البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هل أذنت إمبراطورية فرنسا في المغرب العربي بالأفول؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2525



بين التمني والتوقع نطرح السؤال؛ يجمع المتفائلون مؤشرات على اضطراب الموقف الفرنسي في المغرب العربي وأفريقيا، وإيذانه بالأفول، بينما يتحدث واقعيون كثيرون (ولعلنا منهم) عن عملية إعادة انتشار جديدة تبدأ بتغيير الحلفاء، دون تغيير الموقع والتأثير والخطط الأصلية. فلأن فرنسا تعرف نهايتها في نهاية سوقها في أفريقيا، ليس من اليسير عليها أن تفرط في سوق صنعتها على هواها طيلة المرحلة الاستعمارية، وظلت تحكمها مباشرة أو من وراء حجاب طيلة القرن العشرين وما تلاه.

اضطراب السياسة الفرنسية في أفريقيا وفي شمالها خاصة

لا تخفي فرنسا دورها في الحرب الأهلية الليبية، فخبراؤها العسكريون يقاتلون في صفوف حفتر، بينما موقفها الرسمي مع الشرعية الدولية التي تسند حكومة السراج في طرابلس. وقد كانت إلى جانب حلف الثورة المضادة العربية وراء الهجوم على طرابلس؛ بغية الحسم وتمكين حفتر من السيطرة على البلد، وخاصة منابع النفط ومواني التصدير. فشل حفتر حتى الآن في الحسم، وتخلى الأمريكيون عنه، مما جعل فرنسا تغطي هزيمة حليفها بالظهور في فريق إسناد الشرعية، لكن الليبيين صنفوا فرنسا في خانة الدول المعادية، وتوشك أواصر التعاون بينهما أن تنقطع نهائيا، خاصة وأن الحليف الإيطالي القديم يقف مع طرابلس. وقد كشفت تصريحات دبلوماسية وصلت حد التنابز؛ أن إيطاليا ليست راضية عن ضياع مصادر الطاقة الأقرب إليها لصالح فرنسا.


فرنسا تعرف نهايتها في نهاية سوقها في أفريقيا، ليس من اليسير عليها أن تفرط في سوق صنعتها على هواها طيلة المرحلة الاستعمارية

في الجزائر يعلن شباب الحراك القطع مع فرنسا، ويربط حراكه بثورة التحرير وبناء الاستقلال والسيادة، ويصنفون فرنسا في خانة العدو الأول لدولتهم وتاريخهم وحراكهم، وهذا أمر يربك فرنسا. فالجزائر لا تزال فرنسية في العقل السياسي الفرنسي، وإن أخرجت منها ذليلة مكرهة ذات يوم.

يحار الفريق الجزائري الحاكم كيف يرد على مطلب الحراك الجديد، وهو يعرف أن روابطه مع فرنسا أقوى من أن تقطعها قرارات عجولة. فالفساد المستشري مرتب مع جهات فرنسية تستقبل المال الفاسد وأهله وتشجع عليه، وتحرص على أن تستمر في الجزائر إدارة فاسدة تضمن لها مصالحها القديمة والجديدة، وخاصة في مجال الطاقة (يتحدث الجزائريون عن مجانية الغاز الجزائري لفرنسا منذ الاستقلال). فرنسا توشك أن تخسر فريقها (حزبها) في الجزائر كما خسرت ليبيا، وهي تخسر تونس أيضا رغم حركة السفير الفرنسي النشطة. فحلفاء فرنسا في تونس يتلاشون، حتى إنها تضطر إلى الحديث مع خصمها اللدود، رئيس حزب النهضة، الذي كان محرما عليه دخول الأراضي الفرنسية يوم كان حليفها بن علي ويطارده في كل أوروبا. ما الذي يجري لفرنسا؟

الدولة الاستعمارية لم تفهم درسها بعد

كان يمكن للدرس الرواندي أن يكون منعرجا حاسما في سياسة فرنسا في أفريقيا. لكن العقل الاستعماري ظل يحكم السياسة الفرنسية فلم تقدّر خسارتها هناك، حيث افتضحت مؤامرتها في إذكاء حرب أهلية ذهبت بأرواح مليون شخص. لقد حرر الروانديون بلدهم من فرنسا ومن نفوذها الاقتصادي ومن هيمنتها الثقافية، فانطلق قطار التنمية وحقق أرقاما مذهلة في زمن قياسي، وصارت رواندا نموذجا يغري بقية شعوب المنطقة، فلا نجد إلا من يطلب النسج على منوال رواندا، بما في ذلك شعوب شمال أفريقيا من العرب الذين طالما نظروا إلى أفريقيا نظرة استعمارية؛ لا تختلف كثيرا عن نظرة فرنسا للسود.

تلك الخسارة تجر خسارات، ولكن فرنسا تصر على البقاء قوة استعمارية ترتب الانقلابات وتبتز الحاكمين بماضيهم، وهو ليس ماضيا نظيفا. نوع من البلطجة الدولية التي ينتبه لها العالم ويريد وضع حد لها وما النزاع الفرنسي الإيطالي الأخير، إلا عينة مما ينتظر فرنسا في تملكها غير الشرعي لأفريقيا ومقدرات شعوبها، حيث نسمع كثيرا عن تململ الشعوب في منطقة الفرنك الأفريقي (الساحل الأطلسي خاصة). وهناك نذر رواندية تعم أفريقيا، وبعضها ما يجري في الجزائر وليبيا وتونس.

الربيع العربي نذير نهاية فرنسا الاستعمارية

مهما هونا من دعوة الغنوشي لفرنسا والحديث معه بنوع من الندية المنافقة، فإن ذلك مؤشر تحول وتراجع عن الغطرسة القديمة ربما لصالح مرحلة منافقة طويلة للثورة العربية، ولكن لا يمكن إنكار وعي فرنسا بالخطر القادم من هذه الثورات الصغيرة والمتقطعة؛ ولكن المثابرة والحريصة على ربط مطلب التحرر الداخلي من الدكتاتورية بالتحرر من الخارج الاستعماري وعلامته فرنسا ولغتها وثقافتها وسوقها.

وقفت فرنسا مع بن علي حتى آخر دقيقة، ووقفت مع انقلاب العسكر المصري ونسقت عملها السياسي والعسكري المضاد للثورات مع أعداء الثورة من بلدان الخليج المتخلفة. ولكن المشوار الاستعماري ينذر بنهاية لقد تفطنت الشعوب إلى عدوها الحقيقي، وقالت: فرنسا "ترحل قاع".

الربيع العربي ثورة تواصل معركة التحرير الأولى، وفرنسا تعرف ذلك، وتحاول طمس هذه الحقيقة، ولكن وعي الشعوب يزداد مع تلبس فرنسا بدورها القديم. وعليها البدء فعلا في حساب خسارات غير قابلة للجبر في ليبيا وفي الجزائر، مثلما خسرت رواندا.

متى تجهز الشعوب على الغطرسة الاستعمارية الفرنسية في أفريقيا؟ لن يطول الزمن لنعرف الإجابة، فالمؤشرات تتراكم وتشير إلى أفق حرية خارج الفرانكفونية الاقتصادية والثقافية، فالزمن يشتغل لصالح الشعوب. سيشهد هذا الجيل الثائر نهاية الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فرنسا، تونس، الجزائر، المغرب، المغرب العربي، التدخل الفرنسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-06-2019   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، طارق خفاجي، د. صلاح عودة الله ، رمضان حينوني، د - محمد بنيعيش، أبو سمية، محمد الياسين، صباح الموسوي ، سلوى المغربي، أحمد الحباسي، عبد الرزاق قيراط ، عزيز العرباوي، محمد علي العقربي، حميدة الطيلوش، أحمد النعيمي، إياد محمود حسين ، د - مصطفى فهمي، عمر غازي، الناصر الرقيق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي العابد، كريم فارق، فتحـي قاره بيبـان، د - صالح المازقي، سلام الشماع، د- هاني ابوالفتوح، محمد يحي، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله الفقير، سيد السباعي، رافع القارصي، عبد الغني مزوز، رضا الدبّابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سامح لطف الله، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، د. خالد الطراولي ، د. أحمد محمد سليمان، إيمى الأشقر، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. مصطفى يوسف اللداوي، إسراء أبو رمان، مصطفي زهران، مراد قميزة، ضحى عبد الرحمن، أشرف إبراهيم حجاج، تونسي، علي عبد العال، د- جابر قميحة، د.محمد فتحي عبد العال، عبد العزيز كحيل، علي الكاش، محمد أحمد عزوز، أحمد ملحم، صالح النعامي ، محمد شمام ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد عمر غرس الله، فتحي الزغل، الهادي المثلوثي، خالد الجاف ، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، أحمد بوادي، د- محمد رحال، حاتم الصولي، د- محمود علي عريقات، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، صفاء العراقي، محمد اسعد بيوض التميمي، وائل بنجدو، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، د. عبد الآله المالكي، محرر "بوابتي"، بيلسان قيصر، يزيد بن الحسين، عبد الله زيدان، محمد العيادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، أ.د. مصطفى رجب، العادل السمعلي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود طرشوبي، منجي باكير، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، عراق المطيري، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، د - الضاوي خوالدية، مصطفى منيغ، جاسم الرصيف، الهيثم زعفان، كريم السليتي، د - عادل رضا، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، رافد العزاوي، محمود سلطان، فهمي شراب، محمد الطرابلسي، المولدي اليوسفي، نادية سعد، سامر أبو رمان ، د - المنجي الكعبي، صلاح المختار، سفيان عبد الكافي، صلاح الحريري، عواطف منصور، سعود السبعاني، مجدى داود، طلال قسومي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة