البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

القانون الانتخابي يعيق التجربة الديمقراطية في تونس

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2060



لم يمكن حتى اللحظة الوصول إلى وضع سياسي حاسم أو منتج في تونس وأعني بذلك وضعًا يدفع حزبًا إلى قيادة البلد فيتحمل مسؤوليته سلبًا أو إيجابًا، لذلك تراوح الأحزاب السياسية مكانها ولا تجد مخارج قانونية وسياسية معقولة لبناء حكومة فعالة إلا بقبول تنازلات مؤلمة.

نتابع بكثير من الخيبة مناورات سياسية أقل ما يقال في وصفها إنها طفولة سياسية لم تنضج أو لنقل لم تتحل بقدر كافٍ من الاستشراف أو حسن التوقع لتدفع نتائج الانتخابات عبر حكومة توافقات حكم شجاعة تخلق وضعًا أفضل دون العودة إلى توظيف مكونات المنظومة الخاسرة لإنقاذ الحكم (إنقاذ الدولة بمن عمل على خرابها).

الأضعف يبتز الأقوى
نتابع مناورات غير أخلاقية صار فيها الأضعف يبتز الأقوى فتسقط نتيجة الصندوق في فراغات السياسة لأن القانون الانتخابي أراد أن لا يحكم أحدهم بمفرده فلم يحكم أحد، كان هذا "الأحدهم" منذ مرحلة التأسيس هو حزب النهضة الإسلامي، وقد نحسن الظن بالجميع فنقول إن واضع النص كان ينتظر أن تتطور الأحزاب لتكون في مستوى المنافسة بين أقوياء، فلم يحصل شيء من ذلك وظل الصغار صغارًا لا ينالون حظوة إلا بقانون أكبر البقايا الانتخابية (البعض من الصغار اندثر ولم يقم)، فتحولت العملية السياسية إلى عملية إعاقة لحزب النهضة وليس لتطوير التجربة السياسية التونسية برمتها.

الإعاقة الديمقراطية بالقانون تضعنا من جديد أمام خيارين سيئين: توليف حكومة بلا سند برلماني أو الاستعانة بمكونات المنظومة الفاسدة للحفاظ على استمرار التجربة في الحد الأدنى غير المنتج أو ما يسميه بعض الواقعيين إنقاذ السفينة من غرق مؤكد لن يستفيد منه إلا الفاسدون المتربصون بالتجربة.

أحد هذه التنازلات المؤلمة هي محاولة إعادة حزب الشاهد (تحيا تونس) إلى التشكيل الحكومي المرتقب، وهو الذي فشل في إدارة السنوات الماضية، ويصنف الكثيرون يوسف الشاهد مغامرًا سياسيًا أنانيًا بلا برنامج بل طفل سياسي غر يسعى إلى حوز لعب يقضي بها وقتًا طيبًا، ولكن أمام نتائج الصندوق لا يمكن توليف حكومة دون كتلته، ويزيد كتلته قيمةً أن محسوبين على الثورة يفضلون فشل التجربة على العمل السياسي مع حزب النهضة.

ونرانا في الأيام القادمة سنبرر ذلك بمنطق الاختيار بين أهون الشّرين، فالاضطرار إلى الاستعانة بكتلة القروي أي بخلاصة الفساد السياسي سيكون مسمارًا كبيرًا يدق في نتائج انتخابات 2019 والآمال المعلقة عليها في الخروج من وضع كارثي أوصلنا إليه الباجي وحزبه الذي صار أثرًا بعد عين.

تحويل آمالنا على الرئيس لا ينقذ الحكومة
نتابع بحماس خطوات الرئيس في الشهر الأول، فنراه يختار طاقمًا محل ثقة التونسيين، ونجد في طلبه إجراء تحقيق مالي وإداري خارجي لمرحلة الباجي (الاستعانة بهيئة رقابية وطنية من خارج القصر)، أمرًا مشروعًا بل ضروريًا لتحديد المسؤوليات ورفع مستوى الثقة وتوفير الحجة على الشفافية في التصرف فيما سبق وما سيلحق، ونتمنى أن تكون لنا حكومة تتحرك بنفس المضاء والحسم ووضوح الرؤية.

لكننا حتى اللحظة نسمع حديث مقاومة الفساد دون أن يعتبر مقاومو الفساد أن أكبر فساد هو الاعتداء على نتيجة الصندوق الانتخابي وتحقير الناخب الذي صوت في اتجاه، فجاء السياسيون الصغار ليفرضوا حكومة بخلاف قراره وباسم مقاومة الفساد.

نحن إذن في حالة تحويل أحلامنا من موقعها إلى جهة أخرى، وقد بدأنا نبرر بأن الطبيعة تأبى الفراغ، بل ونذهب إلى ضع سيناريوهات أخرى قد لا تتأخر رغم الرغبة في الوصول إلى حالة استقرار سياسي طبقًا للدستور تخرج البلد من أزمته، هذا التحويل ينتهي بنا إلى رؤية الرئيس المستقل يضطر (وقد نلح عليه في الأمر) إلى تكوين حزبه أو تياره الاجتماعي في أفق إعادة انتخابات سابقة لأوانها.

أن نوسع صلاحيات الرئيس بالقوة وبخلاف المحددات الدستورية ليس في صالح النظام السياسي الذي تم الإجماع عليه في الدستور، فالرئيس لا يعوض دور الحكومة ومهامها، فصلاحياته موجهة نحو مهام محددة أهمها أن يظل حكمًا بين فرقاء يديرون السلطة التنفيذية.

لا أتحدث هنا عن كفاءة فريق قد يجمعه الرئيس حوله، بل عن تخريب نظام سياسي برلماني يتأخر في القيام نتيجة العائق العضوي الذي خلقه القانون الانتخابي، نحن نشاهد عاجزين أثر تلك المناورة الأولى التي قادت مرحلة التأسيس (2011-2013) ومرحلة الانتقال الديمقراطي (2014-2019)، أي مرحلة إعاقة النهضة التي تنتهي الآن إلى مرحلة إعاقة الديمقراطية وقد نسمي هذه المرحلة بمرحلة الفشل في الخروج إلى حكومة فاعلة رغم أننا استبشرنا بنجاح شكلي للعملية الانتخابية وذهب بنا حسن التوقع إلى القول بالعودة إلى التأسيس لتصفية تركة الفساد والاستبداد.

جمل التبرير تؤلف روايتها
نجمع الجمل التبريرية الصادرة عن الأحزاب الصغيرة. إنهم يرون الحكومة تفشل في القيام ويتهمون حزب النهضة، فهم يطلبون أكثر مما أعطاهم الصندوق ويرون أن من حقهم الأخذ دون حساب منطقي يعادل بين الوزن في البرلمان بالوزن في الحكومة منطلقين من أن الحزب الأول يحتاج إلى كتلهم النيابية للمصادقة على حكومته. وقد سمينا هذا ونصر على التسمية أنه الابتزاز السياسي الفاقد لكل القيم الأخلاقية، ونتذكر نفس الابتزاز الذي مارسه حزبان فاسدان اندثرا سريعًا هو حزب سليم الرياحي (الوطني الحر) وحزب آفاق تونس وقد أخذا في حكومة الحبيب الصيد ثلاثة أضعاف وزنهما البرلماني لأن حكومة 2014 كانت محتاجة إلى كتلتيهما الصغيرتين لتبدأ العمل. لا فرق عندي بين ما فعله الرياحي وياسين إبراهيم وأحدهما الآن متهم في ذمته المالية ومطارد خارج البلاد وما تفعله الحزيبات التي أفرزتها انتخابات 2019 وترفع سقف مطالبها بالمشاركة بأكثر مما استحقت بالصندوق.

دون أن ننسى طبعًا الأحزاب التي لم يكن لها أي وجود برلماني في 2014 وفازت في الحكومة بأكثر مما أخذت النهضة ذات السبعين نائبًا وأعني حركة التجديد أو فلول الحزب الشيوعي السابق.

مطلوب من حزب النهضة أن يخذل قاعدته الناخبة من أجل أن يؤلف الحكومة، فلا يترأسها ولا يأخذ فيها وزارات السيادة ولا المالية ولا الثقافة ولا التربية أو أن يعلن فشله فيضع البلد في سياق اضطراب سياسي قد نعرف ونشهد بداياته ولا أحد قادر على توقع نهايته أو أن يذهب إلى الخيار الأسوأ أخلاقيًا الذي قد يصير منفذ الإنقاذ الأخير أي تأليف الحكومة مع كتلة القروي (قلب تونس) وكتلة الشاهد (تحيا تونس).

نرى أن هذه هي الزاوية الضيقة التي يدفع إليها حزب النهضة الآن لتتم تبعًا لذلك استعادة الأسطوانة التي ترددها الأحزاب الجديدة وتبني عليها مجدها (ألم نقل لكم أن النهضة حزب فاسد يتحالف فقط مع الفاسدين) إنها اسطوانة تنقذ طهرهم السياسي ولكنها تتعامى عن حاجة التونسيين إلى حلحلة الوضع البائس الذي وضعنا فيه القانون الانتخاب، الذي قد يفضل حكومة مع فاسدين على حكومة مع أطهار مزعومين.

لنقف هنا.. تجربة التونسيين السياسية تحمل إعاقتها في نصها المؤسس أي قانونها الانتخابي، وسيكون على الناخب التونسي أن لا يخوض انتخابات أخرى بنفس هذا القانون وسيكون على الرئيس أن يبادر إلى تغييره وله الحق والشرعية الكافية وإلا فإن حالة الشلل السياسي ستدمر كل التجربة وسيكون الاستئناف ثورة أخرى يدفع فيها ثمن موجع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، الإنتخابات التشريعية، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-11-2019   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، أ.د. مصطفى رجب، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، رافع القارصي، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، جاسم الرصيف، صفاء العربي، عواطف منصور، حسن الطرابلسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فتحي العابد، رمضان حينوني، مراد قميزة، العادل السمعلي، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، ماهر عدنان قنديل، د - شاكر الحوكي ، محمد علي العقربي، د - مصطفى فهمي، فوزي مسعود ، صباح الموسوي ، المولدي الفرجاني، سعود السبعاني، نادية سعد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الله الفقير، د. عادل محمد عايش الأسطل، يزيد بن الحسين، عبد الغني مزوز، حسني إبراهيم عبد العظيم، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، عمار غيلوفي، محمد اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، د. عبد الآله المالكي، ياسين أحمد، فتحي الزغل، تونسي، الناصر الرقيق، إياد محمود حسين ، سلام الشماع، د- جابر قميحة، د. أحمد بشير، أحمد بوادي، عراق المطيري، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، د- هاني ابوالفتوح، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، خبَّاب بن مروان الحمد، المولدي اليوسفي، د - محمد بنيعيش، محمد شمام ، مصطفى منيغ، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، د - المنجي الكعبي، سيد السباعي، محمود سلطان، أنس الشابي، عبد الرزاق قيراط ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فهمي شراب، د.محمد فتحي عبد العال، رضا الدبّابي، بيلسان قيصر، كريم السليتي، محمود فاروق سيد شعبان، مجدى داود، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، صالح النعامي ، وائل بنجدو، أحمد النعيمي، سليمان أحمد أبو ستة، عبد العزيز كحيل، د - عادل رضا، عزيز العرباوي، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، صلاح الحريري، سفيان عبد الكافي، رحاب اسعد بيوض التميمي، سلوى المغربي، عمر غازي، محرر "بوابتي"، سامح لطف الله، منجي باكير، رشيد السيد أحمد، الهيثم زعفان، حاتم الصولي، حسن عثمان، علي الكاش، د. صلاح عودة الله ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي عبد العال، محمود طرشوبي، صلاح المختار، كريم فارق، حميدة الطيلوش، طارق خفاجي، سامر أبو رمان ، محمد عمر غرس الله، عبد الله زيدان، محمد يحي، د - صالح المازقي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة