البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الشعب حمّل حزب النهضة مسؤولية الحكم

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1949



في معركة تكوين حكومة تونس الجديدة، فُتحت معركة ثانوية ثم صارت المعركة الأساسية: ليس من حق النهضة تشكيل الحكومة وليس من حقها خاصة أن تترأسها، مع تفريع صغير ومهم على الغنوشي رئيس الحزب خاصة أن لا يكون رئيس حكومة وذلك باسم المصلحة الوطنية.

المصلحة الوطنية هي الكنز الذي اكتشف فجأة ليجعل من وجود النهضة نفسها ضد المصلحة الوطنية، ولذلك تتراكم الأسئلة وسنجيب عن بعضها محاولين تفكيك هذا اللغم الجميل الذي يجعل الحزب الفائز بأعلى نسب تصويت عدوًا لهذه المصلحة الوطنية.

مدينون للنهضة بانتخابات 2019
نعم لحزب النهضة على التونسيين دين وجب رده، فالحزب هو الذي تحمل الضنك من أجل أن نصل إلى الانتخابات، فقد مرت كل سنوات الباجي حتى اللحظة الأخيرة في مناورات مفتوحة لإلغاء المسار الانتخابي وقطع طريق الانتقال الديمقراطي والعودة إلى سياسات بن علي دون بني علي.

كل محلل يمتلك قدرًا من المعقولية والإنصاف ملزم أن يتذكر ويقر بأن محطتين مهمتين مرتا خلال سنوات الباجي كان للنهضة فيهما قرار حاسم وثقيل الوزن هما: فرض الانتخابات البلدية التي أُجلت لسنوات بهدف مواصلة إدارة البلديات بطريقة التعيين والمحاباة، والثانية هي إسقاط وثيقة قرطاج 2 التي كانت محاولة أخيرة من الباجي لعزل حكومة الشاهد وتعيين ابنه أو أحد من قبله وقبل أسرته على رأس حكومة في فترة زمنية ما كانت لتكون كافية لإقرار الموعد الانتخابي والتزامه تمهيدًا لإسقاطه.

وضع حينها (2018) برنامج مثير للسخرية لا يختلف في شيء عما كانت تنفذه حكومة الشاهد (والنهضة جزء منها) ولكن الفخ كان في النقطة 64 التي تضمنت عزل يوسف الشاهد ووقفت النقابة بكل ثقلها مع إسقاط الشاهد وكذا كل الطيف اليساري وكثير ممن وجدناهم فجأة في مقدمة المشهد الانتخابي لاحقًا.

كانت وثيقة انقلاب على المسار الانتخابي الضمان الوحيد للتقدم على طريق الانتقال الديمقراطي، رفضها حزب النهضة وتمسك بيوسف الشاهد فلم يعد هناك مناص من التقدم للانتخابات فكانت بعد أن تحمل حزب النهضة كلفة ذلك سياسيًا، فقد تسلط عليها إعلام بلا ضمير ولا وطنية، لكن رغم ذلك خرجت الحركة معافاة من سنوات الباجي الأخيرة، بينما اندثر حزبه كأن لم يكن، قال رئيس الحزب حينها (راشد الغنوشي) انتهى عصر تنازلات النهضة ويبدو أنه ملزم الآن بتكرار الجملة وبصوت جهوري.

الاستئصاليون يعودون بالصندوق
هناك قوم سعداء بخطاب عبير موسي وريثة خطاب بن علي، فهي تحرف الأنظار عن استئصال آخر يلبس قفزات الديمقراطية، روح استئصالية ناعمة تتخفى تحت رداء شفاف ولكن فاضح. تتبلور هذه الروح غير الديمقراطية في مطالب لا تحترم الدستور ولا الجمهور الناخب فتطلب من حزب النهضة الأغلبي بالقوة وبالفعل أن يواصل دوره كوسيلة نقل جماعي لهؤلاء ليحكموا بجمهورها ونوابها دون أن تشارك كفاءات الحزب في السلطة إلا كتكملة لذر رماد على عيونهم الوقحة.

من صور الوقاحة السياسية أن لا يقود الحزب الأغلبي الحكومة ولا يكون منه الرئيس وأن لا يمسك وزارات السيادة الأربعة وربما سيطلب منه أن لا يكون في الحكومة أصلاً لو قبل التنازل عن حقوق منحه إياها الجمهور الناخب، وذلك باسم المصلحة الوطنية.

اسمي هذا "الاستئصال الناعم"، فهو مختلف عن الذبح المنهجي الذي اتبعه بن علي وتدعو إليه وريثته لكنه ينتهي إلى نفس النتيجة، إذ يقف موقف المتفضل بالديمقراطية على النهضة بل يعطيها دروسًا في الوطنية رغم أن أغلب من نراهم يمارسون هذا السلوك كانوا مع النقطة 64 أي عزل الشاهد والخضوع للباجي يورث السلطة في أسرته.

كان هناك تاريخ سياسي مشين مارسه نظام بورقيبة ونظام بن علي، إذ كانت النهضة مجبرة على عدم الترشح لأي موقع (بتواطؤ كامل من كل الطيف السياسي الذي يزعم الديمقراطية) فكان أن ساعدت من توسمت فيهم الديمقراطية فمنحتهم أصواتها كان ذلك في سنة 1981، إذ صوت الاتجاه الإسلامي لقائمات حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ففازت على حزب الدستور فألغيت النتيجة وتكرر الأمر في انتخابات 1989 ففازت القائمات المستقلة التي ساندها حزب النهضة فألغيت النتيجة.

يراد الآن تكرار الأمر وإن كانت الثورة قد سمحت لحزب النهضة بالترشح والمشاركة الكاملة، ولكن هؤلاء الاستئصاليين يريدون مواصلة سياسية بن علي وبورقيبة التي خلاصتها النهضة تشارك لتكملة وجه الديمقراطية وتزيينه ولكنها لا يجب أن تحكم. ماذا ترك هؤلاء لبن علي؟ لقد أضافوا عليه الوقاحة.

عندما يطلب حزب سياسي أقلي فاز بأكبر البقايا وبعض مقاعده لا تزن 3 آلاف صوت من حزب فاز نوابه بالحاصل الانتخابي الحقيقي الذي فاق في بعض الدوائر 15 ألف صوت أن لا يحكم أو أن يحكم (بالتفضل) بأقل القليل وأن لا يأخذ رئاسة الحكومة باسم المصلحة الوطنية فإنه لا يمكن وصف هذا إلا بأنه فكر استئصالي يواصل سياسة بن علي ويغلفها بلبوس المصلحة الوطنية أو الأستذة السياسية.

لن نشير هنا ولكن نذكر أن بعض الخاسرين في الصندوق بل الذين كنسهم الجمهور الناخب كنسًا من يقودون هذه الممارسة الاستئصالية ويحاولون فرض الحوار الوطني الكذبة التي شوهت الديمقراطية في تونس وخلفت بها إعاقات عضوية لا نزال نعاني منها.

إذا ارتبكت النهضة أمام هذا الخطاب خسرت نفسها
أفهام كثيرة قاصرة ستقف على أن هذه الورقة دعاية لحزب النهضة ولكنه مكتوب أصلاً لقوم يؤمنون بالديمقراطية ولا يلبسونها في المناسبات، ركيزة أولى في الديمقراطية أن يحترم السياسي صوت الناخبين وأن يخضع لشروطه، وقد منح الناخب أفضلية لحزب النهضة بينما لم يحظ هؤلاء إلا بأكبر البقايا في قانون انتخابي مغشوش لا يسمح بتقدير الأحجام الحقيقة للأحزاب.

ركيزة ثانية في الحالة التونسية خاصة وفي العربية عامة، وجود الإسلاميين ضمن أي عملية ديمقراطية هو شرط تحقق هذه الديمقراطية في الواقع. لقد مرت خمسة عقود من الدعاية المضادة للإسلاميين أنهم أعداء الديمقراطية فلما تهيأت ظروفها وجدنا من كان يتهمهم هو من يمارس الاستئصال الدموي والناعم، ويزيد فيزايد بالمصلحة الوطنية التي لا يعرفها ولكنه يحتفظ بها كوثيقة ملكية خاصة يمنح بها أوسمة تفضلاً من عنده.

هذا الوجود واقعي لا يمكن القفز عليه وقد قدره الناخب فمنحه ثقته، لذلك عليه أن يحكم وأن يأخذ حقه كاملاً طبقًا لشروط الديمقراطية، فيحكم الشعب عليه وهو في السلطة يمارسها فيبدع أن يمارسها فيخطئ ويحاسب فتكون المصداقية للصندوق لا لأكبر البقايا الانتخابية التي يبدو أن كثيرًا منها يعيش عقدة نقص أمام الإسلاميين.

لكن لنؤكد قبل كل حديث وكل موقف، حزب النهضة قبل الآخرين ملزم باحترام نتيجة الصندوق واحترام من منحه ثقته ولا حق له في التخفي وراء المصلحة الوطنية، وقد بدا منافسوه يربكونه بها كأنه قد شرع في خيانة الوطن بعد.

كل تنازل منه عن حق الجمهور الناخب عليه هو فعلاً خيانة للمصلحة الوطنية التي لا تحددها أكبر البقايا بل يحددها الجمهور خاصة وقد عجزت الضغوط الدولية على فرض شروطها على الصندوق الانتخابي في تونس وحسم الأمر تقريبًا في الرئاسية وفي التشريعية.

حزب النهضة ملزم أخلاقيًا وسياسيًا بالتقدم إلى المسؤولية والتمسك الكامل بحق الجمهور الناخب (بأقدار طبعًا) وكل تنازل يصير شبهة تؤكد اتهامات أخرى تتعلق بفساد داخل الحزب.

إن التقدم للسلطة يعني دفاع الحزب عن نفسه وعن جمهوره الناخب وعن الديمقراطية عامة، فلا معنى لأن ينتخب الجمهور حزبًا لا يجده في الحكم ويجد من لم يحظ بالتصويت حاكمًا، وفي الأثناء يحتاج الجمهور الناخب إلى إسكات أكبر البقايا وإلزامها بحجمها الحقيقي في الشارع، إنها مسؤولية وأمانة وبناء طويل النفس للديمقراطية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، الإنتخابات التشريعية، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-10-2019   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله زيدان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مصطفي زهران، محمود فاروق سيد شعبان، مجدى داود، د - الضاوي خوالدية، فهمي شراب، مصطفى منيغ، إيمى الأشقر، د.محمد فتحي عبد العال، د - شاكر الحوكي ، رشيد السيد أحمد، أحمد بوادي، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح الحريري، د. طارق عبد الحليم، سامح لطف الله، صفاء العربي، عمار غيلوفي، أحمد النعيمي، علي الكاش، كريم فارق، عواطف منصور، رضا الدبّابي، محمد العيادي، ماهر عدنان قنديل، د. خالد الطراولي ، فتحي الزغل، سلام الشماع، عمر غازي، حاتم الصولي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فوزي مسعود ، محمد الياسين، وائل بنجدو، د - صالح المازقي، طلال قسومي، د - محمد بن موسى الشريف ، إسراء أبو رمان، أبو سمية، حسن عثمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد ملحم، محمد الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، حسني إبراهيم عبد العظيم، ياسين أحمد، كريم السليتي، تونسي، أ.د. مصطفى رجب، محمد عمر غرس الله، رافع القارصي، فتحـي قاره بيبـان، عراق المطيري، العادل السمعلي، د - المنجي الكعبي، رمضان حينوني، حميدة الطيلوش، د - محمد بنيعيش، سيد السباعي، سليمان أحمد أبو ستة، منجي باكير، عبد الله الفقير، د. صلاح عودة الله ، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، ضحى عبد الرحمن، نادية سعد، د. أحمد محمد سليمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح المختار، صالح النعامي ، علي عبد العال، محمد أحمد عزوز، خالد الجاف ، الهادي المثلوثي، الهيثم زعفان، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، صفاء العراقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يزيد بن الحسين، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، المولدي الفرجاني، عزيز العرباوي، محمود طرشوبي، د- جابر قميحة، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، محمد شمام ، د. أحمد بشير، أنس الشابي، أحمد الحباسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامر أبو رمان ، إياد محمود حسين ، د - مصطفى فهمي، صباح الموسوي ، فتحي العابد، د- هاني ابوالفتوح، د- محمد رحال، أشرف إبراهيم حجاج، جاسم الرصيف، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، سفيان عبد الكافي، الناصر الرقيق، حسن الطرابلسي، محمد يحي، سعود السبعاني، محمود سلطان، محمد اسعد بيوض التميمي، رحاب اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة