التنمية الرقمية ... ومصفوفة عناصر بناءها في مؤسسات التعليم العالي
د. سفيان منذر صالح - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3706
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعرف التنمية عالميآ اليوم ... بأنها التوظيف الأمثل للإمكانات البشرية والمادية في المجتمع لإحداث التطور المنشود ، وعلى رغم أن نجاح برامج التنمية واستمراريتها مرتبطان أساساً بالمشاركة المكثّفة من العنصر البشري وبحُسْن إعداده وطبيعة تأهيله، تعتبر «المعرفة» العامل الأقوى الذي يحرك هذا العنصر البشري في الاتجاه التنموي السليم، ومن البيّن أن المعرفة ضرورية لتوصيف المشاكل والعقبات التي تواجه التنمية المستدامة وبشتى انواعها المعروفة والمتداولة ، كما تمثّل العامل الأهم في تسيير هذه التنمية وإمكان تحقيقها من خلال النهوض بموارد وطنية محدودة ، ان النهوض اليوم يقع من ضمن واجبات ومسؤوليات التعليم العالي ، حيث أصبح معلوماً أن وجود الجامعة ممثلة عن التعليم العالي بكافة تسمياته وانشطتة اليوم ، يقترن بوجود ثلاثة أمور مهمة وهي الفكر، والعلم، والحضارة، وهذه المفاهيم مترابطة وتكمل بعضها البعض الآخر، وأن للجامعة رسالة وأهداف محددة هي التدريس، والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وهذه الوظائف العامة لا تختلف باختلاف الزمان والمكان فالجامعة هي مؤسسة اجتماعية وثقافية وتربوية وبذلك عادة ما توصف الجامعات بأنها مراكز إشعاع حضاري وعلمي للإنسانية جمعاء، علاوة على أن الجامعة لا يمكن لها أن تعيش في برج عاجي ومنعزلة عن المجتمع وثقافته ..
ينبغي على الجامعات ان تؤدي دوراً مهماً ومميزاً وشاملاً في ممارسة البحث العلمي، لأن البحث العلمي الآن يعتبر من أهم أركان الجامعات، وهو مقياس ومعيار مستواها العلمي والأكاديمي، والجامعة في الوقت نفسه المكان الأول والطبيعي لإجراء البحوث وذلك لأسباب كثيرة أهمها: وجود عدد كبير من الاختصاصيين من أعضاء هيئة التدريس، ووجود عدد من مساعدي البحث والتدريس وطلبة الدراسات العليا، وتوفر مستلزمات عديدة للبحث مثل المختبرات والإمكانيات والأجهزة والأدوات لإجراء القياسات الموضوعية والدقيقة، وتوفر مصادر جمع البيانات للازمة للبحث العلمي ، ولضمان تحقيق مؤسسات التعليم العالي لرسالتها في قيادة حركة التغيير الاجتماعي المنشود لا بد أن تنطلق من وعي عقلاني ملم بالتغيرات الجذرية التي ينبغي إحداثها، مما يتطلب تقييم الواقع التربوي وتحديد نقاط الضعف فيه ومقاربتها بالتحديات الوطنية والقومية والعالمية ، إن الجامعات تعد مركز إشعاع حضاري لأي مجتمع من المجتمعات، وهي بمثابة محور الارتكاز الذي تدور حوله أهداف الجامعة وسياساتها واستراتيجياتها وخطط عملها ، لذا على الجامعات اليوم مسؤولية كبيره في التخطيط الى لحق بركب المجتمعات العالمية ، في وقت أصبحت فية الجامعات المتقدمة تتبنى مفاهيم جديدة ولها طابع يتفق والمستجدات العلمية وبمسياتها الحاضرة ومنها التنمية الرقمية والتي شملت مسميات عديدة ، من مثل المعلوماتية (Informatics)، والجودة الشاملة (Total Quality Management-TQM)، ومجتمع المعرفة (Knowledge Society)، وما بعد المعرفة (Metacognitive) وغيرها من المفاهيم التي انطلقت أصلاً من الجامعات المتطورة في العالم مما أدى إلى ظهور أنظمة تعليمية متطورة وتستمد قوتها من هذه المقومات في التعليم ، فقد خلصت دراسة أجرتها العديد من مراكز البحوث العالمية ، إلى وضع ستة سيناريوهات مستقبلية للتنمية الرقمية في التعليم العالي هي: سيناريو الجامعات التقليدية، وسيناريو جامعات التجارية الخاصة، وسيناريو الجامعات السوق الحر، وسيناريو التعليم عن بُعد والتعليم المفتوح، وسيناريو الشبكة العالمية للمؤسسات التعليمية، وسيناريو تنوع التعليم المتميز، وفي دراسة أخرى قامت بها مجموعة بحثية تابعة لجامعة شيفلد لوضع تصورات بديلة لجامعة المستقبل، انتهت الدراسة إلى وضع نموذج للجامعة الافتراضية (Virtual Learning) لجامعة المستقبل بحيث يتوسع معها تعدد أدوارها وتصبح الجامعة حينها كوسيط لحل المشكلات المجتمعة بطريقة عقلانية؛ وتصبح بمثابة متجر أو سوق، أو كمكان للسياحة العقلية، أو كمؤسسة ترفيهية، كما اقترحت دراسات عديدة أخرى أنواعاً أخرى للتعليم العالي مثل التعليم المتماذج (Blended Learning) الذي يعتمد على أكثر من طريقة لإيصال المعرفة فهو مزيج بين التعليم التقليدي والتعليم الالكتروني، وظهر التعليم الالكتروني (E- Learning)، والتعليم عن بعد والتعليم المفتوح (Open & Distance Learning)، والتعليم متعدد الوسائط المتمركز على المصادر كالانترنت والحاسوب والبث الفضائي الرقمي وغيره (Resource-based Learning)، والتعليم المرن (Flexible Learning) ، وعليه أصبحت للجامعة أدواراً كبيرة ومتعددة بتعدد هذه الأنماط من التعليم، وتعتبر خدمة المجتمع، ونشر المعرفة والمعلوماتية أحد دعائم المجتمع المعرفي ومن ضمن المتطلبات الاساسية للتنمية الرقمية اليوم ، بالاستناد إلى التكنولوجيا المعلوماتية والاتصال، ونشر التعليم الحر وتوليد الأفكار، وبناء المعرفة وربط العلم والمعرفة بسوق العمل بالاعتماد على الـــ OBE او ما تسمى المخرجات (للطلبة) المعتمدة على قاعدة التعليم ، وفتح قنوات جديدة للتعليم، وتنمية المهارات والقدرات اللازمة التي يحتاجها الطلبة أثناء عملية التعلم والتعليم، وتطوير شخصية الطالب الجامعي المتكاملة في ظل متغيرات العصر العلمي والانفجار المعرفي الرقمي ، وهذا ما اطلق علية اليوم عالميآ مصطلح التنمية الرقمية ، لذا تعتبر البنية التحتية الرقمية اليوم مُمكّناً أساسياً لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، ولتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني والعالمي ، يبقي أن نضيف أن المفاهيم المعاصرة للتنمية الرقمية المستدامة، أصبحت تتبنى المنظور الشمولي للاستدامة الذي يهدف إلى توسيع الخيارات أمام الناس، كل الناس، والأهم من ذلك ضرورة تبني وتفعيل مفهوم الشراكات الاستراتيجية مع كافة الجهات ذات العلاقة، بالرؤية والرسالة والقيم والأهداف التي نعمل جميعاً على تحقيقها، بما في ذلك القطاع الخاص الذي دخل بقوة للاستثمار في قطاع التعليم ( الكليات والمعاهد الاهلية ) ، لذا علينا اليوم كأساتذة وتدريسين تابعين لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، من ان ننمي ثقافة التنمية الرقمية في ظل مجتمع المعرفة ، والذي يعرف بأنه المجتمع الذى يقوم أساساً على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة فى جميع مجالات النشاط المجتمعى، كالاقتصاد والمجتمع المدنى والسياسة والهندسة والطب .. وغيرها من الحياة الخاصة ، وصولاً لترقية الحالة الإنسانية باطراد ، أى إقامة التنمية الانسانية ، ويمكن تعريف مجتمع المعرفة اجرائيا فى المقالة الحالية بأنه المجتمع الذى أضحت فيه المعرفة أداة أساسية للإنتاج والتقدم وزيادة القدرة التنافسية، ويسهم فى تكوينه وإنمائه البحث العلمى التربوى، من خلال ما يضطلع به من انتاج وتطوير للمعرفة التربوية، وإعداد رأس المال الفكرى، بما يحقق التنمية الإنسانية المستدامة فى كافة مجالاتها داخل المجتمع ، واعتمادآ على بناء مجتمع معرفي بالمتطلبات المطلوبة اليوم في سوق العمل ، وتعرف متطلبات مجتمع المعرفة بأنها مجموعة من المهارات والمناشط والأدوار اللازمة للطلاب ومعلميهم، بحيث يصبح الطلاب قادرون على انتاج المعرفة واستخدامها فى مجالات حياتهم التعليمية والعملية والاجتماعية مستقبلآ ، أما فى الدراسة الحالية للطلبة فإن مجتمع المعرفة يقصد به الأسس والقواعد الأساسية التى تعطى للمعرفة قيمتها وقدرتها على التطبيق وعلى التجديد المستمر، من خلال ما يضطلع به البحث التربوى من انتاج وتطوير لمنظومة المعرفة التربوية، والتوصل إلى حلول علمية لمشكلات الواقع مهما اختلفت مسمياته واوصافه ، مما يؤدى إلى زيادة قدرة المؤسسات التعليمية على إعداد مخرجات تعليمية قادرة على تكوين وإنماء مجتمع المعرفة.
أبعاد التنمية الرقمية
يتضح من التحليل السابق لمفهوم مجتمع المعرفة أنه على الرغم من أن هذا المفهوم يرتبط بالمعرفة وينبثق منها تنمية اشمل واعمق تسمى اليوم بالتنمية الرقمية ، بيد أنه يختلط ويتداخل مع غيره من المفاهيم الأخرى، التى أسهمت فى تحديد ملامحه وتحديد أبعاده ومضامينه المختلفة، فساهمت بشكل أو بآخر فى تكوين وإنماء التنمية الرقمية في ظل مفهوم مجتمع المعرفة المطلوب اليوم في سوق العمل ، فعلى ضوء مفهوم مجتمع المعرفة، وطبيعة العلاقة بينه وبين بعض المفاهيم ذات الصلة مثل: مفهوم المعرفة، واقتصاد المعرفة، والتنمية الانسانية، ومجتمع التعلم، ومجتمع المعلومات، وإدارة المعرفة، واادارة المعلومات ، والتعليم الالكتروني .. وغيره من الذي ذكر في اعلى المقال ، يمكن تحديد الأبعاد الأساسية للتنمية الرقمية والمطلوبة اليوم في ان تضعها الجامعات ضمن خططها السنوية والمستقبلية للوصول الى وضع خطة تحسين مستمره بديناميكية متبعتآ توزيعآ احصائيآ طبيعيآ بنموذج رياضي مدروس وكفوء يمكن الاعتماد علية مستقبلآ في التنبأ ، مع الاخذ بالمتغيرات الدورية والعرضية والفجائية ، متمثلتآ فيما يلى:
1- بُعد معرفى قائم على التوظيف الفعال للمعرفة :
المعرفة يقصد بها ، بأنها عملية انعكاس للواقع، وإعادة تشكيل أو إعادة معالجة مثالية لهذا الواقع، يأتى بها الانسان بهدف تمكينه من السيطرة على هذا الواقع، وعلى تغييره وترقيته، وتشير الموسوعة إلى أن المعرفة فى حد ذاتها لا تغير من العالم المحيط بالإنسان أو من عالم الإنسان نفسه، وإنما تبين فحسب الطريق إلى تغييره، وبقدر ما تكون هذه المعرفة موجهة نحو إخضاع الواقع للإنسان وللمجتمع فإن المعرفة التى تستثير هذا التغير تحقق وظيفة إنسانية تتمثل فى الاستيعاب المثالى للواقع، وبذلك تكون المعرفة شكلاً محدداً من أشكال النشاط الراقى.
2- بُعد اقتصادى قائم على اقتصاد المعرفة :
تتميز المعرفة بعدد من الصفات أو الخصائص التى تحدد طبيعتها الاقتصادية، فهى أثيرية بمعنى قدرتها على تخطى المسافات والحدود، خاصة إذا كانت رقمية، ويصحب ذلك أنها متواصلة البقاء لا تفنى بالانتقال من شخص إلى آخر، مما يعنى إمكان وجودها عدداً لانهائياً من المرات دون حاجة إلى إعادة إنتاجها من جديد ، وأصبحت الصناعات والخدمات المعتمدة على المعرفة أساساً للقطاع الاقتصادى، حيث سمحت تكنولوجيا الاتصال الحديثة للمؤسسات الإنتاجية والخدمية إنتاج السلع والخدمات وتسويقها دون الحاجة للارتباط بموقع جغرافى معين، ففى ظل هذه التكنولوجيا بدأت الاقتصاديات المحلية والوطنية تتجه نحو العالمية ، وتشير الدراسات في هذا المجال ، إلى أن اقتصاد المعرفة اليوم يقوم على التكامل بين امكانات تشفير وتخزين ونقل المعلومات التى أتاحتها التكنولوجيا والرأسمال البشرى للعمال القادرين على استعمال هذه التكنولوجيا، والاستغلال الأمثل للقدرات الإنتاجية بفضل التقدم فى إدارة المعرفة .
3- بُعد تعليمى تربوى قائم على تشكيل مجتمعات التعلم :
يعد مجتمع التعلم أو المجتمعات دائمة التعلم نمط جديد من المجتمعات، يحتل فيه التعليم المستمر للجميع موقعاً متميزاً، لما له من دور فى تجديد المعارف وتطوير المهارات التى تمثل جوهر مجتمع المعرفة .
4- بُعد معلوماتى قائم على تكنولوجيا المعلومات :
يعرف مجتمع المعلومات بأنه المجتمع الذى تمثل فيه المعلومات القوة الدافعة والمسيطرة، والذى ينشغل معظم أفراده بإنتاج المعلومات أو جمعها أو معالجتها أو توزيعها ، وثمة ارتباط بين المعلومات والمعرفة ، حيث تمثل المعلومات المادة الأساسية أو الأولية التى تشتق منها المعرفة، وتشتق المعلومات بدورها من البيانات، وهناك فرق واضح ما بين المعرفة والمعلومات والبيانات، حيث أن البيانات تمثل حقائق، ومن خلال تبويب هذه البيانات وإجراء مقارنات فيما بينها تتولد المعلومات، وتؤدى عملية الربط بين تلك المعلومات وتعليلها إلى ايجاد سياق يمكن التعبير عنه بكلمة المعلومات المحسوسة أو ذات المعنى ، ومن خلال تفاعل الإنسان مع المعلومات حول الحقيقة التى يواجهها يعمل على إعادة بنائها وهيكلتها وتعليلها على شكل ذا معنى تتكون المعرفة ، وعلى الجانب الآخر قد تحول المعرفة إلى معلومات ، من خلال تحويل المعرفة إلى معلومات أو ما يطلق عليه مسمى جعل المعرفة معلوماتية، بإعطاء بعداً مادياً للمعرفة يجعلها أكثر عملية ويسهل معالجتها، ويجعل منها وسيلة لإنتاج معارف جديدة ، اي اعطاء دور للتخطيط واستخدام التحليل الاحصائي المعتمد على البيانات والمعلومات والمعرفة في صناعه واتخاذ القرار ، لأستزادة عن هذا الموضوع مقالة لنفس الكاتب على الموقع http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=577299 .
5- بُعد تنظيمى قائم على إدارة المعرفة :
تضم إدارة المعرفة اليوم في ظل مصطلح التنمية الرقمية ، على مجموعة من الاستراتيجيات والممارسات، ممثلة فى مجموعة من الأساليب الإدارية والأدوات التكنولوجية التى يمكن أن تساعد فى تنظيم المعرفة ومنها تحليل سوات ، تحليل الـــ 5S ، وغيرها من الاستراتيجيات التي تحوي على العديد من الاليات ، في مجتمع المعرفة وهو الذي يعرف بأنه ذلك المجتمع القادر على الإدارة الناجحة للمعرفة، حيث يتطلب التحكم فى النشاط المعرفى اتباع مراحل منظمة ومتتابعة من خلال إدارة تخطيطية ستراتيجية ناجحة للمعرفة ، سواء ما يتصل بتجميع المعرفة من مصادرها ومعالجتها وتخزينها وإتاحتها أو ما يتصل بالتجديد المستمر لها وفق أحدث ما أنتج من معرفة على المستويات الوطنية والدولية ، وهذة من واجبات ومسؤوليات جامعاتنا اليوم.
6- بعد دولى قائم على الشراكة والتعاون بين دول العالم :
يتسم مجتمع المعرفة في ظل مصطلح التنمية الرقمية ، بأنه مجتمع عالمى يسهم فى تشكيله جميع الدول، حيث تتلاشى الحدود التقليدية بين الدول، وأصبحت عملية إنتاج المعرفة وتوظيفها وتسويقها محور اهتمام البيئات العلمية والأكاديمية على مستوى العالم، مما يحتم الشراكة والتكامل المتكافئ بين كافة الدول، حيث أن توليد المعرفة الجديدة من خلال البحث العلمى فى مجتمع المعرفة لا يقتصر على البناء على قاعدة المعرفة الوطنية فحسب، ولكن مقومه الأساسى جنى المعرفة المتواجدة فى أماكن أخرى فى العالم، والعمل على تكييفها، وذلك عن طريق الانفتاح العلمى بمعناه الواسع، وتشجيع الانسياب الحر للمعلومات والأفكار، وتأسيس روابط علمية بناءة مع المجتمع الدولى، وتعزيز اكتساب المعرفة بإقامة علاقات مع مراكز الأبحاث الدولية المتقدمة ومع غيرها من مؤسسات البحث والتطوير، شريطة أن تساعد هذه الروابط على تحسين التطوير العلمى على المستوى الوطنى دون تعميق التبعية للمصادر الأجنبية، من خلال التنافسية باجراءات التقويم الذاتي SAR وخطط تحسين الجودة QIP ، ونشر الدراسات والدوريات الاحصائية الموثقة بهذا الخصوص وبشتى مسمياتها ليطلع عليها الاخرون من خلال المواقع الالكترونية المرتبطة بالجامعات وتحديثها باستمرار ، وتشجيع الباحثون من تدريسين وغيرهم على القيمة الاعتبارية للنشر في الدوريات ذات المعاملات المعروفة ومنها معامل هارش H- index ، معامل التأثير Impact factor ، وغيرها .
وأخيرآ ... على الرغم من ان جامعاتنا بشكل عام قد استجابت بدرجات بطيئة ومتفاوتة للتقدم التكنولوجي في العقود الماضية؛ حيث ثمة جهود قامت لتطوير التعليم الجامعي العالي باستخدام شبكة الانترنت في التعليم الجامعي، وتطوير تخصصات جديدة تتناسب مع حاجات سوق العمل، واعتبار الجامعات ومؤسسات التعليم العالي كبيوت خبرة ، إلا أن ما نعاصره اليوم من تدفق مذهل ومتواصل من الموارد المعرفية ، يمثل ظاهرة غير مسبوقة ولم تعهدها المؤسسات التربوية من قبل ، مما يضعها في أزمة الاستجابة لها كما هو الحال في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما جرى فيها من محاولات التصحيح والتكيف الهيكلي أنتاجاً وخدمات ، إن الثورة المعرفية ومجتمع المعرفة يتميز بقوته في عدة قطاعات أساسية لابد ان تضعها الجامعات صوب اعيونها وهي: استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والملكية الفكرية، والعلامات التجارية، والخدمات المالية، وقواعد البيانات، وخدمات الترفيه، التكنولوجيا الحيوية ، على أنه أصبحت الحاجة ملحة بشكل متزايد نتيجة لتلك التقنيات والتطورات الهائلة في حقل المعلومات والاتصالات المعاصرة (Information & Communication Technology) لتحقيق التنمية البشرية المستديمة والشاملة الرقمية والمعرفية ، ولقد أدى ذلك إلى تغيير مكونات المجتمع التقليدي وعمليات الاتصال فيه لتعتمد كلها على المعرفة واستخدام شبكة الانترنت، وقد فرض ذلك تحدياً على أن تعيد الجامعات التقليدية تقييم منطق وجودها سواء في أداء العملية التعليمية، أو في إجراء البحوث، أو في الإدارة، أو فنون المكتبات الرقمية ، وفي العقد الأخير من القرن الماضي تنامى الوعي بقيمة الإنسان هدفاً ووسيلة في منظومة التنمية الشاملة ، لذلك فإن المقالة الحالية تركز على تقييم الدور الذي تمارسه الجامعات العربية في تنمية الفرد ومجتمع المعرفة للطلبة بصورة خاصة وللمجتمع بصورة عامة ، بهدف تحديد العوامل المعيقة والعوامل التي تساعد في تطوير أداء هذه الجامعات بعيدآ عن كلاسيكية التلقين والتحول من التعليم الى التعلم في المستقبل لتحقيق التنمية الرقمية المطلوبة اليوم لمخرجات التعليم واحتياجاتتها في عالم التقنية وعصر المعلومات الرقمية ، ومن خلال فهم ادوار الجامعة في رسم مصفوفة تنظيم لأبعاد تحقيق التنمية الرقمية المطلوبة عالميآ لمجتمع الخريجين والذي تعتمد علية تنافسية الاقتصاد العالمي ، والذي نقصد به تنافس مخرجات التعليم والجامعات هنا وهناك ، محليآ وعربيآ وعالميآ اعتمادآ على مخزون المعرفة والمعلومات للطلبة الخريجين .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: