ابو فراس العراقي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8931
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بسم الله الرحمن الرحيمٍٍٍٍ
"وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون" صدق الله العظيم
نستهل حديثنا بكلام الله سبحانه وتعالى، ليس بسبب الضائقة التي نمر بها في بلادنا فحسب، بل وأمتنا العربية والإسلامية، نعم فذلك حاصل وواقع، والحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ولكن من قلب مؤمن، إيماناً لا يعرف الريب ولا الضعف في مواجهة الشدة وسنفعل ان شاء الله ما يرضي الله ورسوله صابرين محتسبين، مرابطين.
ودونما أي ذرة شك أن الله يريد بنا خيراً، وقد ابتلانا بهذه الكوارث إنما يريد أن يطهر أنفسنا وصفوفنا من المنافقين، ويظهر أهل الملل والنحل على حقيقتهم فلا يسترهم بعد اليوم نواح ولا بكاء ولا شق للجيوب ولطم للخدود على الماضي السحيق. بعد أن نافقوا وكذبوا وسوقوا بضاعتهم الفاسدة تحت شعارات زائفة، كنا نعلم حقيقتها وجوهرها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، سنين طويلة ملئوا الدنيا ضجيجاً وثرثرة وتشدقوا بمصطلحات: الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر، حتى أنكشف ستار، بل قل شاء الله أن يكشفه، فإذ هم حلفاء الشياطين جميعاً، وبامتياز، وباعترافهم والاعتراف سيد الأدلة.
لم يكن غائباً عن فكرنا والحمد لله، ولكن ليس كل الناس ضاربين بطون الكتب والسير ليستنبطوا منها العبر والفكر، كنا نقول أن هذه الفئة الضالة لم تحارب أعداء الإسلام يوماً، فأتوا ببرهانكم إن كنتم صادقين، قولوا لنا يوماً شهرتم فيه عصا ضد كافر أو عدو للإسلام ! بل كنتم منذ يوم أغواكم الشيطان لعنه الله لا تشهرون سلاحكم إلا ضد المسلمين قديماً وحديثاً. زين لكم الشيطان الفتنة وشاء لكم أن تقاتلوا المسلمين ليزيدوهم قوة وتماسكاً ولتغطسوا في جب الضلالة والبدع، ومن لم يهده الله فلا هادٍ له.
وأني لأرى والله خيراً في هذه المحنة، أنها محنة أن يدخل ديارنا عدو ما من بغضه لنا ريب، كاره لنا ولديننا ولقوميتنا، ويجد من بين أهل الدار نصير له مؤيد لعدوانه، دليل خيانة له، ألا لعن الله أبو رغال الذي فرخ عشيرة من جنسه الردئ، مهروا عهود الخيانة بأيدهم، شلت أيدهم، تحت أضواء عدسات التصوير بلا حياء ولا خوف من غضب الله، وجاءوا يمتطون دبابات الاحتلال، بل وليضربوا بالرصاص والسياط مسلمين عرب وعراقيين. يجلس فقهائهم، ساء فقههم مع ضباط الاحتلال، يهددون شعبهم وأخياره بجند الأمريكان، بل ويقولون لابد من بقائهم سيفاً مسلطاً على العباد والبلاد ! يرتدون العمائم ويقبلون على الملاء أيدي من تحالفوا معهم، والله لم تعد ذي بال خيانة أبو رغال.
الحمد لله، أقولها بكل ثقة. لقد حكم الفاطميون مصر وشمال أفريقيا، بل أمتد سلطانهم حتى بلاد الشام والحجاز، ولكم أين هم اليوم ؟ ليس هناك منهم ولا نفر واحد، لماذا ؟
لأنهم وقفوا مع الصليبي ضد المسلم أنسياقاً وراء بدع وأهواء مقيتة، فلما أنحسر الموج، أخذ معه كل فضلات الشاطئ. والبر الفسيح، فسيح ثابت الأركان والحمد لله لا تهزه الأمواج ولا الرياح العاتية وتلك حكمة ربك يشاء أن يخذلهم بهذه الوسيلة. فما هو أسوء من أن يكون مدعي الإسلام مرتزق يستلم راتبه لقاء الخيانة ؟
ترى ماذا كان سيقنع شعبنا غير أن يرى الحقيقة تحت ضياء نور النهار الذي لا يخفي ولا يستر ؟
وخلاصة الجب الجديد الذي هبط إليه المرتدون، هو الجب الجديد القديم. فالفرس لا يتمالكون أنفسهم عندما تتوفر إمكانية للمساهمة بحفل ينطوي على إيذاء للعرب خاصة، والمسلمين عامة، طبعاً يتمنون أن يكون دورهم رئيسي، ولكن التمني هو رأس مال المفلس، وهو مشروع وحلم مؤجل، وحتى ذلك الوقت سيقبل الفرس بلعب الأدوار الثانوية، بل وحتى الأدوار الوضيعة، لا علاقة لهم بالفروسية وأخلاقها، وعندما يحاولون اللعب خارج النص أو خارج الدور المسند إليهم يتلقون لطمة على الوجه تعيد إليهم صوابهم، يتراجعون بخفة وليونة، فلا اعتبارات لديهم مرهقة للنفس، كالكرامة ووعود الشرف، بل ويا للدهشة حتى تجاهل للحرام والحلال، ليس من أجلنا، بل من اجل من سار وراء شعارات مظللة طالما تصدرت دعاياتهم وتظاهرات مليونية ملئت الشارع ضجيجاً، وزخرف كلام اشتهروا به. ولكن الأمر عندما يتعلق بحملة ضد العرب خاصة وضد المسلمين عامة، يفقد الفرس اتزانهم وكل بقايا الرزانة. وسأثبت قولي وأقدم البراهين.
الفرس تقبلوا يداً مدها إليهم نظام قارعهم وقارعوه، وقبلوا وديعة أنكروها ولكنهم أنكروها فيما بعد واستولوا عليها، بل وادعوا أنهم متضامنون معه ومؤيدون له، على أساس الموقف الموحد ضد الكفر والشيطان الأكبر، وقال طيبوا القلب من أهلنا ومن المسلمين، عسى الله يجمعنا في آخر سنتمتر مربع. ولكن العقل السياسي الفارسي كان يبيت شيئاً آخر، أو ليست التقية مذهب رئيسي عندهم ؟
أثبتت الوقائع أن الفرس كانوا شركاء للشيطان الأكبر، والانحطاط هنا ليس في خوض الحرب بل في الغدر، فقد كان النص الأمريكي يحدد الدور، بالدعم والإسناد دون التدخل المباشر العلني الصريح، مما قد يخلق ردود أفعال متعددة والأمر لا يحتمل افتتاح واجهات عديدة للمعركة، سياسياً وإعلاميا وقد يكون للأمر تداعياته على مستويات أخرى.
يعلم من درس السوق(الاستراتيجية) أو حتى التعبئة(التكتيك)، وألف باء المعارك الكبرى و بل وحتى الصغرى، أن لا يجوز إدخال قوات إلى مسرح العمليات الدائرة دون تنسيق تام وشامل بين الأطراف أو مع الطرف الرئيسي فيه. وقد ظن الشيطان الأكبر أن العراق يلفظ أنفاسه الأخيرة. وأن الحكمة هي في انتظار أن تسقط التفاحة في أيديهم دون تداخلات جراحية لا ضرورة لها !
كان الأمريكان في ذلك يمارسون لعبة الكراسي على أجهزة الحاسوب، ولسان حالهم يقول لقد ضمنا الموقف فما حاجتنا لشركاء ؟ والفرس من جانبهم لم يدركوا أشارات أرسلها لهم الأمريكيون عندما منعوهم من استخدام طيرانهم في سماء المعركة. ثم أنهم لاحظوا، بل تيقنوا وكانت أقمارهم ترصد ابسط التحركات على الجبهة، إذ خصص الأمريكان ستة أقمار تجسس كانت تحلق فوق سماء المنطقة. واستطراداً في خفة المرتدين، فقد صرح أحد فرسان الخيانة الذي استعجل فرحة لم يحن أوانها وخف إلى عمان، ليصرح: أن فلول المرتدين تتهيأ للمرحلة الثانية التي لم يحن أوانها بعد، فكان لابد من الوقوف بصرامة وأبعاد حيوانات القمامة، فالأسد العراقي ما زال قوياً يقاوم ولديه من الأسلحة الفتاكة التي في استخدامها قد يؤذي الكيان المدلل عليها ! فتلقى الضبع لطمة أعادته إلى وجره خائباً !
ولأكثر من عشر سنين يلعب الفرس دور الضبع، يقترب ثم يبتعد، فلا يقوى على الهجوم ويمنعه طمعه عن الابتعاد فيظل يرمق بعين شرهه لحظة لعل يكون فيها تدخله يعود عليه ولو بلقمة واحدة. ولكنه لا ينسى اللطمة، ويؤكد لمهندس الحفلة الشيطان الأكبر انه سيلعب الدور هذه المرة أفضل مثله مثل أي مقامر يقنع نفسه أن الحظ خانه في الدقيقة الأخيرة، وانه سيلعبها في المرة القادمة أفضل !
والشيطان الأكبر من جانبه أقر بعد أن أضاع اثنا عشر سنة، توهم فيها أن نظام بغداد سينهار تلقائياَ بعد حرب الحصار، حرب لم يتوقف فيها أطلاق النار قط. أقر أن لا بد من مشاركة أكبر بل وادخل تعديلاً على الخطة، تعديلاً كبيراً. ويؤسفني أن أخالف رأي بعض المراقبين، فالأمريكان كانوا قد خططوا للأمر حتى تفاصيلة الصغيرة بما في ذلك تدمير الدولة بشكل تام وتفاصيل ومفردات كثيرة، ليتسنى وضع خارطة جديدة للعراق لا يكون فيها أحد يمتلك الموقف كله أو بعضه ! يكون الكل فيه بحاجة إلى الشيطان الأكبر. وهكذا فالعراق الآن ليس مسلماً تماماً وليس عربياً تماماً، ليس مستعمراً تماماً، وليس مستقلاً تماماً، بل مسلوب الإرادة تماماً، خاضع لإرادتهم تماماً.
وفي استطرادهم في طريق الخيانة والارتداد سيتضح أبعاد الحلف السري المبرم بين الأطراف الرئيسية: الشيطان الأكبر(الأمريكان)، وإيران والكيان الصهيوني، وأدوار الآخرين هي أدوار ثانوية، كالمقاولين الثانويين في مشروع كبير، بما في ذلك الدور البريطاني الذي يعترف الجزء الأعظم من المجتمع السياسي في لندن، أنه دور تابع. سوف يضطرون، أو يضطرهم الدور ومستلزماته كشف المزيد من الأقنعة. وبالنسبة لمطلع ومتتبع للأحداث يمتلك قدرة بسيطة على ربط الأحداث وفرز المهم منها، يعلم أن الرابحين الأساسيين في المنطقة حتى اللحظة هم الكيان الصهيوني، وإيران، والأمر لا يحتاج سوى إلى نظرة فاحصة متأنية بعيداً عن المؤثرات.
المرحلة المقبلة هي الأهم والأخطر: فالأمريكان لا مانع لديهم من أعطاء دور كبير لإيران في المنطقة، بل هو ما يحبذونه، فهي قادرة(أو هكذا يبدو لهم، أو يحلو لهم) على خلق انشقاقات في المنطقة بواسطة شراذم سيسند لها أدوارها مالم تستفيق وتدرك الدرك الذي هم فيه هابطون، هو إلهاء للعرب والمسلمين بصراعات جديدة وتذيقنا هماً ننسى فيه هم فلسطين. أقول أن الأمريكان سيرغمونهم على الانفصال التام حتى عن المواقف الشكلية والكبرياء المشققة وسيصلون إلى المدى الذي يصطف فيه عناصر هذا المعسكر المشئوم: أمريكا، إسرائيل، إيران بوضوح تام، وسيخوضون المعارك المشتركة على أرض الواقع وليس من وراء الكواليس، وأهل التقية ليسوا بعاجزين عن اللجوء إلى فلسفة متهافتة لا تقنع حتى الرضيع بضرورة المرونة في العمل السياسي، ولكن ذلك سوف لن يمضي بعيداً، فالناس يدركون أنها ألعاب حواة وسحرة، وها هي تباشير ذلك تلوح، فالعديد منهم يرفضون أن يكونوا حرباً على مواطنيهم وقومهم والمسلمين، وها هي سيرة الفاطميين تعيد نفسها، وليس غريباً البتة أن يعيد التاريخ نفسه مع تعديلات شكلية لكنها غير جوهرية، وليس من المستبعد أن يعمد الشيطان الأكبر إلى تصفية الساحة في طهران، وتهيئة المسرح السياسي فيها، وإفراز قيادة إيرانية جديدة من ذات النهج والاتجاه، مع اندماج أكثر في الدور، قيادة تقبل بدور التابع المنفذ، لا الشريك، قيادة على طريقة العصابة الحاكمة في بغداد، فالعقل الفارسي يجد حالياً مصالحه متطابقة تماماً مع أهداف الشيطان الأكبر وإسرائيل: ضرب المشروع العربي، ضرب الإسلام.
ستكون نقطة المقتل للقيادة الإيرانية الحالية، إن توهمت أن أهميتها استثنائية، وأن المخطط الأمريكي لتفتيت المنطقة لا ينجح دون مشاركتها، وبذلك ستغالي في طلباتها، نعم إن دورها بالغ الأهمية، ولكن أمريكا بصدد البحث عن منفذ مطيع وليس شريك، بل وحتى بريطانيا هي اقل من شريك، هي منفذ فحسب، وراقص في الجوقة ليس إلا ! ولذلك فقدت احترامها في أوربا وفي نادي المستعمرين القدامى الذين يعتبرون أمريكا مجرد ولد طائش أفقد الثراء صوابه !
والعقل السياسي الفارسي يعاني من عقدة قديمة يصعب عليه الأنفكاك منها، هي عقدة الأبهة والخيلاء الفارسي الساساني، من ملك الملوك أريا مهر شمس الشموس، إلى آيات الله وحجج الله، وما إلى ذلك من هذه المصطلحات التي ليس من سلطان، ولكن سوف لن يجد الأمريكان صعوبة كبيرة، بل سيرتبون ذلك بسهولة مدهشة.
لا يهمني بشروى نقير ما ادعاه خاتمهم وأبطحهم وخرازهم، ولا اعترافهم بأنهم عملوا كأعوان للشيطان الأكبر وللصهاينة، لا يهمني ذلك بفلس واحد. فذلك أعرفه منذ زمن بعيد، فالفرس تحكمهم عقدة واحدة فقط: العرب والإسلام. وعندما يتعلق الأمر بهذه العقدة الحاقدة السوداء، فالأمر يتحول إلى مرض نفسي، يفقدون فيه بصرهم وبصيرتهم.
يقول سفيرهم في لندن : أن فاتحة التعاون الأمريكي الإيراني كانت حملة أفغانستان والخطر الذي مثله النظام الإسلامي في أفغانستان كان خطيراً علينا وعليهم، وعلينا أكثر مما عليهم
لذلك كانت حملة أفغانستان بداية التعاون وثمرة من ثماره التعاون الذي توج في عملية العراق.
لعل هذا السفير الألمعي قد نسى فضيحة إيران غيت، وصفقات السلاح التي كانت تنهمر عليهم من:
• الولايات المتحدة مباشرة.
• الكيان الصهيوني.
• عبر دول أخرى كما حصل في صفقة الطائرات الهولندية(الفانتوم)
• عبر تجار السلاح.
لم تكن إيران تشكي قلة السلاح، وكان الجيش العراقي يستولي على السلاح والعتاد الإيراني فإذا به من مناشئ ودول مختلفة، وحديثة الصنع.
سيمضي يوماً وكل هذا الذي نحن فيه، يوماً لا يبقى فيه إلا كتاب الله حكماً، إن عاجلاً أم أجلاً، سنرى ذلك اليوم، فالتاريخ ليس أسبوع ولا شهر أو سنوات، والعاقبة للمتقين الصابرين المرابطين المحتسبين، المضحين بالمال والنفس والولد وليس للذين يقبضون بالدولار !
سنكنسهم بعزم الله، سنكنسهم يا رسول الله، سنكنس هؤلاء المرتدين ومن معهم ومن خلفهم إلى مزابل التاريخ، سنكنسهم يا أبو بكر، ويا عمر ويا عثمان ويا علي.
يقول الله في كتابه المحكم العزيز : إنا أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون . صدق الله العظيم
-----------
ملاحظة: الكاتب ابو فراس العراقي هو دكتور عراقي، فضل عدم نشر اسمه (الذي امدنا به) لدواع أمنية كما قال
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: