة للمواقف بتونس، مادامت أنها نخب مبنية على خلفية فكرية ترى في ‏الغرب المرجعية، بحيث إنها بطبيعتها ستعمل على إعادة إنتاج التبعية للغرب وتنشيطها، وليس مقاومتها.‏
‏- ذكرت العديد من وسائل الإعلام في تقاريرها أن التونسيين اصطفوا للترحاب بالرئيس الفرنسي بالجادة الرئيسية ‏بالعاصمة (شارع الحبيب بورقيبة)، وقدر إحدى التقارير عدد التونسيين الذين تواجدوا حين مقدم الرئيس الفرنسي بعشرين ‏ألف، وزعم التقرير أن أولئك التونسيين جاؤوا للترحيب بالرئيس الأجنبي، مما يعطي الانطباع الغير مباشر على أن ‏التونسيين في عمومهم يحملون ولاء نفسيا نحو فرنسا، وهو الشيئ الذي لو كان صحيحا فانه سيكون ذا دلالات اخطر من ‏التبعية التي تحملها الأطراف السياسية الأخرى.‏
‏- وليس يمكننا أن ننفي وجود تونسيين يحملون ولاء لفرنسا، فلا يخلو مجتمع من شواذ ومرضى، ولكن يمكن للواحد منا أن ‏يقول باطمئنان أن نسبة كبيرة من العشرين ألف من التونسيين المذكورين حين وصول الرئيس الفرنسي لم يكن وجودهم ‏بذلك المكان لغرض الاستقبال أو حتى رؤية الرئيس الفرنسي، وبالتالي فان ذلك التجمع، لم يكن دليلا على الترحاب البتة ‏وذلك لانتفاء عامل القصد فيه، وبالتالي لا دليل على أن هناك 20 ألف تونسي اصطفوا للترحاب.‏
‏- لا ندري أكان الأمر نتيجة سوء تنظيم أم نتيجة لشيء آخر، ولكن سكان العاصمة ومن يشتغل بقلبها يعرف جيدا نه تم قبيل ‏مجيء الرئيس الفرنسي بوقت قليل، تسريح آلاف الموظفين من مقار عملهم، كما تم تسريح تلاميذ المدارس، ولما كانت ‏وسائل النقل معطلة لاعتبارات أمنية، فان النتيجة البديهية هي أن الناس ستتكدس في انتظار انفراج الموقف، وهو مقدم ‏الرئيس ثم الانطلاق بعدها لوسائل النقل، وبالطبع لم يبق أمامهم من شيئ فعله غير الانتظار في الشارع الرئيسي الذي مر ‏به الرئيس الفرنسي، وبالتالي ليس هناك أي ترحيب متعمد من حيث انتفاء القصد من الوجود بذلك المكان.‏
‏- يجب أن يعرف البعض أن تصوير الناس في طوابير انتظار، فرحا بمقدم أي كان فضلا على أن يكون رئيس دولة أجنبية ‏احتلت بلدهم، لا يمكن أن يكون أبدا مؤشرا ايجابيا يرفع من صورة تونس والتونسي، وإنما بالعكس تعطي مثل هذه المواقف ‏صور سلبية عن بلدنا. قد يكون مفهوما أن يرحب السكان البدائيون ببعض أدغال إفريقيا بمقدم رئس غربي ويرقصون فرحا ‏أمامه ويرددون الأهازيج الشعبية، كما انه من المقبول أن يصطف بضع العشرات فرحا بمقدم رئيسهم هم، أما أن يقاد آلاف ‏التونسيين ورثة حضارة عظيمة ممن لا يستقيم معه أن يصوروا في موقف ذل وتزلف، رغما عنهم واستغلالهم في إخراج ‏موقف بدون إذنهم، فهذا مما يسئ للتونسي ولتونس على حد سواء، ثم هل رأى احد يوما أن الفرنسيين اصطفوا بالمآت مثلا ‏دعك من الآلاف، لاستقبال رئيس عربي بباريس.‏


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 02-05-2008  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  7-05-2008 / 20:29:29   كفوا أيديكم عن المسلمين فإن انتقام ربهم لرهيب.
كفوا أيديكم عن المسلمين فإن انتقام ربهم لرهيب.

مبروك للشعب العظيم زيارة صديقه ساركوزي و ها أن النتائج بدأت تظهر فالتضييقات على المحجبات و على المسلمين ككل ارتفعت بشكل حاد. طبعا فتونس بلد الحريات كما قال صديق الشعب ساركوزي.
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سفيان عبد الكافي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، د - مصطفى فهمي، د. أحمد محمد سليمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. صلاح عودة الله ، سامح لطف الله، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، طارق خفاجي، محمد عمر غرس الله، محمد اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، حاتم الصولي، أحمد ملحم، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد النعيمي، إسراء أبو رمان، عبد الرزاق قيراط ، وائل بنجدو، سعود السبعاني، الهيثم زعفان، سيد السباعي، بيلسان قيصر، عبد الغني مزوز، مصطفى منيغ، عبد العزيز كحيل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. عبد الآله المالكي، صالح النعامي ، صلاح الحريري، د.محمد فتحي عبد العال، مراد قميزة، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود طرشوبي، كريم فارق، إيمى الأشقر، د- جابر قميحة، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، المولدي اليوسفي، د. خالد الطراولي ، ياسين أحمد، د- هاني ابوالفتوح، فتحي العابد، علي عبد العال، أحمد بوادي، مجدى داود، مصطفي زهران، رضا الدبّابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، تونسي، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، د. أحمد بشير، العادل السمعلي، محمد أحمد عزوز، علي الكاش، سامر أبو رمان ، الناصر الرقيق، أنس الشابي، رشيد السيد أحمد، محرر "بوابتي"، محمود سلطان، عراق المطيري، حسن الطرابلسي، سلام الشماع، عمر غازي، أبو سمية، فتحـي قاره بيبـان، محمد العيادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد يحي، صلاح المختار، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمد رحال، رحاب اسعد بيوض التميمي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. طارق عبد الحليم، أ.د. مصطفى رجب، جاسم الرصيف، نادية سعد، رافد العزاوي، د - شاكر الحوكي ، ماهر عدنان قنديل، صباح الموسوي ، طلال قسومي، عمار غيلوفي، حسن عثمان، خالد الجاف ، فهمي شراب، رمضان حينوني، عبد الله الفقير، أشرف إبراهيم حجاج، سلوى المغربي، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العراقي، محمد علي العقربي، يحيي البوليني، د - عادل رضا، د - صالح المازقي، رافع القارصي، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، حميدة الطيلوش، عزيز العرباوي، محمود فاروق سيد شعبان، كريم السليتي، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، منجي باكير، د- محمود علي عريقات،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة