البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إقالة مدير الأمن أو محاولة نقل الفوضى إلى تونس

كاتب المقال طارق الكحلاوي - تونس   
 المشاهدات: 3798



في أسبوع واحد، كان على الرأي العام التونسي أن يواجه عددا من الأخبار والمعطيات التي لم تكن تنبئ بخير.

آخرها وأكثرها إثارة، "استقالة" المدير العام للأمن الوطني عبد الرحمن الحاج علي، الذي كان في قلب الجدال الذي سبق إقالة رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد.

وتضمنت أيضا اغتيالا لمهندس طيران في ظروف تشير بوضوح إلى عملية منظمة ذات بعد سياسي. وفي الأسبوع ذاته، فضح عناصر من حزب السبسي والمتعاطفين معه قيام عدد من زعماء الأحزاب، التي دعمت السبسي سابقا بلقاء مع محمد دحلان "مهندس الثورة المضادة" كما يسميه البعض في صربيا.

بمعزل عن دقة هذه المعطيات، فنحن إزاء مؤشرات متقاطعة على استهداف للاستثناء الديمقراطي التونسي، وتجييره لمصلحة رياح الاستبداد الإقليمي والدولي المتصاعدة؛ إذ إن البعض يبدو أنه يتعجل خطاه، ويعتقد بأن "تحرير حلب" سيعجل بدعم من قوى إقليمية محددة، بـ"تحرير" تونس من الديمقراطية.

وتفاجأ الرأي العام التونسي وسط هذا الأسبوع بخبر "استقالة" المدير العام للأمن الوطني. المفاجأة ناتجة عن الأداء الأمني الإيجابي الذي ميز عمل بالحاج علي منذ تعيينه في كانون الأول/ ديسمبر 2015، الذي تميز بانخفاض كبير في العمليات الإرهابية، والكشف عن عديد الخلايا النائمة، وهو من رجال النظام القديم، الذين تأقلموا بشكل جيد مع الانتقال الديمقراطي.

بالحاج علي، كان مدير الأمن الرئاسي زمن المخلوع ابن علي، وتمت إزاحته بسب تحريض زوجة ابن علي عليه، وتم نقله إلى موقع دبلوماسي في موريتانيا.

بالحاج علي المجاز في اللغة العربية، له كتابات في المسائل الجيوسياسية، ولم يعرف عنه شبهات فساد مثلما التي تتعلق بعائلة المخلوع. واستعاده للخدمة الحبيب الصيد رئيس الحكومة "التوافقي"، الذي كان أرضية التقاء بين السبسي وحركة النهضة.

غير أن بالحاج علي عرف منذ عودته للشأن العام بتصديه للتدخل السياسي والمالي في العمل الأمني.

ونقلت عنه تقارير إخبارية عدة، ومن زاروه أيضا، أنه تذمر بشكل مستمر من تدخل قيادات في حزب السبسي في العمل الأمني، من خلال محاولة طلب تدخلات في رخص "سلاح صيد" و"حانات"، التي رفضها جملة وتفصيلا.

واعتبر في لقاءات خاصة، أن الأمن تحرر أخيرا بعد نهاية الاستبداد، وأنه من الضروري أن يؤدي دوره المحايد والجمهوري، بعيدا عن منطق حزب الدولة الذي كان يهيمن على عقلية زمن الاستبداد.

لكن أهم ما رشح من الكواليس عن عهدة بالحاج علي، هو اتهامات حزب السبسي، خاصة من قبل ابنه -الذي يتم توريثه بشكل متزايد حزب أبيه، ودور قيادي في الشأن العام لا يتناسب مثلما يقول عدد من المراقبين مع قدراته- بأنهم بصدد التعرض لـ"تجسس" الأجهزة الأمنية تحت إشراف بالحاج علي لأنشطتهم.

وتسرب لعدد من أجهزة الإعلام في ربيع سنة 2016، خبر تذمر عدد من النواب في مجلس نواب الشعب من حزب السبسي "نداء تونس" في لقاء خاص مع الحبيب الصيد، من المدير العام للأمن، بدعوى أنه "يتجسس" على المدير التنفيذي للحزب، أي حافظ قائد السبسي.

ونقلت فيما بعد صحف أخرى، أن أمن الدولة كان بصدد مراقبة بعض الملحقين الديبلوماسيين، خاصة منهم الملحق العسكري للسفارة الإسبانية، الذي كان يلتقي بشكل دوري ابن السبسي، وكان ذلك السبب الوحيد الذي جعلهم يراقبون "بشكل غير مقصود" ابن رئيس الدولة، والمدير التنفيذي للحزب الحاكم.

ونقلت صفحة إخبارية للقناة التلفزية "نسمة"، وهي قريبة من أوساط حاكمة: "راجت منذ صباح اليوم أخبار متواترة، تفيد بأن المدير العام للأمن الوطني لم يستقل، بل تمت إقالته على خلفية خلافات حادة جدت بينه وبين رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي".

ويشير البعض إلى كواليس إنشاء "حكومة الوحدة الوطنية"، التي برز منها بشكل واضح رغبة ابن السبسي في التخلص من بالحاج علي، وهو ما لم يتم حينها، خاصة بعد تعاطف العديد في الرأي العام معه، وهو الذي حافظ على حالة استقرار أمني لافتة.

وتناقلت بعض وسائل الإعلام مثل إذاعة "آي أف أم" خبر استقالة عدد من القيادات الأمنية، إثر خروج بالحاج علي ليلة 15 كانون الأول/ ديسمبر، واضطراب "رئيس الحكومة" (أو الأصح الوزير الأول). الشاهد الذي تشير كل المؤشرات أنه أتى فقط لتنفيذ أوامر السبسي والمقربين منه، وعلى رأسهم ابنه.

في اليوم ذاته، أي 15 كانون الأول/ ديسمبر، الذي راج فيه "خبر الاستقالة"، حدث ما يمكن أن نسميه الآن بلا شك "اغتيالا سياسيا" جديدا، ضرب هذه المرة التيار الإسلامي، وبالتحديد أحد المنتمين سابقا للاتجاه الإسلامي/ النهضة، الذي هرب خلال التسعينيات من الملاحقة الأمنية إلى عدد من الدول العربية قبل الاستقرار في سوريا، والتخصص في مادة هندسة الطيران، والتزوج بمواطنة سورية.

تم قتل محمد الزواري أمام منزل والدته في مدينة صفاقس الساعة الثانية زوالا. واعتبر البعض ذلك أول إخفاق أمني يتزامن بالتحديد مع ابتعاد أكثر مسؤول أمني حافظ على الاستقرار في البلاد.

الحقيقة أن الرياح الدولية لا تبشر بخير في علاقة بالنموذج الديمقراطي في تونس. الرجوع إلى منهجية الاستبداد في تسيير المنطقة تتصاعد كل أسبوع تقريبا. يتمثل ذلك خاصة في صعود قوى متعاطفة مع الاستبداديين العرب، خاصة صعود ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة، وفييون في الانتخابات التمهيدية الفرنسية، وسقوط حلب على الهواء بشكل دموي غير مسبوق أمام صمت القوى الدولية التي ساندت المسلحين، وفي الوقت ذاته تحدث عملية إرهابية مريبة في مصر، تستهدف مسيحييها، ويوظفها النظام المصري لاستهداف دولة قطر رأسا، من خلال اتهام "الإخوان".

هناك جرأة كبيرة لهذا الحلف (لا يمكن الادعاء أنه منسجم، لكنه يمر بحالة انتعاش وثقة)، تعكس موازين القوى الواقعية التي تميل لصالحه.

لا يمكن ألا يكون هناك بعض الاستتباعات لذلك على تونس. ما يسمى "الجبهة الجمهورية" التي بصدد التشكل من بقايا حزب السبسي التي انشقت عنه (حزب "المشروع" لمرزوق وبعض قيادات النداء) مع حزب "الوطني الحر" الذي يقوده الرياحي، الأقرب منه للمقاول منه للسياسي، تستهدف بشكل واضح السبسي و"الإسلام السياسي"، مثلما يقول متحدثون باسمها، وهو تحالف يستهدف صفقة "التوافق".

ولكن يستهدف أيضا انتخابات رئاسية مبكرة، كما يمكن أن يفهم من تصريحات الرياحي. من غير الواضح إن كان التصميم في مواجهة تركيبة "التوافق" هي بالدرجة ذاتها لدى مرزوق والرياحي، لكن أيضا من غير الواضح أن اتفق هذان الاثنان على اختيار أحدهما للمنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة، سواء في وقتها أو كانت مبكرة.

في كل الحالات، يستثمر هؤلاء بوضوح في هشاشة المجموعة المحيطة بالسبسي وأيضا في هشاشة الوضع في البلاد اقتصاديا واجتماعيا، خاصة مع الممارسات غير المسؤولة لابن السبسي. وبكل تأكيد يستثمرون بشكل مسبق في الرياح المعادية لمسار الديمقراطية في المنطقة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، بقايا فرنسا، الأعمال الإرهابية، مدير الأمن بتونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-12-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طارق خفاجي، أحمد الحباسي، حميدة الطيلوش، د - عادل رضا، د- محمود علي عريقات، عبد العزيز كحيل، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، د - مصطفى فهمي، سيد السباعي، كريم فارق، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، علي الكاش، المولدي الفرجاني، أحمد بوادي، رشيد السيد أحمد، جاسم الرصيف، إياد محمود حسين ، كريم السليتي، أبو سمية، طلال قسومي، عمار غيلوفي، سامر أبو رمان ، صلاح المختار، علي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، أحمد ملحم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أنس الشابي، صالح النعامي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود طرشوبي، صفاء العراقي، مجدى داود، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، نادية سعد، مصطفي زهران، د. عبد الآله المالكي، منجي باكير، وائل بنجدو، مراد قميزة، أشرف إبراهيم حجاج، د - المنجي الكعبي، عبد الله الفقير، محمد شمام ، رافع القارصي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، العادل السمعلي، إيمى الأشقر، د. طارق عبد الحليم، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الطرابلسي، عزيز العرباوي، د- محمد رحال، صفاء العربي، د. أحمد محمد سليمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، بيلسان قيصر، رافد العزاوي، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح الحريري، د- جابر قميحة، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلام الشماع، رمضان حينوني، د. أحمد بشير، د. خالد الطراولي ، فتحي العابد، أحمد النعيمي، عواطف منصور، حاتم الصولي، مصطفى منيغ، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، محمد عمر غرس الله، محمد العيادي، عبد الغني مزوز، عراق المطيري، ماهر عدنان قنديل، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، تونسي، فهمي شراب، المولدي اليوسفي، محمد علي العقربي، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، محمود سلطان، محرر "بوابتي"، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحي الزغل، د - صالح المازقي، محمد الياسين، سامح لطف الله، سعود السبعاني، خبَّاب بن مروان الحمد، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، حسن الطرابلسي، خالد الجاف ، يحيي البوليني، فوزي مسعود ، سليمان أحمد أبو ستة، عمر غازي، سلوى المغربي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة