الديمقراطية التونسية في خطر وعبير موسي تواصل إثارة الفوضى
عائد عميرة - تونس المشاهدات: 2423
تواصل سليلة التجمع المنحل وحليفة الإماراتيين عبير موسي إثارة الفوضى داخل مجلس نواب الشعب التونسي - أعلى سلطة في البلاد -، فحتى النيابة العمومية التي جاءت إلى البرلمان لمعاينة اعتصامها لم تسلم من تطاولها، كذلك وصل للصحفيين والإداريين، ناهيك بالنواب، بعض من عنجهية موسى التي تتلحف بغطاء مبادئ الثورة وهي التي ترفض الاعتراف بها أصلًا.
غطرسة متواصلة، قوبلت بصمت مريب من المجتمع المدني والعديد من الأحزاب السياسية التي تقدم نفسها كأحزاب التقدمية والديمقراطية، فضًلا عن الرئيس قيس سعيد الذي اكتفى ببعض الكلمات.
تعطيل عمل البرلمان
الخميس الماضي، كانت أنظار التونسيين موجهة لمجلس نواب الشعب، فقد كانت الجلسة العامة للبرلمان مخصصة لانتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية، التي طال انتظارها وأجلت الخلافات السياسية ولادتها وهي التي كان من المفروض أن تبدأ أعمالها منذ سنوات.
تسمر التونسيون أمام التليفزيون لمتابعة أطوار الجلسة الحدث وقدم النواب للقيام بواجبهم لاختيار أعضاء المحكمة الثلاث الموكل للبرلمان انتخابهم، لكن حدث ما كان متوقعًا، فقد اعتلى نواب "الدستوري الحر" المنصة المخصصة لرئيس البرلمان ونائبيه، لمنع انعقاد الجلسة العامة.
مُنع رئيس البرلمان راشد الغنوشي من إلقاء كلمته الافتتاحية، وأمام تواصل احتلال المنصة المخصصة للرئيس رفعت الجلسة إلى موعد لاحق، فخسر التونسيون مجددًا فرصة أخرى لاستكمال تشكيل المحكمة الدستورية التي تعتبر بمثابة الثغرة الكبيرة التي تشوب المسار الديمقراطي وتمسّ نجاح التجربة السياسية في البلاد.
هذا التعطيل لأعمال البرلمان الذي تسببت فيه سليلة نظام بن علي الديكتاتوري عبير موسي، ليس الأول من نوعه، فمنذ أول جلسة للبرلمان التي خصّصت لانتخاب رئيس له، بدأ التعطيل حيث رفضت عبير موسي حينها أداء اليمين الدستورية بشكل جماعي.
تكرر التعطيل مرات أخرى، ففي كلّ جلسة تختلق عبير موسي التي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع المنحل (حزب بن علي) قبل الثورة مشكلة وتبدأ بالصياح، إلى أن وصل بها الأمر حدّ الاعتصام بمقر مجلس النواب، معتبرة أن الدولة التونسية افتكت منهم والمؤسسات التونسية اغتصبت، على حد تعبيرها.
وتمتهن عبير موسي سب وشتم رئيس البرلمان راشد الغنوشي ونواب كتلة حركة النهضة بالبرلمان، فضلًا عن نواب كتلة ائتلاف الكرامة التي يقودها المحامي سيف الدين مخلوف، كما طالت شتائمها أعضاء في الكتلة الديمقراطية وكتلة حزب قلب تونس.
الصحفيون والشرطة في مرمى سهام موسى
لم تكتف موسى بهذا الحد، فسهامها هذه المرة وصلت النيابة العمومية، فخلال حضور ممثل للنيابة العامة والشرطة القضائية البرلمان لمعاينة اعتصام نواب الدستوري الحر وتقديم تبليغ إلى المعتصمين عبر الشرطة العدلية قصد فك الاعتصام، رفضت رئيسة الكتلة عبير موسي قبول التبليغ مطالبة بإذن كتابي من النيابة العمومية.
خلال رفضها المعاينة، تهجمت عبير موسي على ممثل النيابة العامة واتهمته بخرق القانون وانتهاك حرمة البرلمان، وهي التي رذلت العمل البرلماني وشوهته منذ دخولها تحت تلك القبة في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
قبل ذلك، منعت عبير موسي طاقم التلفزة الوطنية المكلف بالبث المباشر للجلسات العامة، من نقل الأجهزة التقنية التي كان سيتم نقلها لمجلس المستشارين لتأمين البث المباشر للجلسات بعد أن تم تغيير مكان انعقاد الجلسات العامة للبرلمان من المقر الرئيسي إلى المقر الفرعي.
صمت مريب
أمام هذه التجاوزات المتكررة، اختارت العديد من المنظمات المدنية والأحزاب السياسية التي تدعي التقدمية والديمقراطية، الاكتفاء بالفرجة والصمت المريب رغم أن ما تقترفه عبير موسي وجماعتها يهدد الديمقراطية التونسية.
حتى رئيس البلاد قيس سعيد الضامن لاحترام الدستور ومؤسسات الدولة والواقف على مسافة واحدة بين جميع الفرقاء السياسيين في البلاد والساهر على حمايتها ووحدتها، لم يحرك ساكنًا، مكتفيًا ببعض الكلمات والخطابات الإنشائية ليس أكثر.
سعيد قال في لقاء جمعه برئيس البرلمان رائد الغنوشي ونائبيه، سميرة الشواشي وطارق الفتيتي، أن الوضع في البرلمان غير مقبول بأي مقياس من المقاييس، وقال إن مجلس نواب الشعب صار يعيش حالة من الفوضى لا يمكن القبول بها، معبرًا عن حرصه على السير الطبيعي لدواليب الدولة.
إلا أن سعيد أكد أنه لن يلجأ الآن إلى ما يوفره الدستور من حلول قانونية لتجاوز الأزمة، ما يعني أن أزمة البرلمان ستتواصل لأمد أطول في ظل عجز الغنوشي عن حلها وصمت باقي الأحزاب والمنظمات ما يجعل الديمقراطية التونسية في خطر.
أرجع الصحفي التونسي هشام بن أحمد في حديث لنون بوست صمت بعض الأحزاب التي تدعي الديمقراطية أمام تجاوزات عبير موسي ونواب كتلتها في البرلمان إلى محدودية وزنهم الانتخابي ورغبة البعض منهم في الوصول إلى مسار مسدود في ظل تشظي المشهد البرلماني الحاليّ مما قد يفضي إلى حل البرلمان وإعادة الانتخابات وربما قد يتسنى لهم الحصول على نتائج أفضل من النتائج الحاليّة.
فيما يعتقد الصحفي كريم البوعلي أن صمت جل الأحزاب والمنظمات الوطنية وحتى التغاضي الإعلامي عن توضيح مخاطر فوضى عبير موسي هو استهدافها لحركة النهضة، حيث تعتقد بعض الأحزاب أنها ستستفيد من هذه المواجهة والاستقطاب الحاد بين الطرفين مثلما حدث حين قدمت بعض الكتل لائحة سحب ثقة من رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي متعللة بأنه غير قادر على فض الخلاف مع كتلة الدستوري التي ساندت اللائحة فيما بعد بتوقيعات إضافية.
الديمقراطية في خطر
أمام هذه التجاوزات المتواصلة لعبير موسي، اعتبر رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي أن ديمقراطية بلاده الفتية في خطر، داعيًا إلى ضرورة حمايتها، وسط تحذيرات من محاولات للانقلاب عليها بدعم خارجي.
وحذر الغنوشي خلال ندوة انعقدت أمس الإثنين في البرلمان عن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد - حاولت تعطيلها كتلة الحزب الدستوري الحر برفع شعارات وسط القاعة - ممن يسعون للنيل من التجربة الديمقراطية عبر ما وصفه بخطاب شعبوي يبيع الأوهام ويسوق لتعطيل مؤسسات الدولة.
زعيم النهضة قال إنه يتعين حماية التجربة الديمقراطية من كل الأصوات والمشاريع التي تسعى إلى ترذيلها والنيل منها، في إشارة إلى ما تقوم به حركة الدستوري الحر، مؤكدًا أن ما تحتاجه البلاد هو حماية مكاسب التونسيين في حقوقهم وحرياتهم الفردية والجماعية.
ويرى الصحفي هشام بن أحمد أن عبير موسي هي العنوان البارز للفوضى السياسية داخل البرلمان التونسي وقد تمثل تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية التونسية الناشئة بسبب عدائها للثورة وكل رموزها وعدم إيمانها بمبادئها ومكاسبها باعتبار أنها سليلة منظومة الاستبداد البائدة التي أطاح بها الشعب.
بدوره يؤكد كريم البوعلي خطر عبير موسي قائلًا في حديثه لنون بوست "يمثل الحزب الدستوري الحر النسخة القبيحة من بقايا النظام البائد وحزب التجمع المنحل وهو بلا شك تهديد حقيقي للتجربة الديمقراطية التونسية بل وللدولة والمجتمع لأنه يريد إدخال البلاد في فوضى مدعومًا بأطراف خارجية".
ويؤكد البوعلي أن عبير موسي لا تخفي عداءها لمكتسبات تونس ما بعد الثورة وقواها المدنية والديمقراطية ومؤسساتها الشرعية الدستورية بل وحتى الأمنية والقضائية، مثلما رأينا تعديها على مأموري الضابطة العدلية في مجلس النواب.
وسبق أن أدان رئيس كتلة حزب حركة النهضة بالبرلمان نور الدين البحيري ما قال إنها محاولات من رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسى "لجر البلاد إلى مستنقع العنف والفوضى"، محذرًا من محاولات موسى المتكررة لتعطيل أعمال البرلمان.
المحور الإماراتي المصري
نور الدين البحيري، رأى أن محاولات عبير موسي المتكررة لتعطيل عمل البرلمان تندرج ضمن مخطط انقلابي يدبره ما وصفه بائتلاف الشر العربي الإماراتي المصري، داعيًا التونسيين إلى "حماية ثورتهم ودولتهم وحاضرهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم".
يؤكد كريم البوعلي أن ما تفعله عبير موسي خدمة مدفوعة الأجر لدولة الإمارات وخدمة سياسية لنظام الانقلاب في مصر وتخريب ممنهج لمكتسبات تونس الديمقراطية على أمل أن تعيدها للوراء وهي أضغاث أحلام هدفها فقط إرباك وتعطيل المسار الوطني الجامع الذي يسير نحو ترسيخ دولة القانون والمؤسسات والحرية وحق التعبير الحر والتعايش المشترك تحت أسس الدستور والشرعية التي لا تؤمن به موسى وحزبها.
بدوره يؤكد هشام بن أحمد أن الحلف الإماراتي المصري المعادي للثورات العربية، يسعى منذ الوهلة الأولى لإجهاض كل تجارب الانتقال الديمقراطي وقد نجحت نسبيًا في ذلك ولم تبق إلا التجربة التونسية منيعة على كل محاولات الإرباك التي يقودها عيال زايد في المنطقة.
أضاف بن أحمد، لم تبق أمام هذا الحلف إلا عبير موسي كورقة أخيرة بعد فشل كل خياراتهم في السابق وكان للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي دور كبير في فشلها بعد رفضه مليارات الإمارات مقابل إقصاء حركة النهضة من الحكم.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: