البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

يحق لرئيس الحكومة التونسي أن يمد رجله

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3707



لا شيء قد يزعج السيد يوسف الشاهد رئيس حكومة تونس هذه الأيام. يبدو بصحة جيدة ويوالي الظهور في الأماكن العامة ويحاول استعمال لغة شعبية كما لو أنه مصاب بعقدة بن كيران المغربي. إنه شاب وطموح ومسنود بأصوله الحضرية. وفوق ذلك ليس له معارضة جديرة باسمها يمكن أن تزعج طريقته في إدارة البلد. كل شيء على ما يرام حتى إنه يمكن أن يفكر في رئاسيات 2019 ويفوز. لكنه ليس موضوع المقال إلا كعارض تقديم.

الدينار التونسي المسكين

خطر لوزيرة المالية العبقرية في حكومة الشاهد وهي خبيرة مالية تحمل شهاداتها العلمية من جامعة فرنسية لا يعلى عليها، جاء بها حزب النداء من زاروب مجهول في الإدارة معتمدا على فخامة اسمها العائلي فقط. خطر لها أن تصرّح دون العودة إلى رئيس حكومتها التي تفاوض مع البنك الدولي بأن الدينار التونسي سيتم تعويمه وبالأدق سيتم تخفيض قيمته أمام العملات الأجنبية. ولم يمر اليوم الأغبر حتى فقد الدينار من قيمته أمام اليورو فاقترب الصرف في البنوك من ثلاث دنانير لليورو الواحد وهو حضيض لم يبلغ في تاريخه. أما في السوق السوداء للعملات الأجنبية فقد تجاوز الدنانير الثلاثة.

ونامت الوزيرة قريرة العين لم يزعجها شيء وبات رئيس الحكومة ضاحكا، فلا أحد من معارضيه أثار المسألة أو أزعج قيافته بتلميح إلى أن العملية الاقتصادية في كامل البلد تنهار بانهيار العملة الوطنية. وحدهم المهربون انتعشوا فالاقتصاد الموازي يملك أرصدته الكافية ليمول سوقا بسلع من كل مكان. خاصة وأن حكومة الشاهد لم تقم بأي إجراء احترازي لمنع التوريد بالعملة الأجنبية لحماية رصيدها منه.

المعارضة تحب يوسف

بالتوازي مع عبث الحكومة اندلعت معركة على الفايس بوك بين شباب حزب التيار الديمقراطية وشباب حزب النهضة. كل يزعم أنه ضحية وأن الآخر بدأ المعركة. واستهلك ذلك من قواعد الحزبين أكثر من أسبوع من الشجار الافتراضي أعتقد أنه ترك فرقة بين الشباب لن يمكن ردمها مهما تقاربت القيادات.. أو تظاهرات بذلك الخطاب المتسامي فوق الجروح.

من فعل ذلك بالحزبين؟ من بدأ ومن أفرط؟ هذه تصبح تفاصيل غير مهمة لكن الأهم منها أن يوسف الشاهد وحكومته كانا يراقبان الوضع ويتمتع بالصراع ولو من وراء ضحكته البلهاء. فكل انشغال عن أعوار حكومته يمدد أجلها لذلك فإن المعارضة تحبه لأنها (تدعو لأندلس إذا حوصرت حلب).

معارضة تنشغل بذاتها وبمواقع قياداتها الاعتبارية التي لا يجب أن يطالها النقد أو التجريح مهما ارتكبت من حماقات سياسية. مثل هذه المعارك الجانبية في غير وقتها وليس لها موضوع حقيقي يطور الحياة السياسة تنتهي دوما لصالح حكومة الشاهد.

مضى الزمان الذي كان فيه المتفائلون يتحدثون عن تشكيل الكتلة التاريخية من شباب النهضة والتيارات السياسية التي كانت تعارض بن علي. لقد انتهت تلك الطموحات المتفائلة فلا كتلة تاريخية ولا حتى التقاء جبهويا مؤقتا حول مسائل حيوية كإنقاذ العملة الوطنية من الانهيار إثر تصريح وزيرة غير منضبطة لقواعد العمل الحكومي.

الحالمون بتلك الكتلة التاريخية دخلوا الآن منطقة تنظيم الرثاء في الثورة لأن قيادات العمل السياسي تنشغل وتشغل شبابها بمعارك تافهة وسخيفة من أجل مجدها الشخصي القصير الأجل. أمّا الثورة ومبادئها وشعاراتها فقد دخلت الخطاب الخشب الذي يستعمل في مواقف جاهزة في الإذاعة كلما أتاحت الحكومة فرصة لمعارض أن يتكلم ليغطي على أعوارها الديمقراطية. الطبقة السياسة عادت لزمن بن علي وقبل الشارع المسكين العمل في هامش الرضا الحكومة والفوز ببعض فجواته لمتعة النرجسية القيادية ليس أكثر. بإمكان يوسف أن يمد يده تحت فستان المعارضة فقد هيأت له وهو لا يستعصم.

طريق الكامور قد يكون الحل

الكامور منطقة صغيرة من تطاوين مدت فيها طريق صحراوية تصل آبار النفط والغاز بالطريق الرئيسية رقم واحد التي تربط شمال البلاد بجنوبها. يوم الأحد هاجر أهل تطاوين جميعها إلى طريق الكامور يقودهم شبابهم غير الحزبي ليقطعوا قنوات تدفق النفط والغاز نحو الشمال. رجل الشاهد الممدودة هنا قد تقطع فقد أوصلته إلى صفاقس ليزيد في عدد المشافي الراقية لكنه قصّر دون تطاوين ومطالبها في التنمية لذلك زاد غضب المتروكين في الأقاصي وامتدت احتجاجاتهم إلى أبعد من خيام اعتصام مجهول بل صعد الشباب ليكون للحكومة قرار بالتفاوض الجدي أو القمع الجدي وهي عاجزة عن القمع فالعصا في الجنوب يمكن أن تكسر يد من يستعملها.

لقد ضيّعت حكومة الشاهد فرصة جمنة ومقترحاتها التنموية، وهي تماطل معوّلة على ملل السكان متناسية أن سكان الصحراء لا يعرفون الملل وهم على أرضهم. تلك الفرصة المهدرة تضاف إليها فرصة تطاوين وقد تنكسر هذه الحكومة في طريق الكامور، فأصحاب مستغلات الطاقة أقوياء إلى درجة دفع الحكومة إلى الصدام لتحافظ على مصالحهم. وخبراء الحكومة يعرفون أن المساس بسلامة السكان وقمع مطالبهم سيوسع بقعة الاحتجاجات.

غير أن ما يطمئن الشاهد أن المعارضة في العاصمة التي تتعارك على الظهور في برنامج تلفزي لن تقف مع احتجاجات تطاوين. لقد سجلت مواقف ببيانات مسطحة استعفت بها من التظاهر في الشارع (سابقا جاء أهل جمنة للتظاهر في العاصمة لأن سكان العاصمة المتضامين معهم في السوشيال ميديا لم يتحركوا فعلا لنصرتهم).

مد كراعك يا يوسف

طواحين الكلام المعارضة لن تقف مع تطاوين وهذا يسمح لرئيس الحكومة بأن ينام مطمئنا. القطيعة الأصلية بين الشارع والنخب تأبى إلا أن تفرض نفسها على النقاش كل مرة نظرنا فيها إلى تجانس الخطاب الثوري وتناقضه مع الممارسة الميدانية. النخبة السياسية لها وجه واحد صنعه بن علي.

"عارض في التلفزة أو في الجريدة فإذا أفرطت في الحماس أدخل السوشيال ميديا المحررة واكتب ضد الحكومة". لكن إذا تحرك الشارع فتظاهر بالغياب وافتح صراعات جانبية.

الشارع مسؤولية حقيقية والكامور فصل منه مثلما كانت جمنة فصلا ومثلما هي الكاف الآن لكن يوسف مطمئن. ووزيرته تعبث بالعملة الوطنية؟ هذه المعارضة لن تسقط حكومة الشاهد مهما تردى الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأنها بكل ببساطة تخاف من ممارسة السلطة. بل لعلها وهو الأرجح عاجزة دونها.. بما يجعل الشاهد هو الأقدر والأبقى ولو كان أعمش قصير النظر فهو في أسوأ أحواله "عمشاء في بيت عميان". فمد كراعك يا يوسف.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، قانون المصالحة الإقتصادية، يوسف الشاهد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-04-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مصطفى منيغ، عبد العزيز كحيل، محمود فاروق سيد شعبان، حسن الطرابلسي، فهمي شراب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلام الشماع، وائل بنجدو، د. خالد الطراولي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بنيعيش، محمد عمر غرس الله، صلاح الحريري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- هاني ابوالفتوح، رضا الدبّابي، سفيان عبد الكافي، أ.د. مصطفى رجب، إياد محمود حسين ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. أحمد بشير، سيد السباعي، محمد العيادي، أحمد النعيمي، إيمى الأشقر، رمضان حينوني، محمد أحمد عزوز، أبو سمية، محمد الياسين، فتحي العابد، فوزي مسعود ، د - شاكر الحوكي ، محمد علي العقربي، د - محمد بن موسى الشريف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله الفقير، العادل السمعلي، حاتم الصولي، كريم السليتي، صباح الموسوي ، د - صالح المازقي، محمود طرشوبي، علي الكاش، فتحي الزغل، محمد يحي، علي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، بيلسان قيصر، يحيي البوليني، ماهر عدنان قنديل، رافد العزاوي، عبد الله زيدان، د. عبد الآله المالكي، محمد اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، أشرف إبراهيم حجاج، حسن عثمان، عزيز العرباوي، جاسم الرصيف، محمد الطرابلسي، سلوى المغربي، مراد قميزة، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، عبد الرزاق قيراط ، د- جابر قميحة، د- محمود علي عريقات، عبد الغني مزوز، تونسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، صفاء العراقي، المولدي الفرجاني، مصطفي زهران، د. مصطفى يوسف اللداوي، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، ضحى عبد الرحمن، رافع القارصي، أحمد ملحم، كريم فارق، أحمد الحباسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عواطف منصور، مجدى داود، صفاء العربي، محمد شمام ، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، صالح النعامي ، الناصر الرقيق، سامح لطف الله، عراق المطيري، صلاح المختار، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، أنس الشابي، حميدة الطيلوش، د - مصطفى فهمي، د. أحمد محمد سليمان، سعود السبعاني، منجي باكير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عمر غازي، المولدي اليوسفي، طارق خفاجي، د- محمد رحال، طلال قسومي، نادية سعد، محرر "بوابتي"، الهيثم زعفان، د - الضاوي خوالدية، محمود سلطان، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، عمار غيلوفي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة