البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من يدفع لتوتر العلاقات التونسية الليبية؟

كاتب المقال محرر نون بوست   
 المشاهدات: 1409



تشهد العلاقات التونسية الليبية بعد 25 من يوليو/تموز الماضي، توترات كبرى رغم نفي الجانبين ذلك، توترات من شأنها أن تؤثر سلبًا على مستقبل العلاقات بين البلدين الجارين في وقت يشهد فيه كلا البلدين أزمات عدة شملت جوانب مختلفة.

علاقات متوترة
في زياراته الأخيرة، أبرم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة اتفاقيات عديدة مع عدة دول على غرار مصر وتركيا ومالطا، خاصة أن هذه البلدان تسعى للحصول على أكبر عدد من الاتفاقيات لإعادة إعمار ليبيا التي دمرتها الحرب.

لكن الاستثناء كان الجارة الغربية لليبيا، أي تونس، فرغم تكرر الزيارات بين مسؤولي البلدين، لم نشهد إبرام أي اتفاقية بين الطرفين، ودائمًا ما يكتفي المسؤولون بإصدار بيانات بلغة خشبية تتحدث عن تاريخ العلاقات بين البلدين والروابط المشتركة بينهما لكن مستقبل العلاقات وحاضرها لا حديث عنهما.

ليس هذا فحسب، فالزيارة الأخيرة لدبيبة لتونس لم تثمر عن شيء، وقد كان الهدف منها بحث المشاكل العالقة بين البلدين من ذلك أسباب استمرار إغلاق المنافذ البرية بين البلدين، منذ 8 من يوليو/تموز الماضي، رغم إعلان الحكومة الليبية في 17 من أغسطس/آب المنصرم، إعادة فتح المنافذ البرية وحركة الملاحة الجوية مع تونس.

بقيت الحدود مغلقة، لكن فتحت معها باب التأويلات، خاصة بعد أن فشل الوفد الحكومي الليبي في رأب الصدع بين البلدين، كأن هناك نيةً مبيتةً في قصر قرطاج للإبقاء على توتر العلاقات بين البلدين، رغم تأكيد القصر أن "التاريخ والجغرافيا وروابط الدم والمصالح المشتركة بين الشعبين، لا يمكن أن تفرقها تصريحات غير مسؤولة أو تعاليق مغرضة أو محاولات يائسة من أطراف أصبحت مكشوفة للجميع".

وكان الدبيبة قد قال في كلمة وجهها إلى الشعب الليبي، إن الإرهاب قادم إلى ليبيا من الخارج، والشعب الليبي حر ولا يقبل اتهامه بالإرهاب، وذلك في رده على تقارير إعلامية تونسية وليبية تتحدث عن استعداد عشرات الإرهابيين في قاعد الوطية غرب ليبيا للهجوم على تونس.

الإعلام ينفخ في الأزمة
هذه الأزمة استثمر فيها الإعلام أيضًا، فقد عمل طيلة الأسابيع الماضي على النفخ فيها ونشر تقارير وأخبار تسيئ للعلاقات بين البلدين دون التثبت من صحتها وتبين فيما بعد عدم صحتها، كما حصل أمس مثلًا، فالعديد من المؤسسات الإعلامية في تونس تحدثت عن منع تونس دخول الليبيين إلى أراضيها.

هذه الأخبار كان مصدرها صفحات فيسبوك ليبية تدعي أنها تتحدث باسم مؤسسات حكومية، لكن تبين فيما بعد أن هذه الصفحات غير رسمية، وامتهنت مؤخرًا نشر الإشاعات التي تمس العلاقات بين تونس وليبيا.

انتشرت الإشاعة وبدأ تبادل الشتائم بين شعبي البلدين في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بعد تكذيب الأمر لم تنته الشتائم، فالتكذيب لم يأخذ صداه كما كان الحال مع بداية الإشاعة، فالفرد يصدق أول الحديث ولا يكترث بالباقي ولا يكلف نفسه عناء التحري عن المعلومة الصحيحة.

حتى في مسألة الإرهاب ووجود عناصر إرهابية في ليبيا تترصد الفرصة لدخول تونس عقب أحداث 25 من يوليو/تموز الماضي، كان مصدر الإشاعة بعض الصفحات على الفيسبوك، لتنقلها بعض وسائل الإعلام وتنصب بعد ذلك البلاتوهات والمنابر الإعلامية لتكيل التهم لليبيا وحكومتها.

رغم تكذيب المسؤولين التونسيين والليبيين لهذه الأخبار، فإن بعض الوسائل الإعلامية ما زالت ترددها باعتبارها حقائق، ناهيك بوسائل التواصل الاجتماعي التي نصبت المحاكم وأصدرت أحكامها ضد الشعب الليبي الذي نعتته بالإرهاب.

نتيجة ذلك، صدرت بعض التصريحات من مسؤولين ليبيين يتهمون تونس بتصدير الإرهاب لبلادهم، وهو ما زاد من تعقيد الوضع أكثر، خاصة أن الماسكين بزمام الأمور في تونس لا يكنون الاحترام الكبير للمسؤولين الليبين وقد اتضح ذلك في العديد من المناسبات.

أطراف أجنبية تستثمر في الأزمة
عملت العديد من الدول الأجنبية منها العربية والغربية على الاستثمار في الأزمة بين ليبيا وتونس - أو لعلها هي من خلقتها وساهمت في تأجيجها - فهذه الدول تسعى منذ فترة لتأزيم العلاقات التونسية الليبية خدمة لأهدافها المشبوهة في المنطقة.

هذه الدول منها مصر والإمارات وفرنسا، تسعى إلى فرض حصار على الحكومة الليبية من جهة الغرب، حتى يتسنى لهم فرض شروطهم على حكومة عبد الحميد الدبيبة والفوز باتفاقيات إعادة الإعمار هناك وتنصيب حلفائهم في مراكز القرار، خاصة أن الغرب الليبي خرج عن طوعهم.

أي أن تونس أصبحت أداةً تؤدي مهمة وظيفية لدول أثبتت عداءها لتجارب الانتقال الديمقراطي في المنطقة العربية، هذه الدول وجدت ضالتها في قيس سعيد وجماعته الماسكين بزمام الأمور في تونس منذ الانقلاب الدستوري نهاية يوليو/تموز الماضي وتجميد نشاط البرلمان وإقالة رئيس الحكومة من منصبه.

هذا الضغط الممارس على تونس لتوتير علاقاتها مع ليبيا، جاء في أعقاب دعم مالي وإعلامي كبير حصل عليه قيس سعيد من بعض هذه الدول، أي أن هناك مصالح مشتركة، فسعيد تمكن من تحقيق مآربه الشخصية، بالتوازي مع فتح الطريق لمحور الشر من أجل الضغط على الحكومة الليبية.

يعلم هؤلاء جيدًا أن الحدود التونسية الليبية تخضع الآن لسيطرة الليبيين الرافضين لوجودهم بمساعدة خبراء أتراك، وأن الجنوب التونسي الذي أظهر منذ ثورة 17 من فبراير/شباط تعاطفًا غير مسبوق مع الغرب الليبي، يرفض هو الآخر أي وجود لمحور الثورة المضادة، ما يعني أن الغرب الليبي من العاصمة إلى زوارة لن يسقط إلا إذا تم التضييق عليه من تونس.

خسائر كبرى للطرفين
في الوقت الذي ستجني فيه هذه الدول أرباح كبرى نتيجة توتر العلاقات بين البلدين الشقيقين، ستتكبد كل من ليبيا وتونس خسائر لا تُحصى ولا تُعد نتيجة الوضع الحاليّ وعدم وجود نية للتراجع وتحسين العلاقات.

جدير بالذكر أن ليبيا تُمثل امتدادًا تاريخيًا واقتصاديًا وحضاريًا لتونس وكذلك العكس، فقد كانت الأسواق الليبية ملاذًا للتجار ولآلاف العمالة، فيما كانت تونس مقصدًا مهمًا للسياحة والترفيه وملجأً لعلاج آلاف الليبيين.

إلى جانب ذلك، يرتبط الغرب الليبي وجنوبه عضويًا بالجنوب التونسي من خلال جملة من العلاقات المتشابكة مثل القرابة والمصاهرة وغيرها من الروابط الاجتماعية المتينة، وقد تبين ذلك بشكل جلي إبان ثورة 17 من فبراير/شباط، حين فتح أهل تونس أبواب منازلهم لاستقبال الليبيين، لكن هناك من ينفخ في الأزمة الحاليّة بين البلدين لقطع أواصل العلاقات بينهما.

في حال استمرت هذه الأزمة ستخسر تونس، خاصة منطقة الجنوب، فرص عمل كثيرة في ليبيا ما سيؤثر على الاقتصاد التونسي وعلى السلم الاجتماعي في الجنوب، فدائمًا ما تؤثر الاضطرابات التي تعرفها ليبيا على تونس، فما بالك إن قُطعت العلاقات بينهما.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، إنقلاب قيس، ليبيا، قيس سعيد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-09-2021   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، الناصر الرقيق، سلوى المغربي، منجي باكير، علي الكاش، عمر غازي، حسن الطرابلسي، د - عادل رضا، إياد محمود حسين ، د. طارق عبد الحليم، صباح الموسوي ، وائل بنجدو، عبد الغني مزوز، كريم السليتي، رافد العزاوي، سليمان أحمد أبو ستة، عواطف منصور، حسن عثمان، ياسين أحمد، د- هاني ابوالفتوح، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، الهيثم زعفان، صلاح المختار، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سامح لطف الله، علي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فوزي مسعود ، طلال قسومي، د. عبد الآله المالكي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، سلام الشماع، أحمد النعيمي، نادية سعد، د. أحمد محمد سليمان، رشيد السيد أحمد، عبد الله الفقير، مجدى داود، عبد العزيز كحيل، مراد قميزة، رمضان حينوني، المولدي اليوسفي، أ.د. مصطفى رجب، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، جاسم الرصيف، د. عادل محمد عايش الأسطل، طارق خفاجي، أحمد ملحم، أبو سمية، أنس الشابي، بيلسان قيصر، د - الضاوي خوالدية، أشرف إبراهيم حجاج، محمد الياسين، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، كريم فارق، د - مصطفى فهمي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، د- جابر قميحة، عزيز العرباوي، سعود السبعاني، د. أحمد بشير، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، د - شاكر الحوكي ، ماهر عدنان قنديل، د - المنجي الكعبي، د- محمد رحال، سيد السباعي، صفاء العراقي، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، الهادي المثلوثي، محمد الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، فتحي الزغل، صالح النعامي ، محمد علي العقربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مصطفي زهران، صفاء العربي، ضحى عبد الرحمن، المولدي الفرجاني، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، محمود سلطان، د. صلاح عودة الله ، مصطفى منيغ، عراق المطيري، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، فهمي شراب، إسراء أبو رمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، يزيد بن الحسين، فتحي العابد، تونسي، سفيان عبد الكافي، محمد شمام ، رافع القارصي، رضا الدبّابي، د - صالح المازقي، محمد العيادي، صلاح الحريري، إيمى الأشقر، حميدة الطيلوش، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، د - محمد بنيعيش، العادل السمعلي، محمود طرشوبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة