البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الأزمة التونسية بين قراءة الدستور وموت السياسة

كاتب المقال فراس أبو هلال   
 المشاهدات: 1980



تدخل الأزمة التونسية منعطفا جديدا مع تكليف الرئيس قيس سعيّد، مستشاره القانوني السابق ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، هشام المشيشي، بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لرئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ.

استخدم الرئيس حقه الدستوري باختيار الشخصية التي يراها الأقدر لرئاسة الحكومة، ولكنه تجاوز كل ترشيحات الكتل النيابية، بما في ذلك فاضل عبد الكافي الذي رشحته أكبر كتلتين نيابيتين هما النهضة وقلب تونس.

ولا يحتاج أي متابع للشأن التونسي لجهد كبير لإدراك عمق الأزمة التي قد يخلفها هذا الترشيح، وأهمها:
أولا: المخاوف من تحويل الحكم في تونس إلى نظام رئاسي، بالرغم من أن الدستور يجعل الحكم برلمانيا رئاسيا، ويفترض أن تشكيل الحكومة يتم بترشيحات الكتلة النيابية الأكبر، ولكن الرئيس استخدم حقا دستوريا أيضا يمنحه اختيار رئيس الحكومة في حال فشل رئيس الوزراء الذي اختارته الكتل النيابية بالحصول على ثقة أغلبية النواب.

ثانيا: احتمالية حل مجلس النواب في حال عدم حصول الرئيس المكلف على ثقة البرلمان، وهو ما قد يؤدي لفراغ سياسي، وتحميل ميزانية البلاد لتكاليف إجراء انتخابات مبكرة.

ثالثا: في حال حصول المشيشي على الثقة، بسبب اضطرار الكتل النيابية لذلك لمنع خيار حل البرلمان، فإن ذلك قد يؤدي لتشكيل حكومة ضعيفة لا تتمتع بحزام سياسي قوي، أو لسنوات من المناكفة بين رئيس الحكومة وبين البرلمان الذي منحه الثقة اضطرارا.

وما يعمق الأزمة أكثر، هو أن الرئيس سعيد ألمح أكثر من مرة إلى ضعف شرعية البرلمان، وإلى شكوى من دور الأحزاب وخلافاتها، وهو ما يشير إلى رغبته بتغيير النظام السياسي برمته، وقد يؤدي بالتالي إلى قتل الحالة السياسية النشطة في تونس منذ الثورة، فلا سياسة بدون أحزاب، ولا ديمقراطية حقيقية بدون برلمان قوي يتمتع بشرعيته وصلاحياته الكاملة التي يكفلها الدستور.

اختار الرئيس مرشحا مقربا منه، خلافا لترشيحات الكتل البرلمانية، سعيا للتحكم بشكل أكبر بالعملية السياسية، ولكنه اختيار محفوف بالمخاطر، فهو لا يضمن استمرار ولاء رئيس الحكومة له كما حصل في الخلاف المشهور بين الرئيس الراحل الباجي السبسي ورئيس حكومته يوسف الشاهد، كما أنه لا يضمن سلوك البرلمان والأحزاب، التي قد تعطل مسيرة الحكومة، وهو ما يمكن أن يؤزم الوضع في البلاد، ويمنع تحقيق الحكومة للإنجازات المطلوبة منها، وسيكون هو الخاسر الأكبر لأن فشل الحكومة سيحسب عليه، فهي في نهاية الأمر حكومته التي اختار رئيسها.

ثمة خيارات صعبة أمام الكتل النيابية أيضا، وخصوصا الكتلة الأكبر الممثلة لحزب النهضة، فهي إما أن تحجب الثقة فتصبح مسؤولة عن حل البرلمان في نظر بعض الناخبين، أو ستشارك في حكومة لا توثر بقراراتها رغم أنها الكتلة النيابية الأكبر، أو ستمنح الثقة بدون مشاركة بالحكومة لتضمن استمرار البرلمان وعدم الظهور بصورة الحزب المعطل للعملية السياسية، وستبقى مكبلة الأيدي تجاه الحكومة حتى لا تتحمل المسؤولية عن فشلها.

من الواضح أن الرئيس اختار مسار التأزيم بشكل واع جدا، فهو يريد التحكم بمفاصل العملية السياسية من جهة، وإثبات رؤيته المتشككة تجاه البرلمان والأحزاب باعتبارها تعطل المسيرة السياسية "لمصالحها الضيقة" من جهة أخرى، ولكنه رغم هذا الوعي يخاطر بمسؤوليته عن تشكيل حكومة ستكون ضعيفة في أحسن الأحوال، وفاشلة في حال حدوث الأسوأ.


جاء الرئيس سعيد من خارج المؤسسات السياسية، وبخلفية قانونية ودستورية متينة. مارس حقه الدستوري في تكليف إلياس الفخفاخ ومارسه مرة أخرى بتكليف المشيشي، ولكنه لم يمارس السياسة التي تضمن استمرار العملية السياسية وتحقيق إنجازات حكومية يحتاجها المواطن التونسي، وغامر بذلك بإمكانية ضرب إيمان التونسيين بالديمقراطية ومنجزات الثورة، وإدخال السياسة بموت سريري.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإمارات، عبير موسي، قيس سعيد، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-07-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الغني مزوز، عبد الله زيدان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، كريم السليتي، أبو سمية، عزيز العرباوي، د- جابر قميحة، عبد الله الفقير، حميدة الطيلوش، د - الضاوي خوالدية، عبد الرزاق قيراط ، إياد محمود حسين ، مصطفي زهران، حسني إبراهيم عبد العظيم، تونسي، عمار غيلوفي، صفاء العربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رافع القارصي، الهيثم زعفان، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود فاروق سيد شعبان، ياسين أحمد، علي الكاش، جاسم الرصيف، أحمد النعيمي، صالح النعامي ، رافد العزاوي، منجي باكير، محمد شمام ، حسن عثمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، المولدي الفرجاني، سامح لطف الله، عبد العزيز كحيل، محمد يحي، د - عادل رضا، د- محمد رحال، د- محمود علي عريقات، سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، سلوى المغربي، د- هاني ابوالفتوح، محمود سلطان، العادل السمعلي، الناصر الرقيق، ماهر عدنان قنديل، صباح الموسوي ، عراق المطيري، محرر "بوابتي"، سلام الشماع، د. عادل محمد عايش الأسطل، يحيي البوليني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد الحباسي، محمد علي العقربي، سليمان أحمد أبو ستة، فتحي الزغل، المولدي اليوسفي، أ.د. مصطفى رجب، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، صلاح الحريري، سيد السباعي، إسراء أبو رمان، عمر غازي، د - المنجي الكعبي، محمد اسعد بيوض التميمي، طارق خفاجي، صلاح المختار، محمد عمر غرس الله، د - شاكر الحوكي ، سعود السبعاني، أحمد ملحم، فتحي العابد، د. أحمد محمد سليمان، د - صالح المازقي، بيلسان قيصر، أحمد بوادي، فوزي مسعود ، حسن الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد بشير، رمضان حينوني، محمد الطرابلسي، مصطفى منيغ، د. طارق عبد الحليم، نادية سعد، رضا الدبّابي، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، رشيد السيد أحمد، عواطف منصور، مجدى داود، محمد الياسين، سفيان عبد الكافي، د - مصطفى فهمي، محمد أحمد عزوز، ضحى عبد الرحمن، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مراد قميزة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، كريم فارق، رحاب اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، الهادي المثلوثي، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، علي عبد العال، يزيد بن الحسين، د.محمد فتحي عبد العال، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، حاتم الصولي، أشرف إبراهيم حجاج، محمود طرشوبي، أنس الشابي، طلال قسومي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة