مباركة العماري - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 11084
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
موسوعة علمية تحدد مفهوم العمل و قراءة تحليلية لأسباب تأخر التنمية في الدول العربية
إن المتأمل و القارئ لكتاب " مجتمع العمل" للأستاذ مصطفي الفيلالي إنما يدرك بشكل جلي الأهمية الفكرية و النظرية لهذا المؤلًف الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية حديثا.
فالكتاب موسوعة بأتم معنى الكلمة لمفهوم العمل كقيمة اجتماعية و انسانية سامية و أساس لكل القيم الانسانية الأخرى. فالعمل مطلب و حق و واجب على كل مواطن لتحقيق التقدم و الأفضل لمجتمعه. و أهمية الكتاب تتجلى أيضا من حيث كونه " دراسة حالة" لواقع العمل في المجتمعات العربية و محاولة لفهم أسباب تأخرها عن ركب الحضارة العالمية.
فالعمل في نظر الكاتب قيمة بشرية رئيسية لكل انجاز و نقطة يهملها المهتمون بتحليل أوضاع مجتمعاتنا العربية سواء كان من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية. و قد أراد الأستاذ مصطفى الفيلالي في هذا الكتاب أن يبيّن بالتحليل و الدراسة أنّ توفير مواطن الشغل و القضاء على مشاكل البطالة في المجتمعات العربية هو أساس كل تقدم و كل تنمية اجتماعية و اقتصادية و سياسية منتظرة.
الكتاب أيضا موسوعة تنظيرية تحلّل أسباب بطئ نمو التنمية في بلدان المغرب العربي و في الوطن العربي عموما و ترجعها إلى عدم الادراك الفعلي و العملي لقيمة العمل. فالكاتب هنا كأنما يهيم بالساسة و المهتمين بالشأن العام لفهم أحقيّة مطلب الحق في العمل و أولوية القضاء على مشاكل البطالة إذا رمنا تقدما و حلولا لمشاكل مجتمعاتنا.
فالعمل هنا هو همّ سياسي مغاربيا و عربيا ، وهو أيضا محور للتنظير الفكري باعتبار غياب مفهوم موحد للعمل كمعضلة مصطلح تواجه كل باحث في هذا المجال تنضاف إلى معضلات تحديد المفاهيم و المصطلحات التي يعاني منها الدارسون للشأن العربي في رحلة سعيهم الدائم للتخلص من التبعية الفكرية للغرب.
و قد تحدث الكاتب في كتابه "مجتمع العمل" بكثير من الحسرة عن معضلة هجرة الشباب العربي و خاصة أصحاب الشهائد إلى البلدان المتقدمة. فالهجرة في رأيه خسارة لا تقدّر في حق المجتمعات العربية و فقدان لكفاءات فكرية و علمية انتجها المجتمع العربي بعناء لتنتقل هذه الثروة بكل بساطة لصالح الدول المتقدمة.
في الختام نقول أن الكتاب فعلا هو موسوعة علمية نظرا لما احتواه من بيانات احصائية قد تكبّد الكاتب عناء الحصول عليها - نظرا لغياب الاحصائيات الخاصة بالمعطيات عن المجتمعات العربية خاصة البطالة مثلا- و نظرا لتنوع المراجع المعتمدة في التحليل و الاستنتاج و ثرائها. و هو قيمة أدبية و فكرية تنضاف إلى رصيد المكتبة التونسية و المغاربية والعربية عموما.
الأستاذ مصطفى الفيلالي
كاتب وباحث، وقائد نقابي وسياسي من مواليد تونس سنة1921.
حاصل على درجة "الأستاذية" من الجامعة الفرنسيّة بباريس.
نائب ووزير سابق وقياديّ في الحزب الاشتراكي الدستوري، وفي الإتحاد العام التونسيّ للشغل.