البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

النقابة تدفع تونس إلى التطبيع قريبا

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1736



لن أنفك عن الإلحاح على أن النقابة في تونس تدفع البلد إلى حافة الإفلاس المفضي إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني في القريب العاجل. إن موارد الدولة الطبيعية، والفوسفات في مقدمتها، معطلة والمؤسسات الاقتصادية العمومية التي يمكن أن توفر دخلا للدولة واقعة في قبضة النقابات في كل قطاع، والنقابة لا تنفك تدفع إلى حافة الهاوية، لذلك فإن إعلان الإفلاس غير بعيد، فإذا حلت الكارثة فإن باب الاقتراض بدون ضمانات سيادية سيكون آخر الحلول، وهنا ينفتح باب الضغط الدولي على دولة مفلسة لتقدم كل التنازلات فلا يُقبل منها إلا المزيد من تفليسها سياسيا وإجبارها على ما لم يرضه شعبها منذ بدء مسار التطبيع العربي.

النخبة السياسية خائفة من النقابة

من أول الثورة حتى رسالة الدكتور مرزوقي التي نشرها في ذكرى الثورة، لا أحد ممن اهتم بالشأن العام من النخب تجرأ على نقد النقابة وتوجيه إصبع الاتهام إلى ما تفعله بالمؤسسات العمومية المنتجة وبالإدارة العمومية عامة، في نفس الإطار نسمع رئيس النهضة يلقي قصائد المديح في النقابة رغم علمه بأن النقابة منعته من الحكم منذ 2011، وهي تواصل التخريب لأنه هو وحزبه لا يزالان في مقدمة المشهد السياسي.

كان الدكتور مرزوقي يطلب طيلة فترة حكمه هدنة اجتماعية تسمح للبلد بالتنفس والخروج، لكنه في تقييمه للثورة لم يوجه كلمة واحدة للنقابة ودورها التخريبي ولا نخاله إلا خائفا بعد، إذ لا نشك في قدرته على التحليل والقراءة ولكن الموقف من النقابة كان يقتضي جملا واضحة لم تصدر عن أحد، وكان الأجدر أن ينطقها فقد استكمل مشروعه واستقال ولم يعد لديه سبب للخوف.

الرئيس الحالي يتحدث عن المؤامرة على تونس وعن قوى الشر، ولكنه لم يضع النقابة ضمن هذه القوى بل هو في مقدمة المنسقين مع النقابة في مشروع لم نعرف كنهه بعد، وأمين عام النقابة أقام تقريبا في القصر قرب الرئيس دون أن نعرف ما الذي يدبران للبلد.

وهؤلاء الذين سميت هم رأس النخبة السياسية الظاهر للعيان، أما بقيتها الغارقة تحت ركام الفشل فهي تكتب حتى حول تلاقح الفقمة في القطب الشمالي ولكنها تغفل كل قول عن دور النقابة التخريبي، وكلما أمسك واحد منها في موقع علني أعلن صلاة خاشعة للنقابة.

لم كل هذه الخوف؟ لكثير من مكونات النخبة ملفاتها المخجلة التي تعرفها النقابة (علاقة النقابة بداخلية ابن علي ستكون موضوع مقال آخر)، ولأغلبها كثير من الرغبة في تسلق مراكز السلطة ومعاداة النقابة تقضي على آمالها في كل ترقية داخل مؤسساتها أو خارجها. فالنقابة هي من تعين الوزراء فعلا وإن لم تقدم من قياداتها شخصيات للحكم، ولكن المرور إلى كرسي وزارة يمر حتما ببطحاء محمد علي، وهو مقر النقابة. وعلى سبيل المثال، فإن وزير الشؤون الاجتماعية تختاره النقابة كأن الوزارة إقطاع خاص بها، وقد سقط كل وزير أعلن تمرده على النقابات القطاعية، مثل وزراء الصحة النهضويين ووزير النقل الذي جاء دون رغبتها. هنا قوة النقابة، وهي ليست قوة على الأرض ولكنها ضعف في نفوس النخبة.

نقابة الابتزاز بامتياز

ليس لدى النقابة كمؤسسة مشروع حكم كما كان لديها في الستينيات، وهي حقبة لا يناقش فيها أحد تاريخ النقابة ودورها، لكن النقابة الحالية المؤسسة والأشخاص ليس لديهم إلا مشروع تخريب ممنهج. ونعتقد بيقين أنها تشتغل لمصالح خارجية، ونحدد بثقة النقابة تشتغل عند الفرنسيين بعد أن فقد الفرنسيون مرتكزا أساسيا مدنيا على غرار حزب ابن علي.

إن أحمد بن صالح، النقابي والوزير المقتدر الذي بنى القطاع العام في الدولة المستقلة لم يحظ بأي تقدير لدى النقابة بعد عام 1970، عام سقوطه وسجنه من قبل بورقيبة وتيار حزب الدستور الليبرالي، وعندما مات منذ شهرين تذكرته النقابة ببيان تأبين وإكبار، وهو بيان فضيحة في حق أمين عام سابق وأكبر مؤسس للدولة التونسية الحديثة.

كل ذي بصيرة يعرف أن فرنسا تخسر تونس إذا حكم غير التجمعيين وخاصة إذا حكم الإسلاميون ولو بشكل جزئي بل أن كل قوة وطنية تفكر في مصلحة تونس أولا هي قوة معادية لفرنسا لذلك تخرب عليها وتدمر قدراتها وقد وجدت في النقابة وسيلة وآلة تقوم بعملها بكل براعة وما يجري الآن يجنى ثمره الفرنسيون في تونس بلا منازع.

توفر وجهة النظر هذه ذريعة لكل جبان لكي يقول بوقاحة: نحن لا نواجه النقابة بل نواجه حاميها الفرنسي، وهذا تبرير مهما كان واقعيا فإنه يحمل قدرا كبيرا من الجبن والذل السياسي والاستعداد للتواطؤ ضد المصلحة الوطنية، ولا أستثني أحدا فرائحة الخوف تزكم الأنوف (وهي جملة انطباعية في سياق تحليل).

منذ أول حكومة بعد الثورة تبين أن النقابة لن تدخل السلطة بل ستحكم من خارجها، وكذلك كان.. تحرك وحشي يضع الحكومات المتتابعة في وضعية القبول والتسليم أو تعطل المرافق العامة في النقل كما في التعليم كما في الجامعة، دون أي اتباع لبروتوكول الإضراب كالإعلان المسبق والتحذير قبل الإضراب. دفعت النقابة إلى إضرابات عامة ووضعت البلد على حافة الحرب الأهلية، واستغلت الاغتيالات السياسية لتجني منها مكاسب كان أبرزها الدخول كحكم بين فرقاء السياسية في اعتصام الرحيل.

تم تعطيل وسائل النقل فجأة في قمة شهر آب/ أغسطس بعد الخروج من العمل بما أبقى الناس مرميين في الشوارع، وإغلاق المشافي في وجه المرضى حتى الموت أمام المشفى بلا رحمة، وإغلاق المدراس والمعاهد والجامعات في وجه المتعلمين وكادر التدريس بالقوة المليشاوية لو لم يوافقوا على الإضراب، وغير هذا كثير لا تعلمه السيزل ولا أي نقابة في العالم. الكل أو لا شيء، وكانت كل الحكومات تأتي صاغرة ذليلة خائفة على مكاسبها الفردية أكثر من خوفها على مصالح البلد.

سقوط القطاع العام يعني سقوط الدولة والسير إلى التطبيع

لم تجرؤ النقابة على تحريك أي مؤسسة في القطاع الخاص، بل الأخبار المستقاة تقول بتواطؤها مع منظمة الأعراف، ولكن مؤسسات القطاع العام المنظمة نقابيا بشكل كلي موشكة كلها على الإفلاس، هذا فضلا عن تعطل الإدارة. إن موارد موازنة تونس هي أولا مؤسسات القطاع العام والثروات الطبيعية، وهي كلها تحت حكم النقابة وهي معطلة. لذلك فان الميزانية الآن رغم المصادقة على القانون المالية لن توفي التزاماتها إلا بالاقتراض. والسؤال الآن: من يقرض دولة مفلسة؟

إنه المقابل التطبيعي يتهيأ لتونس وهي تقف عاجزة وغير قادرة على تسمية العدو الداخلي باسمه، ولن تخوض معه الحرب وهو يستعد لتسليم البلد لفرنسا بشكل كلي، ووراء فرنسا الاستعمارية تكمن لنا الصهيونية العالمية مع إغراءات مالية وسياحية، ولديها مطالب سياسية مثل التي فرضتها على السيسي وكانت تنوي فرضها على حفتر وفرضتها على السودان والمغرب.

تونس في طريقها إلى التطبيع لتغطي مطالب النقابات بالقروض الكاسرة للسيادة، ولكننا نكتب بوعي لنشهد على مرحلة الانهيار وأدواتها (شيء من تبرئة الذمة العاجزة،) ونحن من ضمن قوم كثير لا نصدق بل نسخر من زعم النقابة معاداة الصهيونية ووقوفها مع حركات التحرر في العالم. هذه نكتة لم تضحكنا وخديعة لم تنطل علينا، وليس لدينا إلا قلمنا.

لكن إذا خاف 12 مليون تونسي من النقابة فسيكون هناك مواطن أخير لن يخشاها ومستعد للثمن. جملة أخيرة لعرب يرون تونس من بعيد ويعتقدون تحت دعاية النقابة أن هناك مجتمعا مدنيا تونسيا تقوده النقابة. ستبكون على تونس المطبّعة قريبا، وساعاتها ستجدون حاجة إلى فهم الأسباب هذه الورقة تقدم لكم مدخلا للتحليل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، النقابات، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-12-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- محمد رحال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، بيلسان قيصر، محمود فاروق سيد شعبان، د - شاكر الحوكي ، سليمان أحمد أبو ستة، عزيز العرباوي، أ.د. مصطفى رجب، الناصر الرقيق، مصطفى منيغ، محمد أحمد عزوز، عواطف منصور، نادية سعد، د - الضاوي خوالدية، محمد علي العقربي، أبو سمية، عبد الغني مزوز، سعود السبعاني، إياد محمود حسين ، يحيي البوليني، فوزي مسعود ، عمر غازي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد العيادي، ماهر عدنان قنديل، حميدة الطيلوش، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، علي الكاش، ياسين أحمد، علي عبد العال، د. خالد الطراولي ، حسن عثمان، صالح النعامي ، جاسم الرصيف، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، أحمد بوادي، سامح لطف الله، طارق خفاجي، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بنيعيش، حسن الطرابلسي، د- جابر قميحة، أحمد ملحم، ضحى عبد الرحمن، د- محمود علي عريقات، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، رافد العزاوي، محمد عمر غرس الله، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، حاتم الصولي، مراد قميزة، عبد الرزاق قيراط ، أنس الشابي، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، رافع القارصي، أحمد الحباسي، إسراء أبو رمان، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، إيمى الأشقر، مجدى داود، محمود طرشوبي، د. أحمد بشير، د. صلاح عودة الله ، الهادي المثلوثي، فتحي الزغل، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، العادل السمعلي، رمضان حينوني، المولدي الفرجاني، د. طارق عبد الحليم، محمد يحي، سلام الشماع، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، وائل بنجدو، يزيد بن الحسين، المولدي اليوسفي، مصطفي زهران، عبد العزيز كحيل، الهيثم زعفان، عبد الله الفقير، تونسي، عبد الله زيدان، صلاح المختار، صفاء العراقي، كريم السليتي، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، أحمد النعيمي، طلال قسومي، صلاح الحريري، صفاء العربي، رضا الدبّابي، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، أشرف إبراهيم حجاج، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عراق المطيري، خالد الجاف ، منجي باكير، فتحي العابد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة