باردو بدلا من ساحة محمد علي..هل يعيد الاتحاد استنساخ سيناريو اعتصام الرحيل؟
فاتن عمري - تونس المشاهدات: 2788
لأول مرة في تاريخه، ينفذ الإتحاد العام التونسي للشغل إضرابا جزئيا في قطاع الوظيفة العمومية ولأول مرة أيضا يقرر أن يغيّر الحاضنة التقليدية لتحركاته الاحتجاجية وهي ساحة محمد علي بقلب تونس العاصمة، والتي تقع مباشرة أمام المقر المركزي للاتحاد، بدلا عن ذلك، أعلن بيان المنظمة الشغيلة أن التجمع سيكون أمام مقر مجلس النواب بباردو، أين سترفع كل الشعارات الحماسية التي ما انفك قيادات الاتحاد يرددونها على مدى أسابيع حشدا لقواعدهم ورصا لصفوفهم.
رسائل سياسية..
قال الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي في تصريح إعلامي إن في التوجه نحو مجلس نواب الشعب مسألة رمزية ورسالة إلى داعمي الائتلاف الحاكم من النواب الذين سنوا القوانين والتشريعات و ساندوا ودعموا الحكومة.
مؤخرا استطاع رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن يفوز بثقة نواب البرلمان التونسي لصالح التعديل الوزاري الذي قام به، وهو التعديل الذي رفضه اتحاد الشغل من قبل وطالب بإقالة التشكيل الحكومي برمته، وزاد من تعقيد الأزمة تمرير التحوير الوزاري وهو ما اعتبره الاتحاد انتقاصا من قيمته التاريخية ودوره المحوري في رسم التوجهات الرئيسية للبلاد، فقرر إعلان الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية تحت مظلة الاستحقاقات الاجتماعية المشروعة، وهدد بمزيد من التصعيد.
في سابق التجمعات العمالية للمنظمة الشغيلة، كانت ساحة محمد علي الفضاء الأمثل لاستعراض القوى القاعدية والحجم العددي الذي يحظى به الاتحاد باعتبار عراقة المنظمة وتغلغلها في الطبقات العمالية والشعبية منذ ما قبل الاستقلال، لكن رؤية الأمين العامل للتحرك الاحتجاجي الأخير تبدو مصممة على التصعيد الفعلي واعتبارها معركة تتواجه فيها النقابات مع الحكومة أمام البرلمان الذي منح مشروعية للشاهد كي يواصل عمله في الدولة.
الدعوة إلى التجمع أمام مقر البرلمان في باردو جاءت للضغط على المشرعين من أجل مراجعة حساباتهم وتحالفاتهم مع كتلة يوسف الشاهد، وأيضا لمراجعة بعض الفصول في قانون الميزانية لسنة 2019 والذي يعرض حاليا على أنظار البرلمان، ومن المنتظر أن يشمل حزمة إجرائية جديدة أهمها تجميد الاجور لسنة 2019 والحد من التوظيف في المصالح العمومية.
حاول الأمين العام للاتحاد اليوم ، خلال خطابه أمام مقر البرلمان اليوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أن يعيد استنساخ سيناريو اعتصام باردو سنة 2013، وأكد أن الاتحاد مهتم بكل الانتخابات المقبلة سواء تشريعية أو رئاسية، وحذّر الحكومة من أنها لن تقدر على إسقاط الاتحاد لأنه منظمة تجمع كل التونسيين، وهاجم نواب المجلس متهما إياهم بتجويع التونسيين وتفقيرهم، والانصياع للضغوط الخارجية في تصرّف استفزازي عدائي كشف أن النية الحقيقية للاتحاد هي إسقاط الحكومة لا أكثر، والسيطرة على مراكز القرار في الدولة التونسية.
يعي الاتحاد اليوم حجم المخاطر السياسية والاقتصادية التي تمر بها تونس، رغم ذلك اختار أن يصطف إلى جانب شق سياسي معين ويبحث عن نفوذ وسلطة تنحرف عن دوره الأساسي في الدفاع عن الطبقات العاملة وحفظ التوازن بين مختلف الفاعلين، فكان توجهه نحو البرلمان تحركا له رمزية مكانية باعتبار قوة السلطة التشريعية التي يحاول الاتحاد الضغط عليها وتركيعها، وزمانية تكشف عما هو قادم من تصعيد، في محاولة واضحة لإعادة إنتاج اعتصام الرحيل سنة 2013.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: