البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حول الأهداف الخبيثة لـ"حملة" أبو ظبي ضد الإسلام السياسي

كاتب المقال أندرياس كريغ   
 المشاهدات: 1643



فرضت أبو ظبي نفسها بثبات كقوة إنترنت، من خلال استغلال قدراتها على التحكم في الإنترنت ليس فقط للتخريب والتجسس، ولكن لغايات التدمير أيضًا، وبشكل متزايد. ويعني هذا الأمر اختلاق الروايات لتقويض المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

على عكس الحكمة التقليدية، فإن السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة أبعد ما تكون عن العلمانية. إن رواياتها الكبرى حول "التسامح" و"التعايش الديني" ليست مجرد أداة بين القوة واللين لنزع الشرعية عن الإسلام وتقويض الحركات الإسلامية في المنطقة؛ بل غلاف، وإن كان أجوف فكريًا، للترويج لشكل من الإسلام يتسم بالهدوء السياسي.

في الحقيقة، تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة جيدًا قوة الدين والأيديولوجية في تعبئة المجتمع المدني في العالم العربي. إن الترويج للصوفية ليس إلا علمانيًا، فهو بمثابة قاعدة أيديولوجية ودينية لموقف السياسة الخارجية العدواني في المنطقة.

فصل المسجد عن الدولة
منذ منتصف ألفنيات القرن الماضي، اتخذت أبو ظبي، مركز ثقل اتحاد الإمارات السبع، موقفا هجوميا وذلك لتشجيع شكل من أشكال "الاستثنائية الإماراتية" التي لا تستند فقط إلى الحريات الاجتماعية والاقتصادية النسبية، وإنما أيضًا إلى دعاة الفصل بين المسجد والدولة.

في الواقع، لقد أشاد البعض بنموذج أبو ظبي باعتباره ينتمي إلى الديمقراطية الجيفرسونية، وتعد الدولة الشرق أوسطية التي تعزز العلمانية في المنطقة هدية للمحافظين الغربيين الجدد والليبراليين غير الليبراليين الذين يعتبرون أن دور الإسلام في دول الشرق الأوسط يمثل مشكلة.

أُعدت رواية الإمارات بشكل هادف لتستقطب الجمهور الغربي، وخاصة الأمريكي، في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، والطفرة الإسلامية خلال الربيع العربي، وصعود تنظيم الدولة. مع ذلك، وبالنسبة لأبو ظبي، فإن لحملتها الصليبية ضد الإسلام في الفضاء السياسي هدف آخر أكثر شرورا، ألا وهو عدم تسييس المجتمع المدني مع احتكار النفوذ والسلطة "الاجتماعية - السياسية" بين أيدي الدولة.

إن جذور جنون العظمة الإسلامي في أبو ظبي متأصلة في خوف عميق الأصول من جاذبية القوة السياسية للإسلام السياسي باعتباره المعارضة التقليدية للوضع الاستبدادي الراهن في المنطقة. ينبع القلق بشأن الإسلام السياسي بين النخبة في أبو ظبي من الاعتقاد بأنه بمجرد اختلاط الرواية الإسلامية بالأهداف السياسية قد لا يمكن للدولة أو النظام السيطرة، مما يخلق ديناميكية اجتماعية مدنية يمكن أن تقوض الوضع الراهن. وقد كان الربيع العربي مثالاً على ذلك.

بالتالي، عندما بدأ الوضع السلطوي القديم في الانهيار سنة 2011، سارعت الإمارات العربية المتحدة بحشد قوتها المالية والعسكرية لتشكيل المسار الاجتماعي السياسي المستقبلي في المنطقة. بدءا من ليبيا ومصر وصولا إلى اليمن والسودان، كانت الإمارات العربية المتحدة القوة الأولى في المنطقة المعادية للثورة، حيث تحاول تثبيت أو دعم الأنظمة التي تقوم على المجتمع المدني، وتدافع عن الحكم العسكري وتظل محصنة ضد نداء الإسلام السياسي.

تبييض الحملات الاستبدادية
في الواقع، ما كانت تحتاجه أبو ظبي هو رواية بديلة قادرة على تبييض الحملات الاستبدادية وتقديمها على أنها عمليات مكافحة للإرهاب وتشجع على "التسامح" العلماني. لقد قدمت الصوفية، وهي الفرع الإسلامي الأكثر طمأنة سياسيا والذي ينطوي على فضائله الأكثر جوهرية، بالضبط السرد الذي تبحث عنه أبو ظبي، وهو رواية بديلة للإسلام تقوم على نسخة أكثر قبولا لدين تم تشويهه على نطاق واسع في الغرب.

بصفتها البطل المعلن عن نفسه في مكافحة الإرهاب، استخدمت أبو ظبي الصوفية بمهارة لتمثيل "الإسلام الحقيقي"، وهو الإسلام الذي يتطرق بشكل واضح إلى العناصر المتطرفة للسلفية، مع توفير أساس أنطولوجي مبسط لمكافحة التطرف الذي يقع بالكامل على اللاهوت، وبالتالي، إهمال الأدلة التجريبية من العوامل الاجتماعية والسياسية الدافعة للتطرف.

من خلال التزامها بتحقيق ذلك، قامت أبو ظبي برعاية مراكز لاهوتية في ليبيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، والتي ستنشر نسخة من الإسلام تبدو من النظرة الأولى مطمئنة، ولكن عند إلقاء نظرة فاحصة عليها يظهر أنها عبارة عن أمر سياسي، تمامًا مثلها مثل الأشكال الأخرى للإسلام السياسي.

عندما دعا مؤتمر الشيشان لسنة 2016 حول الإسلام السني، بتمويل مشترك من الإمارات ومصر وبالتنسيق مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، وهو صديق شخصي لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إلى العودة إلى نسخة أكثر تسامحاً من الإسلام التي ترفض النشاط السياسي، فإن رسالته هذه كانت سياسية.

ينطبق الأمر ذاته على الدعوة التي أطلقها منتدى الإمارات لتعزيز السلام في المجتمعات الإسلامية، بقيادة الباحث الصوفي الشيخ عبد الله بن بيه، والمتمثلة في الفصل بين المسجد والدولة، مناديا أيضا بعدم تسييس المجتمع المدني وجعل الطاعة للحاكم السياسي بمثابة فضيلة إسلامية.

الأمر سيان بالنسبة لمنع طالب بن بيه، العالم الإسلامي الشيخ حمزة يوسف، التمرد على القيادة السياسية. وعندما وصف عارف النايض، وهو باحث صوفي من ليبيا شغل منصب سفير ليبيا في الإمارات العربية المتحدة ويرأس الآن مؤسسة القلم الإسلامية التي يقع مقرها في دبيا، الثوريين الإسلاميين في ليبيا بالإرهابيين، فقد كانت رسالته سياسية هو الآخر.

الحفاظ على شرعية النظام
نظرا لأنها صُنعت كأداة قوة جيوسياسية ناعمة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الترويج للمراكز اللاهوتية، أصبحت المؤتمرات والعلماء الصوفيون منبرا غير معتدل للسلفية. في الواقع، توفر هذه الوسائل المبرر الأخلاقي لتضييق الخناق على المعارضة السياسية والمجتمع المدني، وتقديم الأساس اللاهوتي للمساواة الأخلاقية بين الإسلام والإرهاب، وهما عنصران حيويان لاستراتيجية التواصل التي تعتمدها أبو ظبي في المنطقة.

عندما يستخدم خليفة حفتر العنف بشكل عشوائي لإحراز التقدم على حساب الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، وعندما يواجه عبد الفتاح السيسي المعارضين بالقوة أو حين يدير المجلس الانتقالي الجنوبي معسكرات تعذيب الإسلاميين في اليمن، فإن شبكة المعلومات اللاهوتية في الإمارات العربية المتحدة تقدم تبريرات أيديولوجية لكل هذه المسائل.

من خلال هذا التوجه، قامت الإمارات العربية المتحدة بتسييس علمنة السياسة وتحويلها إلى وسيلة لإضفاء فهم أيديولوجي لأهداف سياستها الخارجية. في الحقيقة، لقد أصبح دورًا أساسيًا في الحفاظ على شرعية النظام في ليبيا ومصر وأبو ظبي، وموضوع رئيسي في الروايات الكبرى "للتسامح"، وهي رواية تعظ بالتسامح في ظل التعايش الديني مع إضفاء الشرعية على التعصب تجاه أولئك الذين يعارضون الوضع الاجتماعي السياسي الراهن.

في النهاية، خلقت ممارسة أبو ظبي للدين ثنائيات إسلامية زائفة بين الصوفية وغيرها من أشكال الإسلام السياسي، شكل يسيطر عليه النظام وشكل يسيطر عليه من يعارضونه أيضا.

--------------
المصدر: ميدل إيست آي
ترجمة وتحرير: نون بوست


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإمارات العربية، الثورات العربية، الثورات المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-01-2020   المصدر: ميدل إيست آي / نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بنيعيش، وائل بنجدو، تونسي، د - شاكر الحوكي ، د - محمد بن موسى الشريف ، أنس الشابي، حسن الطرابلسي، رضا الدبّابي، أحمد النعيمي، مراد قميزة، د - الضاوي خوالدية، الناصر الرقيق، محمود سلطان، عبد الغني مزوز، علي الكاش، سيد السباعي، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، د - صالح المازقي، أحمد ملحم، محمد اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، مجدى داود، خبَّاب بن مروان الحمد، الهيثم زعفان، محمد شمام ، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد بوادي، مصطفي زهران، سلوى المغربي، مصطفى منيغ، العادل السمعلي، صفاء العربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عمار غيلوفي، رشيد السيد أحمد، سلام الشماع، محمود طرشوبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. صلاح عودة الله ، رمضان حينوني، د - مصطفى فهمي، رافد العزاوي، عبد الرزاق قيراط ، د. أحمد محمد سليمان، محرر "بوابتي"، د - المنجي الكعبي، منجي باكير، د. أحمد بشير، د. خالد الطراولي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله زيدان، محمد أحمد عزوز، نادية سعد، د. عبد الآله المالكي، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، صلاح المختار، عواطف منصور، ضحى عبد الرحمن، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يحيي البوليني، فوزي مسعود ، محمد الياسين، فتحي العابد، سليمان أحمد أبو ستة، محمد عمر غرس الله، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، كريم السليتي، محمد يحي، سعود السبعاني، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- محمود علي عريقات، فتحي الزغل، د- هاني ابوالفتوح، د.محمد فتحي عبد العال، حسن عثمان، فهمي شراب، عبد الله الفقير، ماهر عدنان قنديل، المولدي الفرجاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، سامح لطف الله، ياسين أحمد، صفاء العراقي، محمد العيادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود فاروق سيد شعبان، حاتم الصولي، أبو سمية، صباح الموسوي ، د- محمد رحال، الهادي المثلوثي، أحمد الحباسي، أ.د. مصطفى رجب، د. طارق عبد الحليم، حميدة الطيلوش، عزيز العرباوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، طلال قسومي، سفيان عبد الكافي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- جابر قميحة، سامر أبو رمان ، د - عادل رضا، علي عبد العال، رافع القارصي، عراق المطيري، محمد الطرابلسي، عمر غازي، صلاح الحريري، كريم فارق، فتحـي قاره بيبـان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة