د. علي عثمان شحاته - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1678
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الإنسان مخلوق مكرم عند الله؛ فقد خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وجعله خليفة في الأرض وسيدا في الكون.
ومع عظمة الخلق وعظم المكانة، فقد يأسره المعروف؛ بكلمة طيبة، أو ابتسامة صافية، قد تملك قلبه بمشاركة وجدانية، أو حتى مجرد إلقاء السلام عليه، يقول صلى الله عليه وسلم: "... أوَلا أدُلُّكُمْ على شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ".
إن أخلاقيات كالتواضع والعفو والتسامح لها فعل السحر في ذلك، يقول الله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" سورة فصلت: ٣٤.
إذن فنحن نتحمل مسؤولية كبيرة في رد فعل الآخرين نحونا؛ فقد تعين من أمامك على نفسه فتجعل منه ملاكا، أو تتركه لنفسه وهواه فيكون شيطانا رجيما والعياذ بالله.
وقديما قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فلا طالما استعبد الإنسان إحسان
فالقلوب عليها أقفال ومفاتحها في يدك، وفي إشارة إلى ذلك يقول الله تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" سورة محمد: ٢٤.
فأقفال القلوب تعبير قرأني، إشارة إلى من لم يتدبر القرآن ويهتدي بهداه، وأقفال القلوب في زماننا كثيرة وخطيرة، وحين تعين أخاك المسلم على نفسه وهواه تكون قد امتلكت مفاتيح قلبه.
وهي أدوات يسيرة، بأقل جهد، ولكنها عظيمة عند الله، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ". وفي رواية: "وأن تُفرِغَ من دلوِك في إناءِ أخيك" وفي رواية: "وإذا اشْتَرَيْتَ لحمًا أو طَبَخْتَ قِدْرًا فأَكْثِرْ مَرَقَتَه، واغْرِفْ منه لِجارِكَ".
إن الإحسان بكل مظاهره وأشكاله، يذيب العداوات، ويقرب المسافات، ويطفئ نيران الغضب في القلوب.
فإذا نجحت في ذلك فاعلم أنك على الطريق الصحيح في اتباع هدي القرآن الكريم، وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. الذي قال: "إنَّ أحَبَّكم إليَّ وأقرَبَكم منِّي في الآخرةِ أحاسِنُكم أخلاقًا...".
وبقدر نجاحك في امتلاك القلوب يكون أجرك عند الله، وكذلك بقدر نفور الناس منك، وبعدهم عنك يكون العقاب يوم القيامة، يقول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ شَرَّ النّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيامَةِ مَن تَرَكَهُ النّاسُ اتِّقاءَ شَرِّهِ" ويقول أيضا: "..وإنَّ أبغَضَكم إليَّ وأبعَدَكم منِّي في الآخرةِ أسوَؤُكم أخلاقًا".
فاختر لنفسك أي الطريقين تسلك، طريق من وفقه الله فأحبه الناس فملك قلوبهم، فكان كالأرض الطيبة التي انتفعت في نفسها ونفعت غيرها. أو من نفر الناس عنه، فأصبح لا يعرف معروفا أو ينكر منكرا، فلم ينفع نفسه أو يكون سببا في هداية غيره.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين، واهدنا يا ربنا الي صراطك المستقيم. " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ࣱ" سورة ق: ٣٧.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: