البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

اليسار العربي حينما يستدعي ترامب للقضاء على الخصم الإسلامي

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3708



نستسمح القارئ في مقال مأساوي عن الوضع الطرمباوي في بلاد العرب أوطاني. فالعرب منقسمون حول طرمب. هم منقسمون دوما وقد توفرت لهم فرصة إضافية ممتعة للانقسام. وقد اهتبلوها فهم في انقسامهم يعمهون. لقد نجح طرمب في أمريكا فاستبشر عرب بنصره وبكى آخرون لهزيمة كلينتون. لكن التراجيديا الكامنة في المشهد لا تزيد المرء تشويقا ولا تعتق ألم التعاطف بل تثير الاشمئزاز وتحرض الغثيان.

من غير المهم هنا متابعة المشهد السياسي الأمريكي وسبب انتصار طرمب فهذا ليس من تخصص الكاتب. لكن ردة الفعل العربية مذهلة، وسبب الذهول هو تحول جزء كبير من النخبة العربية إلى مستمرئين لكل تدخل أميركي في شؤونهم من أجل القضاء على خصومهم في الداخل. إنهم يستدعون الأمريكي ليحسم معارك داخلية. لقد كشفوا عجزهم عن التفاهم كأبناء وطن واحد ولهم مصائر مشتركة والأكثر درامية في المشهد أن هذا الاستدعاء يتم باسم الحفاظ على الأمة من التدخل الخارجي الامبريالي الصهيوني إلى آخر المعزوفة.

الشبيح الطرمباوي

لقد تجلى فجأة أن المنطقة العربية مليئة بشبيحة طرمب؛ فقد علت أصوات كثيرة مستبشرة به وتكلفه بتنفيذ تهديده بالقضاء على مصادر الإرهاب السلفي (الداعشي) التي تلخص في آخر التحليل في النظام السعودي والإخوان المسلمين. وذهب أحد عتاة الشبيحة والعضو القيادي في الجبهة الشعبية اليسارية التونسية إلى أن زوال السعودية سيحرر فلسطين. نفس هذا الموقف التشبيحي كان يرى أن مساندة السعودية للانقلاب في مصر سيقضي على اسرائيل. ولقد ساندت السعودية السيسي بالمال والموقف السياسي لكن السيسي قضى على غزة ووضع الجيش المصري حارسا على حدود إسرائيل. نفس الموقف ونفس الأشخاص يقفون مع ثورة الغلابة ليوم 11/11 باعتبارها فصلا من ثورة مصرية عربية لكنهم يقفون في ذات الوقت مع السيسي. كيف يستقيم التفكير داخل ذهن سياسي يقف مع الشارع ضد النظام ومع النظام ضد الشارع في ذات الوقت. إن هذا لمن التشبيح التراجيدي، أو لعلها تراجيديا التشبيح.

ظهر شبيح بشار سعيدا جدا بنجاح طرمب؛ بل ويفتخر بأن أوباما سقط وبشار ثبت، متناسيا طبعا كيف وصل كل منهما إلى السلطة وكيف يخرج رئيس الدولة ويبقى رئيس العصابة.

سبل إدارة الحكم في أمريكا أو في العالم ليست مهمة لدى الشبيح الكسول بل المهم أن تكون هناك قوة ما في الخارج للقضاء على خصوم الداخل. وقمة المهزلة ظهرت عند مشروع تونس (حزب بلا لون ايديولوجي محدد) فرئيس الحزب صديق شخصي للسيدة كلينتون وطالما روَّج أنها ضمانته للوصول إلى رئاسة تونس لكن الحزب يريد طرمب للقضاء على الربيع العبري.. فكأن حكم أمريكا أمنية شخصية أن تصل كلينتون ليصل رئيس الحزب وأن يصل طرمب ليقضى على أعداء الحزب. هنا تتجلى قمة أخرى في التراجيديا السياسية العربية في الزمن الطرمباوي.

يقول الشبيح العربي الطرمباوي أيها الطرمب اقض على السعودية لأنها مصدر الإرهاب على الأمة العربية ولكن لا تترك بشار نهبا للإرهاب الداعشي. أما إذا ظهر أن التحالف الصهيوني الكنسي هو الذي وضع طرمب على رأس القوة العظمى في العالم لتفتت العربي المفتت وتقضى على آماله في التحرر فإن الشبيح يقفز بالتحليل إلى أخونة الدولة وإرهابية الإسلام السياسي المصنوع أمريكا والممول سعوديا لاختراق كيان الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة. هنا يتجلى الموقف على حقيقته. ونفهم عقدة النص الشبيحي الممسرح من وراء حاسوب أمريكي الصنع.

الصهاينة أحب إلى الشبيحة من الإخوان

عندما كانت تيارات الإسلام السياسي تقف مع الثورة الايرانية معتبرة إياها ثورة إسلامية كان الشبيحة العرب يقفون مع صدام حسين حارس البوابة الشرقية. ولم يمر وقت طويل حتى زار الشبيحة نوري المالكي الذي جاء على دبابة أمريكية ليفتت نظام صدام حسين ويفتح البوابة الشرقية للحرس الثوري.

وجد الإسلام السياسي نفسه عدوا لإيران ولأمريكا وصار الشبيح يركب الدبابة الأمريكية للقضاء على الإسلام السياسي بمساعدة إيران.

نفس هذا الشبيح كان يرى الرئيس مرسي يفتح أبواب غزة للعرب ويسند المقاومة بالسلاح، فوقف ضد مرسي مع العسكر المصري الذي خنق غزة وقطع عنها أسباب الحياة. فإذا نبهته إلى أن كل ما يجري من صراع واختلاف بين العرب داخل كل قطر يفيد الكيان الغاصب فقط أخرج لك رسالة "عزيزي بيريز" وأغمض عينيه عن هدم الأنفاق وقطع الأرزاق.

تتضح الأولويات عند الشبيح العربي وهو ليس القومي العربي فقط بل وأساسا اليساري العربي وفلول مبارك وبن علي والقذافي وحفتر وخونة فتح ومن مولهم(والذين صاروا جبهة عربية تقدمية أي نعم والله تقدمية). القضاء على الإسلام السياسي أولا ثم ننظر في الباقي أن كان هناك من باق يمكن النظر اليه. من أجل كل هذا كل المواقف ممكنة بما في ذلك أن ترغب في انتصار كلينتون وطرمب في ذات الوقت.

الصراع الذي ضيّع أمَّة وثورة

هنا مربط الفرس. هنا ضاع الربيع العربي وأفرغ من مضامينه. فتحول إلى لعنة أو يراد له أن يكون لحظة ندم على تغيير أنظمة لم يكن أحد من هؤلاء يذكرها بخير.. بل إن اليساري العربي قضى حياته يقاومها في الظاهر على الأقل، فلما سقطت بكى عليها دما والحماس لطرمب لا يخرج عن هذا الموقف.

إنه إعصار مرحب به جدا لأنه أعلن بصفاقة كل منتصر أنه سيقضى على الإرهاب ورغم وقائع التاريخ القريبة التي تكشف لنا أن الإرهاب صناعة أمريكية من القاعدة الى داعش والتي تثبت أن الأمريكي يستعملها ذريعة للهيمنة ولو كان لا يريدها فلن تعجزه. لكن عندما يقول الأمريكي بالإرهاب يسمع الشبيح العربي الإخوان المسلمين وتفريعاتهم القطرية.. وينتظر أن يضرب طرمب هناك. وحبذا تلك الضربات الجراحية الموجهة، لقطف الرؤوس وترك الجسد هائما بلا قيادة ليمكن استعماله في صندوق اقتراع أو مظاهرة غلابة.

إنه صراع يجعل طرمب أقرب إلى حمدين صباحي من مرشد الإخوان. وتجعل نتنياهو أقرب إلى عباس من خالد مشعل. وتجعل على خامنئي مرشد الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة.. بعد فتح البوابة الشرقية طبعا. نفس الصراع يجعل اللّغة الفرنسية أقرب الى عقل اليساري التونسي من العربية.. وتجعل فردريك ميتران وجاك لانغ قيادات ثقافية تونسية.

إنه الصراع الذي يجعل رئيس حكومة تونس يتكلم باسم مقاطعة من وراء البحر في الدولة الحامية. إنه الصراع الذي يجعل وسيجعل الجبهات الداخلية مخترقة بكل أنواع المخابرات ومجموعات الضغط الدولية للقضاء على أوهام سيادة وطنية بذل دم كثير من أجل حوزها والدفاع عنها.

إنه الصراع الذي مكّن للكيان الغاصب منذ نشأته. وسيكون له فصل جديد مع إعصار طرمب على ما تبقى من أمة مفككة ليحولها أشلاء وسيقول لنا شبيح عربي لابأس بذلك فماذا نفعل بأمة عربية يقودها الإخوان المسلمون ليسلموها إلى الأمريكان، دون أن ينتبه الشبيح الذكي إلى أنها قد صارت ملكا أمريكيا بعد وعلى يد الشبيحة الثورية الممانعة.

في قمة التراجيديا لا بد من انفجار عقدة النص إلى حل ينتج فصلا جديدا. توجد حرب أهلية عربية مؤجلة باسم الحفاظ على الدويلات القطرية، لعل أوانها قد آن في الزمن الطرمباوي.

--------
وقع تغيير العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ترامب، دونالد ترامب، أمريكا، الإنتخابات الأمريكية، تونس، اليسار العربي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-11-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مصطفي زهران، محمد شمام ، الهيثم زعفان، سلام الشماع، د - شاكر الحوكي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، سامح لطف الله، سعود السبعاني، محمد الياسين، عبد الله زيدان، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، أبو سمية، محمد اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، سامر أبو رمان ، صباح الموسوي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، سلوى المغربي، نادية سعد، رضا الدبّابي، أحمد بوادي، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، عمار غيلوفي، أ.د. مصطفى رجب، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، د- هاني ابوالفتوح، سفيان عبد الكافي، د. أحمد بشير، د- محمود علي عريقات، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، حسن الطرابلسي، فوزي مسعود ، مراد قميزة، د. عبد الآله المالكي، خالد الجاف ، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، محمود طرشوبي، الناصر الرقيق، محمد عمر غرس الله، تونسي، جاسم الرصيف، عواطف منصور، الهادي المثلوثي، حميدة الطيلوش، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، صالح النعامي ، فهمي شراب، محمد العيادي، علي عبد العال، د - مصطفى فهمي، إسراء أبو رمان، أحمد النعيمي، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، عراق المطيري، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، محمد يحي، أحمد ملحم، د- جابر قميحة، صفاء العربي، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، أحمد الحباسي، رافع القارصي، صلاح المختار، كريم السليتي، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، محرر "بوابتي"، رحاب اسعد بيوض التميمي، علي الكاش، مصطفى منيغ، إياد محمود حسين ، عبد الله الفقير، د. أحمد محمد سليمان، د - المنجي الكعبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إيمى الأشقر، د - الضاوي خوالدية، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عادل محمد عايش الأسطل، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، د - عادل رضا، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحـي قاره بيبـان، محمد أحمد عزوز، فتحي العابد، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، حاتم الصولي، فتحي الزغل، مجدى داود، د - صالح المازقي، صلاح الحريري، عزيز العرباوي، كريم فارق، يحيي البوليني،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة