البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ماذا يعني بقاء الغنوشي رئيسا للبرلمان التونسي؟

كاتب المقال عادل بن عبد الله - تونس   
 المشاهدات: 2192



بعد استقالة رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ –بسبب بعض شبهات الفساد المتعلقة به-، كان من المفترض أن يتمحور السجال العمومي حول اختيار الرئيس قيس سعيد لهشام المشيشي-دون الأسماء كافة التي رشحتها الأحزاب الممثلة في البرلمان- قصد تشكيل الحكومة.


ولكن هذا الحدث -على أهميته- تراجع إعلاميا وسياسيا ليُفسح المجال أمام حدث آخر، ألا وهو جلسة سحب الثقة من رئيس مجلس النواب وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي. ولا شك في أن سقوط هذه اللائحة ستكون له تداعيات مهمة في تشكيل المشهد السياسي التونسي، سواء داخل حركة النهضة أو خارجها، خاصة فيما يتعلق بتوازنات المؤتمر القادم للحركة أو في ملف مفاوضات تشكيل الحكومة وتركيبتها، أو حتى في مسألة العلاقة بين حركة النهضة ورئاسة الجمهورية.


ماذا لو مرّت اللائحة وسقط الغنوشي؟


كي نتبين التأثيرات المنتظرة لفشل تمرير لائحة حجب الثقة عن رئيس مجلس النواب، علينا أن نفترض حصول العكس، أي نجاح الموقّعين على اللائحة في إسقاط الغنوشي. لقد كان نجاحهم يعني واقعيا فقدان النهضة لآخر حلفائها من ورثة المنظومة القديمة-حزب قلب تونس- ونهاية فكرة التوافق التي راهن عليها زعيم الحركة، ومازال، رغم ما سببته من انشقاقات داخل الحركة، وفقدان جزء مهم من قاعدتها الانتخابية التقليدية.


كما أن النجاح في تمرير اللائحة سيقوّي الموقع التفاوضي لرئيس الجمهورية مع حركة النهضة، فبعد أن خسرت الحركة الحق في تشكيل الحكومة، ستكون خسارتها لرئاسة المجلس مناسبة قد يستغلها الرئيس للدفع نحو تشكيل حكومة سياسية بأوسع حزام سياسي ممكن دون مشاركة النهضة، وهو ما يتوافق مع رغبة الكتلة الديمقراطية التي هي الحليف الأوثق للرئيس إلى حد هذه اللحظة.


أما رئيسة الحزب الفاشي ووريثة المقاربة الاستئصالية في التعامل مع الإسلاميين عبير موسي، فإن النجاح في تمرير اللائحة كان سيعني لها الوفاء بوعدها بإخراج الغنوشي من رئاسة المجلس، فرغم أن الحزب الدستوري الحر ليس ممن أمضوا على اللائحة بل قدم لائحة"تكميلية" مستقلة -بحكم رفض الكتلة الديمقراطية التحالف"القانوني" معه في هذه المسألة، فإن النجاح كان سيُقوي من نفوذ عبير موسي داخل المنظومة القديمة، بل كان سيكسبها "مشروعية" ادعاء الزعامة والدعوة إلى توحّد"العائلة الدستورية" (أي ورثة التجمع وشقوق نداء تونس) تحت قيادتها.


كما كان من المتوقع أيضا أن تدفع زعيمة الحزب الفاشي بالتصادم مع حركة النهضة-بدعم من إعلام المنظومة القديمة وأذرعها النقابية والمدنية والجهوية- إلى مرحلة أعلى، كأن تستثمر في ملف ما يُسمّى بـ"التنظيم السري" لتطالب بحل حركة النهضة، أو على الأقل هرسلتها وابتزازها بصورة أكثر عدوانية، وهو ما قد يُنذر بانتقال الصراع من أروقة مجلس النواب إلى الشارع وما يعنيه ذلك من مخاطر مؤكدة، على السلم الأهلي والعيش المشترك.


قيس سعيد وعبير موسي: تقاطع تكتيكي وتناقض استراتيجي


عندما رفض الرئيس قيس سعيد مقترح حركة النهضة لرئاسة الحكومة-للمرة الثانية- وبإعراضه عن كل مقترحات الأحزاب الأخرى -بما فيها الأحزاب المحسوبة على "حكومة الرئيس"- فإنه قد خطا خطوة مهمة نحو تنزيل مشروعه السياسي، الذي يكون فيه الرئيس/الزعيم بديلا عن الطبقة السياسية وأحزابها، لا شريكا لها.


فالرئيس الذي صرّح بأن زمن الأحزاب قد انتهى، استثمر الأزمة البرلمانية وتداعياتها ليدفع بمشرحه الخاص -من خارج قائمات الترشيحات الحزبية- ليكون وزيره الأول لا رئيسا للوزراء، كما يُفترض به في النظام البرلماني المعدّل. وإذا ما استحضرنا رفض الرئيس لتكوين حزب خاص به، وتذكرنا العديد من الأصوات المحسوبة عليه والمنادية بالديمقراطية القاعدية أو التشاركية، فإن علاقته الصدامية بالحركة ستكتسب معقولية تتجاوز التفسيرات السطحية –من مثل هجوم قواعد النهضة على الرئيس واتهامه حينا بالتشيع السياسي أو حتى العقدي، واتهامه أحيانا أخرى بتنفيذ أجندة اليسار الراديكالي- فضرب المنظومة الحزبية التي هي أساس الديمقراطية التمثيلية يعني بالضرورة الانطلاق من ضرب الحزب الأقوى، أي حركة النهضة.


ولا شك في أن الرئيس كان سيستفيد هو أيضا من إضعاف حركة النهضة برلمانيا. فرغم عدم وجود أي دلائل على تنسيق سري بين الرئاسة والحزب الدستوري الحر، ورغم الاختلاف الجذري بين مشروع الرئيس ومشروع وريثة التجمع، فإن الالتقاء الموضوعي بينهما على عداوة النهضة لا يخفى على أي متابع للشأن التونسي.


ومن الواضح أن علاقة "عدم الاعتداء" التي تجمع بين الرئيس وعبير موسي تحكمها مشتركات سياسية تكتيكية، وإن كانت تلك العلاقة منذورة للتصادم بالضرورة في المستوى الاستراتيجي. فالرئيس يريد أن يكون بديلا للمنظومة السياسية كلها-بحكّامها ومعارضيها- وبقانونها المنظم للسلطات أيضا، لكن ضمن أفق ثوري، أما عبير موسي، فإنها تشترك مع الرئيس في رغبته في تعديل نظام الحكم إلى نظام رئاسي، ولكنها تريد العودة إلى مربع 13 كانون الثاني/ يناير 2011 ، بل العودة إلى مربع 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987، إن استطاعت إلى ذلك سبيلا.


ومما لا شك فيه أن الرئيس وزعيمة الحزب الحر الدستوري يعلمان جيدا حدود التقاطع والالتقاء، ولكنهما يتحركان ضمن استراتيجيتين مختلفتين للاحتواء المتبادل: فالرئيس يريد أن يوظف وريثة التجمع لترذيل النظام البرلماني المعدل وتهيئة المناخ لتقديم مبادرة تشريعية قصد تعديل النظام السياسي، أما عبير موسي، فإنها توظف عداء الرئيس للنهضة كي تزيد في عزلتها السياسية، وكي ترفع من قيمة أسهمها السياسية في الداخل وفي الخارج أيضا (فالدعم الإماراتي السعودي لا يكاد يخفى على أحد، على الأقل في مستوى الإعلام).

مشاريع الانقلاب لن تفرّق بين الإسلاميين والعلمانيين


من المؤكد أن بقاء الشيخ راشد الغنوشي على رأس مجلس النواب هو انتصار للديمقراطية بأكثر من معنى. فهو انتصار لها ضد آليات الاحتكام إلى الشارع في فض الخلافات، وهو انتصار لها في بيان قدرة التجربة التونسية على إدارة أزماتها، بعيدا عن وصاية العسكر أو المؤسسة الأمنية، وهو أخيرا انتصار للديمقراطية على كل أعدائها الإقليميين والدوليين الذين يريدون العودة بالبلاد إلى مربع الصراعات الهووية، ومنطق النفي المتبادل بين الإسلاميين والعلمانيين.


ولكنّ انتصار الديمقراطية ليس نهائيا، ولا غير قابل للانتكاس. ولا شك في أن كل الفاعلين الجماعيين داخل مجلس النواب وخارجه-بمن فيهم حركة النهضة وزعيمها- مسؤولون عن هذا الوضع الهش الذي تعيشه بلادنا في أكثر من مستوى.


وهو ما يعني أن على الجميع مراجعة مواقفهم-مواقف الاستئصال الناعم أو التوافق المغشوش- والقيام ببعض التنازلات المتبادلة -ضمن أفق الثورة التي حررت أغلبهم ودفعت بهم إلى السلطة، وبعيدا عن أجندات المنظومة القديمة وواجهاتها الحزبية- حتى يُخففوا ما أمكن من "قابلية الاختراق"، بشكليها الأكثر خطورة وراهنية: الاستعمار (الاقتصادي) والاستحمار ( الثقافي).


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإمارات، عبير موسي، قيس سعيد، راشد الغنوشي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-08-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، الهيثم زعفان، فوزي مسعود ، عواطف منصور، د. كاظم عبد الحسين عباس ، بيلسان قيصر، د - صالح المازقي، د. عبد الآله المالكي، نادية سعد، حسن الطرابلسي، عمر غازي، سيد السباعي، رافد العزاوي، محمد شمام ، مصطفي زهران، محمود طرشوبي، د - الضاوي خوالدية، أحمد بوادي، عبد العزيز كحيل، ماهر عدنان قنديل، يحيي البوليني، سلوى المغربي، كريم السليتي، أبو سمية، ياسين أحمد، الهادي المثلوثي، محمد عمر غرس الله، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صباح الموسوي ، تونسي، عبد الله زيدان، د - محمد بنيعيش، رشيد السيد أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، سفيان عبد الكافي، سامح لطف الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العراقي، أحمد ملحم، د. أحمد بشير، د - عادل رضا، د - المنجي الكعبي، عزيز العرباوي، عمار غيلوفي، فتحي العابد، إيمى الأشقر، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، إسراء أبو رمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله الفقير، محمد اسعد بيوض التميمي، علي الكاش، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، رمضان حينوني، د. صلاح عودة الله ، المولدي الفرجاني، إياد محمود حسين ، د - شاكر الحوكي ، أ.د. مصطفى رجب، سلام الشماع، محمود سلطان، سعود السبعاني، د- جابر قميحة، د. أحمد محمد سليمان، سامر أبو رمان ، محمد علي العقربي، أنس الشابي، حاتم الصولي، صلاح الحريري، محمد العيادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، طارق خفاجي، د- محمود علي عريقات، خالد الجاف ، عبد الرزاق قيراط ، مجدى داود، حسني إبراهيم عبد العظيم، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، د- محمد رحال، طلال قسومي، مصطفى منيغ، فهمي شراب، محمد الياسين، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، د - مصطفى فهمي، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، مراد قميزة، أحمد النعيمي، فتحي الزغل، العادل السمعلي، عبد الغني مزوز، علي عبد العال، د. طارق عبد الحليم، صفاء العربي، أشرف إبراهيم حجاج، صالح النعامي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، المولدي اليوسفي، أحمد الحباسي، محمد أحمد عزوز، يزيد بن الحسين، عراق المطيري، د. خالد الطراولي ، صلاح المختار، محمد الطرابلسي، حسن عثمان، د- هاني ابوالفتوح، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة