البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هيبة مرتعشة: ضباع مع المرزوقي وارانب مع السفير

كاتب المقال طارق الكحلاوي   
 المشاهدات: 3484



لا تنفك منظومة الحكم التي يشرف عليها الرئيس السبسي من فضيحة حتى تذهب الى أخرى. هذه المرة تنتقل الى مستوى جديد لا يبعث على الشرف. ففي ذات الوقت الذي تستأسد فيه على مواطنيها وتحديدا على احد مكاسبهم النادرة في تونس، حرية التعبير، تقف خجولة امام تصريحات مهينة للسفير الفرنسي الجديد في تونس. رفع السبسي شعار "هيبة الدولة"، وكرره الى حد الاهتراء. ما يراه التونسيون بشكل متزايد هو هيبة مرتعشة، تضر الدولة واستقرارها ولا تنفعه. ضباع مع المرزوقي وارانب مع السفير.

ابلغتنا ادارة قناة "التاسعة" التونسية هذا الاسبوع منع بث حوار سجلته يوم السبت الماضي مع الرئيس السابق المنصف المرزوقي. ونشرت نقابة الصحفيين التونسيين تأكيدا لذلك وقامت القناة نفسها باصدار بلاغ يؤكد حصول ضغوط من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. ما بلغنا من الصحفيين انهم تعرضوا لضغوط كبيرة "سياسية" و"مالية" مما عطل البث ثم بوضوح منعه. بهذا المعطى نكون رسميا دخلنا مرحلة خطيرة اي مسار تقويض الحريات واهمها حرية التعبير والاعلام هي ما تبقى فعليا واساسا من مكاسب الثورة. منع مواطن تونسي، ورئيس سابق، ورئيس حزب حراك تونس الارادة، من التعبير في قناة تلفزية على اثر تدخلات سياسية وبضغط من الممولين يجعلنا نلمس مجال ديمقراطية صورية يتحكم فيها المال واللوبيات، تؤكد ما حصل في الانتخابات الاخيرة من ضخ للاموال وتلاعب اعلامي زيف الوعي الجمعي ودفعنا في عملية تحيل سياسية واسعة.

في المقابل يجب ان نسجل نقطة اساسية: يملك السبسي تقريبا كل شيء، برلمانا وقصر الرئاسة وغالبية الاحزاب ولوبيات الاعمال والاعلام حتى بعض من كان يناضل ضد الاستبداد، وينصب ابنه لتوريثه في قيادة الحزب الحاكم، ويسعى لتبييض انصاره من رعاة الفساد الذي ينخر الدولة، ورغم ذلك يرتعش امام لسان المواطن منصف المرزوقي. ردد السبسي كثيرا عبارة "هيبة الدولة" للترويج لمشروعه الذي تبين للجميع انه تحيل موصوف على الشعب التونسي. بمرور الوقت ما يتضح اكثر فاكثر اننا ازاء هيبة مرتعشة لاغير.

وقد كنتُ تواصلتُ منذ أكثر من شهر مع مدير القناة وحددنا اسس الحوار بما يحمي حقوق الدكتور المرزوقي وخاصة حقه في حوار فيه الحد الادنى من قواعد الاحترام. قناة "التاسعة" رغم انها جديدة لكنها تميزت ببرامج ترفيهية مثيرة خاصة في رمضان جلبت انتباه المشاهدين. ورغم ان المشرفين عليهعا صحفيون محسوبون على المنظومة القديمة الا انها لم تخض في السياسة الا بشكل متدرج. يأتي هذا في سياق ما نستشعره في حزب "حراك تونس الارادة" من "حصار اعلامي" متزايد في مصلحة هيمنة احزاب التحالف الحاكم وايضا تضخيم اطراف لا وجود لها حتى في البرلمان، وتعميد "معارضة رسمية". رغم ذلك تعاملنا مع معطيات الواقع، حيث ان التواصل مع الناس لا يمكن ان يقتصر على وسائل الاتصال التقليدية.

تم تسجيل الحوار السبت 3 سبتمبر في ظروف عادية. قام الدكتور المرزوقي بالتعبير عن موقف الحزب في عدد من المسائل الراهنة وكانت الرسالة الاساسية هو تسجيل المسافة الواضحة مع التحالف الحاكم وسياساته التي تستهدف المناورة والتحيل والتهرب من المسؤولية وليس ايجاد حلول حقيقية، وقدم في المقابل، مثلما يفترضه وضعه كرئيس دولة سابق يفهم مسؤولية المعارضة، مقترحات سياسية واقتصادية عملية وواضحة في معالجة الازمة الراهنة من موقع معارضة تميز بين الخصومة السياسية والمنظومة الديمقراطية التي ساهمنا في تاسيسها ومعنيون بالحفاظ عليها. لكن لاول منذ الثورة نشعر ان سلطة الدولة اصبحت عمليا تمارس خارج ابسط بديهيات الحقوق الاساسية.

مثلما توقعنا كان هناك تنديدا كبيرا بما حصل. وحاول المعنيون بعملية الضغط التنصل. لكن تفاجئنا ايضا بصمت اخرين. أحزاب اساسية بعضها عانى من لجم حرية التعبير وساهمت في كتابة الدستور، منظمات حقوقية اساسية، "شخصيات وطنية"، لا تزال صامتة. تنظر في التكتيكات وتتذاكى ربما في تحليل هوامش "الاثارة" و"صراع الشقوق"، وتضيع الجوهر. تغرق في التكتيكي وتهمش الاستراتيجي. ان هناك انحسارا متزايدا لحرية الاعلام (قارنوا فقط مساحة وجود المعارضة في الاعلام قبل وبعد 2014)، انحسارا بتهديدات السلطة السياسية (بالتعيينات في العمومي وتوظيف الابتزاز الجبائي في الخاص) وبتدخل المال السياسي واللوبيات واصحاب المصالح. كل من يريد ان يعتبر ان هذه قضية ثانوية ولا يرى الاهتراء اليومي البطيء لحرية الاعلام يرى امام انفه، ويرى الشجرة ولا يريد رؤية الغابة. ويعتقد ان "توافقه" ابدي.

وفي ذات السياق لاحظنا حججا معوجة وغريبة. احد حجج المشككين هي التشكيك في امكانية تدخل رئاسة الجمهورية عبر هذا احد مستشاريه سيئي الصيت بما "انهم ليسوا بهذا الغباء". نعم هم بهذا الغباء واكثر. وما حصل في عملية "فبركة فيديو المرزوقي" (قام بها موقع اخباري لاحد مستشاري السبسي من خلال ترطيب وتحريف تصريحات المرزوقي) والتي هي الان قضية جارية محورها هذا الشخص الا اشهر دليل على ذلك.

في ذات الاسبوع تواجه منظومة الحكم اختبارا من نوع اخر. عندما يصرح السفير الفرنسي الجديد لاذاعة فرنسية انه قادم لتونس "لحماية الفرنسيين في تونس التي تفرخ الجهاديين"، فانه ببساطة يعلن ما هو معروف. تونس مثل بقية المستعمرات الفرنسية السابقة هي مجرد مجال عمل وبيزنيس والعلاقة الوحيدة المهمة بالنسبة لباريس معها هي علاقة التأمين البوليسي للجالية الفرنسية. عقلية احتلال مرة، عقلية احتلال دائما. وطبعا لم نسمع اي احتجاج او حتى تعليق غاضب من منظومة الحكم باشراف السبسي التي ترى في فرنسا ليس اقل من اله.

كان درس الثورة أن أي نظام يستأسد على مواطنيه مقابل خضوعه للاجنبي فانه لا يواجه مصيرا ورديا. الديمقراطية ليست عملية انتخابية فحسب، على اهميتها. اي قبل ذلك واساسا تفعيلا للحقوق الاساسية. وان تم ضرب هذه الحقوق الواحدة تلو الاخرى فحتى الانتخابات وجدواها تصبح في خبر كان. وفي هذا السياق اعلن هذا الاسبوع ايضا، وضمن صمت عام، رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات ان الانتخابات المحلية (البلدية) لن تتم قبل سنة 2018 في حين انها كانت مبرمجة سنة 2017.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، التحوير الحكومي، الثورة التونسية، بقايا فرنسا، يوسف الشاهد، رواد السفارات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-09-2016   عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العربي، الناصر الرقيق، أحمد بوادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العراقي، أشرف إبراهيم حجاج، عبد العزيز كحيل، د - المنجي الكعبي، د. طارق عبد الحليم، حسن عثمان، أحمد الحباسي، رافع القارصي، د - عادل رضا، بيلسان قيصر، صلاح المختار، د - محمد بنيعيش، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، جاسم الرصيف، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سليمان أحمد أبو ستة، سلام الشماع، إيمى الأشقر، محمود سلطان، د. صلاح عودة الله ، حميدة الطيلوش، إياد محمود حسين ، محمد العيادي، مصطفى منيغ، تونسي، د- هاني ابوالفتوح، يزيد بن الحسين، د - صالح المازقي، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، أ.د. مصطفى رجب، سعود السبعاني، سامح لطف الله، عبد الله زيدان، محمود طرشوبي، المولدي الفرجاني، كريم فارق، ضحى عبد الرحمن، علي عبد العال، طارق خفاجي، الهيثم زعفان، عراق المطيري، حسن الطرابلسي، سلوى المغربي، مجدى داود، سامر أبو رمان ، المولدي اليوسفي، العادل السمعلي، محمد عمر غرس الله، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ماهر عدنان قنديل، محمد الطرابلسي، فهمي شراب، خالد الجاف ، د- محمد رحال، أبو سمية، علي الكاش، عزيز العرباوي، موسى عزوق، صالح النعامي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، رافد العزاوي، أحمد النعيمي، د.محمد فتحي عبد العال، مراد قميزة، كريم السليتي، د- محمود علي عريقات، فتحي العابد، أحمد ملحم، أنس الشابي، فوزي مسعود ، رحاب اسعد بيوض التميمي، يحيي البوليني، د - الضاوي خوالدية، د- جابر قميحة، د. مصطفى يوسف اللداوي، صلاح الحريري، إسراء أبو رمان، رمضان حينوني، د. أحمد بشير، الهادي المثلوثي، محمد الياسين، سيد السباعي، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، طلال قسومي، محمود فاروق سيد شعبان، د - مصطفى فهمي، سفيان عبد الكافي، محمد شمام ، محمد علي العقربي، د. أحمد محمد سليمان، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الغني مزوز، د - شاكر الحوكي ، عمار غيلوفي، منجي باكير، عواطف منصور، د. خالد الطراولي ، د. عبد الآله المالكي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محرر "بوابتي"، عمر غازي، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي الزغل، عبد الرزاق قيراط ، نادية سعد، صباح الموسوي ، محمد يحي، رشيد السيد أحمد، رضا الدبّابي، عبد الله الفقير،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز