البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مسيرة يوم 13 ماي التاريخية من زوايا مختلفة

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3732



حدث تاريخي مهم في تونس يوم 13 ماي 2017. مسيرة شبابية كبيرة ضد قانون الفساد تحت عنوان/شعار مانيش مسامح.(لن أعفو عن الفاسدين). تم التحشيد لها عبر مواقع التواصل وقادتها زمرة من الشباب المستقل عن الأحزاب والمتجاوز للإيديولوجيات والانتماءات الفئوية. لكن وقبل المسيرة وبعدها خاصة انطلقت حملة تشكيك في المسيرة وحجمها وقيادتها بل ذهب البعض إلى تجريمها والشك في نواياها. لذلك رأينا أن نعرض إلى المسيرة من زوايا مختلفة و نحاول فهم موقف التشكيك فيها ولمصلحة من يصب ولماذا.

مظهر شبابي جديد في ساحة الثورة

خلف القمصان الموحدة "مانيش مسامح" كانت وجوه الشباب. انطلقت المسيرة من أمام السفارة الفرنسية (تمثال ابن خلدون) وجابت الشارع الذي يختلف التونسيون في اسمه فهو عند البعض شارع الثورة وعند آخرين شارع الحرية وعند البورقيبي شارع بورقيبة. حيث انتهت أمام وزارة الداخلية ورمت البيض على تمثال بورقيبة لأول مرة منذ 60 عاما.

تركزت الشعارات المرفوعة على رفض قانون المصالحة الذي يحاول الرئيس منذ سنتين فرضه على البرلمان والنقاش العام كما أعلنت التضامن الصريح مع اعتصام منطقة الكامور (تطاوين /الجنوب) التي ترفع شعار "الرَّخ لا" وترجمتها لا للتراجع عن المطالب المشروعة.

هذا التجاوب الكامل بين الجنوب والشمال على مطالب اجتماعية بالأساس بقيادة شبابية جديدة وغير متحزبة شكل لوحة جديدة ومتميزة عما سبق من نضالات ذات طابع فئوي وحزبي. لذلك بدا لنا أن روحا جديدة مختلفة تسري في شارع الثورة وأن ميلادا جديدا ممكنا لكن هذه المرة خارج إطار فعل النخبة القديمة التي تآكلت في السنوات ما بعد الثورة في صراعات هووية هامشية مجّها الشباب ولم يعد يجد فيها صوته ومطالبه الفعلية.

لقد كان صوت الشباب أعلى وأوضح من خطاب الرئيس في أول الأسبوع وهو يناور متلعثما لتبرير القانون وتمريره بمساعدة شركائه السياسيين. كانت مسيرة الشباب ردا على الخطاب ولذلك من المنتظر أن لا تنتهي التفاعلات عند المسيرة فالمضاء والعزم الشبابي الذي عايناه يوم السبت(13/5) مؤهل للاستمرار والارتفاع والتصعيد وسنشهد حتما تطورات نضالية ربما يكون منها محاصرة البرلمان يوم يطرح القانون رسميا للنقاش.

محاولة اختراق المظاهرة الشبابية

لم يكن مفاجئا لأحد أن تظهر بعض القوى السياسية لركوب المظاهرة بتبني شعاراتها لفرض أجندتها على الشباب. لقد شاركت الجبهة الشعبية (يسار) في الدعوة إلى التظاهر في نفس المكان والتوقيت. وحضرت قيادتها محمية وأخذت ما يكفيها من الصور ولكن في وحدة شعارات الشباب ضد قانون الفساد رفع شباب الجبهة شعاراتها الفئوية ضد الإسلاميين (شعارات تعود إلى السبعينيات). غير أن الجديد في المشهد أن ذلك لم يدم طويلا بل حاصر شباب المظاهرة قيادة الجبهة فبانت أقلية وغطّى شعاراتها الفئوية فخرست أصواتها وذابت في الجمهور الذي أكد أنه أنهى المعركة مع الإسلاميين على أساس هويتهم بل نقل الخصومة السياسية معهم إلى الموقف السياسي فقط وسيكون للشباب موقف عبر الشعارات من الرئيس الذي اقترح القانون ومن حزب النهضة الذي لم يشارك في المظاهرة ولم يوضح موقفه من القانون بشكل نهائي.

نعتقد أن لم يعد للجبهة اليسارية من قدرة على اختراق التظاهرات وقد حاولت وفشلت يوم 13 وهذا مكسب ديمقراطي فرضه الشباب وسيبنى عليه الكثير. لقد نقل الشباب المعركة مع الإسلاميين من مجال الهوية إلى المجال السياسي المدني وهذه خطوة جبارة في تكييف الصراعات السياسية في تونس ستجعل الجبهة الشعبية اليسارية بدون برنامج نضالي ولن يبقى أمامها إلا التلاشي في الجمهور العام وكتم خيبتها الهووية.

ولعل هناك مؤشر آخر على هوان الجبهة الشعبية هو غياب اتحاد الشغل عن المظاهرة فلم يفرض الانطلاق من ساحة محمد علي (مقر النقابة) وكانت هذه من الملاحظات الهامة على مشهد يوم 13. فقد كان للنقابيين (بقيادة يسار النقابة طبعا) تقليد ركوب كل حركة معارضة لكنه هذه المرة اختفى من الصورة. فكان الشباب أخف حركة وأعلى صوتا ولم يضطر أحد إلى مجاملة "الاتحاد أكبر قوة في البلاد". قال البعض أن الاتحاد متواطئ مع الرئيس وقال آخرون أن النهضة اخترقته وهذا تخمين لم تعد أجندة النقابة هي نفس أجندة اليسار الكامن في مفاصلها وقد بدأ هذا ينكشف بداية من يوم 13. وقد نرى عليه أدلة أخرى في قادم الأيام.

النهضة حاضرة بالغياب

عارض حزب النهضة المظاهرة ودعا شبابه إلى عدم المشاركة. لكن رغم ذلك ظهرت وجوه شبابية نهضوية في الشارع يبدو أنها من الدوائر غير المنضبطة حزبيا. لكن الموقف الرسمي للحزب كان معارضا بل انطلقت عبر صفحات فيسبوك غير رسمية للحزب مسيرة تشكيك في النوايا واتهامات للشباب بلعب أدوار مشبوهة لصالح الجبهة الشعبية. حتى انحرف النقاش بعد المظاهرة هل أن المظاهرة كانت ضد القانون أم ضد النهضة. ويبدو أن وضع الضحية الذي تقوم ضده المظاهرات مريح للإسلاميين في النهضة. وهذا موضوع يستحق عودة لاحقا.

لقد اتضح أن حزب النهضة ينأى بنفسه عن تحركات الشارع ويرتب سياسته على العمل المؤسساتي فهو يقدم معارضة القانون من داخل البرلمان على معارضته بالشارع. لقد أعلن مجلس شورى الحزب أنه لن يقبل القانون بصيغته المقدمة للبرلمان وهي صيغة مخالفة بل متناقضة مع قانون العدالة الانتقالية. لكن مجلس الشورى ليس السلطة الأقوى داخل الحزب فقد سبق أن تناقضت مواقفه مع مواقف القيادة التنفيذية التي لها أجندة مختلفة. وقد بدأت تروج للقبول بالقانون مقدمة خطابا مختلفا عن السلم الاجتماعية وضرورة التضامن ضد الفوضى. ولذلك انطلقت صفحاتها الموالية للتنفيذي في لعن الشارع والتشكيك في الشباب المخترق .

هل يتناقض النضال في الشارع مع المعارضة والجدال البرلماني؟ هذا السؤال يزعج فئة من الإسلاميين اتضحت وجوههم يوم 13 على هامش المسيرة. ويبدو أن هؤلاء قد يقنوا (ولا نعلم حجتهم بعد) أن البلاد قد صارت إليهم وأن الحكم واقع بين أيديهم قريبا لذلك يرون في كل تحرك منفلت عن أجندتهم جريمة تشوش عليهم خطتهم في التهدئة حتى يسقط النظام ويجمعون فيئه في سلتهم لأننا لم نجد في الواقع من سبب يبرر معارضة تحرك شبابي غير متحزب أو على الأقل يخفى بوعي أجندته الفئوية لصالح أجندة وطنية عامة هي مقاومة الفساد.

الشباب يعطينا أملا أخيرا

سيكون من العسير استنطاق كل الأجندات فالكواليس الحزبية صارت رغم الانفلات الإعلامي عسيرة على الاختراق والأحزاب التي إن لم توظفنا لا تعطينا من أخبارها إلا ما نسترق لكن الشارع المفتوح قابل للقراءة.

يوجد مد جديد مختلف ويبعث على الأمل. لقد انتقلت روح الثورة إلى شباب ولد في الثورة وسيكبر بشعاراتها وهو يطور وعيه بوسائله الجديدة ويفرض أجنداته الشبابية التي تتجاوز فكر الجيل المؤدلج الذي تربى على العراك الأيديولوجي في الجامعة طيلة عقود الأيديولوجيا والصراع الهووي (يساري تقدمي ضد إسلامي رجعي) المعركة لم تعد هنا، لقد نقلها شباب جديد إلى معركة عدالة اجتماعية ضد فساد بقطع النظر عمن يقف مع الفساد ومن يقف في صف العدالة وهذه هي المعركة الصحيحة. لقد كانت مسيرة يوم 13 ماي تصويبا حكيما بفطرة الشباب لمبادئ الثورة وأجندتها تأخرت بعض الشيء بفعل مناورات جيل منتهي الصلاحية لكنها في الأخير شقت طريقها كالماء في الرخام. وسيكون لشباب 13 ماي أثر كبير في قادم الأيام. سيخوض صراعات مريرة ضد التوظيف وضد الاختراق وضد الزعامات العجولة التي تطل برأسها من داخله (وهي عادة تونسية) لكن تيار شباب 13 ماي كما يطيب لي أن اسميه سيجد سبله ويبني عملا سياسيا جديدا ينزل مطالب الثورة على الأرض ويجبر كل سياسي على تنفيذها ولو من وراء حجابه الحزبي السميك.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، قانون تبييض الفساد، تظاهرة ضد الفساد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-05-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامح لطف الله، ضحى عبد الرحمن، أبو سمية، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، محمد الياسين، محمود طرشوبي، طلال قسومي، إسراء أبو رمان، د.محمد فتحي عبد العال، الهادي المثلوثي، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، محمود سلطان، ماهر عدنان قنديل، سليمان أحمد أبو ستة، مجدى داود، محمود فاروق سيد شعبان، عواطف منصور، صالح النعامي ، نادية سعد، د - عادل رضا، د. أحمد محمد سليمان، سلوى المغربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الله الفقير، صلاح المختار، كريم فارق، د- جابر قميحة، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، ياسين أحمد، رافد العزاوي، مصطفى منيغ، محمد شمام ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أنس الشابي، إياد محمود حسين ، سيد السباعي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، مصطفي زهران، سامر أبو رمان ، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، محمد أحمد عزوز، تونسي، جاسم الرصيف، خالد الجاف ، د. طارق عبد الحليم، عمر غازي، عزيز العرباوي، وائل بنجدو، عبد العزيز كحيل، أحمد النعيمي، المولدي الفرجاني، محرر "بوابتي"، بيلسان قيصر، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، منجي باكير، صفاء العربي، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، رضا الدبّابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، الناصر الرقيق، د - صالح المازقي، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، فتحي الزغل، رمضان حينوني، د - شاكر الحوكي ، عبد الغني مزوز، عراق المطيري، فوزي مسعود ، كريم السليتي، إيمى الأشقر، سعود السبعاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد علي العقربي، طارق خفاجي، د - المنجي الكعبي، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، صلاح الحريري، خبَّاب بن مروان الحمد، المولدي اليوسفي، سفيان عبد الكافي، عبد الرزاق قيراط ، رافع القارصي، د - الضاوي خوالدية، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد يحي، عبد الله زيدان، محمد العيادي، د- محمود علي عريقات، سلام الشماع، د - مصطفى فهمي، عمار غيلوفي، صفاء العراقي، علي عبد العال، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب، فتحي العابد، أشرف إبراهيم حجاج، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، يحيي البوليني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد بشير، رشيد السيد أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة